hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى - سياسي لبناني

رياض سلامة رجل استثنائي في زمن صعب واستثنائي

الإثنين ١٥ آذار ٢٠١٨ - 06:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

اللبنانيون بكل فئاتهم ومستوياتهم يغطّون في "كوما" الانتخابات النيابية والسياسيون مرشحين ولاعبين يشربون كأس الانتخابات حتى الثمالة وهم عن مشاكل ووضع البلد لاهون، وبما يدور في محيطهم غيرعابئين.

فبالنسبة لهم البلد بخير طالما أن الانتخابات ستجري فيه، ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة ولا أولوية تتقدم عليها بما في ذلك المسائل المتعلقة بالأمن الاقتصادي والاجتماعي.
نحن في وضع بالغ الدقة والخطورة، المنطقة تغلي ومقبلة على مشاريع كبرى وقبل أيام انطلقت مناورات إسرائيلية ضخمة لم يكترث لها أحد في لبنان ولم يُسمع صوتها ولم تؤخذ مخاطرها في الحسبان وكأن لبنان جزيرة معزولة ويكفيه ان تجري الانتخابات على ارضه ليكون في مأمن عن كل ما يجري حوله.
وفي لبنان الوضع الاقتصادي والمالي يمر في أوضاع صعبة ومقلقة تدل الى تراجع وانحدار في كل المؤشرات الحيوية واما الارتفاع فهو حاصل في التضخم والغلاء والبطالة والفساد... ورغم خطورة هذا الوضع فإنه لا يحظى باهتمام ومتابعة من قبل السياسيين بحجة ان هناك انتخابات وان الملفات والأمور تنتظر الى ما بعد الانتخابات ولا شيء يدعو الى الاستعجال والقلق...
ان الضغوط والاعباء الاقتصادية والمالية لا يمكن ان تنتظر اشهراً وتوضع جانباً الى ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي يمكن ان تستلزم اشهراً إذا حصلت ازمة تأليف وصراعات احجام.
فما نحن فيه اليوم ليس عادياً ومألوفاً من حيث ثقل الازمة الاقتصادية والاجتماعية وعمقها ومستواها ومضاعفاتها، والانتخابات لا تحجب دقة الوضع ومتطلباته ولا تكفي لتبرير الإهمال والتجاهل...
مما لا شك فيه ان المؤشرات والمعطيات الاقتصادية والمالية مقلقة وغير مطمئنة، فالدين العام بدأ يلامس عتبة ال 90 مليار دولار، ووضع المالية العامة يرزح تحت عبء إنفاق مفرط وهدر للمال العام والعجز في موازنة العام.
من هنا فبعد إقرار غير مدروس لسلسلة الرتب والرواتب ظهرت الازمات تباعاً، من ازمة المعلمين والمدارس الخاصة، الى ازمة الضمان الاجتماعي والمياومين في الكهرباء وغيرها، وإذا استمر هذا المنحدر فان الأمور متجهة الى انفجار اجتماعي في ظل تراكم المشكلات وتزايد الأعباء وحالات الفقر والاستغناء عن اليد العاملة اللبنانية لمصلحة اليد العاملة السورية.
مع اننا في مرحلة انتخابات، وانا شخصياً معني بها ومنخرط فيها، لكن دقة وخطورة المرحلة جعلتني احذر من المخاطر والصعوبات الاقتصادية والمالية التي لا يجب ان تغيب عن بالنا او ان نستخف فيها وانما يجب ان نأخذها على محمل الجد ونوليها كل اهتمام وعناية حتى لو اقتصر الامر على وضع حلول مؤقتة انتقالية للتخفيف من وطأة الأوضاع واثقال المرحلة.
نحن مع وضع النقاط على الحروف وقول الأشياء كما هي لان الواقع يقول ان هناك مشكلة كبيرة، ولكن نحن ضد المبالغة في تضخيم الخطر وبث أجواء الخوف والذعر والذهاب بعيداً في تصوير الازمة الى حد تشبيه ازمة لبنان الحالية بأزمة اليونان قبل سنوات والتحذير من ان لبنان يقف على شفير الإفلاس والهاوية، والدعوة بالتالي الى اتباع الإجراءات التي اتبعتها اليونان وهي إجراءات قاسية دعا اليها الاتحاد الأوروبي ومنها إجراءات تقشفية استهدفت خفض اجمالي النفقات العامة على الأجور والرواتب وتقليص مكافأة العمل الإضافي ورفع القيمة المضافة وتسريح آلاف الموظفين والعاملين في القطاع العام ...
