hit counter script

مقالات مختارة - دوللي بشعلاني

مشروع باسيل عن حقّ المرأة اللبنانيّة بمنح جنسيّتها لأولادها أثار جدلاً واسعاً

الأحد ١٥ آذار ٢٠١٨ - 07:30

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

لاقت المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لمناسبة عيد الأمّ عن تقدّمه للحكومة بمشروع قانون يرمي الى تعديل قانون الجنسية- القرار رقم 15 الصادر بتاريخ 19/1/ 1925 إذ يُعتبر لبنانياً كلّ شخص مولود من أب أو من أمّ لبنانية، ويُجيز للمرأة اللبنانية المتزوّجة من غير لبناني حقّ منحها الجنسية اللبنانية لأولادها، باستثناء دول الجوار، جدلاً واسعاً، وغضباً عارماً من قبل بعض الأمهات المعنية مباشرة بهذا المشروع.
فقد وجدت فيه الأمهات المتزوّجات من فلسطيني أو سوري أو عراقي نوعاً من العنصرية، إذ يحرم أولادهنّ من الجنسية كونهنّ متزوّجات من رجال من هذه الدول المجاورة للبنان. في الوقت الذي اعتبر فيه الوزير باسيل إنصافاً للمرأة اللبنانية ومساواة بين المرأة والرجل، وإنصافاً لأجيال عدّة من اللبنانيين المولودين من أمّ لبنانية ومتزوّجة من غير لبناني.
غير أنّ «استثناء دول الجوار»، على ما أوضحت أوساط ديبلوماسية مواكبة، لم يتمّ إدخاله في مشروع الوزير باسيل لحرمان الأمهات المتزوّجات من «مسلمين» من حقّ منحهم الجنسية اللبنانية لأولادهنّ، على ما فهم البعض منهنّ ولهذا قامت قيامتهنّ وكثُرت اعتراضاتهنّ، بل منعاً لتوطين السوريين والفلسطينيين. فعندما يُجيز القانون للأم اللبنانية حقّ منح الجنسية لأبنائها، فإنّ غالبية السوريين والفلسطينيين المقيمين في لبنان والذين لا يريدون العودة الى ديارهم، والذين لا يجدون بلداً ثالثاً للجوء اليه، سيستغلّون هذا المشروع من أجل الحصول على الجنسية اللبنانية، وهذا ما لا يُوافق عليه لبنان، إذ نصّت مقدمة الدستور اللبناني على رفض التوطين.
أمّا الأمهات المتزّوجات من أجانب من الدول الأميركية أو الأوروبية، فلن يستغل أزواجهنّ هذا المشروع لأنّهم غير مهتمين بالحصول على الجنسية اللبنانية. ولهذا فإنّ هذا المشروع يُسهّل أمورهنّ لجهة عدم دفع الإقامة لأولادهنّ في حال كانوا يسكنون في لبنان بشكل دائم.
فالهدف إذاً، على ما ذكرت الاوساط، هو منع التوطين، وتسهيل أمور اللبنانيات المتزوّجات في غير لبناني، باستثناء دول الجوار التي يُشكّل قاطنوها مشاكل للبنان وأعباء لا يُمكنه تحمّلها، ولا علاقة للطائفة أو الدين أو الأحزاب أو الإنتماءات بأي شكل من الأشكال بهذا المشروع، على ما ذهب البعض لتفسيره خلافاً للواقع، بل تهدف الى تجذير اللبنانيات ببلدهنّ. كما يهدف الى تحقيق مبدأ المساواة بين كل اللبنانيين نساء ورجالاً، من خلال ما تنصّ عليه المادة 7 من الفقرة «ج» في مقدمة الدستور أي على موضوع المساواة، من دون الإشارة الى أي عنصر من عناصر التمييز المبني على أساس الجنس بين المرأة والرجل. كما أنّ الفقرة «ب» من مقدمة الدستور أوجبت على الدولة اللبنانية تجسيد مبادىء المواثيق الدولية ما يجعل هذه النصوص الدولية ذات قيمة ومفعول دستوري، ولكن ذلك مع عدم الإفساح للبعض بالتحايل على القانون، أو باستغلاله لغايات شخصية لا سيما الحصول على الجنسية اللبنانية والبقاء في هذا البلد، وإن تخلّى فيما بعد عن زوجته اللبنانية.
