hit counter script
شريط الأحداث

أخبار محليّة

المطران بولس مطر دعا اللبنانيين للقيام بواجبهم الإنتخابي

الثلاثاء ١٥ نيسان ٢٠١٨ - 12:15

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

احتفلت بيروت بعيد شفيعها القدّيس جرجس. وفي المناسبة ترأس رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر، يحيط الآباء إغناطيوس الأسمر وبيار أبي صالح وعمانوئيل قزّي وداود أبو الحسن، القدّاس الإلهي على نيّة بيروت وأبنائها، في كاتدرائيّة مار جرجس في وسط العاصمة وشارك فيه رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على رأس وفد من المجلس وممثلو هيئات روحيّة وإجتماعيّة ومصلّون.

وبعد الإنجيل المقدّس ألقى المطران مطر عظة روحيّة تحدّث فيها عن صاحب العيد وشهادته وقداسته، وقال:

نهنّئكم أوّلاً بعيد مار جاورجيوس شفيع هذه الكنيسة التي هي أمّ الكنائس في أبرشيتنا، نفرح لها أنّها عادت إلى الخدمة بعد حربٍ كادت أن تكون طاحنة لها، وأن الصلاة تصعد منها في كلّ مناسبة إلى الله لكي ينصر محبّته في العالم ولكي ينزل من السماء سلامه على كلّ الأرض.

القديس جاورجيوس بطل محبب في ضمائر المسيحيين، نحن نقول هو شفيع بيروت، مدن كثيرة على شاطئ المتوسط تطلب شفاعته، أمّة بريطانيا تطلب شفاعته، استهوانا بطلّته الفروسية وبالعمل الذي قام به عندما ضرب برمحه وحشًا يقبض على مدينة هي الكنيسة ويخلّص الإبنة التي تُصوّر عادة في كل صورة لمار جرجس، ممثلةً الكنيسة بالذات. هذه الصورة ليست مسيحية الأصل إنّها من تراث الفكر اليوناني والفينيقي قبل المسيحية. تعرفون قصة اوديب الملك الذي قتل التنين على باب المدينة، وعندنا في الفكر الفينيقي قدموس قتل التنين أيضًا على باب المدينة، ذلك أن التنين يمثّل اللاعقل والقوة الغاشمة والعدوان فيما المدينة بحاجة إلى سلامٍ وإلى محبّة وإلى عيشٍ كريم. كلّ مدينة وكلّ وطن له أعداء مرّات من خارج ومرّات من داخل، وأعداء الرجل أهل بيته كما يقول الإنجيل المقدس. المسيحيّة أخذت هذه الصورة من الفكر القديم، ووضعت مار جرجس بطلاً لها جديدا، مار جرجس الضابط الروماني الذي بإيمانه بقداسته وشجاعته كان عنوان حياة للكنيسة كلّها. أوّلاً تصوّروا أن هذا الضابط كان بإمكانه أن يبقى ضابطًا في الجيش الروماني معززًا مكرمًا له السلطان والإحترام إلاّ عندما آمن بيسوع المسيح، وأدرك أن الأمبراطور الذي هو يدافع عنه ليس إله الدنيا، بل إله الدنيا هو الحب الذي ينزل بيسوع المسيح على الأرض. خُيّر بين إيمان الجديد ومركزه كضابط وحياته فقال حياتي تُقدّم للمسيح، أنا صرت مسيحيًّا وسأبقى مسيحيًّا، مهما كانت التضحيات جميلة هذه المواقف من رجل فضّل المسيح على كلّ شيء، أن يموت من أجل الكنيسة لتحيا الكنيسة، من أن يعيش في الضلال وخدمة البشر خدمة لا ضرورة لها. لذلك عندما نتأمّل في حياته علينا أن نقرأ ،أيضًا، نحن في مدينتنا وفي وطننا وفي كنيستنا، هل هناك وحوش تهدّد الكنيسة؟ وتهدّد الوطن؟ إذا تأمّلنا معًا نجد أن هناك وحوش كثيرة ضد الكنيسة. أوّلاً: أكبر وحش ضد الكنيسة هو انقسام الكنيسة، هذه عملية قتل من الداخل وعلينا نحن المؤمنين أن نحارب هذه المواقف التقسيمية التي تهدّد الكنيسة في داخلها. الكنيسة مهدّدة ،أيضًا، في الكسل وعدم القداسة هي خميرة الدنيا فإن فسدت الخميرة كيف يُخمّر عجين الأرض كلّها، إذا ضَعُف إيمان الكنيسة مات العالم بردًا. لذلك على الكنيسة أن لا تتخلى عن قداسة السيرة وعن قداسة المسيح، فنصلح بعضنا بعضً القداسة وحدها هي التي تخلّص وتُنجّي. أنظروا حياة القديس شربل، راهب بسيط، ليس متعلمًا بشهادات كبيرة، يزرع الارض ، يعيش بالمحبسة، قداسته كنيسة بحدّ ذاتها، هو الذي أنقذ خلال الحرب لبنان والكنيسة من هذه الصورة البشعة التي حاولوا أن يصوّرونا بها، نحن أنّنا لسنا بشرًا بل أكلة لحوم بشر، فإذا بتقديس مار شربل يقلب الموازين والناس يعرفون، أنه هنا توجد كنيسة وقديسون وأبطال. مار شربل صورة عن مقدرة القداسة في تخليص الكنيسة، الخطيئة عدوّة الكنيسة وعدوّة الناس تأكل الانسان من داخله، تُدمّره وتُدمّر الانسانية كلّها، النعمة تغسل الخطيئة وتعيد للإنسان برارته الأولى. لذلك يجب أن نتصوّر ونتأمّل بمصير كنيستنا وكنيسة المسيح في العالم ونرى كيف نكون نحن خدامًا لها صالحين. هذا في ما يخص الكنيسة.