فلبنان لم يصل الى هذه الحالة وما زال يتمتع بمقومات صمود ومناعة ذاتية، ولعل التطمين الأهم والابرز والاصدق هو الذي صدر عن حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة في هذا المجال في حديث الى وكالة رويترز حيث قال ان انتقادات صندوق النقد الدولي للمالية العامة في لبنان صحيحة، لكن مشروع ميزانية البلاد للعام 2018 يرسل اشارة جيدة لانه يسعى الى خفض واحدة من اعلى نسب الدين الى الناتج المحلي الاجمالي في العالم من مستويات فوق 150 في المئة، ويكفي ان يقول رياض سلامة الكلمة الحق والرأي الصحيح حتى تهدأ النفوس المضطربة ويتبدد القلق سريعاً لان رياض سلامة تكرس، ومن دون مبالغة، مصدر اطمئنان وثقة للرأي العام وامان واستقرار للوضع المالي والنقدي، فهو رجل استثنائي في زمن صعب واستثنائي.
وقد اثبتت التجارب والأزمات ان كل ما قاله وتوقّعه منذ تسلمه الحاكمية كان صحيحاً، وان كل ما فعله واتخذه من قرارات وإجراءات وسياسات وهندسات كان صائباً.
باختصار شديد معبر وبلهجة واثقة قال رياض سلامة ايضآ (في اجتماع عقدته الهيئات الاقتصادية برئاسة رئيسها محمد شقير هذا الرجل المميز الذي تسلم الامانة من عدنان القصار فكان خير خلف لخير سلف كونه رجل جدي وصاحب خبرة، يعمل بنشاط وقوة وزخم لمصلحة هذا الوطن واقتصاده وهو الجندي المجهول الذي لا يكل ولا يمل) حفاظآ على الاقتصاد اللبناني ومؤسساته، قال سلامة ان الأمور لا تزال تحت السيطرة ونحن امام مؤتمرات دولية ستساعد لبنان في العودة الى طريق النهوض، منتقداً ضخ اخبار تُشبّه الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد اليوناني قائلاً: " ان اليونان لم يكن لديها قطاع مصرفي قوي وقطاع خاص حيوي واحتياطات كبيرة بالعملات الأجنبية ومحذراً من أي ضخ مثل هذه الاخبار التي تخوّف الناس ومن شأنها ان تؤثر سلباً على المناخ العام لا سيما الأسواق والاستثمارات والفوائد.
"كلام الحاكم" يدعو الى الاطمئنان والى النظر بإيجابية وتفاؤل الى وضع اقتصادي مالي تحت اثقال وضغوط ولكنه مفتوح على آفاق مستقبلية مشجعة تبدأ مؤتمرات الدعم الدولية والعام المقبل الى اكتشافات النفط والغاز...
كان يكفي ان يقول رياض سلامة ما قاله حتى تسود الطمأنينة وتعود الامور الى حجمها الواقعي وتسكت كل أصوات التشويش وتتوقف كل محاولات الذين يتربصون بالوضع الاقتصادي عن حسن او سوء نية ويستخدمون الورقة المالية والاقتصادية في الاعيبهم ومناوراتهم السياسية.
في الواقع، ان دخول رياض سلامة على خط الأجواء المفتعلة والاشاعات وعملية التضليل والتضخيم كان دخولاً في محله وفي وقته، يدفعني الى طرح نقطتين:
اولاً: التأكيد بان أفضل واهم ما حصل في هذا العهد ومع هذه الحكومة من قرارات هو التجديد ل “رياض سلامة" حاكماً لمصرف لبنان، وتجديد الثقة المطلقة به والتفويض المطلق الممنوح له.... في أوضاع وحالات كهذه ندرك أهميته وقيمة هذا القرار ووجود رياض سلامة في موقعه ومسؤوليته على رأس مصرف لبنان.

  • شارك الخبر