hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - مازن ح. عبّود

دروس في الانتخابات

الثلاثاء ١٥ أيار ٢٠١٨ - 06:14

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

وافى الاستحقاق الانتخابي ولو متأخرا بعض الشيء. وافى وأعاد رسم الحدود والمقاسات. فأعطى هذا واخذ من ذاك. تبدل القانون لكن المنتخبين مازالوا هم، هم. وخياراتهم لم تتبدل الا قليلا جدا. فالنتيجة اختلفت بسبب اختلاف القانون فقط، وليس بسبب انقلاب الناخب على الحاكم.

اختلاف القانون أدى:
أولا، الى تعزيز مشروعية حزب الله وحركة امل في الطائفة الشيعية وتعزيز نفوذهم على الصعيد الوطني.
ثانيا، كان مناسبة كي يظهر بأنّ تيار المستقبل قادر وبالحد المقبول من الخسائر، على النجاح في الانتخابات والحفاظ على وجوده وتمايزه في الساحة السنية والوطنية من دون إنفاق أموال كثيرة، او الاتيان باستثمارات مالية عربية كما جرت العادة.
ثالثا، نتائج أكثر ملائمة للأحزاب الكبرى عند المسيحيين. فربح القوات مقاعد إضافية لكن ليس على حساب العهد. فحصد حزب الرئيس عددا لا يستهان به من المقاعد يمكّنه من الإقلاع بعكس الجاذبية. فالناخب المسيحي جدد ثقته بزعيمه الأقوى، لكن مع ضوابط وتوازنات. لذا فاني اعتقد بانّ تزايد حجم كتلة القوات اللبنانية يعكس رغبة ما أيضا في الشارع المسيحي بتفعيل الضوابط والتوازنات. دور اتقنته القوات اللبنانية في المرحلة الأخيرة. فعرفت كيف تخاطب الشارع القلق والمتعطش الى الإصلاح ومكافحة الفساد.
ومن الواضح بأنّ الرئيس عون والدكتور جعجع يدخلان عادة الى السلطة سويا، ويخرجان منها معا أيضا، ولو متنافرين. وعندما كان يدخلان كانا يزيحان سائر الاطياف والتلوينات المحلية والمناطقية. وهذا ما يفسر خسران الكثيرين من المرجعيات المناطقية للانتخابات. فثمة أطياف بدأت تنحسر تدريجيا لحساب مناخات جديدة وافتها من بوابة الأجيال الصاعدة، لم يستطيعوا استيعابها. فمناخ المسيحيين الجديد تتحكم به ايدولوجيات دينية بدأت تشكل خطرا على تلاوينهم القديمة. فقد فعلت مناخات المنطقة وقوة الثنائية الشيعية، فعلها بهم ايدولوجيا وسياسيا. فأتت تصرفات الكثيرين منهم كردة فعل لتحقيق التوازن المفقود على الساحة الوطنية.
رابعا، الى اطلالة خجولة للمجتمع المدني على الساحة البرلمانية، والى تمثيل نسائي أكبر الى حد ما. اطلالة أحدثها القانون الجديد وليس معدلات تزايد الوعي لدى الناس الى الحدود المقبولة. فلو كان الناس على هذا الوعي لما كان المجلس الحالي يفتقر الى المشرعين. ولما كانت الماكينات الانتخابية قد داست على من نشطوا في التشريع كغسان مخيبر او ممن كانت لهم تجارب اغنت الحياة العامة كزياد بارود مثلا.
خامسا، الى تقريب المسافات ما بين الجماعات وممثليها. فنواب الروم الأرثوذكس الجدد مثلا هم أقرب الى انتماءات وتلوينات هذه الجماعة.
إني وعلى خلاف كثيرين اعتقد بانّ القانون الحالي (بالرغم من كل الملاحظات)، هو أفضل من كل القوانين السالفة. ويشكل تسوية مقبولة ما بين الدوائر الصغرى والنسبية. واني آمل ان يعمل على معالجة الثغرات التي بانت فيه بالممارسة. فتضاف مواد إصلاحية تضمن تحقيق المعدل المقبول من المساواة ما بين مختلف المرشحين. ويعاد النظر في احتساب كسور الحواصل الانتخابية بما يخدم الشرائح الأقل تمثيلا.
فالمشكلة ليست في القانون بل فينا. المشكلة بأننا نختزل الديمقراطية ونعتقد بانها فقط انتخابات. والمشكلة باننا نعتقد بانّ الانتخابات بازار كبير لشراء الأصوات، مقابل حفنة من الدولارات أحيانا، ولبيع الخدمات والوعود أحيانا اخرى. بازار تتحكم به قواعد العرض والطلب. ويتحكم فيه الساسة بالخوف حينا، والترغيب والوعيد أحيانا أخرى. المشكلة باننا لسنا مواطنين. والديمقراطية صنعت للنخب والمواطنين.
متى يتوقف بعضنا عن ربح الانتخابات لانّ الناس تصوت ضد هذا او ذاك، بدلا من ان تصوت لهذا او ذاك كما قال فرانكلين ادامز، يوما؟
ستزداد نسب الاقتراع حتما عندنا حين تدرك الغالبية الصامتة التي تصوت سلبا، بانّ المتقدمين الى الانتخابات ليسوا حفنة من العارضين يسعون لكسب مزايدة الشارع. وبأنهم ليسوا متملقين بل مشرعين. وبأنهم ليسوا أدوات بل مرشدين. وبأنهم لن يهدروا وقتهم ومواهبهم وجهودهم في استرضاء الشارع، بل في بناء الدولة كما قال مرة ادموند بروك. اعرف بانّ ذلك ممكن.
.

  • شارك الخبر