hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

دريان: ينبغي التصدي بقوة لعمليات تحويل المفاهيم لإحلال ايديولوجيات قاتلة محلها

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٨ - 14:55

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أقامت سفارة المملكة العربية السعودية ملتقى الأئمة والدعاة بعنوان "أمة وسط"، في مقرها في بيروت، بدعوة من القائم بالأعمال في السفارة الوزير المفوض وليد بخاري، برعاية مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضوره وسفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي ومفتي المحافظات في لبنان وقضاة شرع ورؤساء دوائر الأوقاف ومدرسي الفتوى وأئمة المساجد وخطبائها والعديد من العلماء.

استهل الاحتفال بتلاوة آيات من القرآن، ثم القى الوزير المفوض بخاري كلمة استهلها بالقول: "يشرفني ويسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في سفارتكم سفارة المملكة العربية السعودية المتطلعة دوما الى ما فيه خير للشعبين الشقيقين، المنفتحة على دعم ومباركة كل خطوة وكل موقف يعزز أواصر العلاقة الأخوية والتاريخية بينهما.
كما أنها تتطلع بمعيتكم الى تحقيق كل ما فيه خير للبلدين الشقيقين وكل ما يعلي من شأن الاسلام والمسلمين في هذا البلد الشقيق والعزيز وفي العالمين العربي والاسلامي.

وإنه ليحلو اللقاء معكم في هذا اليوم الميمون في مناسبة ملتقى الأئمة والدعاة بعنوان "أمة وسط". فهو لقاء مفعم بعبق الايمان بالله الواحد الأحد وبسماحة الرسالة الاسلامية التي كانت، منذ نزولها وعلى مر العصور، شعلة الايمان التي أضاءت الدنيا وأخرجتها من الظلمات الى النور وستقبى هذه الشعلة منيرة.

كم يحلو اللقاء معكم للإستماع الى ما تعتمر به قلوبكم من إيمان وما نهلت عقولكم من كنوز الشريعة السمحاء التي ارادها الله للمؤمنين نورا وهداية الى الطريق القويم وإلى عظمة الاسلام دين الرحمة، دين السلم والسلام دين التسامح والأخلاق".

وأضاف: "لا مبالغة في القول إن المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين كانت أول من استشعر الخطر الذي حاق ويحيق بالإسلام ورسالته الدينية والأخلاقية والإنسانية والحضارية. فبادرت منذ عشرات السنين والى الآن وقبل العالم كله الى إشهار سيف الحق في وجه الباطل ومكافحة التطرف والغلو ومحاربة الارهاب الذي يتخذ الدين ستارا لإرتكاب أبشع الجرائم التي تشوه الاسلام دين الرحمة والمحبة والذي اوحى الله سبحانه وتعالى الى سيدنا النبي العربي وأرسله رحمة للعالمين. ولهذا ديننا هو دين سلام محبة وتسامح وإن الإرهابيين الذين يسفكون الدماء البريئة ليسوا سوى قلة قليلة من المنحرفين الذين يبرأ الإسلام والمسلمون منهم ومن جرائمهم مما يؤكد رفض المملكة للإرهاب والسعي الحثيث الى القضاء على جذوره ومحاربته وإدانته وجميع العمليات الإرهابية.
وهذا ما أكده كل فقهاء الإسلام في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الإسلامية".

وتابع: "لقد رفعت بلاد الحرمين الشريفين ولا تزال راية الإسلام الخفاقة مدافعة عنه وعن المسلمين أينما كانوا لأن الله سبحانه وتعالى انزله لخير البشرية جمعاء. فهو رسالة السلام من الخالق الى الناس لكي يعيشوا سالمين ومسالمين متحابين ومتحدين. وليعيشوا في نعمته إخوانا "واذكروا نعمة الله عليكم، اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم وجعلكم بنعمته اخوانا".

وتحدث المفكر الإسلامي الدكتور رضوان السيد، فقال: "منذ زمن طويل يقود المسؤولون في المملكة العربية السعودية وعلماؤها الحملة على التطرف والإرهاب. وهم الذين قالوا للجميع إن هذا الأمر فيه مسؤولية كبرى، ومصلحة كبرى للدين وللمجتمعات وللدول. ذلك أن أكبر الإصابات التي يمكن أن تصيبنا هي الإصابة في الدين، من طريق التطرف العنيف، الذي ينتهك الحرمات الثلاث: الدم والعرض والمال. ونحن في لقائنا اليوم في رحاب سفارة المملكة في لبنان، إنما نجدد الوعد والعهد على البقاء ضمن هذه الثوابت.

