تركت التحالفات بين حلفاء الصف الواحد في السياسة ندوباً في العلاقات نتيجة التحالفات الانتخابية وتركيب اللوائح في اكثر من دائرة، لن تشفيها بسهولة نتائج الانتخابات والدخول في مفاوضات جديدة حول التشكيلة الحكومية العتيدة وحصص الفرقاء فيها، خاصة اذا جاءت نتائج الانتخابات مغايرة لتوقعات بعض القوى من حيث عدد نوابها وبالتالي تأثيرها السياسي .

ولعل اكثر الندوب التي حصلت كانت في صف تحالفات امل وحزب الله والحزب القومي والتيار الوطني الحر والوزير الاسبق وئام وهاب، ثم في صف تحالف تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وتحالف تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، والمستقبل والقوات اللبنانية، كلُّ في دائرة معينة، من دوائر الجبل الى دائرة البقاع الغربي - راشيا وزحلة وصولا الى الدائرة الثالثة في الجنوب وعكار، حيث طغت المصالح الانتخابية على العمق السياسي في العلاقة، فخرج جنبلاط مستاء بسبب عدم تسمية النائب انطوان سعد على لائحة البقاع الغربي وصلاح حنين على لائحة بعبدا، وكذلك الحزب القومي بسبب عدم تسمية مرشحه في بيروت الاولى فارس سعد واستبداله في اللحظة الاخيرة بمرشح التيار الحر ادغار طرابلسي، كما خرج التيار الحر مستاء بسبب عدم نجاح التحالف بينه وبين المستقبل في عكار، مع انه نجح في زحلة مثلا.
ولم يكن حال حزب "القوات اللبنانية" افضل بكثير من الاخرين، فاضطر للتحالف في دائرة الشمال الثالثة وفي زحلة مع حزب الكتائب، الذي وقع في شر لجوئه الى المعارضة القوية، ولم يجد له حلفاء اقوياء الا القوات اللبنانية فعقد معها حلف الضرورة لكليهما.
ونتيجة لهذه الخلافات والتركيبات غير المنطقية، سيركز الحزب القومي مثلا جهده في المتن الشمالي لانجاح مرشحه غسان الاشقر، لكنه سيدعم لائحة الثنائي الشيعي في بعبدا مع ان محازبيه لم يعودوا متحمسين كثيرا حسب اوساطهم، وسيقرر الحزب الاسبوع المقبل لمن سيعطي صوته التفضيلي في بعبدا وفي بيروت الثانية، مع ان المرجح ان يعطي اصواته التفضيلية لمرشحي حركة امل نتيجة الحلف القوي مع الرئيس نبيه بري.

وكذلك الحال بالنسبة "لتيار المردة" الذي كان قد قرر اعطاء اصواته لرئيس حزب الوعد جو حبيقة، لكن خروج حبيقة من السباق الانتخابي لعدم تمكنه من تشكيل لائحة او الدخول في لائحة، دفع "المردة" الى التريث في تقرير اي لائحة سيدعم.
بالنتيجة السياسية، يُطرح السؤال: كيف ستتبلور التحالفات السياسية تحت قبة البرلمان الجديد، وكيف ستكون الاصطفافات حول تشكيل الحكومة الثانية للعهد، لا سيما بعد خلاف تيار المستقبل مع القوات اللبنانية، وخلافه الكبير مع حزب الله، وخلاف الحزب مع المستقبل، وموقف النائب وليد جنبلاط الذي اعلن امس ان حلفه الوحيد الدائم هو فقط مع الرئيس نبيه بري، ما يعني انه قرر بصورة غير مباشرة "ربط النزاع" مع الاخرين. وماذا سيكون مصير حزب الكتائب واتجاهاته، واين سيتموضع الاخرون من الفائزين المستقلين اذا وصل عدد منهم؟