hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

الملاحظات الاولى للمراقبين الدوليين تتعلّق بتقسيم الدوائر والتفضيلي

الخميس ١٥ نيسان ٢٠١٨ - 07:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار


كلّما اقتربنا نحو موعد الإنتخابات النيابية، كلّما تظهّرت لنا صورة الأفخاخ التي يحملها في طيّاته من تقسيم الدوائر لحفظ صوت هذا الزعيم أو ذاك، وصولاً الى إقرار الصوت التفضيلي بحسب كلّ قضاء وليس كلّ دائرة إنتخابية. فالصوت التفضيلي الذي يُرهق اليوم كاهل المرشّحين المنضوين ضمن اللائحة الواحدة بسبب المعركة الإنتخابية القائمة حوله على قاعدة «قتل قايين لأخيه هابيل»، أظهرت المعلومات أخيراً أنّه يُعيد لبنان الى أسوأ ممّا كان عليه النظام الأكثري.
ففي ظلّ النظام الأكثري الذي أوصل المرشّحين الى المجلس النيابي بالمحادل الإنتخابية، كان الناخب يقوم بتشكيل اللائحة «على ذوقه» أو بالأحرى يلجأ الى تشطيب أسماء المرشّحين الذين لا ينتمون لطائفته بهدف إضعافهم، ولكن غالباً ما كانت تفوز اللوائح الأقوى «زيّ ما هيي». أمّا الصوت التفضيلي الذي فُرض على الناخب اليوم، بحسب إحصاءات غير رسمية، فسيدفع به الى اختيار المرشّح المفضّل لديه بحسب مذهبه وليس فقط طائفته. ففي دائرة صور- الزهراني، على سبيل المثال، التي تضمّ 7 مقاعد نيابية موزّعة كالآتي: 6 شيعة و1 كاثوليك، على أنّ عدد الناخبين فيها يصل الى 297698 يتوزّعون كالآتي: شيعة 242243 ناخباً أي 81.37 %، كاثوليك 20285 ناخباً أي 6.81 %، سنّة 18166 ناخباً أي 6.1 %، وموارنة 13546 ناخباً أي 4.55 %، فإنّ الناخبين الشيعة والكاثوليك لن يكون لديهم أي مشكلة في الإقتراع وفي اختيار الصوت التفضيلي من بين اللوائح المتنافسة، غير أنّ الناخبين السنّة والموارنة الذين يمثّلون ما نسبته 10.65% من الناخبين لن يتحمّسوا للإنتخاب لأنّه ليس من مرشحين سنّة وموارنة ليختاروا من بينهم الصوت التفضيلي.
في المقابل، فإنّ الدوائر الأخرى التي تضمّ أقضية عدّة مثل «كسروان- جبيل» أو «البترون- بشرّي- الكورة- زغرتا»، فسيحتار الموارنة بين أسماء المرشّحين من مذهبهم لاختيار الصوت التفضيلي من بينهم، فيما سيشعر الناخبون من غير الموارنة والشيعة، أي الأرثوذكس والكاثوليك والأرمن الارثوذكس والأرمن الكاثوليك والسنّة في دائرة كسروان- جبيل أنّهم غير معنيين بالإنتخابات لأنّهم مهمّشون، والناخبون السنّة والكاثوليك في دائرة البترون - بشرّي - الكورة - زغرتا» محرجون لعدم تمكّنهم من اختيار المرشّح المفضّل لديهم من مذهبهم، وذلك من وجهة نظرهم. وهكذا دواليك في غالبية الدوائر، الأمر الذي يدلّ على سوء تقسيم الدوائر وعدم أخذ أصوات الناخبين بالإعتبار فيها.
وهذا الأمر، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مواكبة، لا يخدم الدستور اللبناني القائم على العيش المشترك، ولا اتفاق الطائف الذي نصّ على إلغاء الطائفية «من النفوس قبل النصوص»، وسيؤدّي بالتالي الى إحجام «غير المعنيين» عن الإنتخاب، أو الإكتفاء بالإقتراع للائحة دون اختيار الصوت التفضيلي. وهنا يلعب المال الإنتخابي دوره في حثّ هؤلاء على اختيار الصوت التفضيلي من غير مذهبهم أو حتى من غير طائفتهم خصوصاً إذا ما كانوا من المتنفعين أو المحتاجين، وما أكثرهم.
