hit counter script

أخبار إقليمية ودولية

تعيين امرأة مسلمة مديرة لمعمل خمر في دمشق يشعل الجدل في الشارع السوري

الجمعة ١٥ تموز ٢٠١٨ - 08:23

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ما أن أصدر وزير الصناعة السوري قرارا بتعيين السيدة، ريم حلله لي، مديرا لشركة "بردى لصناعة البيرة" في دمشق، حتى اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي موجة عارمة من الأخذ والرد.

لم تتوقف "المفارقة" التي عادة ما تكون شرطا لإثارة الآراء المتباينة عند الجانب الشخصي للمديرة الجديدة لكونها ترتدي الحجاب الإسلامي، وما يعنيه الأمر من نظرة خاصة للبيرة كمشروب روحي يحوي نسبة معينة من الكحول، بل تجاوز ذلك إلى المعمل الذي تم إحراقه في 2012 وتدمير خطوط إنتاجه بالكامل ليخرج بعدها نهائيا من الخدمة، وذلك بعد مهاجمته على أيدي مجموعات متطرفة في منطقة قدسيا بريف دمشق الغربي، بذريعة "تحريم المشروبات الروحية".

هذه المفارقة الشكلية، استدرجت ردود فعل متباينة حيال قرار وزارة الصناعة بتعيين السيدة، حلله لي، في سدة إدارة المعمل وهي المحجبة، وما يعنيه ذلك — بطبيعة الحال — بنظرتها إلى البيرة كـ"حرام" انسجاما مع تعاليم الشريعة الإسلامية.

لربما كانت "حلله لي" غاية في الانسجام الوظيفي حين فصلت بطريقة مؤسسية بين حياتها الشخصية كسيدة مسلمة وبين عملها كمديرة لمصنع مشروب كحولي.

وفي تعليقها على القرار عبر صفحة "أخبار الصناعة السورية" الناشطة عبر فيسبوك، ذكرت السيدة حلله لي أن "تكليفها بهذه المهمة ثقة غالية منحها لها وزير الصناعة"، معبرة عن أملها في أن تتمكن من صياغة (السبل المناسبة لإعادة تشغيل المعمل من خلال شراكة مع أحد المستثمرين من القطاع الخاص، والذين تقدم العديد منهم بعروض إلى المؤسسة العامة للصناعات الغذائية بهذا الشأن).

اللغة الواثقة للمديرة الجديدة لمعمل البيرة وقدرتها على الفصل بين الشخصي والمؤسسي، لم تسعف وزارة الصناعة في تجنب الموجة العاتية حول القرار، بعدما استدرج حجابها جدلا كبيرا ليرى الكثير من رواد شبكات التواصل أن القرار يجسد تناقضا في الخيارات الحكومية بين الشكل الذي يمثله الحجاب وبين المضمون المتمثل بتعيين من ترتديه مديرا لمعمل كحول، فيما ذهب آخرون إلى اعتباره عنوانا سوريا معتادا لا يفهمه غيرهم، مذكرين بالـ(إكسير) الخاص للمجتمع الشامي الذي يستطيع التعامل مع هذه التناقضات وهضمها بسهولة ضمن بوتقة التفاعل المتصالح بين العملي والشخصي.

أحد النشطاء، وهو مغترب سوري علماني الهوى، قال: "هذا القرار جريء وعلماني بالتطبيق لأنه غير معيب لامرأة محجبة استلام منصب مدير معمل بيرة، فالعبرة ليست بالحجاب، وإنما بحسن إدارة المعمل وجودة المنتج"، ورأى ضرورة لإعادة افتتاح المعمل "والاستغناء عن البيرة المستوردة"، مستدركا بالقول: "إذا أساءت إدارة المعمل أو حرّمت على شخص خبير تذوق المنتج" عندها "فلتترك المنصب لغيرها".

آخرون ذهبوا إلى تناول الفكرة بطريقة مختلفة، أحد الصحفيين قال: مع كامل احترامي للحجاب وللسيدة ريم لكن خطر ببالي سؤال.. هل ستستطيع أن تقول إن بيرة بردى أطيب بيرة في العالم وتحلف بأمها ؟!..".

ومن جانب آخر أشارت إحدى الشخصيات السياسية المعارضة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن "تعيين موظفة في وزارة الصناعة مديرا لمعمل البيرة وهي ترتدي الحجاب يعد "من أكثر القرارات التي تثبت للعالم بأن سوريا هي دولة وليس فيها محاصصة ولا كوتات لمذاهب في مناصب مع الحرص على التنوع… والدولة هي من يقرر، وعلى المسؤول أن يقوم بعمله بغض النظر عن رأيه الشخصي أو الاعتقادي.." مشيرا إلى أن "المعيار يجب أن يكون دوما الكفاءة.. " مختتما بالقول: "مبروك للسيدة ريم حلله لي ونرجو أن توفق بعملها في ترميم المعمل وإعادته إلى الإنتاج كما نرجو أن نؤسس عشرات المعامل الأخرى في كل المجالات التي يحتاجها الوطن".

