hit counter script

الحدث - مروى غاوي

بدء مسلسل العودة إلى اصطفافات "8 و14 آذار"

الإثنين ١٥ آب ٢٠١٨ - 05:54

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يظهر من كل ما يتّصل بعمليّة تشكيل الحكومة أنّ الوضع لا يزال في المربّع الأوّل من التأليف بمعنى أنّ أحداً لم يقم بعد بتسهيل مهمّة الرئيس المكلّف سعد الحريري أو يساهم في تبديد وإزالة الغيوم التي تخيّم في فضاء الحكومة. هذا التعقيد بات واضحاً في مواقف القوى السياسيّة التي ينعى بعضها التأليف فيما راح البعض يضرب مواعيد خياليّة تمتد لأشهر تستمر خلالها الحكومة الحاليّة في تصريف الأعمال. وقد عكس ذلك موقف رئيس الجمهوريّة ميشال عون الأخير حين قال إنّ التشكيل سيأتي مهما طال الوقت.

داخلياً يبدو من سياق الأحداث أنّ العقد المتعلقة بالتوزير الدرزي أو السُنّي أو حتى المسيحي لم تشهد حسماً بعد أو تطوّراً، ما يعني استمرار المراوحة في العقد مع بروز عقدة جديدة بدأت تلوح في الأفق، حيث تبيّن من السجالات السياسيّة الحادة على محور "الحزب التقدّمي الاشتراكي" و"التيّار الوطني الحر" أو مناوشات "القوّات" و"التيار" من وقت إلى آخر، أنّ هناك قطبة ما مخفيّة وما هو أبعد من الصراع الآني والحصص والأحجام والأوزان، يمتد إلى معركة 2022 الرئاسية التي تلوح في الأفق بين "التيّار" و"القوّات" أو جبران باسيل وسمير جعجع على قاعدة أنا الأقوى نيابياً وتمثيلاً مسيحياً و"هذا حجمي وهذا حجمك". فـ"القوات" تعمد، كما "التيار"، إلى إحياء خلافاتهما وتجديد صراع الانتخابات النيابيّة ما يوحي بأنّ المعركة أبعد من الاستحقاق الراهن وتتّصل بمعركة قيادة الشارع المسيحي فيما خلافات الشارع السُنّي ليست أفضل حالاً من التجاذبات المسيحيّة. أما العقدة الدرزيّة فتتطور بشكل دراماتيكي لا أحد قادر على وقف تدهوره بين أبناء الطائفة، وينسحب ذلك على علاقة "الاشتراكي" مع القوى السياسية. وليس صدفة في ظل هذا التأزّم أنْ تظهر بين الحين والآخر ملفات سياسيّة أو اقتصادية واجتماعية لتبقى الحصص المتنازع عليها من دون أفق وحلول لها.
في ظل هذه الأجواء برزت في الآونة الأخيرة انفراجات في المشهد السياسي تمثّلت بزيارة وزير الخارجيّة جبران باسيل رئيس المجلس النيابي نبيه برّي في عين التينة والتي أنهت قطيعة استمرّت أكثر من سنة بين الطرفين. لكنّ هذه الخطوة على إيجابيّتها في رَسمها مشهداً هادئاً بين "التيار" و"حركة أمل" إلا أنّها بنظر كثيرين عكست مشهداً مشابهاً لما كان يحصل قبل فرط عقد "قوى 8 و14 آذار"، بمعنى آخر عودة إلى الاصطفافات السياسيّة لكلّ منها. يعزّز هذه النظرية الفتور الواضح في العلاقة بين قصر بعبدا و"التيّار" مع الرئيس المكلّف، والذي ظهر جلياً في حركة اتصالات الحريري ولقاءاته التي عادت إلى ما كانت عليه في ما مضى. فرئيس حزب "القوّات" سمير جعجع أصبح يزور بيت الوسط من دون أيّ وساطة أو موعد، وقد ظهرت البرودة بوضوح على خط قصر بعبدا وبيت الوسط في احتفال عيد الجيش.
مسلسل العودة إلى اصطفافات "8 و14 آذار" بدأ مع دعوة رئيس "التيّار الوطني الحر" إلى الانفتاح على سوريا وإعادة إحياء العلاقة السياسيّة معها، الأمر الذي فتح أبواب جهنّم الـ"14 آذاريّة" وأعاد لمّ الشمل تحت عنوان عدم مد اليد إلى النظام المجرم. فمقابل نظرية "قوى 8 آذار" بأنّ الحرب السوريّة أوشكت على الانتهاء، من الواضح أنّ ثمّة ميولاً ورغبة لدى "فريق 14 آذار" في العودة إلى "التواصل الحميم" مع المملكة العربيّة السعوديّة، تتظهّر في حركة الذهاب والإياب المتكرّرة منذ الدعوة السعوديّة ولمّ شمل أركان "قوى 14 آذار" وخصوصاً في حركة الموفدين بين المملكة والمختارة منذ المصالحة الدرزيّة مع السعوديّة التي وَضَعَت حداً لقطيعة طالت منذ احتجاز الحريري وقبلها بقليل.
وفيما يبدو أنّ تكتيك "القوّات" الحالي يقوم على اعتماد سياسة اليد الممدودة للجميع، بعدما تناهى إلى مسامع معراب أنّ هناك من يرغب في تحجيمها في الحكومة الجديدة، وبالتالي فإنّ تحسين العلاقة مع "المستقبل" برعاية ودعم سعودي من شأنه أنْ يوفّر لـ"القوّات" المظلّة التي تحميها من محاولات تطويقها من قبل "التيّار" .
يتناهى أيضاً إلى علم الكثيرين أنّ السعوديّة تسعى إلى تجديد تحالف "14 آذار" وإنعاشه للوقوف في وجه "حزب الله" وحلفائه، فالمملكة لن تقبل بحكومة نكهتها "8 آذار" على شاكلة المجلس النيابي والصراع هو حول الثلث المعطّل مع "فريق 8 آذار" أو "حزب الله" وحلفائه، فالثلث المعطّل لــ"14 آذار" يتأمّن حكومياً بصيغة تُعطي "الاشتراكي" ثلاثة وزراء وست حقائب لـ"المستقبل" وخمس لـ"القوّات"، وهذه الصيغة يرفضها فريق "التيّار" و"حزب الله" وقصر بعبدا الذي يتمسّك بمقعدين لـ"الاشتراكي" وحقيبة سُنّية من حصّة الرئيس وأربعة حقائب لـ"القوّات"، فمن سيربح في معركة الحكومة بعد عودة اصطفافات "8 و14 آذار"؟
 

  • شارك الخبر