hit counter script

الحدث - مروى غاوي

بين "الإشتراكي" و"التيّار"... أضرار سياسيّة بالجملة

الأربعاء ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

تعمّد رئيس "الحزب التقدّمي الإشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط تفجير القنبلة التي خبّأها منذ زمن الانتخابات لينزع فتيلها اليوم في توقيت حسّاس إنّما مقصود عشيّة تأليف الحكومة وما يدور في كواليس الطبّاخين من تسويات، فاختار "عن بعد" أن يُفجّر ما عجز عن فعله من مسافة قريبة، مختاراً بعناية أهدافه بعد أنْ أجرى مسحاً شاملاً لكل حساباته ولقاءاته السياسيّة، فزار المملكة العربيّة السعودية مرتّباً الوضعيّة لنجله تيمور وفاتحاً له أبواب المملكة التي أوصِدَت في السنوات الثلاث الماضية.

ومن النروج التي قصدها البيك للسياحة و"عن بعد" وزّع صورة عائليّة وتغريدات تهكّمية طالت الجميع وأسوأ ما فيها أنّها سمّت العهد ونعتته بالفاشل في جرأة فاقت التوقّعات، ليس بسبب اللغة التي استخدمها جنبلاط، فهو عادة لا يضبط عباراته، بل لأنّه بتجرُّئِه على العهد نَسَفَ كل الجسور التي شيدت بينهما من مرحلة التسوية الرئاسيّة وما سبقها وتلاها. فقد كان قد التزم بالأدبيات السياسيّة والتفاهمات التي قامت مع الرئاسة من وقتها إلى اليوم فيما كانت الجبهات تشتعل وتنطفئ دائماً بين المختارة والعونيّين في كل الاستحقاقات لكنها لم تتخطّى أبداً حدود رئيس "التيّار الوطني الحر" جبران باسيل والوزراء العونيّين، بل كان التصويب يحصل بين "الإشتراكي" و"التيّار" داخل مجلس الوزراء في شأن الملفات والقضايا الساخنة من دون أنْ تصل الأمور إلى عتبة القصر الجمهوري وجوار الرئيس.
الغوص في الأهداف الجنبلاطيّة ليس جوهر القضيّة، فجنبلاط فعلها لأسباب عدّة ولتحقيق هدف معيّن أطاح بكل الخطوط التي أقامها حماية لعلاقته مع رئيس الجمهوريّة،هو من دون شك ليس الخلاف الأوّل ولن يكون الأخير في سياق العلاقة المترنّحة دائماً والتي تشهد "طلعات ونزلات" بين ميشال عون قبل أنْ يُصبِحَ رئيساً وبعد ذلك مع الزعيم الدرزي.
وعليه ثمة من يعتبر أنّ البيك كان يُجهّز العبوة لنسف علاقته بالرئاسة من فترة طويلة، كان يمكن أنْ يحصل التفجير في الانتخابات لكن الزعيم الدرزي كان حريصاً على عدم تعريض أمن الجبل لأيّ اهتزاز أو خضّة في ظل التجييش الذي كان سائداً في الجبل بين العونيّين والاشتراكيّين بعدما ذهب التصعيد الذي مارسه رئيس "التيّار" إلى أبعد مداه ضد "الاشتراكي". ولكن جنبلاط كان يحرص على تأمين العبور الآمن لنجله تيمور إلى الزعامة من دون أيّة مفاجآت.
الكيمياء دائماً مفقودة بين البيك والرئيس وعبثاً حاول جنبلاط إخفاء ما يُضمِرُهُ تاريخياً من كرهه للعسكر إلى العونيّة السياسيّة التي لا ينسجم معها رغم أنّه كان أوّل من وقّع على ورقة التفاهمات والتسوية الرئاسيّة التي أوصلت عون إلى بعبدا. فالعلاقة دائماً متوتّرة وزادتها الانتخابات توتيراً عندما أتى من هدّد وليد جنبلاط بمصادرة المقاعد المسيحيّة وتحريرها من هيمنته، فيومها شعر زعيم المختارة بأنّ هناك من يسعى لاقتحام منطقته الجبليّة والعرين السياسي الذي شيّده منذ سنوات الحرب في الجبل. وليس سراً أنّ الوزير باسيل سبّب الكثير من الإزعاج لجنبلاط وحرمه من أن يهنأ طيلة فترة الانتخابات، ولم يتوقّف التحدي العوني عند حاجز الانتخابات بل وصل الأمر أخيراً إلى إبراز ورقة توزير رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان في وجه جنبلاط بدعم عوني فاضح للمير لا تراجع عنه، ممّا أخرج زعيم المختارة عن طوره إذ إنّ "الإشتراكي" يعتبر أنّ "التيّار" بات يتدخّل في شؤون الطائفة والدروز والجبل .
ورغم أنّ الهدنة سلكت طريقها إلى المعالجة لوقف السجالات لكن القلوب لا يمكن أنْ تصفى بسرعة بين الطرفين، ويمكن أنْ يتكرّر الاحتكاك في أيّ وقت. فبالنسبة إلى "الاشتراكي" الأمور تفاقمت كثيراً ولم يعد يجوز السكوت عنها، والحزب حاول الفصل بين "التيّار" والعهد وتمييز الأخير قبل أنْ يتبيّن أنّ التطابق بينهما حاصل في كل المسائل وأنّ العهد يغطي تجاوزات رئيس "التيّار" جبران باسيل. وبالنسبة إلى "التيّار" فإنّ جنبلاط لم يستوعب نتائج الانتخابات هو الذي تجرّع كأس النسبيّة مما أدّى إلى حصول "التيّار" على حصّة مسيحيّة كانت من ضمن احتكاره، فضلاً عن أنّه يشعر بفقدانه لأوراقه الرابحة وللتماهي الحاصل بين العهد ورئيس الحكومة ودخوله في العُزلة السياسيّة، بعدما كان الآمر والناهي في العديد من الملفّات على الساحة السياسيّة.

  • شارك الخبر