hit counter script

الحدث - مروى غاوي

القوات أمام خيارين "أحلاهما مر"

الجمعة ١٥ حزيران ٢٠١٨ - 06:10

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

من يستمع إلى خطاب رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال والنائب جبران باسيل أو يتتبّع مواقفه، يتأكد له المؤكد، وهو أن التيار ماض في ما قرره حكومياً بكل عزم، وأنه ليس في وارد التنازل لأحد عمّا يدّعيه لنفسه من حصة وزارية، أو السماح لحزب "القوات اللبنانية" بأن يرتقي بحصته إلى مستوى التيار. ويمكن التكهن أيضاً بأن باسيل، بإصراره على فصل حصة رئيس الجمهورية من الوزراء عن حصة تياره، يريد جرف كل المقاعد المسيحية، بحيث لا يبقى للقوى المسيحية الأخرى مجتمعة أكثر من أربع حقائب، ما قد يؤشر إلى أن أزمة توزيع الحصص المسيحية وفق الأحجام في "حكومة العهد الثانية" المنتظَرة قد تستمر وتطول، بانتظار المخارج الحكومية التي سيطرحها رئيس الحكومة بعد جوجلة لقاءاته السعودية ومع المسؤولين والقيادات المحلية من أجل فكفكة "العقدة" المسيحية المستجدّة، والتعامل كذلك مع العقد الأخرى درزياً وسنياً، قبل الدخول أخيراً في لعبة الاسماء.

إن فكفكة "العقدة" المسيحية تعني أولاً إسقاط لاءات تكتل "لبنان القوي" ("التيار الحر") في وجه تكتل "الجمهورية القوية" ("القوات")، وقوامها "لا" لإعطاء منصب نائب رئيس الحكومة إلى "القوات"، و"لا" لحيازة "القوات" أكثر من ثلاث وزارات، و"لا" كبيرة لحصول "القوات" على حقيبة سيادية.
ولأن الولوج إلى الحلول يفترض تدوير الزوايا والتفتيش عن المخارج، لم يلجأ رئيس "القوات" سمير جعجع إلى تصعيد الموقف، بل بقي مهادناً، محاولاً لملمة أوراقه وتمالُك أعصابه، كي لا يدع مجالاً لخروج الأمور عن السيطرة، مع التمسك بالمَطالب بانتظار تليين في المواقف أو إشارة ما تصدر في ختام زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى السعودية، فجعجع –كعادته- يستبق أيَّ حدث جَلَل بخطوات مدروسة، كما فعل بزيارة لم تكن عادية على رأس تكتله "الجمهورية القوية" إلى قصر بعبدا لاستشارات التكليف، على رغم أنه ليس نائباً، وكذلك اليوم يفعل، وهو -وفق أوساط مطلعة على الموقف القواتي- ليس في وارد الذهاب إلى المعارضة إطلاقاً، ولا يعتبر الأمر مطروحاً بتاتاً على أجندة "القوات"، الذي يدرك ضِيقَ هامش المناورة لديه.
وفي خلاصة التوقعات، فإن جعجع يتسلح بالتريث إلى حين اتضاح الصورة الحكومية قبل اتخاذ القرار النهائي المتعلق بقبول الحصة المتواضعة المعروضة عليه أو لا، وإن كان مرجَّحاً في أسوأ الاحوال أنه سيقبلها على زغل، فمشاركة حزب "القوات" بحجم لا يرضيه تُعتبر تحجيماً له وانتكاسة سياسية لمسيرته الحزبية، بعد أن أعدَّ العُدّةَ منذ فترة طويلة ليَخرج من الانتخابات النيابية بكتلةً مسيحية كبيرة، قريبةً في عدد نوابها الحزبيين من نواب تكتل "لبنان القوي"، وهو ما سيولِّد لدى القواتيين شعوراً بالمرارة من تصرف التيار حيالهم، فقد كان لزعيمهم سمير جعجع دور أساسي في التسوية الرئاسية التي أدخلت الرئيس ميشال عون قصر بعبدا، وهو ما يرد عليه العونيون بتكرار النغمة ذاتها التي لا تقدم ولا تؤخر، بأن تفاهم معراب هو ما تسبب بتلميع صورة "القوات" لدى المسيحيين، وأوصله إلى الحجم الذي هو عليه اليوم.
عملياً، "القوات" اليوم أمام خيارين أحلاهما "مر": الاكتفاء بالحصة الوزارية المحددة سلفاً المعروضة عليه، أو الذهاب إلى صفوف المعارضة، غير الوارد -كما أسلفنا- بعد الفوز بكتلة نيابية وازنة والتجربة الناجحة جداً وزارياً، وهو إن كان يقوّي الحزب شعبياً، إلا أن تجربة "الكتائب" بالخروج من السلطة وعواقب قراره هذا انتخابياً ليستا نموذجاً جيداً ليكرره الآخرون، كما لا يمكن جعجع أن يكون سامي الجميل رقم 2.
واذا كانت مطالبة "القوات" بتشكيلة تعكس نتائج الانتخابات لن تتحقق، فإن بإمكانه أن يكون رأس حربة المعارضة من داخل الحكومة، مع الإصرار على ان لا عودة إلى معادلة الثلاثيات الماضية والبيان الوزاري الذي يتضمن معادلة ما سُمي بـ"الجيش والشعب والمقاومة".

  • شارك الخبر