hit counter script

مقالات مختارة - كاتيا توا - المستقبل

"عاشقة فلسطين" من مناضِلة إلى "متهمة" بالتعامل

السبت ١٥ آذار ٢٠١٨ - 06:40

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

«عاشقة فلسطين»، هو اللقب الأقرب إلى قلب جنى أبو ذياب التي حملت قضية فلسطين في قلبها وعقلها فنالت جواز سفرها كتكريم معنوي من الرئيس محمود عباس بعد عام على إنشائها جمعية «معاً إلى فلسطين» في الـ2010.

تتحدث أبو ذياب (32 عاماً) عن نشأتها على حب فلسطين، «حبّ الطفولة» الذي كبر معها لتختار فلسطين «شريكاً» لها، بعدما اتجهت إلى دراسة الحقوق لمساندة قضيتها الفلسطينية، متخلية بذلك عن حلمها الذي طالما راودها وهو فن الرسم. لكن تلك الشابة «المناضلة» لم يخطر في بالها أن ثمة من «رسم لها» طريقها، التي أوصلتها إلى السجن بـ«أبشع تهمة»، كما تقول.

يحزّ في نفس جنى أن مثولها أمس أمام المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمتها بـ«أبشع تهمة» ـــ التعامل مع عميل الموساد الإسرائيلي سليم الصفدي ـــ تزامن مع ذكرى استشهاد «المعلم كمال جنبلاط رمز المقاومة بالنسبة لنا نحن الدروز في سبيل الوطن، فألبسوني تهمة العمالة فيما لا تربيتي ولا أخلاقي تسمح لي بذلك».

أمام المحكمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، «خلعت» أبو ذياب عنها «عباءة العمالة»، التي أُلبست لها في «ملف مفبرك» - كما تقول - أُريد منه تشويه سمعتها وإبعادها عن الملف الفلسطيني، بعد أن «كانت في طريقها لتسلم مهامها الجديدة في السلك الديبلوماسي الفلسطيني»، مستذكرة ما حصل معها في العام 2010 عندما تم التشهير بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقابل رشوة أشخاص للقيام بذلك»، فـ«أنا أتنفس فلسطين وأعشق فلسطين ولن أخونها ولا يمكن لألف شخص مثل سليم الصفدي ولا الأكبر منه أن يجنّدني».

بصوت متهدّج، تبدأ أبو ذياب بسرد قصتها بحضور وكيلتها المحامية رانيا خليفة التي حاولت أن تحثها على الإفصاح عن الجهة الأمنية اللبنانية التي كانت عالمة بتواصلها مع الصفدي من دون جدوى، فـ«أنا لا أستطيع ذكرها»، مكتفية بالإفصاح جهاراً عن اسم المسؤول الأمني في السفارة الفلسطينية اسماعيل شروف المعروف بـ"أبو ايهاب" الذي كان على دراية واسعة بكل كلمة قالتها للعميل الصفدي خلال تلك المحادثة بينهما والتي استمرت لعشر دقائق وليوم واحد فقط. ومن هنا جاء سؤال رئيس المحكمة لأبو ذياب: لماذا أبو ايهاب لم يحمك؟ فأجابت بأنه أبلغ جهة لبنانية أمنية بكل التفاصيل.

انفعال أبو ذياب بعد أكثر من ساعتين من الاستجواب أصابها بهبوط في ضغط الدم، ما دفع برئيس المحكمة إلى رفع الجلسة للحظات واستدعاء ممرض إلى المحكمة لتعود جنى إلى قاعة المحكمة حيث أبلغها رئيسها بأنه أرجأ الجلسة إلى 17 نيسان المقبل للاستماع إلى إفادة شروف وإلى ضابط في الجيش اللبناني قالت جنى إنها أعلمته بما حصل معها قبل يومين من توقيفها، وكذلك للحصول على داتا الاتصالات والمحادثات بينها وبين طارق نجل الرئيس الفلسطيني وبينها وبين الصفدي بعدما شككت جنى في محو جزء من تلك المحادثات مع الصفدي والتي كانت تتعلق بالوزير الفلسطيني محمد دحلان.

«أنا من الجاهلية في الشوف»، بدأت جنى إفادتها أمام المحكمة قبل أن يقاطعها العميد عبدالله الذي ارتأى السير باستجوابها انطلاقاً من التحقيقات الأولية التي أجريت معها لدى جهاز الأمن العام الذي أوقفها في 13 تشرين الثاني الماضي، حيث «بقيت لديه عشرة أيام من دون أن يعلم أهلي عني شيئاً وإلى الآن لم أقابل أحداً منهم حتى في سجن النساء لأنني لا أستطيع أن أتحمل أي إهانة قد توجه إليهم لأنني تعرضت للابتزاز في الأمن العام».

