hit counter script

الحدث - مروى غاوي

كباش التطبيع مع سوريا مستمر... "بدنا وما بدنا"

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تدحرجت كرة الأزمات الحكوميّة واحدة تلو الأخرى، فبعد معركة الأحجام والأوزان برز ملف التطبيع المبكر مع النظام السوري ليثير زوبعة من السجالات السياسيّة بين مؤيّد ومعارض له، ما أدخل مصير تشكيل الحكومة في نفق مظلم آخر وزاد من تعقيدات التشكيل وحيث لا يبدو بعد أنّ هذا الملف سُحِبَ من التداول ربطاً بسياسة رفع السقوف والانزلاق نحو المحاور الإقليميّة.

وإذا كان "التيّار الوطني الحر" ألقى اللوم في ما هو حاصل من سجالات وتعطيل الحكومة على من يرغب بإفشال العهد، فإنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري يعتبر أنّ إثارة الملف يأتي في توقيت مشبوه عشيّة تشكيل الحكومة لافتعال أزمة وأنّ هناك من يسعى لإحياء العلاقة اللبنانية السورية، في انتقال مقصود لإعادة ربط لبنان بسوريا كون النظام السوري يريد لعب دور إقليمي .
تحت عنوان العلاقة مع النظام السوري اندلع الاشتباك، يرفض ما يُعرف بـ"فريق 14 آذار" التعاون مع النظام "القاتل لشعبه"، وطالما أنّ الأوروبيّين لم يذهبوا بعد إلى حدّ التعاون مع الحكومة السورية فلماذا يذهب لبنان، يسأل "آذاريّون"، وأين مصلحة لبنان في كل ذلك؟
أضف إلى ذلك أنّ الرئيس المكلّف يعتبر أنّ التنسيق وفق ما هو حاصل من خلال الأمنيّين وعبر المدير العام للأمن العام عباس ابراهيم فلا حاجة بعدها إلى مد جسور إضافية مُكلِفَة. وأكثر من ذلك بالنسبة إلى الفريق الرافض للتطبيع "فالحرب السورية لم تضع أوزارها بعد والنظام لا يزال معرّضاً للغرق أكثر، وبالتالي فإنّ التنسيق مع دمشق في غير مكانه وتوقيته الصحيحين ولا لزوم للركض خلف نظام يفتقر إلى عناصر القوة ولا يزال في مرحلة انتقالية وربما يفترض انتظار ما يقرّره المجتمع الدولي في هذا الصدد وجلاء الصورة السوريّة أكثر قبل وضع اليد بيد النظام. هذه هي نظرة كل من "تيّار المستقبل" و"الحزب التقدّمي الاشتراكي" و"القوّات اللبنانيّة" ويتلاقون عليها تحت هذا العنوان.
في المقابل، يعتبر "فريق 8 آذار" أنّ الحرب السورية وصلت إلى نهايتها بانتصار النظام الذي استعاد ريف دمشق وحلب ودرعا ولم يعد هناك إلا مساحات صحراوية ينتشر فيها إرهابيو "داعش" ويفترض اليوم البحث في كيفيّة مواكبة هذا الحدث. فالرئيس السوري بشّار الأسد استطاع الصمود في وجه الإرهاب وهو رئيس منتخب من قبل شعبه ومعترف بشرعيته الدولية، ويضاف إلى ذلك أنّ ثمّة خطة لإعادة إعمار سوريا لا يجب أنْ يغيب عنها لبنان، إضافة إلى ملفّات أخرى تفترض الحوار والانفتاح.
وفي وجه الحملة المفتوحة من رئيس الحكومة وثلاثي "القوّات" و"المستقبل" و"الاشتراكي" يجيب المدافعون عن مشروع إعادة إحياء العلاقة: "ومن قال أصلاً أنّ دمشق راغبة بالانفتاح على لبنان، وإذا كان الرئيس السوري لم يستعجل طوال الحرب طلب الدعم الرسمي اللبناني له، فلماذا يطلبه اليوم؟
إنّ الانفتاح على دمشق عقدة أخرى أساسية أضيفت أخيراً إلى جملة العقد الحكوميّة ولكنّ حلّها قد يكون مطروحاً على المعالجة لاعتبارات عدّة، فإعادة النازحين أولويّة لبنانيّة وعبء يقع على كاهل الدولة ولا يمكن ختم هذا الملف إلا بالتواصل مع الحكومة السوريّة. يضاف إلى ذلك أنّ "معبر نصيب" بين سوريا والأردن يعتبر الشريان الحيوي للصادرات الزراعيّة والصناعيّة اللبنانيّة؛ ولا يجب كذلك أنْ يغيب لبنان عن المساهة في إعادة إعمار سوريا .
وإذا كان فتح موضوع العلاقة مع سوريا لم يحصل صدفة، إنّما ثمّة من عمل على خط إدخاله في صلب المفاوضات الحكوميّة، فإنّ الجميع يُعوّل على بعض المرونة من قبل الرئيس المكلّف وقد رُصِدَت إشارات معبّرة في هذا الملف يمكن أنْ تكون مؤشّراً لحلحلة ما. فالحريري في وضع "مأزوم ويصرُخ من شدّة الوجع حكومياً"، إذ لا يمكن التسليم بالمطلق لمشيئة ما يقرّره حلفاء دمشق، وفي الوقت عينه تجاوزت مطالب المملكة العربيّة السعوديّة حدّها المقبول، والحريري لا يرغب في الانزلاق أكثر في لعبة المحاور الإقليميّة. ولعلّ معادلة "بدنا وما بدنا تنسيق" هي الأبلغ لوصف ما يحصل من تجاذب حالياً.
 

  • شارك الخبر