hit counter script

خاص - رنا الفيل - نيويورك

الأمم المتحدة... عجز وآمال معلّقة

الثلاثاء ١٥ أيلول ٢٠١٨ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تنطلق أعمال الجمعيّة العامة للأمم المتحدة هذا العام في ظل أجواء قاتمة تسود أروقة المنظمة الدولية. فتوافد رؤساء الدول والحكومات إلى نيويورك وخطاباتهم الداعمة للعمل الجماعي لا تخفي أنّ التعدّدية في خطر ودور الأمم المتحدة تهدّده سياسات أحادية تتعارض مع المبادئ التي على أساسها تم إنشاء المنظمة الدولية.

الأزمات حول العالم تتزايد والمآسي تتفاقم فيما مجلس الأمن المؤتمن على صون الأمن والسلم الدوليّين منقسم أكثر من أي وقت مضى. قدرته على معالجة الأزمات الدولية الملحة كالحرب السورية والقضية الفلسطينية مشلولة فيما محاولات إصلاح المجلس تواجَهُ بالحائط المسدود.
فلجهة القضيّة الفلسطينيّة، ينتظر أعضاء مجلس الأمن الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط واحتمال تحريك القضية في المجلس، بشكل فعّال، معدوم في الوقت الحالي. ويشار إلى أنّ القضية الفلسطينية لن تكون أولوية على جدول أعمال إجتماعات الجمعيّة العامة للأمم المتحدة باستثناء ذكرها في بعض خطابات رؤساء الدول واجتماع وزاري سيعقد على هامش أعمال الجمعية العامة لدعم وكالة "الأونروا" وتأمين تمويل إضافي.
ويقول ديبلوماسي في مجلس الأمن : "نعلم أنّ الأميركيّين يعملون على خطة ونعلم أنّ ذلك صعب جداً ونحن لا نقدّم الموعظة لأحد ولا نحكم، لكننا كمجتمع دولي ننتظر الخطة التي لا تأتي فيما هناك أمور ملحّة حقيقيّة لأنّ ما يسمّى بالـ"status quo" هو بالفعل ليس كذلك على الأرض فهناك حلقة مفرغة وتدهور في الأوضاع في الضفة الغربية والقدس وخصوصاً في غزة"، لافتاً إلى أنّ "غزة على شفير الهاوية وتقترب من كارثة".
وإذ أشار إلى أنّ "هناك أيضاً زيادة في التطرّف داخل المجتمع المدني في البلدين، كون أكثريّة الرأي العام يبتعد عن عمليّة السلام"، لفت الديبلوماسي ذاته إلى أنّ "الوضع ليس مستقراً بعكس ما يريدنا البعض أن نعتقد". وحذّر من خطر أنّ تخرج الأمور عن السيطرة بسرعة كبيرة، "ما قد يؤدي إلى أزمة إقليميّة".
أما بالنسبة لسوريا، فالدول الغربيّة في المجلس تنتظر من روسيا وتركيا تفاصيل إضافية حول "اتفاق إدلب" قبل دعمه عبر قرار في مجلس الأمن. وقال الديبلوماسي: "هناك اتفاق إطار، وهناك بعض المبادئ لكن لا وجود للتفاصيل ونحن بحاجة لمعرفتها لأنّ الشيطان يكمن في التفاصيل".
ولفت إلى أنّ "تركيا تقود جهوداً جديّة، ومع التزام روسيا قد يكون ذلك نقطة تحوّل على المستوى الأمني لكن بالطبع تبقى أسئلة كثيرة على الطاولة لنوجّهها لكل من روسيا وتركيا بحسن نيّة ومن دون أي أجندة خفيّة، فنقول أين تريدون أنْ تذهبوا وما هي التفاصيل ومن سيقرّر على سبيل المثال فصل المجموعات الإرهابيّة عن الأخرى وكيف ومتى". وأضاف: ”هذا نوع من الأسئلة التي رفعناها، والروس والأتراك يعملون على ذلك ويقولون لنا في حوار بنّاء إنّ الوقت لا يزال مبكراً لكن هناك لجنة ثنائيّة تعمل على ذلك وسنزوّدكم بالأجوبة".
ويعتبر ديبلوماسيون في مجلس الأمن أنّ الاتّفاق حول إدلب هو خطوة أولى لكن خطر هجوم واسع على تلك المنطقة من قبل النظام لا يزال قائماً وأنّ نتائجه ستكون كارثيّة على كل الصعد: على الصعيد الإنساني، وعلى صعيد الهجرة وأيضاً على صعيد المعادلة الأمنيّة الأوسع، لاسيّما أنّ العدد الكبير من المقاتلين الجهاديّين هم في إدلب و قد ينتشرون في المنطقة في حال هجوم من هذا النوع. ويقول الديبلوماسيون إنّه في حال شن النظام هجوماً على إدلب، قد تنتهي قوّة الدفع السياسيّة ويتم الدخول في فصل آخر من المأساة السوريّة.
وأضاف الديبلوماسي في مجلس الأمن: "الأهم هو إنشاء اللجنة الدستوريّة وندعو لإنشائها بسرعة كخطوة أولى نحو انتخابات حرّة وشاملة ينتخب فيها كل السوريّين. وأضاف: "لا يمكن لإعادة الإعمار أو عودة اللاجئين أنْ يحصلا من دون هذا الحل السياسي الشامل". ولفت الى أنّ إنشاء اللجنة الدستورية ستكون "نقطة تحوّل" في المعادلة السياسيّة في سوريا، معتبراً أنّ ثمّة سباقاً حالياً بين خطر التصعيد ومفاوضات الحل السلمي.
ليس الشعب السوري والشعب الفلسطيني وحدهما في انتظار تحرّك فعّال للمجتمع الدولي في ظل انقسام مجلس الأمن وانحسار تطبيق القانون الدولي. الشعب اليمني بدوره ينتظر اهتماماً حقيقياً من قبل المجتمع الدولي، إهتمام يتعدّى البيانات والتصريحات ويتخطى مناطق النفوذ والمصالح الضيّقة. وكذلك شعوب كثيرة تتطلع إلى الأمم المتحدة لتخليصها من حروبها عوض أن يقتصر دور المنظمة الدولية على تقديم المساعدات الإنسانية في ظل عجز سياسي مريب. بالرغم من كل ذلك، تبقى الأمم المتحدة الأمل الوحيد لشعوب العالم في انتظار أنْ يتم إصلاحها على نحو يتماشى مع عصرنا الحالي.
 

  • شارك الخبر