hit counter script

مجتمع مدني وثقافة

العبسي من صيدا: هي القلب والعنوان

السبت ١٥ أيار ٢٠١٨ - 16:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وصل بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الكاثوليك يوسف العبسي الى مدينة صيدا في زيارته الراعوية الاولى الى الأبرشية، حيث أقيم له استقبال شعبي ورسمي امام مبنى بلدية صيدا، في حضور النواب: بهية الحريري، ميشال موسى، وسليم خوري، ممثل النائب اسامة سعد عبد الرحمن الأنصاري، المطارنة: شكر الله نبيل الحاج، الياس كفوري، ايلي حداد، مارون العمار وادوار ضاهر.

كما حضر ممثل عن مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان الشيخ ابراهيم الديماسي، ممثل اللواء طوني صليبا العقيد بشارة حداد، ممثل محافظ الجنوب منصور ضو امين سر المحافظة نقولا بو ضاهر، رئيس بلدية صيدا محمد السعودي واعضاء المجلس البلدي ورؤساء بلديات المنطقة، عضو المجلس الأعلى للروم الكاثوليك طوني طعمة وفاعليات صيدا والجوار. وكان في استقباله فرق كشفية رفعت اللافتات المرحبة بزيارته.

وألقى العبسي كلمة قال فيها: "أحيي وأشكر أخي سيادة المطران إيلي حداد راعي أبرشية صيدا ودير القمر الموقر على دعوتي إلى زيارة هذه الأبرشية العامرة وعلى الإشراف بمحبة أخوية فائقة على برنامجها وتنظيمها. أحيي وأشكر السيد محمد السعودي رئيس بلدية صيدا المحترم على كلمته الترحيبية الحارة وعلى استقباله الودي. أحيي وأشكر سماحة المفتي سليم سوسن وسماحة المفتي محمد عسيران، والسادة المطارنة إلياس الكفوري ومارون عمار، والرؤساء والرئيسات العامين والكهنة والرهبان والراهبات، ونائبي صيدا السيدة بهية الحريري والسيد أسامة سعد، والنواب السادة ميشال موسى وعلي عسيران وزياد أسود وسليم الخوري وإبراهيم عازر، ورؤساء اتحاد البلديات ورؤساء البلديات والمخاتير، وجميع الفعاليات الحزبية والسياسية والاقتصادية والقضائية، وأولادي المؤمنين أبناء الأبرشية، على حضوركم اليوم إلى ههنا، إلى هذه الباحة التي ترمز إلى مدينتكم الجميلة الوادعة صيدا، متكبدين الحر والتعب، لاستقبالي في بوابة الجنوب، صيدا المدينة التاريخية الجامعة الفاتحة ذراعيها لجميع أبنائها".

أضاف: "حضوركم هذا المعطر بأريج محبتكم ونبل عاطفتكم وبأزاهير صيدا الطيبة وبهواء بحرها اللطيف، يبعث في قلبي البهجة والتقدير والامتنان. هذا اللقاء الذي أردتم أن نفتتح به زيارتي غني بمعانيه الوطنية والإنسانية والدينية، يضفي على الزيارة جوا صيداويا جنوبيا ويضعها في إطارها الصحيح: زيارة لجميع أبناء صيدا إذ كل واحد منا هو كل للكل. هذا اللقاء يعبر أجمل تعبير عن انتمائنا أولا إلى بلدنا لبنان الواحد، بلد الجمال لا في الطبيعة وحسب بل على الأخص في القلوب، في تلك الزهور اللبنانية النادرة التي تتفتح معا في كل صباح وتغفو معا في كل مساء على نداء الأجراس ودعاء المآذن. تلك الزهور اللبنانية التي تفتخر وتفرح وتتمتع كل واحدة منها بلون أختها وبعطرها وتسقيها من نداها وتظللها بفيئها وتحميها من عصف الرياح. أجل جمال لبنان ليس بالطبيعة ولا بالمال ولا بالأبنية ولا بما شابه ذلك، بالرغم من أهمية هذه، بل جمال لبنان النادر في التوافق والتفاهم والعيش معا لا عن غصب أو خداع بل عن رضى وصدق وقناعة".

