hit counter script

أخبار محليّة

... "كنوز لبنان المخفية"!

الثلاثاء ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يبرز الخبير الهندسي والبيئي المتابع لأكثر من ملف في نقابة المهندسين في بيروت راشد سركيس، خطة علمية موضوعية شاملة لاستثمار "كنوز لبنان المخفية" من خلال التخطيط السليم ومبادئه العامة والعناصر المؤثرة فيه. وقد استهل هذه الخطة التي تلقي جريدة "المستقبل" الضوء عليها بمقدمة جاء فيها: «يمكن للإنسان أن يعيش في كوخ، في خيمة، في غرفة أو في بيت أو إذا أراد في مكان أكثر اتساعاً، ويوجد في الحياة من يعيش في كل قياس، حسب الإمكانيات والقناعة.. ولكن عندما يريد الإنسان أن يتسلل إلى الحياة الأكثر كثافة، ويقبل الانزلاق في إقامة عمودية، فعليه تحمل شروط تُفرض عليه بل تَفرض عليه إعادة النظر العميق في التركيبة التي تضغطه بهذا الاكتظاظ». تضيف المقدمة: «يُفتَرَض في التخطيط السليم أخذ كل العوامل بالاعتبار فلا يمكننا التفكير باتجاه واحد دون الآخر، او حتى في اتجاهين دون البعد الثالث، فتتداخل أكثر مما نتصوره من أبعاد في التخطيط العام، ويجب علينا أخذها بالحسبان بشكل عميق. لكي نبني وطناً، علينا البدء من البنية التحتية والتفكير في مكونات حياة المواطن بدءاً من السكن بشكل لائق ومنظم وموزع في كل المناطق بشكل عادل مع توفير سبل الراحة والأمان إلى جانب تأمين سهولة الحركة والتنقل الآمن مع توفير في الطاقة المستخدمة في كل مجال باستدامة وتكلفة مقبولة».

ويرى سركيس أن التخطيط السليم يرتكز على وضع مبادئ عامة تضبط ايقاع الحياة بشكل كامل، مستندة الى:

أولاً: الوقت: يُشكل الوقت أهم عناصر الحياة، عبر التاريخ وحتى أيامنا الراهنة. وإذا اردنا التزام تخطيط سليم، وبعد تحديد وقت العمل، ضمن معايير معينة، وجب علينا التفكير الجدي في تحديد الوقت اللازم للوصول والعودة، إلى العمل ومنه. كما يجب إعادة النظر في وقت العمل الأفضل لتحقيق أعلى قدر من الإنتاج. في حين ينبغي أن تأخذ الطاقة الحيز الكافي لأفضل توقيت لاستهلاكها توفيراً لانتاج أكثر نظافة بيئياً. والانتاج، هنا، لا يعني بالطبع حجم الكميات من المواد الخالصة أو المصنعة، إنما المردود الحقيقي (Productivity). ويجب التفكير في خطط ذات مهل لكي ننقل الوطن والمواطن من حالة إلى حالة أخرى خلال عشر سنين مثلاً والتحول إلى المستوى الجديد المقصود من الأداء الراقي. وتُدار المرحلة الانتقالية بكل حكمة وتجعل التحولات سهلة وبناءة.

ثانياً: التخطيط القديم وموجوداته: لم يتسنَ للناس أن تأخذ الوقت الكافي لتقويم واقعها وإعادة النظر في ما يجب تطويره أو تحسينه، فتنامت التعقيدات وتزايدت بشكل صار معها يصعب الحل، مما فرض استحداث نمط جديد، بل وابتكار خط بحثي عميق يدعّم بقايا الهيكل قبل سقوطه.

ثالثاً: التخطيط الحديث ومرتكزاته:

- الانطلاق من القواعد التي تبرهنت على مدى الأيام، وعدم إهمال أي عنصر من عناصر التكوين السليم لمجتمع ناجح، ينحو به إلى بيئة حاضنة تؤمن المعايير اللازمة لحرية الحركة والتمايز الفني والتقني الخلاق.

- المبادئ الأساسية التي تغطي كل الاتجاهات:

* حرية الحركة لكل إنسان ومواطن بشكل يسمح له الوصول إلى أي هدف من دون أي معوقات وبكلفة موضوعية.

* التزام كل إنسان ومواطن بالأدب والأصول التي ترعى حركته، لكي يتماهى في كل شيء مع التخطيط السليم.

* خلق حيز كافي من الحركة - الفوضوية - المنضبطة - تسمح للحياة بأن تكتمل من دون الشعور بالقيود الجامدة، ومن دون التفلت خارج الأصول حتى لا تتحول الحرية إلى فوضى تؤسس لخراب جديد يشبه ما كان عليه الواقع السابق.

رابعاً: العناصر المؤثرة في التخطيط:

أ - العنصر الأول هو الإنسان وراحته وإنتاجيته.

ب - البنية التحتية السهلة، العملية والديناميكية، المركبة بشكل يمكن معها الزيادة أو التطوير من دون الحاجة إلى تغيير أي شيء من الموجود، إلا إضافة بسيطة تنقل الأمر إلى الأمام.

ج - السكن: ينبغي تأمين سكن لائق لكل مواطن، ضمن مساحات متواضعة تؤمن كل الحاجات الأساسية للحماية البيتية.