بطبيعة الحال، جاءت أكثر ردود الفعل على شكل تعليقات تتناول الأمر بطريقة تهكمية على عادة السوريين، فذهب البعض إلى أن "المديرة الجديدة سوف تنتج بيرة شرعية بلا كحول على الطريقة الإسلامية".

قال آخر: "كيف بدا تعرف المديرة إذا عم ينتج المعمل بيرة وللا مي ملونة.."، فيما ذهب ثالث إلى التشكيك بنية وزير الصناعة نفسه ملمحا بالقول: "كأنو السيد الوزير قصدا حطها لانها محجبة مشان يحلل البيرة وإذا حدا ناقش حول البيرة حلال ولا حرام… بيقولو نسأل الحجة مديرة المعمل.. هزلت"، على حد قوله.

بعض التعليقات اكتفت بطرح نظرتها الكاريكاتورية للقرار، فقال أحدها: "بكرا تسمملنا البيرة".. وثان: "موبيره حيطلع لبن عيران" وقال ثالث: "كاسكن حلال" أما آخر فعلق: "الظاهر انه فعلا (لكل امرئ من اسمه نصيب) في إشارة إلى اسم المديرة (حلله لي)، قبل أن يطالب بـ"ما نرجوه من السيدة حلله لي أن تحلل لنا البيرة بكحولها لا أن تصبح البيرة خالية من الكحول ونتمنى أن تتكحل أعيننا برؤية زجاجة البيرة قريبا".

الأسواق من جهتها، تجاوبت مع القرار بطريقتها الخاصة، بعض أصحاب محال بيع المشروبات الكحولية عبروا عن فرحتهم بنية وزارة الصناعة إعادة المعمل للانتاج نظرا للطلب الخاص على البيرة الوطنية التي تعد منتجا فاخرا يستحوذ على طلب كبير.

وأكد هؤلاء أن المنتجات الكحولية الوطنية لا زالت تحتفظ بحصتها من السوق رغم توقف معملي بيرة بردى بدمشق، وبيرة الشرق بحلب إبان انطلاق الحرب الإرهابية على سوريا، وتم الاستعاضة عنها قسريا بالبيرة المهربة من الأراضي اللبنانية، رغم افتتاح معمل وطني للبيرة بصنفيها الكحولي و"حلال".

مع ردود الفعل الشعبية الواسعة التي استدرجتها القضية، أصدرت وزارة الصناعة السورية توضيحا لملابسات القرار يغلب عليها طابع الانسحاب من الفهم الملتبس له، وأشارت خلاله إلى احتمال تغيير نشاط الشركة في إنتاج الكحوليات.

وقالت الوزارة في بيان: إشارة لما تم تداوله في بعض المواقع الإلكترونية بخصوص تكليف السيدة ريم حلله لي مديرة لشركة بيرة بردى إضافة إلى عملها الأصلي كمعاون مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية ومديرة تجارية في المؤسسة، نبين "أن "شركة بردى لصناعة البيرة تقع في منطقة ريف دمشق — الهامة وهي شركة متوقفة منذ بداية عام 2012 كونها تعرضت لدمار كامل من قبل العصابات الإرهابية".

وأشار التوضيح إلى أن الشركة اليوم لديها أربع عمال فقط مكلفين بحراسة ما تبقى من موجودات في الشركة، ويتم استكمال الدراسات والإجراءات اللازمة لشركة بردى لصناعة البيرة لجهة تغيير نشاط الشركة من خلال دمجها مع الشركة العامة لتعبئة المياه، أو إعادة نشاط الشركة وذلك من خلال المشاركة مع القطاع الخاص".

ونوهت الوزارة إلى أن قرار تعيين السيدة حلله لي "بهدف إلى ضغط النفقات والاستفادة من كوادر المؤسسات الصناعية والشركات العاملة بتسيير أمور الشركات المتوقفة وأسوة بما تم بالعديد من الشركات المتوقفة وعدم الحاجة لمدير متفرغ بتلك الشركات، وكون الموما إليها مكلفة كمعاون لمدير عام المؤسسة العامة للصناعات الغذائية التابعة لها شركة بيرة بردى تم تكليفها كمدير للشركة بهدف تسيير بعض الأمور الإدارية فيها مثل صرف رواتب العمال المذكورين أعلاه".

وختم توضيح الوزارة بالقول: "سيتم تكليف إدارة جديدة للشركة وتعيين عمالة مناسبة وفق الأنظمة والقوانين النافذة لذلك حين البدء بإحدى المشاريع المذكورة أعلاه".

  • شارك الخبر