hit counter script
شريط الأحداث

أخبار إقليمية ودولية

صحيفة بريطانية تدعو لتحالف جديد مع أنقرة لردع ترامب

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٨ - 20:42

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد مرور شهرين تقريباً على إعادة انتخاب أردوغان رئيساً، تواجه تركيا أزمةً ماليةً خطيرة ، ولكن بعض الأوروبيين يرونها فرصة لإعادة نظر جوهرية في علاقات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي. وفِي حين يبدو الوضع الذي تجد تركيا نفسها فيه اليوم متناقضاً، مع انخفاض سعر صرف الليرة بشكل حاد، على الرغم من الإجراءات الطارئة التي أعلنها البنك المركزي، فإن هذه الأزمة تحمل في طياتها فرصاً لتغيير شكل العلاقة بين أوروبا وأنقرة، حسبما ورد في تقرير لصحيفةFinancial Times البريطانية.
ففي مواجهة الحرب التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الجميع فإن كاتب التقرير يقترح صياغة معاهدة جديدة تنظم العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وأنقره، وتعيد المياه لمجاريها ولكن بشكل مختلف.
الأزمة جعلت أنقرة تعيد حساباتها تجاه الحلفاء الغربيين التقليديين
في عام 2017، نما الناتج المحلي الإجمالي التركي بنسبة 7.4 بالمئة، وهو أسرع معدل نمو في مجموعة العشرين. ومع ذلك، مثل هذا الاقتصاد، الذي يعتمد بشكل كبير على مزاج المستثمرين الدوليين، يكون هشاً، حسب وصف تقرير Financial Times.
إذ يُولِّد النمو عجزاً تجارياً كبيراً، وبالتالي هناك حاجةٌ كبيرة لتمويلٍ خارجي. وتعتمد تركيا بشكل كبير على سعر صرف عملتها. سيؤدي الانخفاض في قيمة الليرة إلى ارتفاعٍ في التضخم، الذي يبلغ بالفعل 15 بالمئة. وسيكون لذلك تداعياتٌ على الأجور وهوامش أرباح الشركات والاستثمارات المنتجة.
وأخيراً، يُعد مستوى ديون الشركات، التي تقترب نسبتها من 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، من أعلى مستويات الديون في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويُلمِح إلى مشكلاتٍ مقبلة أمام الشركات التركية.
وتفاقَمَ الوضع الاقتصادي في تركيا بسبب سلسلة من التصريحات من قبل أردوغان، تُعارِض زيادة أسعار الفائدة، حسب وجهة نظر التقرير.
وقد ألقت هذه التصريحات بظلالٍ من الشك على استقلال البنك المركزي التركي، خاصة مع تعيين صهر الرئيس بيرات البيرق وزيراً للمالية والخزانة. وأضافت الجولة الأخيرة من العقوبات الأميركية، التي فُرِضَت بعد رفض أنقرة الإفراج عن قسٍّ أميركي احتجزته تركيا بتهم التجسُّس، مزيداً من الضغط على الليرة.
ونتيجة لذلك، تجد تركيا نفسها معزولةً بشكلٍ متزايد عن حلفائها الغربيين التقليديين، ومضطرة إلى استكشاف تحالف مواءمة مع روسيا، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.
وتحسن الليرة يستند إلى التضامن الأوروبي والإجراءات الحكومية
وفقدت الليرة نحو 40 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي 2018، وهوت إلى أدنى مستوى على الإطلاق منذ سنوات عند 7.24 ليرة للدولار، الإثنين 13 آب 2018، بفعل مخاوف من تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، وهي حليف رئيسي في حلف شمال الأطلسي. واتخذت الحكومة التركية إجراءات لمواجهة هذه الأزمة، منها مراجعة البنك أيضاً نسب الاحتياطيات الإلزامية المفروضة على المصارف لتفادي أي مشكلة في السيولة.
وبالفعل استيقظ الأتراك، اليوم الأربعاء 15 آب، على تحسن الليرة التركية على ارتفاع أمام الدولار، لتنزل دون حاجز 6 ليرات بارتفاع بنسبة 5 بالمئة لوقت قصير، وذلك تزامناً مع إعلان الحكومة اتخاذ إجراءات جديدة لمعالجة الأزمة، وإعلان مثير للتفاؤل بشأن معدلات البطالة.
ويبدو صعود الليرة الأخير مدعوماً كذلك بتوقعات بتحسّن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بعدما أطلقت أنقرة سراح جنديين يونانيين محتجزين منذ آذار الماضي.
وتأتي هذه الخطوة التي تبدو أنها تقارب تركي مع أوروبا، في وقت وصلت فيه الأزمة بين أنقرة وواشنطن ذروتها، ما تسبَّب في تدهور الليرة التركية.
وفي تغريدة نشرها الثلاثاء 14 آب، أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن ارتياحه للإفراج عن الجنديين اليونانيين.

