hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

وول سوينكا الحائز على جائزة نوبل حاضَر في AUB حول التاريخ والثقافة وإعادة النظر

الأربعاء ١٥ أيلول ٢٠١٨ - 11:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ألقى البروفسور وول سوينكا، الحائز على جائزة نوبل، محاضرة أنيس المقدسي التذكارية في قاعة الأسمبلي هول في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، وكانت بعنوان "خرافات أحلى من الحقائق: التاريخ والثقافة وإعادة النظر".

وفي تقديمه للبروفسور سوينكا، قال رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري أن البروفسور سوينكا "كان صريحا في انتقاده للفصل العنصري وسياسات الفصل العنصري، ليس فقط في جنوب أفريقيا بل في جميع أنحاء العالم في القضايا التي تتعلق بنا." وقال أيضاً أن البروفسور سوينكا "معروف بتحليلاته وانتقاداته للأنظمة السياسية القمعية، وهو اليوم في الواقع واحدٌ من أشجع رموز نُصرة الكرامة الإنسانية." وأضاف، "لذلك من المناسب أن ينضم إلينا تحت رعاية برنامج أنيس المقدسي للآداب، البرنامج التحويلي الذي يروّج للحوار المتعدّد التخصّصات ويدعمه، مع الانفتاح على مختلف الأشكال والتقاليد الثقافية في دراسة الأدب والإنسانيات".

يُذكر أن البروفسور سوينكا علّم الأدب المقارن في نيجيريا وفي عدد من الجامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا، بما في ذلك جامعة أوبافيمي أوولوو، وجامعات كورنيل، وإيموري، وأوكسفورد، وهارفارد، ويايل. كما كتب العديد من الأعمال المسرحية والروايات ومجموعات القصص القصيرة والكتب الشعرية والمذكرات والمقالات والأفلام والترجمات. وتظهر تأثيرات التقاليد الأدبية الغربية واضحة في عمله، جنبا إلى جنب مع أساطير وتقاليد نيجيريا وثقافة اليوروبا.

وقد حصل البروفسور سوينكا على جائزة نوبل في الأدب في العام 1986 ما جعله أول أفريقي يفوز بجائزة نوبل عن فئة الأدب. وقد وصفته مؤسسة نوبل بأنه أحد أبرز الأدباء والشعراء وكُتّاب المسرح وأنه "يُقَولب دراما الوجود بمنظور ثقافي واسع وبطابع شِعري".

في محاضرته في الجامعة الأميركية في بيروت، تناول سوينكا الثقافات عبر التاريخ، مسلّطاً الضوء على ما أسماه المشكلة الرئيسية: "الجانب السلبي من إعادة النظر"، واصفاً إياها بالإنكار، الذي "تحركه عادة الرغبة العرقية، والاعتبارات العرقية، وإرادة للهيمنة وذلك من خلال إزالة الدليل على إنتاجية الناس، وإبداعهم، وفي الواقع مُجمل ثقافتهم، وخلق فراغ يمكن لقوة الغازية دخوله "أخلاقياً" وبسهولة، بحجة أنهم يتصرفون باسم الثقافة ضد البربرية. وأضاف، "إن الأجندة المهووسة لمثل هذه المساعي لها عواقب تتجاوز القرون من الزمن. ويمكن أن تنفجّر هذه العواقب نتيجة ذلك في أي وقت، كما هو الحال في الكثير من القارة الأفريقية. لكن هذه العواقب بالطبع لا تقتصر على القارة الأفريقية. كورتيز قام بالأمر ذاته في ما يسمى بالعالم الجديد، فدمّر ثقافة شعوب الأزتك والإنكا لتسهيل أو لتبرير غزو وإخضاع الشعوب الأخرى. ربما إعادة النظر هي التي تُعدّ الأرضية لظاهرة نشهدها اليوم. وأنا أتحدث عن الدمار الذي يتبع الحركات الأصولية الدينية".

وأضاف سوينكا، "في بعض الأحيان تأخذ إعادة النظر هذه شكل التشويه غير المقصود للثقافات الأخرى. وتأخذ إعادة النظر اسم التطوير والتنمية الحديثة." وأعطى سوينكا كمثال فقدان تاريخ الحضارة النوبية القديمة عند بناء سد أسوان. وأوضح، "إذا اعتُبرت الحضارة النوبية متميزة عن تلك التي دَمّرت تراثها، فمن الواضح أن هناك حالة من العدوان الثقافي الخارجي. حالة الإنكار التام المتعجرف للآخرين. حالة ’إذا لم يكن بإمكانك الحصول عليها، فأغرقها‘."

وتابع، "كل هذه الرواسب الخلّاقة للخيال الإنساني هي ما يصنّفنا كبشرية. إذا تجاهلتها، تُطلق العقل على طريق إنكار إنسانية مبدعي هذه الحضارة. ثم تقوم بخلق خرافات تطيب لمسمعك، ولكنها علقم لمن تنكبهم بإنكار انسانيتهم. وهذا يقود بشكل مستتر إلى الاقتناع بأن مثل هذه الفئة من البشر هي في الحقيقة كائنات بشرية فرعية، ولا تصلح إلا للاستعباد، وفي بعض الحالات، للإبادة الجماعية. وهذه ليست خرافات يمكننا تجاهلها بحركة استخفاف من اليد أو بتحويلها إلى قضايا أكاديمية. هذه حقائق تجد الإنسانية نفسها مضطرة للتعامل معها، حتى اليوم. لا تزال أسواق الرقيق في ليبيا قائمة ومزدهرة. إذا كنت لا تصدقني اسأل هؤلاء المئات من النيجيريين العائدين إلى وطنهم والذين لم يعتقدوا أبداً أن مثل هذه الأعمال الرهيبة من التجريد من الإنسانية لا تزال موجودة، حتى تم إنقاذهم ونقلهم جواً إلى منازلهم في الآونة الأخيرة".

وختم سوينكا، "نعم بالفعل، الخرافات الأحلى من الحقائق هي أكثر من كثيرة. وكما هو الحال مع المُحلّيات الاصطناعية، فإن بعض الخرافات تولّد آثاراً جانبية، بما في ذلك الآثار السرطانية، وتصيب العالم الذي نعيش فيه، وكلها في أحسن الأحوال أورام خبيثة تجنح للانفجار عبر الأسطح الأقل توقعاً لها، والمناطق السعيدة من اللامبالاة التاريخية، متحدّية جميع المسؤولين المعروفين وغير المعروفين. لذا وفي وقت لاحق، سنضطر إلى تقليب صفحات منسية من التاريخ، أو تلمّس طريقنا إلى الأسباب الأساسية أو الرئيسية، ونتعلم أن نصالح أنفسنا مع تلك الحقائق العادية غير المضحكة، وحتى المملّة التي تقدم لنا العلاج الوحيد المعروف والمُجرّب لمعضلتنا المستمرّة. إنها الحقائق التي تستعيد سرد الحقيقة الكاملة، ولا شيء غير الحقيقة، لإنسانيتنا".

بعد المحاضرة قُدّمت قراءة مُمسرحة لفصل من مسرحية سوينكا الشهيرة "الموت وفُرسان الملك" التي أنتجتها مبادرة المسرح في الجامعة الأميركية في بيروت وأدّاها أعضاء النادي الأفريقي في الجامعة مع آخرين.

تشارك في تنظيم هذا الحدث برنامج أنيس المقدسي للآداب في كلية الآداب والعلوم ومكتب الرئيس، في الجامعة الأميركية في بيروت، مع كرسيّ بينيدكت السادس عشر في جامعة سيّدة اللّويزة.(NDU)

  • شارك الخبر