hit counter script

أخبار محليّة

هل تحوّل تشكيل الحكومة في لبنان "كيس ملاكمة" بأبعاد إقليمية؟

الأربعاء ١٥ تموز ٢٠١٨ - 07:47

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تتّجه أزمة تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان الى مأزقٍ وسط مناخات تصعيدٍ داخلي بدأت «طلائعها» وتنذر بجولات تصاعُدية ما لم يتم تَدارُكها، وفي ظل مخاوف من محاولاتٍ للإطاحة بـ «درع الوقاية» الذي شكّلتْه التسوية السياسة وتوازناتها عبر توظيف التحوّل في الحرب السورية الذي أطلّ من درعا وانطوى على «تثبيت» لنظام الرئيس بشار الأسد.

ولم يتطلّب الأمر وقتاً طويلاً لتنكشف «جرعات التفاؤل» التي جرى ضخّها في اليومين الماضييْن على «لا شيء»، ليس فقط على صعيد المراوحة في دائرة التعقيدات نفسها بل في ظلّ إشاراتٍ الى «قفزةٍ الى الوراء» في مسار التأليف الذي يقترب في 24 الجاري من دخول شهره الثالث، من دون ان يلوح في الأفق ما يشي بمغادرة مربّع الدوران في الحلقة المفرغة.
وفيما كانت بيروت لم تفكّ بعد «شيفرة» نتائج قمة دونالد ترمب وفلاديمير بوتين واذا كان «استسلام» الرئيس الأميركي في ملف «التدخّل الروسي» في الانتخابات التي أوصلتْه الى «البيت الأبيض» انسحب على أزمات المنطقة، ارتفع منسوب الارتياب من ان يكون تشكيل الحكومة الجديدة صار محكوماً بوهْج معاني تغيير المشهد في جنوب سورية.

وتبدي أوساط سياسية على دراية بكواليس مسار التأليف الخشية من ان يكون ملف الحكومة تحوّل «كيس ملاكمة» بين طرفيْن: أوّلهما تحالف «التيار الوطني الحر» - «حزب الله» الذي يريد الاستفادة من النقاط الثمينة التي يحقّقها الأسد لاستيلاد تشكيلةٍ حكومية «ممْسوكة» بالأحجام والعناوين التي بكّر هذا التحالف بتحديدها سواء في قضية عودة النازحين وتطبيع العلاقة مع نظام الأسد. والثاني خصوم النظام السوري ولا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري وحزب «القوات اللبنانية» والزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذين يحاذرون التفريط بتوازناتِ الحدّ الأدنى في الحكومة العتيدة حمايةً لقواعد اللعبة السياسية بمعاييرها الحالية وتَجنُّباً لاستفزاز المجتمعيْن العربي والدولي اللذين أَجْريا ما يشبه ربْط النزاع بين موازين القوى الداخلية وبين تسييل الدعم للبنان.

وجاء كلامٌ أطلقه جنبلاط أمس ليؤكد ان المعطى السوري بات حاضراً بقوة في خلفية ملف التشكيل وتعقيداته، هو الذي قال ردّاً على إعلان رئيس «التيار الحر» (حزب الرئيس ميشال عون) الوزير جبران باسيل عن قُرب عودة الحياة السياسية والاقتصادية إلى طبيعتها بين لبنان وسورية «انّ أصحاب هذا الطرح يَستقوون بالظروف التي ساعدت الأسد على استعادة درعا للعودة إلى أيام الماضي،»، معتبراً ان التيار «لا ينتظر الحكومة أو غيرَها، بل يرسِل منذ فترة طويلة وزيراً إلى دمشق بانتظام كلّ اثنين. لقد استملكوا الدولة اللبنانية واستولوا عليها».
وفيما استوقف أوساطاً سياسية كلامُ الوزير المفوض القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان وليد بخاري عن «أننا نلاحظ محاولة جادة من فخامة الرئيس (عون) ودولة الرئيس (الحريري) لتشكيل الحكومة المقبلة. والمملكة تتمنى التعجيل في تشكيلها بشكل وازن يحقق الوحدة الوطنية لتحقيق أمن لبنان واستقراره»، لفت موقف رئيس جهاز أمن الدولة السعودي عضو المجلس السياسي والاقتصادي، الفريق أوّل عبد العزيز الهويريني، خلال استقباله وزير الداخلية نهاد المشنوق في الرياض اذ أبدى «حرص القيادة السعودية على استقرار لبنان السياسي والاقتصادي وانفتاح السعودية على كلّ الطوائف بما يخدم وحدة الموقف اللبناني وعروبة لبنان»، متحدثاً ايضاً عن «حرْص قيادته على نجاح الرئيس الحريري في مهمته تشكيل الحكومة تأكيداً لهذا الاستقرار».

