hit counter script

الحدث - حـسـن ســعـد

مَن أقفل الباب على "النظام الرئاسي" كان قد نَسِيَ الشباك مفتوحاً

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٨ - 06:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يبدو أن الذين شاركوا في صناعة "دستور الطائف"، الذي بدَّل نظام الحُكم في لبنان من "رئاسي" إلى "ديمقراطي برلماني" جارفاً معه عدداً من صلاحيّات الرئاسة الأولى، لم ينجحوا في تحصين ما صنعوه وصاغوه وبدّلوه وشَرّعوه، إذ وبمجرّد أنْ وصل إلى سدّة "بعبدا" رئيس قرأ الدستور بعين المُتضرّر من "الطائف" وطبَّقه بروحيّة المُشتاق إلى "النظام الرئاسي" مُستفيداً من "هفوات" دستورية، مقصودة وغير مقصودة، حتى هزّ عروش الكثيرين، فكان "الأذكى".

فالدستور الذي منح الرئيس المُكلّف صلاحيّة تشكيل الحكومة وسهّلَ عليه مهمته من خلال تكليفه إجراء إستشارات نيابيّة "غير مُلزمة" (من دون أن يُقيّد "التكليف" بمهلة زمنيّة مُحدّدة).
هو نفسه الدستور الذي فرض على رئيس الجمهوريّة إجراء إستشارات نيابيّة "مُلزمة" لتسميّة الرئيس المُكلّف تشكيل الحكومة، ثم عاد ليُخالف نفسه مُحرّراً رئيس الجمهوريّة من "إلزاميّة نتائج الإستشارات النيابيّة" من خلال منحه صلاحيّة توقيع مرسوم تسميّة رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مُستقيلة "منفرداً"، وأيضاً (من دون أن يُقيّد "التوقيع" بمهلة زمنيّة مُحدّدة).
القاسم المشترك بين الصلاحيتين المتعلقتين بولادة الحكومة هو أنْ لا مهلة زمنيّة مُحدّدة تقيّد "التكليف" و"التوقيع"، ولكن ما يُميّز صلاحيّة رئيس الجمهوريّة أنها الوحيدة في دستور الأمّة اللبنانيّة التي لا يشاركه فيها أحد.
هذه الميزة تؤكّد أولاً أنّ الرئيس المُكلّف لا يملك صلاحيّة "مُطلقة" لتشكيل الحكومة بمُفرَده، إذ أنّه ومهما طال زمن التكليف وتأخّر التشكيل فإنّ إصدار مرسومَي "الإستقالة والتسمية"، اللذين لا يمكن إصدار مراسيم تعيين الوزراء قبل صدورهما، محكوم دستورياً بموافقة رئيس الجمهوريّة وتوقيعه "منفرداً"، وتعني ثانياّ أنّ مَن يوقّع أخيراً ومنفرداً هو صاحب الصلاحية المُطلقة.
بالإضافة إلى ما سبق، وبعد تثبيت "عُرف" الحصّة الوزاريّة لرئيس الجمهوريّة، وفق المفهوم الجديد للدور المرسوم لها، يكون قد بات في حُكم المُؤكّد أنّ (مَن أقفل الباب على "النظام الرئاسي" كان قد نَسِيَ الشباك مفتوحاً).
كسباً للوقت، لا شك أنّ عَقد جلسة واحدة يتفاهم خلالها رئيس الجمهوريّة والرئيس المُكلّف على وضع معايير موحّدة لتشكيل الحكومة "بالتكافل والتضامن والإرتكاز إلى نتائج الانتخابات النيابيّة"، ستكون كفيلة بفكفكة العُقَد وسحب البساط من تحت أقدام المُعرقلين وبالتالي ولادة حكومة (لا هي "حكومة أكثريّة إقصائية عمداً" ولا هي "حكومة جامعة قسْراً"، بل هي "حكومة معياريّة" مفتوحة أمام كل من تنطبق عليه المعايير، ومَن يرفض المشاركة فيها على هذا الأساس يكون قد أقصى نفسه بنفسه).
منطقيّاً، نفخ الصلاحيات لا ينفخ الأحجام "لا بالأصالة ولا بالوكالة" إلا في حال كُسِرَت الديمقراطيّة وأُهينَ الدستور.

  • شارك الخبر