hit counter script

الحدث - مروى غاوي

عن المطار ... "الضحية"

الإثنين ١٥ تشرين الأول ٢٠١٨ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ليس أمراً عابراً أو مجرّد صدفة أنْ يحصل كل هذا التوتر في مطار رفيق الحريري الدولي، حيث، وفي فاصل زمني قصير، توقّفت حركة المسافرين لمرّتين، الأولى عندما تعطل نظام عمل شركة "سيتا" لخمس ساعات، والثانية عندما وقع الاشتباك بين ضابطين يتبعان في الأصل إلى جهازين مختلفين في حرم المطار.

الأعطال وتوقّف حركة المطارات قد تحصل في كل العالم وبشكل أسوأ بكثير ممّا حصل عندنا، ولكن تسارع الأحداث واحدة تلو الأخرى أثار الشكوك والتساؤلات بعدما صار ثابتاً أنّ المطار هو الحديقة الخلفيّة لخلافات السياسيّين في لبنان، وكان ينقص أنْ يتأخّر نزول رئيس الجمهوريّة ميشال عون من طائرته العائدة من نيويورك ليكتمل مشهد الأزمات.
بدأ الامر قبل نحو شهرين بالشكوى من الازدحام الصيفي عندما لم تعد تتّسع صالات الانتظار لحركة المسافرين وتوقّفت أجهزة التبريد ولم يعد ما يحصل لائقاً بالمسافرين فرفع وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس الصوت مؤكّداً أنّه لا يتحمّل المسؤوليّة عمّا يجري إذ حذّر من وقوع كارثة الازدحام ولم يتم صرف اعتمادات ماليّة لخطة التطوير والتوسعة، لتتوالى فصول الأزمات مع إنزال المسافرين من متن الطائرة المتوجّهة إلى مصر لاستعمالها بشكل احتياطي للطائرة الرئاسيّة المتوجّهة إلى نيويورك ومعها تسريب "مانيفست" ركّاب الطائرة الرئاسيّة بما سُمّي اختراق أمن رئيس الجمهوريّة، ليقع العطل التقني الذي أصاب حركة نقل الحقائب بسبب خلل تحمّلته شركة "سيتا" المشغلة لها ما أدّى إلى توقف حركة المسافرين؛ إلى ما حصل أخيراً من صراع وتضارب صلاحيّات بين الأجهزة الأمنيّة إثر الاشتباك الذي وقع بين رئيس "جهاز أمن المطار" العميد جورج ضومط وقائد سريّة الأمن الداخلي العقيد بلال الحجّار... غيض من فيض الكثير من المشاكل الأخرى المخفيّة عن الرأي العام والتي تضج بها صالونات السياسيّين.
وفي حين اعتُبِرَت بعض الأحداث قضاء وقدراً سيّئاً وفق ما أظهر التحقيق في خلل "سيتا" نتيجة سوء تقدير من المشغّلين تحمّلته الشركة، إلا أنّ بعض الأزمات خرجت عن السياق العادي والمألوف للأمور، بعد أنْ تمّ تسريب أخبار الرحلات إذ لم يحدث في أيّ مرحلة أنْ تمّ تجييش جهازين أمنيّين ضدّ بعضهما ليتبيّن أنّ ما يخطّط للمطار من تسلسل الحوادث هو أمر مشبوه .
من الواضح أيضاً أنّ اسم وزير الأشغال العامة، بصفته على رأس الوزارة المعنيّة بشؤون إدارة المطار، كان حاضراً دائماً في المشاكل وتردّد أنْ هناك رابطاً معيّناً بين ما يحدث في المطار والتجاذب حول تشكيل الحكومة إذ يتمسّك "تيّار المردة" بوزارة الأشغال ويرغب "التيار الوطني الحر" بانتزاعها بالقوّة، وقد برز بشكل واضح خلاف وزير العدل سليم جريصاتي والوزير فنيانوس على خلفيّة إشكالات المطار واتّهام "التيار الوطني" فنيانوس بالتقصير.
أبعد من أن يكون ما يحصل فقط نزاع بين "المردة" و"التيّار" بهدف إحراق أسهم عودة فنيانوس وحزبه إلى "الأشغال"، فإنّ ثمّة قطباً كثيرة مخفيّة في أحداث المطار المتلاحقة والتي حَضَرَت كلّها دفعة واحدة في مرحلة دقيقة في موسم الصيف السياحي والتشنّج حول تأليف الحكومة وفق أوساط سياسيّة. فبالدرجة الأولى هناك استهداف للمطار بوضعه الحالي لإظهار عدم قدرته وفعاليّته بحيث يتم البحث في خيارات بديلة ربما لإعادة تشغيل أحد المطارات المناطقيّة، وقد برزت في مرحلة ما مواقف تدعو لتشغيل مطار القليعات شمال لبنان. وفي هذه الحالة يكون الفريق السياسي المطالب بهذا الحل قد أصاب هدفاً سياسياً، إذ تسعى مجموعة سياسية من تكتلات وأحزاب لتسويق فكرة البدائل، ويرى أنصار هذا الفريق أنّ مطار رفيق الحريري يقع في النطاق الجغرافي والأمني لـ"حزب الله".
وكذلك فإنّ الكلام الداخلي ترافق مع تصعيد إسرائيلي بالإشارة لوجود قواعد صاروخيّة لـ"حزب الله" في محيط المطار وثمّة ترابط بين التصعيد الإسرائيلي وكلام دولي يعتبر المطار خاضعاً للسيطرة الفعليّة للحزب ويتم عبره تهريب المقاتلين وتأمين حركة انتقالهم فضلاً عن دخول مسؤولين من "الحرس الثوري الإيراني" ومسرحاً لعمليّات تهريب بحسب النظرة الدوليّة أو الأميركيّة تحديداً.
مهما كانت الأسباب والتبريرات لمسلسل الفضائح المستمر فإنّ المؤكد أنّ مطار رفيق الحريري، الذي يعتبر بوابة لبنان إلى العالم، يعاني من أزمة كبيرة والمرفق الحيوي لم يعد صالحاً ليلعب هذا الدور إذا لم يتم إبعاده عن الصراع بين التيّارات السياسيّة.
 

  • شارك الخبر