hit counter script

خاص - روبير فرنجية

زيارة العمر لسميرة توفيق بين العصر والمغرب

السبت ١٥ شباط ٢٠١٨ - 06:07

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

إعتزلت لم تعتزل! إعتكفت لم تعتكف! إبتعدت لم تبتعد! هذا هو لسان حالنا كلما أتينا على ذكر الطيبة الذكر سميرة توفيق، واليوم نزيد على تساؤلاتنا تساؤلا وجواب: كبُرت لم تكبر! 

إتصلتُ بإبنة شقيقتها الزميلة لينا رضوان - التي أعرفها مقدمة برامج أيام الـ CVN وراديو راما - وقلتُ لها "أريد أن أهدي الست سميرة كتابي "شو أسمك" وأشكرها على رسالتها الصوتية التي قالتها يوم توقيع القاموس في زغرتا بتاريخ 6/1/2018"، فردت لينا: لأنك من "الغوالي" سأحضّر للقاءٍ قريب.
بعد أقلّ من ساعة تلقيت اتصالاً من "المؤتمنة الوحيدة على أرث خالتها" وتقول: "اللقاء سيكون يوم الخميس وأنت عميده تصرف كأنّ بيت "زازا" بيتك ووجّه دعوات لمن تشاء".
محبة لينا جعلتني أطمع بالذوق أكثر وتمنيت حصول اللقاء يوم الاربعاء عند الرابعة بعد الظهر، فضحكت ورددت أغنية خالتها "يا هلا بالضيف"، وبادرت الى إلغاء موعدها لدى طبيب الأسنان.
الدعوات التي وجّهت كانت لاصدقاء مشتركين بين لينا وبيني، يجمعنا حب وعشق أيقونات الغناء في لبنان - فيروز وسميرة توفيق أطال الله بعمرهما وصباح رحمها الله .
إصطحبتني الزميلة ريتا الخوند من صوت الغد الى الحازمية حيث منزل "سمراء البادية"، فأيقظت بي ذكريات دار الصياد وفاحت رائحة حبر مطابع الشبكة والصياد والأنوار.
كثيرةٌ ذكريات الحازمية من منزل الشحرورة صباح الذي اغتاله جشع الوريثة.. الى تلفزيون لبنان المهجور كبيوت المسافرين..
أمام تلفزيون لبنان ترجلّت ريتا من سيارتها تستذكر البرامج التي قدمتها - كأصيلة وبديلة تذرف دمع الاستذكار والحنين.
البناية التي تقطن فيها سميرة توفيق لا تحتاج الى مرشد سياحي، الكلّ يعرفها، كأنها سفارة أو قنصلية. ركنا السيارة وترجلنا، فألقى ناطور المبنى التحية - ودشن حرارة الاستقبال من المصعد الى البهو الاول - حيث بدأت حفاوة أهل الدار مع بيار إبن الشقيق ولينا إبنة الشقيقة، قبل أن تشرق شمس سميرة كريمونا بعباءة أنيقة ملونة وشعر يشبه ليل الفرح وماكياج أنيق لم يعدل .
ذاكرة طرية "دقوا على الخشب" أعادتني بلحظة على طريقة "الفلاش باك" في المسلسلات الى حوارات الاذاعة ومصيفي اهدن التي
وُصلت الليالي فيه بساعات الفجر.
تذكرت في حضرتها بعض الاغاني وتمتمت "شو بدنا نعدّ لنعد".
ترحمت على كثيرين في جلستها، أتذكر منهم رفيق حبيقة وجورج ابراهيم الخوري ونهاد طربيه وصباح؛ وتلمع عينيها حزناً صامتا حين نروي بعض مفارقات قلة الوفاء في حياة الشحرورة في سنواتها الأخيرة.
ليس سراً حبها للسيدة فيروز، اذ تُفصح عن تبادل الاتصالات الهاتفية بينهما: "نطمئن على بعضنا دائما.. فيروز ست الستات (تضحك) تنصحني بالرجيم دائماً ."
أوصلنا سلاماً حاراً لها من المطربة حنين التي كرّمتها بصوتها في حفل توقيع كتابي فترد على التحية بتحية. وتمسك الكتاب "شو أسمك" وتستعرض صفحاته وتبتسم أعجاباً: صورتي هنا جميلة، كأنها تغني "أنا حلوة وعارفة حالي" وتقول لي "إبن العائلة الاصيلة".. مسجلّة بالصوت والصورة أتحفظ عن نشرها، أعتبرها مثل التيجان على رؤوس العرسان.
الاردن وذكرياتها ومهرجاناتها وتقديرها لجلالة الملك وجلالة الملكة والامراء والشعب تفضحه عينيها، ومن النور الذي يسطع في ملامح وجهها. وكذلك العراق وسوريا وكل البلدان العربية التي غنت تراثهم وفولكلورهم.
ولدى طلبنا أن تعد الناس بجديد تقدمه، أكدت وجود مشروع سيبصر النور في القريب لأغنية عراقية.
تحرص "الست سميرة" على الضيافة وجمال "اللقطة الفوتوغرافية". وتعرف أننا نعرف ما يجب أن ينشر وما يجب أن يتلف من الذاكرة.. كيف لا وهي صاحبة أغنية "دخلك يا بير يا بو سرار الخفية كانت أيام بيني وبينو هنية عندي أسرار أنتي بتعرف أولها لكن يا بير لو تدري باللي بيا ".
تركتُ المقعد اللصيق بمقعدها لافسح المجال لصديقتي ريتا الخوند لتقدّم لها كتابها الشعري "أميرة الياسمين" حيث بدت شديدة التأثّر بالجلسة واللقاء.. ودموعها شاهدة على ما أقول.
ريتا نبشت من حقيبتها كلمات وقعتّها لها سميرة توفيق أيام حاورتها في اذاعة "صوت الحق" من 29 سنة تقريباً وصورة لها مهداة بخط يدها، وتمسك هاتفها وتسمعها لقطة من حوار أيام اللولو وتعانقها بحرارة الاعجاب.
بعد ساعة وربع الساعة اكتمل نصاب الجلسة وحضر الكاتب روي حرب ترافقه الاعلامية رلى أبو زيد، فتستقبلهما مخترعة لقب زازا بلـ"أهلا والسهلا". وعلى فكرة فإن لينا كانت في صغرها تطلق على الرضاعة زازا وعلى خالتها سميرة توفيق نفس الاسم.
روي لم تكن زيارته الاولى لسميرة توفيق، فهو كان في عداد وفد بلدية الحازمية حين أطلق على أحد شوارعها اسمها .فسأل روي لينا: "أين أصبحت كلمتها المسجلّة للشارع؟" فتتتعهد بتأمينها وتتحمل مسؤولية التأخير. وبعدها أهدى روي سميرة توفيق كتابه الجديد "مبنى الاحلام".
أما الاعلامية رلى أبو زيد فنقلت لها سلاماً من عمتها الاعلامية جاندارك أبو زيد فياض، فردت الكبيرة التحية بتحية وتمنت لها طول العمر؛ لانها والسيدة فيروز هما الكبيرتان الوحيدتان في الوطن.
سميرة توفيق لم تتعب من أحاديث الديوانية الخماسية، وأصغت للكلّ وإهتمت بالكل..
ولم تنسَ أن توصينا بلينا قائلة: "لينا هي المؤتمنة على مسيرتي وهي الوحيدة المفوضة بذلك.. لقد حملتها عندما كان عمرها ساعة وهي تحمل أرثي اليوم بأمانة".


 

  • شارك الخبر