hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

السعودية على تمييزها بين لبنان وحزب الله

الإثنين ١٥ أيار ٢٠١٨ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

جاء الإفطار الذي أقامتْه السفارة السعودية في بيروت على شرف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بحضور مستشار الديوان الملكي نزار العلولا ليؤكد المؤكّد حيال استمرار حرْص الرياض على استقرار لبنان والتمييز بين الدولة ومؤسساتها وبين «حزب الله» كجزءٍ من المشروع الإيراني، وذلك بعد «الغبار» الذي أَحْدَثَتْه العقوبات الأميركية - الخليجية غير المسبوقة على قيادة الحزب في سياق المواجهة المفتوحة مع طهران لوقف «تَوسُّعها» في المنطقة.
فالإفطار الذي أقيم غروب السبت وتَميَّز بلائحةٍ «منتقاة» من المدعوين طغى عليهم ما كان يُعرف بقوى «14 آذار»، تخللتْه في الشكل والمضمون سلسلة رسائل عشية انطلاق مسار تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان بعد ان يشهد بعد غد الأربعاء اكتمال نصاب ولادة برلمان 2018 - 2022 بمعاودة انتخاب زعيم حركة «أمل» نبيه بري رئيساً لمجلس النواب واختيار إيلي الفرزلي نائباً له.
ولم يكن صعباً فك «شيفرة» الإشارات التي أطلقها كل من العلولا والحريري خلال حفل الإفطار والتي قطعتْ الشك باليقين بإزاء علامات الاستفهام التي كانت طرحتْها اندفاعة العقوبات الأخيرة حول اذا كانت هذه الخطوة، التي أنهتْ التمييز بين جناح عسكري وآخر سياسي لـ «حزب الله»، تأتي في سياق إخراج الواقع اللبناني عن سكة «ربْط النزاع» مع الحزب الى فرْض حظْر على أي إشراك له في الحكومة العتيدة.
فمستشار الديوان الملكي السعودي الذي حضر الى لبنان خصيصاً لحضور الإفطار، أعلن رداً على أسئلة الصحافيين «أننا لن نتحدث قبل تشكيل الحكومة في لبنان» وقال: «فلننتظر تسمية الرئيس المكلّف الجديد و(كلّا اسبوعين انطروا)»، مؤكداً «ان لا علاقة لنا بتشكيل الحكومة فهذا شأن داخلي لبناني»، ومشيرا الى انه بعد تسمية رئيس للحكومة الجديدة سيأتي السياح الخليجيون إلى لبنان وسيكون هناك سفير للمملكة في بيروت.
وفيما كان القائم بأعمال سفارة المملكة الوزير المفوض وليد البخاري يشدد على العلاقة بين لبنان والسعودية معلناً «إنها علاقة راسخة رسوخ الأرز، وشامخة شموخ النخيل الذي يتحدى جفاف الصحراء»، موجهاً تحية لافتة الى «الرئيس كميل شمعون إلى كمال جنبلاط والإمام موسى الصدر وبشير الجميل ورفيق الحريري وكل الأحبة»، أطلّ الرئيس سعد الحريري بدوره على المرحلة المقبلة وموقف المملكة منها مؤكداً أن «البيت السعودي يجمع دائماً بين اللبنانيين ولا يفرق، هذا ما تعلّمناه من المملكة وهذا ما تريده من لبنان، أن نبقى على وحدتنا في مواجهة التحديات، وأن نبقى على عروبتنا والتزامنا اتفاق الطائف».
وشدّد على «أننا على تمسكنا بأفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة»، موضحاً «ان دول الخليج العربي وقفت مع لبنان في أصعب الظروف، ولم تعمل في أي وقت على التدخل في شؤوننا الداخلية، والمطلوب منا بالمقابل أن ننأى بأنفسنا عن التدخل بشؤون الدول الشقيقة، وأن نعتبر عروبة لبنان خطاً أحمر لا يصح الخروج عنه، وسنكمل مشوارنا مع كل الدول الصديقة، التي تريد الإعمار والسلام والاستقرار للبنان».
والى جانب الدلالات اللافتة للمواقف التي أُطلقت خلال الإفطار، فإن هذا الحفل الذي غابت عنه كل رموز فريق «8 آذار» ولا سيما خصوم الحريري في البيئة السنية، فإن أوساطاً سياسية رأت ان السعودية التي يتوقع ان يزورها الحريري قبل استشارات التكليف المرتقبة أواخر هذا الأسبوع أرادتْ توجيه رسالة دعم لا لبس فيها الى زعيم «المستقبل» في الطريق الى معاودة تكليفه تشكيل الحكومة، متوقّفة في سياق آخر عند الحضور البارز لوزير المال علي حسن خليل (المعاون السياسي للرئيس بري) وذلك على وهج العقوبات الأميركية - الخليجية على قيادة شريك «أمل» في الثنائية الشيعية اي «حزب الله».
وحسب هذه الأوساط، فإن مَلامح «عملية تبادُل» ترتسم في أفق المرحلة المقبلة تحت عنوان نأي واشنطن ودول الخليج عن مقتضيات اللعبة السياسية في لبنان وضرورات حفْظ الاستقرار مقابل نأي لبنان الرسمي بنفسه عن التدخل في شؤون الدول العربية وعن الصراعات في المنطقة.
وتشير الأوساط نفسها الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليس بعيداً عن «التقاط» هذه المعادلة «الدقيقة»، هو الذي نقل عنه زواره تفاؤله بالمرحلة المقبلة واطمئنانه الى ان ما يجري في المنطقة من تطورات لن يؤثر على الاستقرار الداخلي، ما دامت الحكومة ملتزمة سياسة النأي بالنفس والحياد عن الصراعات، وهو ما سيتكرّر في البيان الوزاري للحكومة التي ستشكل قريباً.
وبدا ان لبنان الرسمي يدرك مخاطر الانزلاق نحو أي مواقف او خطوات ذات صلة بتشكيل الحكومة يمكن ان ترتّب أثماناً باهظة على صعيد اهتزاز مظلّة الدعم الخارجية لوضعه الصعب في غمرة «الغليان» الاقليمي من حوله وتضاؤل مناعته المالية، وسط اعتقاد بأن إصرار الرئيس عون على معاودة البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع (سلاح حزب الله) بعد تشكيل الحكومة يمكن ان يوفّر مخارج لعقدة أساسية في البيان الوزاري تتمثّل في الموقف من سلاح الحزب ومعادلة «الجيش والشعب والمقاومة».
وكان بارزاً ان هذا المناخ ترافق مع ملاقاة الأمم المتحدة الوقائع المتسارعة في لبنان ومحيطه، وهو ما عبّر عنه ما كشفتْه تقارير صحافية عن مضمون التقرير الذي سيُصدره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حول تنفيذ القرار 1559 (انسحاب القوات الأجنبية ونزْع أسلحة الميليشيات) والذي يطالب فيه الحكومة اللبنانية بـ اتخاذ التدابير اللازمة من أجل منع «حزب الله» من مواصلة الحصول على الأسلحة، محذراً من «العواقب الوخيمة» لاستمرار تورط الحزب بالأزمة السورية، ومعبّراً استطراداً عن «القلق» من «خطر توريط لبنان في النزاعات الإقليمية»، وداعياً لتنفيذ سياسة النأي بالنفس بشكل ملموس ومن دون تأخير، ومرحّباً بالتزام الرئيس عون وضع استراتيجية للدفاع الوطني بعد الانتخابات.
"الراي"

  • شارك الخبر