hit counter script

الحدث - جوزف قصيفي

الطائفية: ضرر أو ضرورة كيف يتم تجاوزها؟

الإثنين ١٥ شباط ٢٠١٨ - 06:09

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لبنان امام منعطف مصيري. لا يستطيع ان يبقى واقفا على رصيف الانتظار عل رياح الصدفة تحمله الى منقلب آخر لا احد يستطيع التكهن بماهيته. والامر بات يستدعي ان يتجند المتنورون لان يعملوا معا على رسم معالم الطريق المفضية الى صيغة جديدة، وابتكار اطار مختلف يحافظ على خصائص التنوع والتعدد التي تميز لبنان في هذا الشرق الواقع بين مطرقة الدكتاتورية وسندان الظلامية. 

قد تكون الطائفية هي علة لبنان لانها لم تعد مصدر ثراء حضاري، بعدما تحولت الى اداة استغلال ووسيلة لتثبيت سيطرة طائفة على حساب اخرى، واستثارة الغرائز والنعرات عندما يستدعي الوضع ذلك. ومن الواضح ان الطائفية تغطي الفساد وتحمي الفاسدين، وتعيق بناء دولة القانون والمؤسسات. والمطلوب تجاوزها من دون ضرب مبدأ الشراكة الوطنية التي توفر التوازن بين المجموعات الطوائفية المكونة للبنان. وهذه عقبة كأداء، لان مثل هذا التوازن يعتبر في نظر البعض احد مسببات انعدام المساواة بين المواطنين.
لا مفر من معالجة الهدر، والعجز عن انتاج الموازنات العامة، والامتناع عن اصدار قطع الحساب، وشلل الهيئات الرقابية وعدم تمكنها من القيام بدورها، وان قامت فلا تجد لدى المسؤولين آذانا صاغية. والطائفية تحولت الى مذهبية حادة يجري التعبير عنها في معظم الاحيان باسلوب صادم.
قد يكون الرئيس الراحل فؤاد شهاب اول مسؤول لبناني حاول بناء الدولة المدنية والحد من سلبيات الطائفية، عندما وضع آليات لتعيين موظفي الفئة الاولى ومجالس الادارات المستقلة من الخريجين المتفوقين من الجامعات من كل الطوائف واحلهم في هذه المناصب الرفيعة وفق معايير وشروط صارمة، مطلقا يد الهيئات الرقابية ومطبقا مبدأ المداورة. على ان مثل هذه التدابير -ان حضرت- فهي لم تعد تؤدي الى نتيجة. وينبغي البحث عن طريقة اخرى لا تبدو متاحة في ظل ما آلت اليه الاوضاع في لبنان راهنا. ولا شك ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعرف هذا الواقع تماما ويتألم له وهو لطالما نبه منه ومن تداعياته عندما كان نائبا ورئيسا لاحدى اكبر الكتل البرلمانية. وهو عازم على التصدي للتسيب الموروث منذ عقود طويلة، ولاسيما منذ الطائف. ولم تحصل في تلك الايام اي حملة جادة لوقف الفساد باستثناء محاولة فولكلورية كيدية قام بها الرئيس الراحل الياس الهراوي ذكرت بمحاولة التطهير الجائرة في عهد سلفه الراحل شارل حلو، واخرى في عهد الرئيس السابق اميل لحود الذي اجهض المتضررون توجهه الاصلاحي وعهده في البواكير.
ان الحاجة لفك الارتباط بين الطائفية والفساد اكثر من ماسة، لان اتخاذ الاولى ذريعة لتبرير الثاني يخل بمبدأي التوازن الوطني والتنوع اللذين قد يكونان المسوغين الرئيسين للابقاء على هذا النظام المركب.
لا احد في لبنان يجنح نحو تركيبة ذات منحى الغائي ينفي الآخر بالاستناد الى العدد في عالم بات يرتكز الى التنوع والحفاظ على الهويات الدينية والاثنية، ولكن لم يعد مقبولا ان تكون الطائفية ستارا يغطي الفساد، وانعدام المساواة،وهدر الفرص، واستيلاد الخلافات، واعاقة التقدم والنمو.
ما هو الحل؟ لا تعوز لبنان الادمغة القادرة على ابتداع الحلول من دون المساس بفلسفة وجوده وقواعد دوره كوطن رسالة. ولا شيء مستحيل اذا توافرت ارادة وحاضنة لبنانية جامعة للقيام بهذا العمل.
علينا الا نبكي ونيأس كالذين لا رجاء لهم ، فكفى تصديرا لادمغتنا. بل من قال اننا نحب ان تكون فلذاتنا طيورا مهاجرة في فضاءات الله الواسعة تصطادها الاوطان الاخرى، فيما نحن الى شيخوخة محتمة. ليبدأ البحث الجاد من اليوم لنستدرك غدنا. وليعط الرئيس عون شارة الانطلاق في هذه الورشة الشاقة.
 

  • شارك الخبر