hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - مروى غاوي

الحريري لن يطيح بالتسوية السياسية

الأربعاء ١٥ آب ٢٠١٨ - 06:00

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ترتسم في الآونة الأخيرة علامات افتراق وتباعد بين الرئيس المكلّف سعد الحريري والتيار الوطني الحر وأيضاً بين الأوّل ورئيس الجمهوريّة ميشال عون، الأمر الذي ظهر بوضوح في احتفال عيد الجيش في المصافحة الباردة المعالم بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة وفي الرسائل المتطايرة على خط التأليف بين قصر بعبدا وبيت الوسط والتي تُحمّل الحريري مسؤولية التعطيل وانتظار الضوء الأخضر الإقليمي وما تُقرّره جهات خارجيّة للمسار الحكومي، الأمر الذي انعكس برودة واضحة على مستوى العلاقة التي كان يعرف بأنّها علاقة خاصة وحميمة بين الحريري وفريق التيار الوطني الحر إضافة إلى علاقة وصفت بالنموذجية بين بعبدا وبيت الوسط والتي لا تتكرر بين رئيسي الجمهورية والحكومة. فهل فعلاً ساءت العلاقة بسبب التجاذب حول الحكومة واتهام الرئيس المكلّف بأنّه منحاز إلى جبهة "الحزب التقدّمي الاشتراكي" و"القوّات اللبنانيّة" حكومياً؟

تقول أوساط سياسية قريبة من الطرفين إنّ تأليف الحكومة يشهد تأزّماً واضحاً انعكس على علاقة القوى السياسية التي اصطفّت وفق مصالحها وتبعاً للأحداث. فظهر الانقسام في موضوع إعادة العلاقة مع سوريا بين الرئيس المكلف وإلى جانبه الاشتراكي والقوات، وبين بعبدا والتيار الوطني الحر وحلفاء سوريا السابقين، مما أوحى بعودة الاصطفافات السياسية إلى ما كانت عليه وهذا ما يسري أيضاً على موضوع الحكومة حيث إنّ الرئيس المكلّف لا يريد التفريط بحصة القوات ولا الاشتراكي بل إنّه متمسك بإعطاء المختارة ومعراب ما يحق لهما من حصص وهنا مكمن الخلاف الواقع بين بعبدا والسراي، لكن هذا التباين سرعان ما سينتهي عندما تنتهي عملية شد الحبال ويصدر الضوء الاقليمي لتشكيل الحكومة. فرئيس الحكومة لا يمكن ان يطيح بالتسوية السياسية التي انجزها مع الرئيس ميشال عون لكن حجم الضغوط في عملية الـتأليف ومطالب الافرقاء صار مضاعفاً إضافة إلى الشروط الاقليمية، كلها عوامل مؤثرة وضاغطة على الرئيس المكلف.
من دون شك أنّ صفحة جديدة مختلفة فُتِحَت بين بيت الوسط ومعراب والمختارة بعدما كان الحريري منذ أزمة 4 تشرين الثاني في المملكة العربيّة السعوديّة مصطفاً إلى جانب الرئاسة الأولى، فأبواب بيت الوسط عادت مفتوحة على حركة غير عادية للحلفاء السابقين بعد ان كانت السراي في الانتخابات النيابيّة حكراً على رئيس التيار الوطني الحر في ما كان يعرف بعلاقة نادر وباسيل التي رسمت مجمل التحالفات الانتخابية بين التيار والمستقبل.
وإذا كانت عودة المياه إلى مجاريها بين الحريري وحلفائه من جهة وبينه وبين المملكة لا يحتاج الى جهد استثنائي كبير لفهمه، فذلك يعود إلى أنّ رئيس الحكومة هو صديق وحليف طبيعي للمملكة وهو اليوم يحظى بدعمها وبمظلة إقليمية لبقائه على رأس الحكومة وتثبيت تكليفه، فرئيس "تيار المستقبل" كما ثبت للسعوديين هو الحليف السُنّي الاقوى للمملكة على الساحة اللبنانية وعليه عمدت المملكة الى تصفير عدادات المشاكل والخلافات المتراكمة معه بعدما ثبت أنّ الحريري هو أقوى حلفاء الممكلة اللبنانيّين وبأنّ الحريري استطاع رغم تراجع ارقامه النيابية من تثبيت حالته وزعامته السنية وبالتالي عادت العلاقة الى المربع الاول الذي كانت تقف فيه.
لكن الاشكالية الوحيدة امام الحريري كما يقول العارفون ان الرئيس المكلف "دائخ" بين المحورين أو الفريقين فهو لا يريد ان تخرب علاقته بالعهد ولا يريد الافتراق عن حلفائه والخط السعودي خصوصاً وأنّ عملية تأليف الحكومة لا تحصل بمعزل عن التدخلات الاقليمية ونزاع المحاور الدولية.
وحتى ساعة نضوج الوضع الاقليمي الذي سيُسهّل ولادة الحكومة، فإنّ الرئيس المكلف يقف في الوسط، ينتظر أنصاف الحلول ، لكنه يريد ان تحصل المختارة ومعراب على "مستحقاتهما" الحكوميّة وفي الوقت نفسه يتطلّع الى البقاء على المسافة ذاتها التي تعود الى مرحلة التسوية الرئاسية، فلا يمكن في معادلة الحريري الانقلاب على بعبدا أو التغيير في اسلوب التعامل معها. فمثل هذا التصرف يكلفه رئاسة الحكومة المقبلة وهو له دَينٌ في قصر بعبدا عليه أن يوفيه في السياسة على دفعات.
 

  • شارك الخبر