hit counter script

الحدث - مروى غاوي

الخطة الأمنيّة في البقاع... وحدها هيبة الجيش تكفي

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

قيل الكثير عن الخطة الأمنيّة البقاعيّة قبل أن تبدأ، وحُمِّلَت أكثر ممّا تحتمل في حروب السياسيّين والمواجهات، فجرى تصنيف البقاع منطقة سائبة أمنياً ومتروكة، وتحوّلت جرودها وسهولها إلى مخابئ للطفّار والفارين، واعتُبِرَت القوى الأمنيّة عاجزة عن التدخّل والحسم، وبُثّت شائعات كثيرة حول دور الجيش اللبناني وعجز القوى الأمنيّة.
تمّ التعامل مع هذه التسريبات أمنياً بمنطق عدم الرد، إذ آثرت قيادة الجيش الصمت والتعاطي مع بعض وسائل الإعلام بشكل مدروس جداً وبإسهاب بواسطة مديريّة التوجيه في قيادة الجيش، مع حرصها على عدم الرد وجرّ المؤسّسة إلى السجالات السياسيّة. وفي الغضون، شهدت وزارة الدفاع اجتماعات ووُضعت دراسة معمّقة لكيفيّة تنفيذ الخطة الأمنيّة بما يكفل نجاحها الكامل. وقد ناقشت القيادة في اليرزة الخطط الأمنيّة السابقة وقارنتها بالخطة الحاليّة قبل تحديد ساعة الصفر، خصوصاً وأنّ الخطط السابقة كانت أخفقت في تحقيق أهدافها.
وهكذا أتت الخطة، التي بدأت يوم الجمعة الماضي، كاملة العناصر والجهوزيّة، ولم ينشر الجيش كل عناصره وضباطه وألويته في البقاع، إنّما اكتفى بما يلزم من العتاد والعديد ولم يتم الإعلان عن تفاصيل الخطة أو ساعة الصفر لانطلاقها، بل جرى التعتيم عليها وإحاطتها بالسريّة، ووُضِعَت العناصر الأمنيّة بحالة الجهوزيّة والتأهّب وتمّ تسيير دوريات وإقامة حواجز "طيارة" وتنفيذ مذكّرات القبض بحقّ المطلوبين.
تختلف الخطة الحاليّة عن سابقاتها من نواحٍ عدّة، فثمّة قرار من قيادة الجيش بمواصلتها حتى النهاية وتوقيف كل المطلوبين وليس هناك أيّ سقف أو غطاء على أحد. من دون شك فإنّ القضاء على تنظيمي "داعش" و"النصرة" مع الإرهابيّين الآخرين الذين سكنوا في المنطقة وتغلغلوا فيها يُعطي دفعاً أقوى في ظل الاستقرار الأمني في منطقة البقاع ولبنان عموماً.
يقول المطّلعون على مسار الخطة إنّ الجيش ضاعف من تدابيره الأمنيّة من دون أنْ يكون الموضوع أشبه بعمليّة اقتحام أو هجوم على غرار العمليّات العسكريّة "فجر الجرود". فهيبة الجيش ووجوده على الأرض كفيلان بردع المخالفين وإخافتهم والحد من تحرّكهم .
وتتحفّظ قيادة الجيش على إعلان عدد المطلوبين الذين تمّ توقيفهم إذ سيتم الكشف لاحقاً عن تفاصيل العملية ونتائجها وإنْ كان تردَّدَ أنّه تمّ توقيف مطلوبين خطيرين ومتّهمين بعمليّات خطف وسرقة ومتورّطين بإشكالات أمنيّة ولا يزال الجيش مستمراً بإجراءاته في مدينة بعلبك ومنطقة الهرمل، فالخطة تستهدف مطلوبين خطيرين ومتّهمين بعمليات سلب وخطف وجرائم أخرى.
الخطة الأمنيّة في البقاع توازي بأهمّيتها عمليّات عسكريّة كبيرة قام بها الجيش وكان آخرها عمليّة "فجر الجرود" التي قَضَت على الإرهابيّين في جرود عرسال والسلسلة الشرقيّة وسَجَّل بها الجيش اللبناني إنجازاً عجزت عنه جيوش كثيرة أكبر في المنطقة لدى تصديها للإرهابيّين ومحاربتهم.
العمليّة أتت متأخّرة لكن البقاع الذي شهد تطوّرات أمنيّة خطيرة في الآونة الأخيرة لم يكن متروكاً، وليس صحيحاً أنّ القوى الأمنيّة تعرّضت لضغوط. فالعمل الأمني كان قائماً والمتابعة دقيقة. لكنّ الجيش لا يكشف عن إنجازاته وخطواته، وتملك الأجهزة الأمنيّة داتا خاصة بكل المخالفين والمتورّطين قي المنطقة، ولديها قوائم طويلة بأسماء مطلوبين ومسبّبي المشاكل ومدبّري الكمائن المسلّحة والشبكات التي تخطف المدنيّين وعصابات سرقة السيّارات.
وقد تضاعفت في الفترة الأخيرة المخالفات والارتكابات وتزايدت وتيرتها بفعل النزوح السوري والمشاكل الاجتماعية التي تُعتَبَر المسبّب الرئيسي لتنامي الحوادث وتكاثرها وقد أصبح أبناء المنطقة وعشائرها ضحايا للخارجين عن القانون الذين يُنَصِّبون أنفسهم على أنّهم دولة قائمة بذاتها، ويطبّقون قوانينهم وأعرافهم الخاصة.
ساعة الحسم أمنياً بدأت قبل أيّام، وعلى ما يبدو ألا تراجع في هذا الصدد قبل إعادة الوضع إلى سياقه الطبيعي ويصبح البقاع منطقة شبيهة بأي بقعة أخرى في لبنان، بعيداً عن حكم الخارجين عن القانون. وما يساعد على ذلك هو أنّ القرار السياسي واضح هذه المرّة وأنّ المرجعيّات السياسية والحزبية في المنطقة تنصّلت من الفئات الضالة والمسيئة لمجتمعها.
 

  • شارك الخبر