د - الطرق: يجب استحداث شبكة طرق معتدلة، تؤمن الوصول إلى كل سكن من دون أي معوقات.

هـ - النقل: سياسات متفاوتة، تبدأ من المنزل أو المسكن، وتوفر كل أنواع الحركة ذهاباً واياباً، وتحقق كل الغايات التي يتحرك لأجلها الإنسان. بما فيها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية والدراسية والرياضية والترفيهية.

و - العمل: يجب وضع خطط توزع أنواع الانتاج في المناطق، عبر التحفيز والتشجيع، توفيراً لفرص متساوية لكل المواطنين فيتحركوا بشكل متشابه وبكلفة متعادلة للوصول إلى أعمالهم وينتجوا ويبنوا مجتماعتهم من دون تكبد عناء تنقل غير منطقي.

خامساً: نتائج العمل السليم:

أ - توفير الراحة القصوى للإنسان والحالة الأكثر استقراراً للتفكير السليم والمبادرة الحكيمة والمثابرة الرائدة.

ب - توفير الوقت في التطبيق العملي، وتلافي كل أنواع الهدر، على المستويين العام والخاص في التنقل والعمل والانتاج.

ج - توفير تقنيات اختصار الزمن، عبر شبكة طرق متطورة، تقصر المسافات بين المناطق وتساعد على تنميتها محلياً.

د - تحفيز المجتمعات الموزعة على المناطق على المنافسة في تقديم الخدمات وتطويرها بشكل علمي وموضوعي وأكثر انفتاحاً.

هـ - الاستفادة القصوى من التخطيط الهادف الذي لا يترك أياً من مقومات الحياة إلا ويراعيها، بدءاً من حياة الإنسان بكل مكوناتها وصولاً إلى أصغر تفصيل مروراً بكل ما يحتاج إليه المواطن من خدمات.

النقل والتنقل

عن الموضوع الأكثر إلحاحاً أي النقل والتنقل، يقول سركيس «النقل والتنقل - قصة حياة - إذ لم يعد للإنسان من طريقة للعيش من دون الحركة، فالتنقل تحول إلى حاجة أساسية للاستمرار وبالتالي لا يمكن التخطيط من دون إعطاء أولوية موصوفة لهذا القطاع». ويضيف «طرحنا سيكون مفاجئاً للبعض لأننا نفكر بمنهجية التطوير الحقيقي من خلال الانتقال من العادات الموروثة».

وهو يرى أنه للوصول إلى إنتاج اقتصادي اجتماعي فائق، يجب معالجة الآتي:

1– إزالة كل ما يعيق الوصول إلى حالة جديدة توفر للإنسان أفضل الفرص في عمله، وتبدأ النتائج بالتراكم لتعكس واقع حياة جديد معه تتفاعل كل الظروف المحيطة.

2– من الإنسان نبدأ إلى محيطه الأقرب فالقريب، فتتراكم المعطيات وتتبلور الحاجات فيرقى التخطيط إلى أنماط تفاعلية تنتج نمواً متسارعاً إنما ينحو إلى الاستقرار في مقاربة الواقع الجديد من حيث مطابقة المعايير وتحويل الحياة إلى واقع صحي وبناء وصحيح.

3– يجب خلق إطار استيعابي لكل الفوضى التي واكبت تطور حياتنا في سباق مع الزمن، لكي نعود إلى واقع أكثر استقراراً ومنطقية وهدوء.

4– لا يمكن الاستهانة أبداً بالنتائج الصحية والعقلية التي تؤثر على الإنسان عندما يعيش في واقع مضغوط لا يمكن فيه التنفس من دون همّ أو التحرك من دون معوقات أو الحياة من دون ضغوط.

5– أياً كان الإنسان فهو مفيد لمجتمعه، وهو عنصر بنّاء وعضو منتج في دورة الحياة، والإنتاج ليس بالضرورة مادياً، فلكل دوره وعمله وإنتاجيته وأفضل ما تصل إليه الشعوب يتلخص في توزيع الأدوار بالعدل والعلم والاستفادة القصوى من كل موهبة في موقعها.

6– حان الوقت في لبنان للانتفاض على الفشل، وطرد عيوب الفقر والتقوقع، صار لازماً علينا أن نتوجه إلى رجال يكونون بالحق رجالاً في العلم والمعرفة العادلة، واللجوء إلى توزيع جديد للوظائف.

7– الصرخة المدوية تبقى أن نحترم الإنسان في كل مكان، ونعيره الاهتمام الكافي والوافي لكي ينتقل إلى استقرار في حياته لأن في ذلك نعيد الأمل والبسمة إلى المواطن ولو كانت في الحياة تعقيدات مختلفة إنما هناك أسس وقواعد ترفع عن كاهله الكثير من الاثقال إذا ما عرفنا كيف نخطط في المدينة حركة مسؤولة وتنظيماً عاماُ ينضبط ضمنه الجميع.

8– الانكباب في ورشة وطنية حقيقية تُخرج قانون سلامة الإنسان، وتتفرع عنها مراسيم تطبيقية في كل مجالات الحياة، فليكن ما يكون في كل ما يجب حذفه، وليكن ما يكون في كل ما يجب وضعه جديداً لتنحو الحياة إلى أعلى قدر من الرقي. ولنكن نموذج للعالم، بل وقدوة، ولما لا.
باسم سعد - المستقبل

  • شارك الخبر