hit counter script
شريط الأحداث

باقلامهم - الدكتور نسيم الخوري

صناعة الأمل في الذات اللبنانية

الخميس ١٥ آذار ٢٠١٨ - 06:13

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

يمكنك صناعة الأمل عندما يشتدّ الألم ويطوّقك تماماً، ولو حفرت بالإبرة بحثاُ عنه في تنظيف ذاتك من داخل وتحفيزها للحياة، وإلاّ فلنطرح سؤآلين:

أين كنّا جميعاً لو بقي آدم فاقداً الأمل هائماً في الحفرة يائساً بعدما لفظه الخالق وطرده من الجنّة؟
أين كنّا لو لم ينفخ في أذنه ولم تحثّه حوّاء على النهوض فتمسك بيده للسير بحثاً عن الآمال في إجتياز وعورة الأرض وغمار البحار والمحيطات وها هما مع ذراريهم من شعوب الأرض يحلّقان اليوم في الفضاء؟
نضيف إلى السؤآل:
بعد 30 سنة من تدمير إلمانيا وتحويلها حطاماً في الحرب العالمية الثانية، وقتل الملايين من أهلها وسوق أهلها وزجهم في المعتقلات، وإستسلامها الكامل للحلفاء، رفع الإلمان شعاراً أضاءوا به أسطح بلادهم:
"لا تنتظر حقّك، إفعل كلّ ما تستطع"
عادوا ممسكين بالأمل والعزم والقوة واحتلّوا الموقع الثاني العالمي في نسبة الصادرات والثالث في معدلات التنمية العالمية.
هي صناعة الأمل.
تحت شعار"صناعة الأمل"، أضاء سفير الإمارت العربية المتّحدة محمد الشامسي (مساء 17 آذار 2017) صخرة الروشة في بيروت، تحقيقاً للإعلان الذي أطلقه نائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي.
لست بحاجةٍ لأن أشعل المصباح أكثر وقد تجلّى في وجوه من تحلّقوا قبالة الصخرة لتقرأ في صفحاتهم الرضيّة فصل الأشقّاء بين بيروت ودبي والإمارات ولبنان الطافح بتحفيز العلاقات وتطويرها وجعلها آمالاً على أبواب الصيف المبكر هذا العام، لنعود نستقبل الأشقاء في حقول اللوز الأخضر والعنب والتين.
يكفيك النقر على الباب:www.arabhopemakers.co ليشرح لك فكرة أو مؤسسة "صناعة الأمل". تتعرّف عمليّاً على تسليط الأضواء على الأفراد والهيئات والمؤسسات الصانعة للآمال والخير في الأرجاء: يكفي لكلّ عربي أو مقيم في دولةٍ عربية يتهادى عمره بين الـ5 والـ95 أن يفوز بلقب"صانع أمل" ويحصل على جائزة مالية.
لقد أصابها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:
1- أصابها في إختيار مكانها لبنان وتحديداً صخرة الروشة التي ظهر أهلها وكأنّهم قد نسوها معلمأ تاريخياً مفتوحاً على العالم ينافس العلم والأعلام والإعلام. روّجت وأوصلت قيادة الإمارات مبادرتها إلى العربي في العالم من لبنان، فيستفيد منها اللبنانيون والمقيمون في لبنان.
لطالما بلغ اليأس الذرى في نفوس اللبنانيين وطاف بأحاديثهم عبر شاشاتهم الصريحة في المحيط. تبعثرت الديمغرافية في أرجاء الوطن العربي والعالم في أعقاب "الربيع العربي" الذ ي لم يخرج بدمائه إلى صيفه. ذكّرنا وأيقظنا بأنّ أملاً في العالم نسيناه أو فقدناه مرتبط بالإيمان والرجاء ولو تلذّذنا بالغرق في بحر من التلطيم. وقال لنا بأنّ لبنان ما زال نبع وبقعة أمل من صخوره وجباله، حتّى ولو أوقع اللبنانيون أحاديثهم في الخوف والإنكسار والشكوى والقنوط وتعظيم الفراغ واليأس والنقد والإفلاس والهوان وغيرها من المصطلحات السلبيّة التي تناهض الحياة.
2- أصابها الشيخ بإحياء مضمونها الإنساني حيث البشر إيمان ورجاء. تلك الفكرة/ المبادرة الحضارية تليق بعصر الإنتحارات البطيئة والحروب الفقر والعوز والجوع. تكاد تلك الفكرة أن تحكّ حلماً وعراً في الأرض منذ حلول الحضارة الصناعية والتكنولوجية التي لم تخرج الإنسان من أحزانه المتراكمة، ولم ترشد البشرية إلى مواءمة وسلام وتوحيد. صحيح أنّ الناس صاروا من فصائل الشاشات الزجاجات المتنوعة الأشكال والأهداف والأوهام في التواصل الإجتماعي، لكنهم يقعون أكواماً في حفر "الإنسان ذو البعد الواحد" الذي أحسن في الكتابة عنه المفكّر الإنكليزي كولن ولسن.
الأمل غير الرجاء الحافل بالإنتظار، ولا قيمة للأمل إن لم يولّد عملاً وحركة لأنّه يذوي ويفّرغ من محتواه ولا يعود القاعدون في مطارحهم يعوّلون عليه. الأمل باب يطلق الرغبة في التفكير والحركة والتغيير ليشحن بها القدرات والعزائم ويهذبها لتتحوّل إنجازاً وتجديداً وفعالية في تغيير الواقعٍ الحافل بالسلبيات إلى درجة اليأس الكامل. وهناك أمثلة تملأ العالم.
3- أصابها الشيخ في زمانها، حيث يستغرق غالبية اللبنانيين في الربيع الخجول وعيد الأمّهات الدامع والنازحين والمهاجرين، وطغيان الفساد والإفساد وتضخّم المقلق للديون، والجنوح الغريب نحو الجرائم، والضجيج المقلق بأن لا ماء في لبنان، ولا كهرباء، ولا تعليم، ولا إستشفاء ولا ضمان شيخوخة، ولا خدماتٍ حياتية ولا مواصلات ولا إتّصالات، والنفايات في الشوارع والبحر ولا فرزٍ أو تدويرٍ والبطالة تنهش مستقبل الأجيال، والزعماء يختلفون على الحصص من دون مصالح اللبنانيين.
ومقابل هذا المناخ اليائس يشهد لبنان أمل التجديد في الإنتخابات البرلمانية المقبلة. مشهد ديمقراطي قد يعيد الآمال في التغيير مهما كانت نتائج التغيير المنتظرة في هذا الإستحقاق العريق. إنّ ما يشهده لبنان من ضجيج ودفق نسائي وشبابي نحو التجديد يمنح المستقبل عنواناً حافلاً بالأمل بتخطّي الأزمات المالية والإقتصادية المقيمة تحت الوسائد.

  • شارك الخبر