وانطلاقاً من كون الدولة اللبنانية متمسّكة بحقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم واللاجئين السوريين الى بلادهم، ولأنّ الفقرة «ج» من مقدّمة الدستور اللبناني تحظّر التوطين بصورة قاطعة، وتعتبر أنّ خطره يُوازي خطر التجزئة والتقسيم، لهذا جرى الأخذ بالإعتبار تداعيات منح الجنسية بشكل جماعي للسوريين والفلسطينيين، سيما وأنّ التجنيس الجماعي هو وجه من أوجه التوطين، فقام باسيل باستثناء دول الجوار من هذا المشروع، الى حين التوصّل الى حلّ لمسألة اللجوء الفلسطيني والنزوح السوري.
وتقول الأوساط نفسها بأنّ المشروع سيوضع على طاولة النقاش، إذ يُمكن للجميع طرح ما يجده مناسباً وتعديل ما يُمكن تعديله، فالمهمّ هو إعطاء النساء اللبنانيات حقوقهنّ من دون الإساءة الى وجودية الكيان اللبناني. ويتناول المشروع أيضاً إمكانية وضع مرسوم تطبيقي من قبل وزيري الداخلية والخارجية ينصّ على الشروط التي على أساسها يُمكن لحظ إعطاء الجنسية لمتزوّجات من دول الجوار ضمن شروط معيّنة إفرادياً وليس جماعياً. غير أنّ هذا الأمر جعل المراقبون يخشون من حصول نوع من الإستنسابية في هذا السياق، إذ من الممكن أن تتدخّل «الواسطة» في منح الجنسية، وتمرير ملفات عدّة، في ظلّ التشكيك بالجهة التي ستُكلّف تحديد أي من الحالات يستحقّ الجنسية أو لا يستحقّها.
أمّا تعديل القرار رقم 15/1925، على ما ورد في المشروع الذي يقترحه باسيل، فطال المواد من 1 الى 5 لتُصبح على النحو الآتي:
المادة الأولى: يُعدّ لبنانياً:
1- كلّ شخص مولود من أب لبناني أو أمّ لبنانية.
2- كلّ شخص مولود في أراضي لبنان الكبير قبل 19/1/1925 ولم يُثبت أنه اكتسب بالبنوة عند الولادة تابعية أجنبية.
3- كلّ شخص يُولد في لبنان من والدين مجهولين او مجهولي التابعية، ويُثبت قضاء هوية أحد والديه ونسبه وتابعيته اللبنانية.
المادة الثانية: إنّ الولد غير الشرعي الذي تثبت بنوته وهو قاصر يتخذ التابعية اللبنانية إذا كان أحد والديه الذي ثبتت البنوة بالنظر إليه، لبنانياً.
المادة الثالثة : تعدّل المادة 5 من القرار رقم 151925 بحيث تصبح كالآتي: كلّ شخص أجنبي يقترن بشخص من التابعيّة اللبنانيّة يُصبح لبنانياً بعد مرور سنة على تاريخ تسجيل الزواج في قلم النفوس بناء على طلبه.
المادة الرابعة: (تُضاف المادة التالية الى أحكام القانون) منعاً للتوطين المحظر دستوراً وتمسًكاً بحقّ العودة، يُستثنى من الأحكام المنصوص عليها في المادتين 1 و5 من القرار رقم 151925، الشخص اللبناني الذي يقترن بشخص أجنبي دخل الى لبنان لاجئاً أو نازحاً، لا سيما من الدول المجاورة للبنان.
المادة الخامسة : تعدّل المادة 13 من القرار رقم 15/1925 لتصبح كالآتي: تتولّى وزارة الداخلية والبلديات، بالإشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، وضع المراسيم والقرارات التطبيقية الآيلة الى تنفيذ أحكام هذا القانون؛ لا سيما ما يتعلّق بالشروط الواجب توافرها في الحالات الإفرادية التي تستحق التجنيس لمواطني الدول المستثناة.
المادة السادسة : ينشر هذا القانون ويعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية».
وترى الاوساط بأنّ هذه المواد تحتاج أيضاً الى بعض التعديلات لكي لا يتمّ استخدامها في غير إطارها الصحيح، مؤكّدة الى أنّه من الصعب قبول بعض الأحزاب والجهات بهذا المشروع على ما هو عليه حالياً. حتى أنّ بعض الأطراف سترفضه كليّاً لأنّه لا يفيدها إذا كان لا يعمل على الإكثار من أبناء طائفتها.
 

  • شارك الخبر