وأفادت الاوساط بأنّ المراقبين الأوروبيين بدأوا منذ الآن يسألون عن «الصوت التفضيلي» ويطرحون أسئلة حوله، ما يعني أنّه سيدخل من ضمن ملاحظاتهم على اعتماد لبنان للقانون النسبي بطريقة مغايرة لما هو معتمد في بلدانهم. كما أنّ تقسيم الدوائر يثير تساؤلات عدّة لديهم لجهة عدم اعتماده على عدد الناخبين نفسه في الدوائر كافة، أو على عدد الأقضية نفسه الذي تضمّه كلّ دائرة، أو حتى على معطى واحد يجعل جميع الناخبين سواسية في إيصال المرشّحين الذين يريدون الى الندوة البرلمانية بأصواتهم. الأمر الذي سيستلزم، على ما أشارت، مراجعة جديّة للقانون الإنتخابي الحالي من قبل المجلس النيابي الجديد لا سيما إذا ما صدرت المقتراحات بشأنه من قبل فريق المراقبين الدوليين.
ومن خلال جولة المراقبين في بعض المناطق، تبيّن، بحسب المعلومات، أنّهم يسألون عن الإنفاق الإنتخابي للمرشّحين لمعرفة ما يصرفونه من أموال على حملاتهم الإنتخابية وإذا ما تخطوا السقف الذي حدّده القانون لكلّ مرشّح إذ وفق ما تنصّ عليه المادة 61 منه «يحدّد سقف المبلغ الاقصى الذي يجوز لكلّ مرشح انفاقه اثناء فترة الحملة الانتخابية وفقاً لما يأتي: قسم ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة لبنانية، يضاف اليه قسم متحرّك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى التي ينتخب فيها وقدره خمسة الآف ليرة لبنانية عن كلّ ناخب من الناخبين المسجلّين في قوائم الناخبين في الدائرة الانتخابية الكبرى. أمّا سقف الإنفاق الانتخابي للائحة فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره مئة وخمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مرشح فيها». وهذا الأمر يصعب عليهم احتسابه بدقّة سيما وأنّ عدد المرشّحين كبير نسبة الى عدد المراقبين الموجودين حالياً على الأراضي اللبنانية، وحتى مع الذين سينضمّون اليهم بعد انتهاء عملية اقتراع المغتربين.
كذلك يطرحون أسئلة عن شراء الأصوات وكيفية حصول هذا الأمر، وكم يبلغ سعر الصوت الواحد لا سيما في الدوائر التي ستشهد معارك إنتخابية حقيقية. فضلاً عمّا إذا كان الناخبون يعتمدون فقط على تلقّي الخدمات والمساعدات من قبل المرشّحين ودفع الأموال لهم، أم على البرامج التي يعد المرشّحون بتنفيذها في حال وصولهم الى المجلس النيابي، وغير ذلك... ويُراقبون بالتالي الوسائل الإعلامية وكيفية تعاطيها مع المرشّحين، وقد لحظوا حتى الآن غياب المناظرات التلفزيونية بين المرشّحين المعتمدة كثيراً في دولهم.
في الوقت نفسه، يُثمّن هؤلاء ترشّح 111 إمرأة للإنتخابات من ضمن 976 مرشحاً وذلك قبل انسحاب 58 مرشحاً واستمرار 917 في المعركة الإنتخابية، غير أنّ بلدانهم تطمح لرؤية دور أكبر للمرأة اللبنانية ليس فقط لجهة الترشّح بل أيضاً لجهة ثقة الناخبين بها وبقدراتها وإعطائها حتى صوتهم التفضيلي.
 

  • شارك الخبر