hit counter script

الحدث - مروى غاوي

السجالات الداخلية عنوان لاستمرار التعقيدات أمام ولادة الحكومة

الإثنين ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:11

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

ساهمت السجالات السياسيّة والاشتباكات التي حصلت في تأخير الاتّصالات بشأن ولادة الحكومة، وبدلاً من أنْ يركّز الرئيس المكلّف سعد الحريري جهوده لتسريع الولادة وإزالة العِقَد فإنّه خصَّص جزءاً من أولوياته لمعالجة الاشتباك بين "الحزب التقدّمي الإشتراكي" و"التيّار الوطني الحر" والعَهْد، ولمتابعة تداعيات مرسوم التجنيس والخلاف مع "مفوّضية اللاجئين" التابعة للأمم المتّحدة. لكنّ المعارك التي اندلعت على الجبهات الداخلية لم تُثنِ الرئيس المكلّف عن مهمة البحث عن مخارج لأزمة التأليف. وعلى الرغم من أنّ خلاف القيادات السياسيّة انتقل من العِقَد الحكوميّة إلى ملفّات أخرى، فإنّ الأولوية ستكون لإطلاق البحث الجدّي في التشكيلة الحكوميّة كونه لم يعد هناك متّسع كبير من الوقت للمناورات السياسيّة .

وحتى اللحظة لم يرشح أيّ تطوّر يوحي بحلحلة العِقَد جميعها حيث تبدو كلّ عِقدَة أصعب من الأخرى. عملياً وفي الظاهر يمكن أنْ تكون العقدة المسيحيّة الأبرز، وثمّة من يعتبر أنّ الصراع الأكبر يدور على الحصّة المسيحيّة بين "التيّار" و"القوّات اللبنانيّة"، بعد أنْ صار واضحاً أنّ الفريقين المسيحيّين يعيشان مداً وجزراً في شأن الحِصَص عدا الخلاف المسيحي والتباين الحاصل حول مرسوم التجنيس و"مفوّضية اللاجئين" وطريقة مقاربة ملف النازحين. فقد كَبُرَ حجم "القوّات" النيابي كثيراً بعد الانتخابات الأخيرة ممّا يعني حتماً زيادة حصتها في الحكومة. وحتى الساعة لم يتم تحديد عدد الوزراء الذي سيُعطى لـ"القوّات"، فيما أصبح مؤكّداً أنّها لن تحصل على حقيبة سياديّة وربّما أيضاً على منصب نائب رئيس الحكومة إلا إذا وقعت مفاجأة ما.
في المقابل، زاد عدد نوّاب "التيّار الوطني الحر" أيضاً ويطالب بحصّة خاصة للرئيس إلى جانب حصّته ولم يُعرَف بعد كيف سيتم توزيع الحِصَص بينهما بعد في تشكيلة الحريري الجديدة.
حتى الساعة لا يُبدي "التيّار" حماسة أو رغبة لإعطاء "القوّات" من كيسه الوزاري، وقد سبق لقيادات "التيّار" أنْ طَرَحَت معادلة مفادها أنّ حجم "القوّات" في حكومة تصريف الأعمال الحاليّة هو أكبر من حجمها التمثيلي الحقيقي حكومياً، مما يعني أنّ "القوّات" لن تحصل على أكثر من ثلاث وزارات وهذا يؤدّي حتماً إلى توسيع حصّة "التيّار" في الحكومة عمّا كانت عليه سابقاً.
ويمكن أيضاً قراءة ما يقوله "التيّار" بأنّ تشكيل الحكومة ليس متّفقاً عليه مسبقاً مع "القوّات" تماماً كما جرى في الانتخابات، في الوقت الذي عَمَدَت فيه "القوّات" على التلويح بورقة من دفتر "تفاهم معراب" تحتفظ بها حتى يحين الوقت المناسب لإعلانها.
حلّ العقدة المسيحيّة يمكن أنْ يكون مفاجأة أيّ لحظة برأي الفريقين، لاسيّما عند قيام مبادرة سواء من "التيّار" تجاه "القوّات" أو العكس. لكنّ ذلك يبقى مرتبطاً بتنازلات من قبل "التيّار" لا يبدو أنّها متوفّرة بعد، فتكتّل "لبنان القوي" يَعتَبِرُ نفسه "أم الصبي" وطرفاً أساسياً ومقرِّراً في تشكيل الحكومة، ويتبيّن من تطلّعات "التيّار" أنّه اختار أفضل الوزارات انطلاقاً من حجمه النيابي وبأنّه التكتّل الداعم للعَهد.
وسط هذه الأجواء سيكون على رئيس الحكومة تخطّي العقبات وحلحلة العِقَد، والمفارقة أنّ العِقَد تأتي من حليفه البرتقالي الذي يريد من خلال تكتّله القوي أنْ يستأثر بالحصّة الأكبر في الحكومة. وتبقى كذلك العقد الأخرى المتمثّلة بالتمثيل السنّي والدرزي بعدما بَلَغَ الصراع "الاشتراكي" و"العوني" أعلى مستوياته، لاسيّما أنّه يشاع بأنّ عِقدَة توزير المير طلال أرسلان هي السبب الرئيس في مواجهة رئيس الحزب "الاشتراكي" وليد جنبلاط العهد وتحديداً عبر تغريدته الأخيرة لأنّ جنبلاط يطالب بالحصة الدرزيّة الكاملة لأنّه فاز بمقاعد سبعة نوّاب من أصل ثمانية للدروز، فيما يبدو أنّ ثمة من يعمل على منح أرسلان حقيبة الدفاع الأمر الذي يفوق القدرة الاستيعابية للزعيم الإشتراكي.
أما العِقدَة السنّية فهي عِقدَة العِقَد، فالرئيس المكلّف يرفض إعطاء حصّة لفريق "8 آذار"، وسبق وأبلغ من راجعه في موضوع التمثيل السنّي أنّه يرفض نماذج النائبين عبد الرحيم مراد وأسامة سعد وبعض الشخصيّات التي لها "بروفيل سوري"، فيما تبرز عقدة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتربّع على رأس كتلة نيابيّة، في وقت يُرجّح معه أنْ يكون النائب فيصل كرامي الحل الأقرب إلى منطق الحريري إذا اقتضت التسويات والضرب والجمع والاختزال حكومياً ذلك.
وعليه فإنّه إما أنْ تزول التعقيدات بسحر ساحر وقدُرَةُ الرئيس المكلّف على تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر بتسهيلٍ أيضاً من القوى السياسيّة، فتصدر التشكيلة هذا الأسبوع، أو أنْ تدخل في مدار التأجيل، فتطول مدّة التأليف كثيراً وحتى أواخر الصيف. بحسب المعنيّين بالموضوع الحكومي فإنّ ثمّة قراراً إقليمياً بالمحافظة على الاستقرار ومنع انهيار تكليف الحريري. وكذلك فإنّ رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، الذي يتطلّع باهتمام إلى الحكومة المنوي تشكيلها على أنّها حكومة العهد الأولى، لن يقبل بأيّ تشكيلة حكوميّة، إنّما يريدها حكومةً قويّةً ومتماسكةً قادرةً على إدارة الملفّات الخلافيّة والحسّاسة.

  • شارك الخبر