hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - حـسـن ســعـد

أكبر عُقدَة في لبنان... وأطول حزّورَة في العالم

الخميس ١٥ أيلول ٢٠١٨ - 06:12

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا تُخفي حال الصخب والجدل المشوبة بالقلق والمليئة بالإخفاقات حقيقة أنّ دوام حال التأزّم وطول عمر الأزمات ينبع من أنّ الدستور اللبناني يتمتّع بصلابة "الصخر" إذ لم يسبق أنْ عُدِّلَ إلا بعد "تفجير" قلّما كان تفجيراً سياسيّاً، كما أنّ مجرّد التفكير بأيّ تعديل - أيّاً كانت المُوجبات - يعتبر "فعل حَرَام" وأيضاً "نذير شؤم" على مستقبل "الكيان" إنطلاقاً من أنّه يُثير الحساسيّات ويُعزّز المخاوف ويُنمّي الهواجس ويَسلب المَكاسب ويُولّد الانقسامات ويُهدّد التوازنات ويُجهض السلم الأهلي.

رغم ذلك، ولأسباب فرضتها المصالح المتنوعة ما بين سياسيّة وطائفيّة وداخليّة وخارجيّة فضلاً عن الشخصيّة، لم تعدم الطبقة السياسيّة - التي تعرف جيداً "من أين تؤكل الكتف؟" - وسائل أخرى مكّنتها من تخطّي الموانع والإلتفاف على الأطر الدستوريّة والإفتاء بجواز مخالفة الدستور "بالتراضي" مع ضمانة عدم الإعتراض، ومنها على سبيل المثال:
- "الديمقراطيّة التوافقيّة" أو بالأحرى "الديمقراطيّة الإستنسابيّة" التي لا تقيم للدستور وزناً.
- "التسويات" التي تُهمّش الدستور.
- احتكار مجلس النوّاب حق تفسير الدستور.
الفارق بين مَن وضَعَ الدستور وبين مَن يُطبّفه إنما يكمن في إختلاف الأخلاقيّات والسلوكيّات بين الأمس واليوم، فبعد أنْ كان ("الإتفاق" بين رئيس الجمهوريّة ورئيس مجلس الوزراء على التشكيلة الحكوميّة) دليل شراكة وتفاهم أصبح بالأداء القائم الآن عنواناً خلافيّاً مؤدّاه العرقلة والتعطيل.
لا شك أنّ المسؤوليّة عن جعل الدستور "أكبر عُقَدة في لبنان" صدّعت الحياة السياسيّة وعرقلت الاستحقاقات الدستوريّة إنما تقع بالكامل على عاتق مَن يقرأ الدستور بعينٍ أنانيّة ويفهمه بعقلٍ أُحادي ويُصرّ على تطبيق ما فهمه بأساليب فوقيّة.
إلى ما سبق، لا يمكن إغفال أنّ "شطارة" بعض السياسيّين في السفسطة وفي إفلات عقال التفسير غير الشرعي أساءت بقوّة إلى الدستور فجعلت منه "أطول حزّورَة في العالم" مسموح لكُل من هبّ ودبّ على الكرة الأرضيّة أنْ يجتهد ويُجيب عنها، ما أدّى إلى فتح ثغرة واسعة تدخّل عبرها الخارج في شؤون لبنان الداخليّة.
المفارقة أنّ كل الإجابات عن هذه "الحزّورَة" تعتبر صحيحة وشرعيّة "بقوّة الإجتهاد المُباح"، خصوصاً أنّ للعديد من الأحكام والصلاحيّات نقيضاً في الدستور نفسه أو ما ينقضها أو ما يُكبّلها، وأفضل مثال "حَي" أنّ حصول فراغ في أيّ سلطة يُجمّد ويعطّل عمل باقي السلطات ويَشُل البلد، والكل على حق، أمّا الأكثر سوءاً فهو جواز أنْ تكون بعض الإجابات "مؤقتة" قابلة للتبديل والتصحيح تبعاً للضرورات الداخليّة والإعتبارات الخارجيّة من دون أنْ تفقد صحّتها.
في العُقدَة وفي الحزّورَة "يُؤمن كل طرف لبناني بأنّ الله معه".

  • شارك الخبر