وبدت المواقف السعودية ذات دلالة باعتبار أنها أتت في غمرة تصاعُد الاتهامات من «حزب الله» مباشرة و«التيار الحرّ» غمْزاً للسعودية بلعب دورٍ في تأخير ولادة الحكومة من خلال تَصلُّب الحريري حيال العقد الثلاث الرئيسية في مسار التأليف وهي رفْضه تمثيل النواب السنّة الموالين لـ «حزب الله» وإصراره على مشاركة «القوات» وفريق جنبلاط في الحكومة بحجم يريحهما ويوجّه رسالة طمْأنة الى الخارج، وصولاً الى إيحائه بأن المشكلة عند الآخرين وليست لديه.
وشكّل «لقاء الربع ساعة» الذي عُقد امس بين الحريري وباسيل على هامش الجلسة العامة للبرلمان لانتخاب اللجان النيابية إشارةً عكستْ محاولةً لاحتواء انكشاف الأزمة التي لم تعد صامتة على خط الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية بعد «الكلام الكبير» الذي نُقل عن عون والذي يؤشّر الى منحى متشدّد يُخشى ان تصيب تشظياته التسوية السياسية التي جاءت به رئيساً للبلاد وأعادت الحريري الى رئاسة الحكومة والتي تُعتبر حجر الزاوية في الاستقرار الذي تعيشه البلاد.
فالرئيس عون الذي التقى أمس الوزير القواتي ملحم الرياشي لتأكيد «قدسية» المصالحة المسيحية وحصْر الخلاف بين «القوات» و«التيار الحر» في الشقّ السياسي، أكد «ان الوقت ليس مفتوحاً إلى ما شاء الله» (أمام الحريري)، ملمحاً الى امكان ان ينتظر الأسبوع المقبل بعد «لا أراهن على الوقت، لكنني لا أُبتَز، سأمنحهم فرصة بلا أي رد فعل مسبق»، وملوحاً عبر صحيفة «الأخبار» بخيارات مفتوحة فضّل ألّا يتحدّث عنها «بعضها مرتبط بصلاحياته الدستورية، والبعض الآخر بدوره كرئيس للدولة».

وفي أوّل إشارة امتعاض من الحريري، نُقل عن عون انه يأخذ على الرئيس المكلف تردّده وتباطؤه «فما دام هو يرتكب الخطأ، كيف سيكون في إمكانه تصحيح اخطاء الآخرين؟» في إشارة الى ان إصراره على كل الحصة السنّية يجعل جنبلاط و«القوات» يشتبثّون بما اعتبر رئيس الجمهورية انه يزيد على حصتهم.
واذ لاحَظ تصاعد الحملة على العهد، قال «ليس بين هؤلاء مَن يقدر على إسقاط العهد. ينعتونه بشتى النعوت. كأنهم لم يعرفوني قبلاً، ولم يجرّبوني حتى. ربما بات من الضروري أن يعرفوا جميعاً أن ثمة رئيساً للجمهورية يدقّ على الطاولة، ويستخدم صلاحياته الدستورية كاملة، بما فيها التي أهملها كثيرون».
ولاقى كلام عون مناخ التشاؤم الذي عبّر عنه رئيس البرلمان نبيه بري بقوله «ليس في يدي ما يدفعني الى التفاؤل ولا أرى شيئاً إيجابياً»،مؤكداً مضيّه بعقد جلسة تشاور حول التأخر بتشكيل الحكومة بعدما التأم مجلس النواب الجديد امس في أول جلسة عمل له وأنجز «مطبخه التشريعي» وفق توازنات لم تحمل مفاجآت، وهي الجلسة التي طغى عليها انفجار الخلاف بين حركة «امل» بزعامة بري والنائب جميل السيد القريب من «حزب الله» والذي عقد مؤتمراً صحافياً في مقرّ البرلمان وصوّب فيه على أحد القريبين من بري في دائرته الضيّقة ما استدعى ردوداً نارية عليه. 

الراي

  • شارك الخبر