فعلاقات البر والقسط هي العلاقات التي ينبغي أن تسود بيننا وبين العالم، والأمر ليس على ذلك اليوم، وليس من شك في أن علاقات البر والقسط هي المحققة للسكينة أيضا، فالثقة تكون بالله أولا، ثم تكون ببني البشر ومعهم وقد قال أمير المؤمنين علي: "الناس صنفان، أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق". فنحن لا نريد أن نخاف من العالم، ولا أن نخيفه، بل أن نعيش فيه بأمان، ونتشارك مع أممه في تقدمه وسلامه".

وختم: "إننا محتاجون إلى وعي الإيمان والثقة والحماية، ووعي الانتماء، وسط هذا الخراب المنتشر، وكلا الأمرين: وعي الدين وحدة واستظلالا لدى ديار الحرمين وخادم الحرمين، ووعي الانتماء العربي، عند المملكة أيضا في العمل من أجل الدين حراسة واحتضانا، والعروبة هوية وانتماء، والوعي بالدين مع المملكة بحمد الله، والوعي بالدولة العربية والانتماء العربي مع المملكة أيضا".

وكانت كلمة الختام للمفتي دريان، فقال: "نحن اليوم، وبمبادرة كريمة من سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان، في رحاب مملكة الخير التي عرفناها نحن اللبنانيين، كما عرفها العرب والمسلمون منذ النهوض والقيام، أيام الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود. وفي الأصل، نحن نأتي الى السفارة السعودية، في كل أوان وزمان. لكننا آتون اليوم لتحية مملكة الخير والكرامة على ثلاثة أمور:

السياسات النهضوية والتغييرية الكبرى، التي تمت وتتم أيام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين، وهو نهوض سينال بخيره الشعب السعودي العزيز، والشعوب العربية والإسلامية، بالإعانة في التحول إلى تكتل اقتصادي كبير ومؤثر، على مستوى العالم.

العالم العربي يغرق في الحروب وحالات عدم الاستقرار، ولا رافعة له إلا المملكة وسياساتها النهضوية، والأخرى الخارجية التضامنية، على مستوى العمل العربي المشترك ومستوى الاتصالات الدولية.

أما الأمر الثاني، الذي رأيت أن من الضروري الإشادة به، فهو هذا الاحتضان الكبير للبنان، وسواء على مستوى العلاقات الثنائية، أو على مستوى المؤتمرات الدولية، التي تقام لدعم لبنان وحماية استقراره واستعادة ازدهاره الاقتصادي.

لمملكة الخير والعزيمة والعروبة دالتها على سائر العرب، لكن دالتها على لبنان أكبر من أن تنكر، أو أن لا تشكر. فهناك مئات الآلاف من اللبنانيين العاملين في المملكة بكفايتهم بالطبع، إنما أين من يقدر الكفاية لولا هذه الفسحة من السعة والخير، التي تمثلها المملكة العظيمة؟

وهناك الأمر الثالث، الذي لا يقل أهمية، والذي استدعى الحضور إلى هذه الرحاب اليوم، ويتمثل في الكفاح الذي تقوده المملكة، على رأس الدول العربية والإسلامية، ضد التطرف والإرهاب. هناك كلام كثير وتصرفات على مستوى العالم، وفي منطقتنا في مواجهة الإرهاب. إنما لا أحد يتقدم المملكة في هذا المجال، ومجال مكافحة التطرف، وفي نصرة توجهات الأمة الوسط، وتعاليم الإسلام الوسطية. ولا يحدث ذلك مصادفة، ولا لأن المتطرفين الإرهابيين يستهدفونها فقط، بل للإحساس العالي بالمسؤولية ، والواجب في حماية الدين من شرور العنف والانشقاقات التي يصطنعها الإرهابيون المفسدون في الأرض والدين والمجتمع والعمران. جلالة الملك هو خادم الحرمين الشريفين، وبذلك فهو حارس الدين، ومظلتنا الدينية. ثم إن الملك والمملكة، هما مظلة العروبة، التي تريد النهوض من كبوتها، والمملكة تأخذ بأيدينا جميعا إلى ما فيه عزة العرب، ووحدة الدين، وتحقيق الاستقرار".

وأضاف: "ليس سهلا أبدا ما واجهناه - لبنانيين وعربا - طوال ما يقارب العقد من الزمان. بيد أن التطرف والإرهاب، يبقى بالفعل الأصعب، لأنه يصيب ديننا، ويسيء إلى إسلامنا، وإلينا في أوطاننا، وعلى مستوى العالم. تصوروا أنه ما عاد أحد آمنا في دول مجاورة، إذا طالب بحق أو اشتكى من مظلمة، إذ يكفي لبطلان دعواه أنه من طائفة معينة. وهكذا، فإن إصابتنا شاملة في ديننا ودولنا. إن هذا الداء الوبيل يتزعم مكافحته السعوديون والمصريون، والإماراتيون، والمخلصون من العرب، فيحمون أنفسهم ويحموننا، ويحمون ديننا، واستقرارنا، ووجهنا، ووجهة الدين في العالم المعاصر.
ماذا نفعل نحن جميعا لصون الدين، وإخراج هذا العنف المنفجر باسم الدين من داخل مجتمعاتنا ودولنا؟