أمّا في ما يخص الوطن، فهناك أيضًا عداوات أو وحوشٌ من الداخل ووحوش من الخارج. طبعًا كل عدوان غريب ضد أرضنا وضد شعبنا يؤدي بنا إلى الموت، يجب أن نُحصّن نفوسنا من أي عدوان غريب هذا صحيح، ولكن من داخل كيف لنا أن نُنقذ وطننا ؟ هل نحن بحالة جيّدة اليوم ؟ حبّذا لو كانت الإنتخابات فرصة للتأمّل بمصير البلاد ومستقبلها وفي برامج انتخابية تُوضع على البحث بدلاً من أن يكون كلّ واحد يشدّ إلى مصلحته ليصل هو دون برنامج. ضيّعنا الفرصة لنكبر وننمو في هذه الانتخابات، ولكن الله يساعدنا فيما بعد لترتيب الأوضاع ونسير نحو الأمام. المهم أن تمرّ الإنتخابات وتقوموا بواجباتكم قيامًا كبيرًا. إنما ما هو أبعد من الإنتخابات، لبنان لا يخلّص بانقسامات أبنائه، مفكر يوناني قديم من 500 سنة قبل المسيح قال لا تخلص المدينة إلاّ إذا شعر كلّ أبنائها أن لهم مصير واحد، هل نشعر أن لنا مصير واحد في لبنان؟ إذا شعرنا أن مصيرنا واحد وأن المركب يغرق بنا جميعًا، نهب لنصرة المركب ونصرة البلاد كرجل واحد. في حال الخطر لا يعود هناك من أحزاب ولا تجمعات، في حال الخطر كلُّنا واحد من أجل لبنان. نتأمل أن نفكر في هذا الامر لنصير على طريق الخلاص، المهم أن نفكر في الخير العام ليخلص لبنان. يقول أهل العلم في سياسة الدول: هناك ثلاث أرادات الإرادة العامة وهي إرادة التجمعات والإرادة الفردية، إذا كانت الإرادة الفردية فوق الإرادة العامة فهذا خطأ، حتى الإرادة الجماعية إذا سألت عن مصيرها هي دون مصير الآخرين غير صحيح، الوطن أعلى يجمع الكل. لذلك لا الارادة الفردية ولا الإرادة الجماعية تحلّ محلّ الإرادة الوطنية العليا. إذا لم نصنع ذلك لن يكون لنا مستقبل، هذا أمر له أهمية كبرى. هذه أمور يجب أن نفكر فيها المال العام هو مال وقف، عندما ندرك اليوم أن هناك أموالًا لم تُدفع للأيتام للمستشفيات للفقراء وتصرف ملايين الدولارت لأمور أخرى، ميزان الحقيقة متقلّب في هذا الامر، الفقراء يُخدمون في الآخِر هذا أمر غير صحيح. لو كنا نحن اللبنانيين ثابتين في الشجرة الوطنية نعيش منها ونُعيّشها وافرة الظلال وطير الأغصان يعشعش فيها . مار جرجس بطل لأنه ضحّى في نفسه وضحّى في مركزه، عندنا شهداء في الحرب ضحّوا بأنفسهم من أجل وطنهم.

عيد مار جرجس يجب أن يكون بالنسبة لنا عيد تفكير كنسي ووطني معًا حتى نصلح أمورنا وأحوالنا ونتطلع إلى المستقبل كجماعة واحدة يحبّ فيها الناس بعضهم بعضًا حتى النهاية، وليلهمنا الله أن نكون سائرين في طريق القداسة، في طريق رضى الرب علينا حتى الشهادة. فليكن الرب معكم ومار جرجس في عيده يطلب من الله حماية كنيستنا ووطننا وكل إنسان منا ومنكم.

  • شارك الخبر