hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى - سياسي لبناني - البلد

عباس إبراهيم... والخطوة الأولى على طريق عودة النازحين

الإثنين ١٥ نيسان ٢٠١٨ - 08:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في وقت يغرق السياسيون في الثرثرات الانتخابية ويستعرضون مواهبهم ويستهلكون الوقت في المماحكات والمناكفات التي لا طائل منها ولا معنى لها، هناك من يعمل بصمت وجدّ وجهد لتحقيق ما هو مفيد للوطن وللتخفيف من الأعباء التي يرزح تحتها ومن التحديات التي يواجهها.

  مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لا يتعب ولا يتوقف في مساعيه وجهوده، كما أنه لا يكلّ ولا يملّ في صنع المبادرات والإنجازات وإنتاج الحلول لملفات ومشاكل صعبة ومعقدة مثل ملف اللاجئين السوريين الذي يعدّ الأهم والأخطر بين كل الملفات والإستحقاقات ومصدر تهديد للإستقرار الاقتصادي والإجتماعي والأمني ويقف حياله المسؤولون حائرين أو عاجزين أو مقصّرين...
في زحمة الصراخ الإنتخابي من فوق السطوح، وفي مرحلة المواقف الإنتخابية الإستعراضية المملة والمضللة يلمع خبر إيجابي يبعث على الإرتياح والتفاؤل عندما يتمّ الإعلان عن عودة مئات النازحين السوريين من لبنان إلى مناطق آمنة داخل الأراضي السورية. وتتمّ هذه العملية بهدوء وسلاسة تحت إشراف الأمن العام اللبناني الذي تولى تنظيم عملية إنتقال نحو خمسمئة نازح من بلدة شبعا وبعض قرى العرقوب في جنوب لبنان إلى بلداتهم في بيت جنّ والمزارع الواقعة في المقلب الشرقي من جبل الشيخ، غادر النازحون في خمسة عشر حافلة عن طريق المصنع، وعادوا إلى سوريا "عودة طوعية" في ظل تحسن الأوضاع الأمنية في العديد من المناطق داخل سوريا.
أول تعليق رسمي على عودة قافلة النازحين إلى سوريا كان لعباس إبراهيم حيث قال: "هذه الخطوة الأولى من الألف ميل على طريق عودة النازحين إلى سوريا بعد استقرار الوضع في عدد كبير من المناطق. وهذه العودة مرتبطة بعوامل عدة أهمها: عودة المناطق الآمنة وإنجاز المصالحات السورية - السورية.
أهمية ما حدث، على محدوديته من حيث عدد النازحين، أنه يقدّم نموذجاً واضحاً وناجحاً لـ " العودة الطوعية" التي تنطلق من رغبة النازحين وإرادتهم بالعودة وتتحقق بالتنسيق بينهم وبين السلطات السورية والسلطات اللبنانية ممثلة بجهاز الأمن العام الذي يلعب دور الوسيط والمساعد على إتمام عملية العودة وتوفير شروطها العملية والأمنية.
هذا يعني بكل بساطة أن لبنان قادر على فتح ملف عودة النازحين والدفع باتجاه مبادرات العودة الطوعية من دون انتظار مؤتمرات دولية غير مجدية وتسويات نهائية تستلزم وقتاً طويلاً. وهذه العودة التي تراعي شروط الحرية الشخصية لكل فرد عائد والسلامة العامة لمجموعة العائدين يمكن أن تتحقق على أرض الواقع وانطلاقاً من تلاقي وتوافر ثلاث إرادات : إرادة النازحين أولاً بالعودة إلى مناطق آمنة، وإرادة السلطات السورية باستقبالهم والموافقة على عودتهم، وإرادة السلطات اللبنانية بتنظيم العودة وتأمينها.
إن عودة هذه المجموعة من النازحين السوريين تطلق إشارة البدء في مرحلة جديدة وطريقة جديدة واقعية في التعاطي مع ملف النازحين. وعلى المسؤولين اللبنانيين أن يتجاوزوا الخلافات الضيقة حول ملف النازحين بين من يطالب بالتنسيق بين الدولتين اللبنانية والسورية، وبين فريق رافض لهذا الأمر محيلاً المعالجة على المجتمع الدولي.
آن الأوان كي يحصل توافق وطني حول مشكلة ومعضلة النازحين وحيث عامل الوقت لا يلعب لمصلحة لبنان، والمشكلة تتفاقم خطورة بمرور الزمن. فلا يمكن للبنان انتظار الحل النهائي للأزمة السورية الذي ربما استلزم سنوات طويلة يترسخ في خلالها الوجود السوري ويندمج في المجتمع اللبناني، وتصبح بعدها العودة أصعب منالاً وأكثر تعقيداً... ولا يمكن للبنان التعويل على المواقف والمؤتمرات الدولية وحيث الدول تعمل على تثبيت النازحين في أماكن إقامتهم الحالية ودمجهم في المجتمعات المضيفة ولا تعمل أبداً باتجاه إعادتهم إلى بلدهم بحجة أن الوضع الأمني غير مطمئن والحل السياسي غير موجود.
إن تحقيق العودة الطوعية للنازحين وعلى دفعات لا يشكل الحل الجذري والمطلوب للأزمة وإنما يخفّف من وطأتها وأثقالها ويفتح نافذة أمل للمستقبل بمجرّد أنه يفتح أفقاً جديداً ويضع المشكلة على سكة المعالجة وطريق الحل ولو كانت طريق الألف ميل التي تبدأ بالخطوة الأولى.
ولأن الجهة والمرجعية التي تتولى هذا الملف هي المديرية العامة للأمن العام بإشراف مباشر من الرجل الحائز ثقة كل اللبنانيين وعلى مختلف طوائفهم عباس إبراهيم، فإن اللبنانيين يتوسّمون خيراً وتتعزّز ثقتهم في أن يروا ويلمسوا تقدّماً ونجاحاً، فما وضع اللواء إبراهيم يده على ملف إلا وأصاب نجاحاً، وما كلف بمهمة إلا وأنجزها كما يجب، وما أخذ التزاماً على عاتقه إلا ونفّذه مهما كلف الأمر من جهد ومثابرة للوصول إلى شاطئ الأمان.
المهم أن يتوافر التوافق الوطني حول هذا الملف البالغ الدقة والأهمية، وأن تتوافر الإرادة السياسية لدى الحكومة والمسؤولين بالتصدّي لهذا الملف وفعل ما يمكن فعله قبل فوات الأوان، فاللبنانيون مطالبون بأن يتدبروا أمورهم وأن "يقلعوا شوكهم" بأيديهم وأن يحكّوا جلدهم بظفرهم بدل انتظار الخارج والإعتماد على الآخر والرهان على الوقت... 

دافيد عيسى - سياسي لبناني - البلد

  • شارك الخبر