وفيما تواجه العلاقات بين تركيا والغرب صعوبات، كتب يونكر: "على تركيا ألا تخاف من جيرانها الأوروبيين"، مؤكداً أن "الاتحاد الأوروبي سيواصل علاقاته الاستراتيجية مع تركيا". وأعرب في الوقت نفسه عن الأمل في أن يرى "دولة ديمقراطية ومستقرة ومزدهرة".
خطر عدوى الأزمة التركية يهدد منطقة اليورو وأوروبا تحديداً مستهدفة
وألقت أزمة العملة التركية ضرراً إضافياً في الحرب التجارية التي أطلقها ترامب ضد كندا واليابان والاتحاد الأوروبي والمكسيك وكوريا الجنوبية والصين والآن تركيا.
وأقام ترامب، الذي كان هدفه الظاهري خفض العجز التجاري الثنائي مع بكين، حواجز تجارية ضد أقرب حلفائه، مع فرضه رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم الأوروبية والكندية، ثم الرسوم الاستثنائية على بعض الواردات التركية.
وردت تركيا على الرسوم التي فرضها ترمب على منتجاتها برفع الرسوم الجمركية على واردات أميركية، منها سيارات الركوب والكحوليات والتبغ، ومساحيق التجميل والأرز والفحم.
كما دعا أردوغان الأتراك لمقاطعة المنتجات الإلكترونية الأميركية، وقال: "إن كان لديهم آيفون، فهناك في المقابل سامسونغ، ولدينا كذلك فيستل"، في إشارة على التوالي إلى هاتف شركة آبل الأميركية، وهاتف سامسونغ الكورية الجنوبية، والعلامة الإلكترونية التركية "فيستل". وارتفعت أسهم فيستل 7 بالمئة في بورصة إسطنبول بعد تصريحات أردوغان.
ولكن رغم هذا التحسن الأخير في أداء الليرة فإن خطر عدوى الأزمة التركية أصبح يهدد بالانتقال الآن إلى الأسواق الناشئة الأخرى وكذلك لمنطقة اليورو، التي استُهدِفت إلى حد كبير عبر ما حدث في تركيا، ويتعين كذلك على الاتحاد الأوروبي أن يتصارع مع التهديد الذي تُشكّله السياسات المالية المتشددة لحكومة جوزيبي كونتي في إيطاليا.
والأزمة تطرح أيضاً تساؤلاً حول اتخاذ اليورو بديلاً للدولار
تطرح هذه الأزمة الحالية أيضاً أسئلة أوسع حول التفوق العالمي للدولار الأميركي، الذي لا يزال العملة الاحتياطية للتجارة العالمية، حسب الصحيفة البريطانية، إذ يجرى الاحتفاظ بأكثر من 62 بالمئة من إجمالي احتياطيات البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بالدولار.
في الوقت الراهن، لا يزال اليورو عملة هامشية مقارنةً بالدولار، مع ما يترتب على ذلك من استقلالية أوروبا الاقتصادية.
لكن ينبغي أن تكون الأزمة التركية فرصة للتفكير مَليّاً في مستقبل هيمنة الدولار وصعود اليورو، وكذلك العلاقات بين أنقرة وبروكسل على نطاق أوسع، بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال الشريك التجاري المُهيمن لتركيا، مع ما يقرب من نصف صادرات البلاد واحتفاظه بحصة الأسد في الاستثمار الأجنبي المباشر في هذا البلد.
وهناك أسس للمعاهدة الجديدة بين تركيا وأوروبا
لذلك حان الوقت للتفكير في وضع هذه العلاقة على أساس مختلف عن طريق معاهدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تتكون من ثلاثة عناصر، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.
أولاً: من الناحية الدبلوماسية والأمنية: إعادة التأكيد على تثبيت تركيا في المعسكر الغربي وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ثانياً على المستوى الاقتصادي: حدوث زيادة كبيرة في المساعدات الأوروبية وضمان استقلال البنك المركزي التركي والالتزام بكبح جماح التضخم.
وأخيراً وثالثاً: نقل مزيد من المعايير الأوروبية إلى القانون التركي.
وربما تفتح الأزمة مجددا ملف انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي
لا يتطلَّب هذا المشروع تسوية القضية الحسَّاسة المُتعلّقة بمستقبل محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بين بروكسل وأنقرة، وفقاً لرأي كاتب التقرير.
على العكس، هذه لحظة مواتية لطرح إعادة ضبط العلاقات بين أوروبا وتركيا، حيث يبحث أردوغان عن حلفاء.
وكما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه حول مستقبل الاتحاد الأوروبي في مدينة لشبونة في تموز إنه يمكن لتركيا وينبغي أن تلعب دوراً هاماً في دعم فكرة "أوروبا متعددة السرعات".
أوروبا تهرع لمساعدة تركيا من أجل نفسها إذن
وفي الوقت الذي يعامل فيه ترمب أوروبا باعتبارها "عدواً" للولايات المتحدة، ستسهم الكتلة الأوروبية بشكل جيد لمساعدة تركيا على مزيد من التحديث وتشجيع القيم الليبرالية والديمقراطية التي لا يزال العديد من الأتراك يتشاركونها، خاصةً الشباب وأولئك الذين يعيشون في المدن الكبيرة في البلاد.
وينتظر أعضاء النخبة الاقتصادية والفكرية التركية الذين التقيت بهم في زيارة حديثة إلى إسطنبول الدعم والتشجيع من أوروبا بفارغ الصبر، حسبما قال كاتب التقرير.
واختتم تقريره قائلاً: "يجب أن تكون لدينا الشجاعة لإعطاء هذا الشيء لهم".

  • شارك الخبر