hit counter script

باقلامهم - العميد منير عقيقي

الانتخابات فرصة جديدة

الثلاثاء ١٥ آذار ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

المدة الزمنية التي تفصلنا عن الانتخابات النيابية المُزمعة لا تتجاوز الشهرين، لكن على الرغم من ذلك فإن معظم المسوحات الإحصائية تظهر ارباكا شديدا عند الناخبين. بعضهم بدعوى التعقيد في القانون الجديد، بينما جزء آخر يتذرع بـ "يأس" من التغيير نحو الأفضل لاعتقاده عن غير صواب ان الطبقة الحاكمة فصّلت قانونا يتلاءم واجسامها السياسية. الحق ان في الأمرين شيئا من الجدية السياسية. لكن ما يجب أن يبقى حاضرا في الاذهان هو ان الانتخابات هي الضمان الديموقراطي الارقى لتطوير النظام السياسي، وما يندرج فيه من حقوق على الدولة والمواطن، وكذلك ما يترتب من واجبات على الاثنين.
عملياً، لا يوجد شيء في العالم عليه اجماع، فكيف الحال بقانون انتخابي في بلد مثل لبنان يكاد تنوع الآراء والتوجهات فيه يتجاوز عدد مواطنيه بسبب الهواجس الضيقة التي تتقدم على المواطنة؟. لكن في المقابل فان القانون الجديد يُعد ـ بحسب الوقائع اللبنانية المُعقدة ـ انجازا بكل ما للكلمة من معنى لسببين جوهريين: الأول دخول النسبية التي تُتيح لجميع التنوعات السياسية الوصول الى البرلمان، أما السبب الآخر فيتمثل باسقاط قانون الستين الأكثري الذي كان يُنصب أباطرة على اللبنانيين عموماً والطوائف خصوصا, الآن ما عادت الأكثرية قادرة على الغاء الآخر أو منعه.
قانون الانتخاب ـ أي قانون ـ مهمته الأساس توفير صحة التمثيل في المجلس النيابي، الذي هو بدوره ميدان النقاش والحوار بدلا من الشارع الذي نعرف جميعا ارتداداته على الأمن والاستقرار. صحيح ان القانون الحالي ليس الأفضل، وكان يمكن أن يكون كذلك لو تضمن بعض الإصلاحات كخفض سن الاقتراع، اقرار الكوتا النسائية، اعتماد البطاقة الممُغنطة. أو لو تجنب تقسيم دوائر معينة بطريقة طائفية، واسقاط المساواة في تقسيم الدوائر. او لو لم يحصر الصوت التفضيلي في القضاء.
وعلى الرغم من وجود الشوائب المشار اليها انفا في قانون الانتخاب الحالي، التي كان من المستحسن تصويبها لئلا تشكل مادة مراجعة وابطال امام المجلس الدستوري او خلافا دستوريا، فإن القانون الجديد يعتبر فرصة ستؤدي إلى تغيير على مستوى تشكيل البرلمان ككل، وسيؤدي أيضا إلى مفاجآت، بحيث لم يعد محسوماً وصول مئة نائب من أصل 128 كما كان سابقا.
الآن، صار بإمكان اللبنانيين احداث التغيير الذي يريدونه اذا ما كانوا صادقين في اعتراضاتهم التي تتراكم في الملفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية.
القانون يحمل متغيرات عدة منها الاقتراع الذي سيكون عبر ورقة مطبوعة مسبقا، وهي قسيمة تضم كل اللوائح الموجودة في الدائرة، وكل لائحة تضم أسماء المرشحين. كما ان الناخب مضطر للاقتراع للائحة من دون إمكانية لاجراء مفاضلة بين أسماء على لوائح أخرى. هذه "الجبرية" إذا صح التعبير تُرتب على الناخب التمهل كثيراً قبل الادلاء بصوته، لأن عليه العمل على تغيير واقعه عبر من يختارهم للوصول إلى الندوة البرلمانية.
الانتخابات المقبلة فرصة حقيقية بعدما جرى تبديدها بتمديدين سُلب فيهما المواطن من احد حقوقه الدستورية والقانونية. لن تكون فرصة إلا بحسن الاختيار وفقا لما يُمليه العقل والضمير وليس الغرائز والنفوس المشحونة او المال الانتخابي بحسب ما يتم التدوال بشأنه، اذ يقال ان هذه الانتخابات ستكون الاغلى.
الأهم من كل ذلك، اننا ندخل الى الانتخابات وامل جميع اللبنانيين يكمن في مستقبل واعد لهم ولأبنائهم، يشعرون خلاله بالسلام والازدهار والامان، بدلا من ان يشاهدوا يوميا وبأم العين، أبشع تلال القمامة، فيما صارت جبالنا الخضر أكوام بحص، وزُكمت أنوفنا بروائح الفساد والنفايات والكراهيات على انواعها.

العميد منير عقيقي - مجلة الامن العام عدد 54 اذار 2018

  • شارك الخبر