hit counter script
شريط الأحداث

الحدث - مروى غاوي

الحريري "داعس بنزين"... فهل تولد الحكومة قريباً؟

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:04

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إذا كان الرئيس المكلّف سعد الحريري يصف حاله في عمليّة التأليف بأنّه "داعس بنزين" حتى أقصى سرعة، ورئيس المجلس النيابي يردّد "نريد الحكومة أمس قبل اليوم"، وكل الأحزاب والتيارات السياسية تريد إنجاز التأليف، فهل تولد حكومة العهد الثانية عمّا قريب أم أنّ ما يَصدُر مجرّد كلام لإشاعة الطمأنينة السياسية لا أكثر وترييح الوضع الداخلي.

ولكن ما الذي يعيق أصلاً التأليف حتى اللحظة؟ بحسب أوساط مطّلعة على مسار التأليف فإنّ عمليّة التأليف تسير بظروف أفضل من بداية انطلاقة البحث في التشكيلة الحكوميّة، ويجري العمل حالياً على فكفكة العقد وإزالة الألغام من طريق التأليف وهي عمليّة ليست سهلة وتستلزم بعض الوقت، لكنّ المؤشّرات تشير إلى نوايا جدّية من قبل كل الأفرقاء بالتعاون مع الرئيس المكلّف وتليين المواقف لإنجاز الحكومة بأسرع وقت ممكن.
بات لدى الحريري تقريباً رسماً تشبيهياً أوّلياً للحكومة، سعى فيه إلى إرضاء الجميع وفق الممكن وإلى إقامة توازن بين مطالب الأفرقاء وحتميّة التأليف. والواضح أنّه رغم أنّ المشاورات قطعت شوطاً طويلاً إنّما بقيت هنا بعض العقد بالتأكيد، ولكن كل الأطراف راغبة بتسهيل المهمّة، وعليه سيتم تنشيط الاتصالات بعد عودة الحريري من موسكو، حيث يشارك في افتتاح "مونديال" كرة القدم، لإنجاز الطبخة الحكوميّة.
وعملياً يمكن الركون إلى حصول تقدّم في مسار التأليف بالاستناد إلى الوقائع الآتية:
ثمة حلول تلوح في الأفق، ففي العقدة المسيحيّة بدايةً المتمثّلة بصراع الحصص بين "القوات اللبنانيّة" و"التيّار الوطني الحر"، والتي اشتدت قبل فترة، يبدو أنّها في صدد الوصول إلى حل عملي، ويدعم ذلك الخطاب السياسي المختلف لرئيس التيّار الوزير جبران باسيل مقابل خطاب التعبئة والمواجهة الذي كان يعتمده في الآونة الأخيرة. ومن الجهة المقابلة، هناك تراجع قواتي عن الشروط العالية ودوزنتها قريباً. فالقوات يمكن ان تتنازل عن شرط الحصول على حقيبة سياديّة ومَنصِب نائب رئيس الحكومة مقابل حصولها على أربعة حقائب وهذا يعتبر بمثابة المخرج الملائم لمشكلتها مع التيار على قاعدة لا غالب ولا مغلوب خصوصاً أنّ القوات يحق لها وفق قاعدة التوزير المعتمدة بأربعة وزراء. أما بالنسبة للعقدة السنّية، فإنّ مفتاح حلّها بيد الحريري نفسه الذي يملك لها الوصفة السحريّة لكنّه يحتفظ بها، على ما يبدو، حتى آخر لحظات ولادة الحكومة؛ في حين أنّ العقدة الدرزيّة المتمثّلة بتمسّك الحزب التقدّمي الاشتراكي بالمقاعد الثلاثة فإنّ حلّها لن يكون مستحيلاً والصيغ اللازمة موجودة.
وتشمل عمليّة تبريد الأجواء بين الأطراف بعد السخونة السياسية التي سادت أجواء الانتخابات النيابيّة، كل من لقاء باسيل والأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله تحت عنوان إعادة إحياء التفاهمات وإزالة رواسب الانتخابات؛ وتواصل التيار والاشتراكي، ورئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط و"حزب الله"، إضافة إلى محاولات تقريب المسافة بين "تيّار المردة" و"التيار الوطني الحر".
يضاف إلى ذلك، أنّ هناك نوايا جدّية لدى كل الأطراف المحليين بالتفاهم في موضوع التأليف وعدم عرقلة انطلاقة العهد أو التأثير على الوضعين الاقتصادي والمالي سلباً. فأيّ خضة حكوميّة ستؤدي إلى المزيد من التراجع الاقتصادي وربما إلى حدوث هزّات تطال القطاع المالي. ومثلما تجاوز الداخل قطوع مرسوم التجنيس فالعمل جار على تسهيل ولادة الحكومة، وهذا التسهيل حاصل من قبل المجتمع الدولي عبر تخفيض الشروط الأميركيّة والحرص الدولي على الاستقرار الأمني والسياسي اللبناني من جهة، وكذلك من قبل المملكة العربيّة السعوديّة أيضاً التي لم تضع فيتوات، إنّما، وعلى العكس، فإنّ الرياض عملت في الآونة الأخيرة على ترتيب جديد للعلاقة بين حلفائها ومع خصومها أيضاً.
ويبدو أنّ الاتفاق على الحصص قد قطع أشواطاً كثيرة ويبقى الاتفاق على نوعيّة الحقائب وتوزيعها. وعلى ما يبدو أنّ ثمة توجّهاً لإبقاء القديم على قدمه في موضوع الحقائب السياديّة ضمن الطوائف بحيث تبقى المال من حصة الثنائي الشيعي والداخلية لـ"تيّار المستقبل"، والخارجية والمغتربين من حصّة "التيّار الوطني الحر"، والدفاع من حصّة رئيس الجمهورية. ويبقى الخلاف قائماً بشأن الحقائب الخدماتية من الطاقة والأشغال والصحة والتربية لأنّها من الحقائب الدسمة التي تستخدم في أوجه عدّة وفي كل الاستحقاقات، وتعود برصيد شعبي وخدماتي لشاغليها.
وعلى الأرجح أنّ الفيتوات التي كانت توضع على حقيبة العدل لجهة حصرها بفريق 14 آذار، يبدو أنّها سقطت بعد التبدّل السياسي الذي طرأ على الساحة اللبنانيّة واختفاء ظاهرة فريقي "8 و14 آذار" وبعد مثول المتّهم السابق لدى المحكمة الدولية كشاهد أمامها وما صرّح به النائب جميل السيّد من شهادات أمام قاضي التحقيق.
لهذا كله فإنّ ولادة الحكومة قد لا تكون عسيرة وربما يحتفظ الرئيس المكلف بأوراق لن يكشفها حالياً بل إنّه سيبقى منتظراً نضوج الطبخة على نار هادئة ومعوّلاً على كل الدعم الخارجي والتسهيلات التي وُلِدَت فجأة في الداخل لإنجاز التركيبة الحكوميّة.
 

  • شارك الخبر