وتابع: "هذا الجمال اللبناني الفريد ليس جمالا وحسب بل هو رسالة للعالم تعلن أن العيش معا في وطن واحد ممكن بل هو مطلوب ولو بلغ حد التحدي، ولو عكر صفوه معكر في بعض الأحيان، بسبب ضعفنا البشري، لقناعتنا بأن التنائي والتجافي لا يقودان إلا إلى الانتحار والموت إذ ينافيان إرادة الله الحي الواحد الذي يعبده الجميع. ويطيب لي في هذا الصدد أن أنقل إليكم مقطعا من الرسالة التي بعث بها الفاتيكان إلى المسلمين بداعي شهر رمضان الفضيل: "إننا إذ نعترف بما نشترك فيه ونظهر الاحترام لاختلافاتنا المشروعة يمكننا أن نرسخ بمزيد من الحزم أساسا متينا لعلاقات سلامية وأن ننتقل من المنافسة والمواجهة إلى التعاون الفعال من أجل الصالح العام. هذا مفيد بشكل خاص للمحتاجين ويمكننا جميعا من تقديم شهادة صادقة لحب الله عز وجل للبشرية جمعاء".

وقال: "أما صيدا فهي القلب في كل ذلك وهي العنوان، ليس اليوم وحسب بل منذ أن كانت، وآخر شاهد هو ما نراه اليوم من عودة بعضنا إلى بعض ولو خطوة خطوة، بعد المحنة التي مررنا بها في الأحداث اللبنانية الأخيرة في القرن الماضي. ونرجو الله أن نكمل هذه المسيرة لأننا أردناها ونريدها، ولأن الأوطان لا تبنى إلا بإرادة بنيها، ونحن قد أردنا كلنا لبنان وطنا نهائيا لنا تجمعنا المواطنة. إلا أنه في حين ننعم نحن معا بوطننا لا يزال إخوة لنا يعانون من الإسرائيليين من الظلم والقتل في غزة خصوصا ومن الظلم والتشرد في خارج فلسطين لأنهم يدافعون عن أرض ووطن يريدون أن ينعموا بهما كسائر شعوب الأرض. نناشد المجتمع الدولي وأصحاب النيات الطيبة أن يسعوا، ونحن معهم ساعون، لوضع حد لهذه المأساة الإنسانية التي تجاوز فاعلوها حدود الأخلاق والأعراف والمواثيق على مرأى ومسمع العالم كله، وإلى وضع حد للمأساة الكبرى بإنصاف الإخوة الفلسطينيين في حق العودة وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. فيما كنت أفكر بزيارة مدينتكم المتكئة في السهل المتطلعة إلى البحر شعرت بأنني أدخل إلى أعماق التاريخ وارتسم في مخيلتي ما شهدته من شعوب مرت عليها غازية ولكنها ما استطاعت أن تنال من إرادتها في الحياة، يشهد على ذلك قلعتها الصامدة. فكانت صيدا تصحو بعد كل نكبة وتنهض آبية أن تموت. واليوم إذ نشهد العمران الجميل الذي يزينها في مختلف مرافقها نهنئ أهلها ونهنئ ونشكر البلدية، رئيسا وأعضاء، على الإنجازات التي صنعوها وعلى المشاريع التي يسعون إلى إنجازها، ماشين في خط الأجداد والآباء، وندعو لهم بالنجاح والتوفيق من أجل ازدهار صيدا ورفاهيتها ورقيها. قلت القلعة الصامدة. لكن قلعة صيدا ما كانت قط لرد الغزاة وحسب بل كانت أيضا منصة للابحار في رحاب العالم ونشر الحضارات المتعددة التي توطنت فيها والتي جعلت من مواطنيها أهل الانفتاح والاعتدال وقبول التنوع، وهم الأكثر دراية بأن البحر يثور يوما ويهدأ يوما، وبأن المركب ينساب حينا ويضطرب حينا، لكن ليس من غنى لا عن هذا ولا عن ذاك إذا أردنا النجاح في خوض البحار والبلوغ إلى الطرف الآخر".

وختم العبسي: "هذه الزيارة كان مخطط لها في غير هذا الوقت. إلا أن الظروف شاءت إلا أن تكون في شهر رمضان الفضيل حيث تتعانق القلوب وتتآلف الأفكار. هي إصبع الله الحكيم العليم التي تخط الدرب وتدلنا عليه. فنشكره وندعو إليه أن يتقبل صيام عبيده وصلاتهم وزكاتهم وأن يكافئ جهادهم الروحي بغزير بركاته وأن يبلغهم راضين شاكرين إلى الفطر السعيد".

بعد الاستقبال الرسمي والشعبي الذي أقيم امام مبنى بلدية صيدا توجه العبسي مع الفاعليات التي كانت في استقباله الى كاتدرائية مار نيقولاوس للروم الكاثوليك داخل السوق التجارية سيرا، وتقدمت الموكب الفرق الكشفية على وقع أجراس الكنائس، ولدى وصوله الى الكاتدرائية ترأس قداسا في حضور النواب زياد اسود وميشال موسى وسليم خوري وعدد من فاعليات منطقة صيدا وجزين وأبناء الرعية.
 

  • شارك الخبر