في تشرين الأول من العام 2010 استحصلت أبو ذياب على الجنسية الفلسطينية من خلال سلطان أبو العينين كتكريم لها بعد إنشائها جمعية «معاً نحو فلسطين». وما سهّل حصولها على جواز السفر وهو معنوي كتاباتها بوكالات عديدة عن القضية الفلسطينية «وكان اسم جنى معروفاً بما يكفي في خط المقاومة والدفاع عن فلسطين».

تناولت أبو ذياب نشاطات الجمعية التي تُعنى بالمخيمات الفلسطينية في لبنان وعملها ضمن الأمم المتحدة، ومن خلال ذلك سافرت إلى بلدان عدة.

وعن علاقتها بأبو العينين قالت جنى إنها تعرفت عليه من خلال تواصلها مع السفارة، وبقي هذا التواصل حتى العام 2014 حيث راح كل منهما باتجاه سياسي مختلف.

وروت جنى حادثة حصلت معها في الخارج عندما تعرضت للمطاردة من مجهول على متن سيارة تبين بأنها تابعة لإحدى المنظمات في إيطاليا. وكذلك تحدثت عن حادثة اعتراضها في مطار الأردن وعن سبب مجيئها وإذا كانت ستدعو إلى التظاهر والانتفاضة، وما إذا كانت لديها أي علاقة بالمجتمع المدني في الأردن؟ وكانت حينها تُشارك في أحد المؤتمرات كممثلة لفتح. وكذلك تناولت حادثة ملاحقتها في أميركا حيث تواصلت مع العميد شروف الذي طلب منها العودة إلى لبنان. وبعدما نفت تلقي أي أموال من أحد أوضحت أنها كانت تتقاضى مبلغ ألف وخمسماية دولار كراتب شهري من خلال عملها في شركة «ريتش» وهي مجموعة شركات تابعة لرجل أعمال فلسطيني وتُعنى بإصدار دليل وكتيّب لشركات توظيف وما شابه.

وعن علاقتها بشروف قالت «إننا اصدقاء جداً، ودائماً كنا نلتقي ونتحدث عن أوضاع المخيمات وهو غادر لبنان بعد يومين من توقيفي وكان سفره إلى رام الله مقرراً سابقاً». وأضافت أنها التقته قبل 3 أيام من توقيفها.

وبسؤالها أكدت أبو ذياب أنها تتواصل مع كثير من الأشخاص في فلسطين المحتلة عبر الفايسبوك ومع شخصيات درزية والمجلس الأرثوذكسي. وكان من بين هذه المجموعات سليم الصفدي، وهو كان رئيس بلدية الجولان وناشط ضمن مجموعة الشباب المقاوم.

وسألها رئيس المحكمة: ألم يكن ضابطاً متقاعداً في الجيش الإسرائيلي؟ فأجابت: «لا أعرف وإنما كان من الأشخاص الذين يعملون ضد الاحتلال».

وعن المعلومات التي هي بحوزة الأجهزة الأمنية اللبنانية من أن الصفدي هو ضابط متقاعد ومستشار قانوني ضمن مجموعة يرأسها العميد مندي الصفدي مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قالت: «إن محور علاقتي بالناس هو فلسطين وتعرفت على سليم من خلال المجموعة».

وعن تواصلها مع الصفدي حيث عرض عليها العمل مع الموساد. قالت إنه كان دائماً يتواصل معها عبر الفايسبوك وسألها في إحدى المرات عن رأيها «شو بتشتغلي معنا؟»، فاستوضحت قصده حيث قال لها «مع الجيش الإسرائيلي» فاتصلت حينها بأبو ايهاب وقالت له «يلي كنت خايفة منو صار»، وأن الأخير طلب منها التواصل مع الصفدي عبر الواتساب لتسجيل المحادثات ففعلت، وكان كلما أبلغها بشيء تنقله إلى أبو ايهاب. وأضافت أن التركيز كان على الموضوع الفلسطيني وليس لبنان وحينها قالت للصفدي «ما رح فيدك»، إنما أبو ايهاب طلب منها الاستمرار في التواصل معه.