أول ما ينبغي فعله، التصدي بقوة لعمليات تحويل المفاهيم، التي تريد تغيير الدين الذي نعرفه، وإحلال ايديولوجيات عنيفة وقاتلة محلها، ما عرفتها تجربتنا التاريخية، ولا إسلامنا الذي نعرفه جيدا. والتصدي لعمليات تحويل المفاهيم، لا تستطيعه فئة واحدة، لأن الأمر داء نزل بالمجتمعات كلها، ولأن بعض تلك الأدواء، غرت وتغر بعض شبابنا باسم الغيرة على الدين، أو الوقوف في وجه الاستيلاء العالمي على الأمة والدار. وأقول: إن التصدي ينبغي أن يكون شاملا، وأعني بذلك، أنه يتناول العلماء والمثقفين والمعنيين بإدارة الشأن العام، كلا بحسب وسعه وطاقته. طبعا، تغيير المفاهيم الدينية، يتصدى لشروره المختصون والمستنيرون من العلماء. لكن المفكرين والمثقفين في المرحلة الماضية، كانت حملاتهم شديدة على التقليد الديني، وأحيانا على المؤسسات الدينية، بحسبان أن التطرف جاء من التقاليد الموروثة. وهذا غير صحيح، فكل هذه المفاهيم التي فجرها المتطرفون، هي مفاهيم تقليدية، بمعنى أنها ناجمة عن إفهام الأمة للكتاب والسنة عبر قرون متطاولة. المتطرفون ضد الموروث أو التقليد ، بحجة أنه انحراف عن الكتاب والسنة، والكتاب والسنة لا يعرفان كل هذا الدم، وكل هذا الخراب . ولذلك، فالذي أراه، أن علينا افتتاح مرحلة جديدة، يحل فيها التعاون بدلا من التقاطع بين المثقفين والعلماء. نحن أهل التقليد والتجديد والانفتاح نقول لكم: إننا نعتبر هذا التطرف تهديدا خطيرا لديننا ، لإسلامنا ، ولمجتمعاتنا. وعلينا أن نتضامن ونتعاون من أجل فقه صحيح للدين ، وفقه آخر للعيش في المجتمعات ، وفقه آخر للعلاقة بعالم العصر، وعصر العالم".

وتابع: "كل مسلم مخلص غيور على دينه وعلى قيم الخير والعدالة، يسعى الى ان يكون من تلك الأمة التي دعاها سبحانه وتعالى الى الاحتساب والكفاح، ووعدها النجاح والفلاح. فنحن العاملون معكم جميعا من أجل الخير والمعروف، نجد من حقنا وواجبنا، أن نشكر لمملكة الخير ودار الخير، مساعيها الحثيثة، لبلوغ دار السلام وآفاقها الرحبة والواعدة، للعرب والمسلمين والإسلام.

فلنبق جميعا في تكاتف في الدين والمجتمعات والدول، تحت راية المملكة ومظلتها، لنخدم ديننا وامتنا وبلداننا. نحن في محنة كبرى، ولا مخرج منها إلا برحمة الله تعالى وفضله، ثم بنضالات المملكة ورجالاتها، بتسديده عز وجل وتوفيقه. فنسأل الله سبحانه أن يهب الملك الصحة والعافية، والعمر الطويل، وأن يوفق ولي عهده لما يحبه ويرضاه.

ولا أنسى أن أذكر للإخوة في سفارة المملكة، وعلى رأسهم الوزير القائم بالأعمال، الأستاذ وليد بخاري، جهودهم الدؤوبة، في هذه المرحلة من تاريخ لبنان، كما أشكر لهم العمل الجاد الذي قاموا به من أجل هذا اللقاء".

وختم: "نحن في رحاب هذا المكان الطيب، تهفو قلوبنا إلى ارض مكة المكرمة والمدينة المنورة، نتمنى على معاليكم منح تأشيرة مجاملة لأداء مناسك العمرة، لجميع العلماء والحاضرين اليوم معنا، في هذا الملتقى وخصوصا وأننا على أبواب شهر رمضان الكريم، شهر القران والخير والبركات".

وفي الختام، وعد الوزير بخاري بتحقيق أمنية المفتي دريان بمنح تأشيرة مجاملة للعلماء ولجميع الحضور لزيارة الحرمين الشريفين والمدينة المنورة. ثم قدم الى المفتي دريان ومفتي المحافظات وأمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية هدايا "عربون محبة وتقدير".

وأقيم كوكتيل على شرف العلماء.

  • شارك الخبر