ولفتت إلى أن الصفدي عندما عرض عليها العمل مع الجيش قالت له «مع العدو، مع الذي قتل أهلي؟» ليجيبها بأن «السياسة شيء والإنسانية شيء آخر». وأكدت بأن أبو ايهاب أصر عليها الحصول على عرض من الصفدي ومعرفة ما الذي يريده بالتحديد. إنما الصفدي كان يطلب منها الموافقة على التعامل قبل العرض. وقالت إن هذه المحادثات استمرت لعشر دقائق فقط خلال شهر آب وليوم واحد. وقالت إن المحادثات أرسلتها إلى طارق عباس الذي أرسلها إلى والده الرئيس محمود عباس وأن أبو ايهاب كان يملي عليها ما يجب أن تقوله.

وأخذت أبو ذياب على الأمن العام عدم استدعاء أبو ايهاب إلى التحقيق، مشيرة إلى أن المحقق كتب من عندياته فكان يسأل ويجيب بنفسه «فكتب من مخيلته».

وعادت إلى محادثات الصفدي الذي تناول حركة فتح والفلسطينيين وعندها أبلغته «ما تجرّب لأنو ما بعمل شي ضد فتح والفلسطينيين». وسألت: «أن الأصدقاء المشتركين بيني وبين سليم كثر فهل تعرض أي منهم لموقف كموقفي؟ وهنا يختلف تقويمي للأمور»، نافية طلبه منها جمع معلومات عن عناصر وضباط وعتاد حزب الله وعن حركة حماس، موضحة أن الصفدي «عندما لمس رفضي لجهة فتح قال حزب الله وأنا أبلغته أنني لست معنية بالشأن اللبناني»، وقالت: «يا دوب أنا أعرف ثلاثة وزراء في حكومتنا وعندما أقفلت له موضوع فتح صار يتحدث شمالاً ويميناً».

واعتبرت أبو ذياب أن رسالتها والصفدي هي دليل براءتها فيما الأمن العام كان مصراً على «اتهامي بأنني عميلة وخاربي البلد وهو بنى اتهامه على تقارير أمنية من مسؤول أمني خارجي بسبب مشكلة شخصية. وهذه التهمة مركبة وهم اتهموني بالعمالة فيما يستمعون إلي كشاهدة في قضية أخرى». وهنا استوضحها رئيس المحكمة عما تقوله فكشفت أن الأمن العام استخرجها قبل يومين من السجن وسألها عن أمور مختلفة قبل أن يعيدها إلى سجنها من دون أن توقّع على شيء إنما كان المحقق يكتب ما تقوله.

وأشارت إلى أن الصفدي طلب منها محو المحادثة معه إلا أنها تركتها وقامت بتصويرها وأرسلتها إلى أبو ايهاب.

ونفت أن تكون قد وافقت على التعامل من خلال الحوار مع الصفدي وهي أبلغته «عم تبعتني للإعدام» وأنا مستعدة أن أبيع أهلي ولا أبيع فلسطين.

واستوضحها رئيس المحكمة عن قولها في تلك المحادثة بأنها ترفض هذا العرض منذ عشر سنوات؟ فقالت: «أنا اتبعت خطاً مغايراً ضد ما يُسمى بحالة محمد دحلان، والصفدي كان من المقربين منه ويتواصل معه، وأنا تحدثت مع الصفدي عن الموضوع وقلت له لو أردت التعامل لاختصرت الطريق». وبعد اطلاعها على نسخة عن تلك المحادثات لاحظت أبو ذياب أن جزءاً من المحادثات غير موجود «هناك حديث طويل عريض عن دحلان غير موجود»، ومن هنا جاء جوابها في محادثتها للصفدي أنها ترفض العرض منذ عشر سنوات.

وأضافت بأن لديها مشكلة مع الأمن العام منذ الـ2010 وقد تم التشهير بها مقابل دفع عشرة آلاف دولار من قبل أشخاص على الفايسبوك «بأنني اتبع لدحلان وبأنه عميل». وقالت: «هيدا الزلمي (الصفدي) مش الموساد باعتلي ياه وأنا خبيرة، فالاحتلال ما بيشتغل هيك». وقالت: «ثمة سيناريو للانتهاء مني».

وروت أبو ذياب أنها أبلغت ضابطاً في الجيش سمّته قبل يومين أو يوم من توقيفها أنها تتعرض للمراقبة وأن جهازاً أمنياً «يسأل عني بطلب من جهاز أمني خارجي».

وفي ردها على أسئلة ممثل النيابة العامة القاضي رولان الشرتوني قالت أبو ذياب إنها لم تمحِ أي من المحادثات بينها وبين الصفدي وأرسلتها جميعها إلى أبو ايهاب، وأضافت أن الصفدي رجل ناشط وكان يتحدث بإعجاب عن دحلان «وأنا ضد سياسة الأخير».
كاتيا توا - المستقبل

  • شارك الخبر