hit counter script

أخبار محليّة

الرئيس عون من أرمينيا: متمسكون بحدودنا البرية والبحرية وبحقنا في الدفاع عنها

الخميس ١٥ شباط ٢٠١٨ - 08:56

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس جمهورية أرمينيا سيرج سركيسيان على توحيد الجهود الثنائية لتعزيز اواصر التعاون بين البلدين ولاسيما في ما يتعلق بزيادة حجم التبادل التجاري. وأكد الرئيسان عون وسركيسيان من جهة اخرى، على ضرورة ايجاد حلول سلمية للأزمات في منطقة الشرق الاوسط، وايقاف آلة الحرب لأن العنف لا يستجر إلا العنف والتطرف، وشددا في هذا السياق على تعزيز التعاون الثنائي والدولي لمكافحة الارهاب، طالما انه لم يعد هناك اي بلد بمنأى عن اخطاره.
وشدد الرئيس عون على ضرورة العمل من أجل الوصول الى توافق دولي يؤمن عودة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلادهم والتي باتت تحت سيطرة الدولة السورية. وإذ جدد التأكيد على تمسك لبنان بحدوده البرية والبحرية، وبحقه في الدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة، فإنه لفت إلى ان لبنان يعوّل على صداقاته الدولية للمساعدة في جبه التهديدات الاسرائيلية وعدم تفاقم الأوضاع.
واشار رئيس الجمهورية الى تمسكه بتمتين الصداقة والتعاون بين لبنان وأرمينيا، مشدداً على الوقوف الى جانب أرمينيا وحق شعبها الطبيعي بالسيادة والسلام والازدهار.
بدوره، أعرب الرئيس سركيسيان عن تقدير بلاده للوجود اللبناني الفاعل والتوسيع المستمر للاستثمارات اللبنانية في أرمينيا، كما نوه بالتعاون المثمر والتأييد المتبادل بين لبنان وارمينيا في المحافل الدولية، ولاسيما في المسائل ذات الأهمية الحيوية بالنسبة لبلاده.
وإذ شدد على أهمية مساهمة لبنان في مكافحة الإرهاب والتطرف مثمنا عالياً مساعداته الإنسانية للشعب السوري خلال سنوات الحرب، فإنه لفت الى أن "أرمينيا تمكنت ايضاً من تقديم مساهماتها المتواضعة في استقرار وتوفير أمن لبنان الصديق عبر المشاركة في قوات حفظ السلام الـ UNIFIL التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان".
مواقف الرئيسين سركيسيان وعون جاءت خلال لقاء القمة اللبنانية-الارمينية الذي عقد بينهما قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في يريفان".
وكان الرئيس عون وصل الى القصر الجمهوري الارميني عند العاشرة وعشر دقائق من صباح اليوم بتوقيت ارمينيا (الثامنة وعشر دقائق بتوقيت بيروت)، حيث كان في استقباله عند الباحة الخارجية الرئيس سركيسيان، فتوجها معاً الى منصة الاعلام، وعزفت الموسيقى النشيدين الوطنيين للبلدين. وبعد استعراض حرس الشرف، حيا الرئيس عون العلم الارميني، قبل ان يتوجه الى مصافحة الوفد الرسمي المضيف، فيما صافح الرئيس سركيسيان الوفد الرسمي اللبناني. وبعد مراسم الاستقبال الرسمية، انتقل الرئيسان الى القاعة الحمراء داخل القصر الجمهوري، حيث عقدا خلوة حضرها عن الجانب اللبناني: وزير السياحة اواديس كدانيان، والنائب اغوب بقرادونيان، ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا، فيما حضرها عن الجانب الارميني: وزير الخارجية ادوارد نالبانديان، سفير ارمينيا في لبنان صامويل مكردجيان، ومساعد رئيس الجمهورية فاروجان نيرساسيان.
ثم تحولت الخلوة الى لقاء موسّع ضم الى الرئيسين عون وسركيسيان والوزير كدانيان والنائب بقرادونيان والاستاذ شلالا، أعضاء الوفد الرسمي اللبناني: وزراء الصناعة حسين الحاج حسن، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، سفيرة لبنان في ارمينيا مايا داغر، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون التعاون الدولي الوزير السابق الياس بو صعب والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم.
وحضرعن الجانب الأرميني الى الرئيس سركيسيان والوزير نالبانديان، والسفير مكردجيان، ومساعد رئيس الجمهورية، قائد شرطة ارمينيا فلاديمير كاسباريان، وزير الادارة المناطقية والتنمية دافيد لوكيان، وزير التنمية الاقتصادية والاستثمار سورين كارايان، رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية اللبنانية -الارمينية النائب أغفان فاردانيان، مدير شؤون العلاقات الخارجية في مكتب الرئاسة الارمينية تزوفينار هامباردزوميان، رئيس لجنة الشرق الاوسط في وزارة الخارجية سارمن باغداساريان، مديرة العلاقات العامة والاعلام في رئاسة الجمهورية ماري هاروتيانيان، ورئيس لجنة مكافحة الارهاب زارمين زيتونتسيان.
في مستهل الخلوة، رحب الرئيس سركيسيان بالرئيس عون في ارمينيا، معتبراً أن هذه الزيارة تفتح صفحة جديدة من العلاقات القائمة بين البلدين، وهي علاقات تقوم على الصداقة القديمة والمتجذرة.
ورد الرئيس عون شاكراً للرئيس سركيسيان الحفاوة التي لقيها منذ وصوله الى ارمينيا وقال:"إنني سعيد أن أكون هنا وبرفقتي وزير لبناني ارمني في الحكومة وأمين عام حزب الطاشناق الارمني".
اضاف:" تقوم بين لبنان وارمينيا علاقات متينة، ونحن نقدر دور اللبنانيين الارمن في تعزيزها وفي مساهمتهم المهمة في الحياة الاقتصادية اللبنانية، وسنعمل معاً لترسيخ هذه العلاقات وتطويرها في كافة المجالات."
ثم تطرق الحديث الى العلاقات الثنائية، فقال الرئيس الارميني أن رئيس الحكومة الارمينية سيزور لبنان في 12 و13 آذار المقبل تلبية لدعوة من رئيس وزراء لبنان، وذلك للبحث في المزيد من التعاون على صعيد العلاقات الثنائية ولتوقيع اتفاقات بين الجانبين اللبناني والارميني. كما تحدث عن التعاون في المحافل الدولية بين البلدين، معرباً عن أمله في أن يستمر. أما في المجال الاقتصادي، فأشار الرئيس سركيسيان الى أن ارمينيا بلد واعد ويمكن أن تكون هناك استثمارات متبادلة مع لبنان، لافتاً الى أن السياحة هي جزء من العلاقات الثنائية داعياً الى تطويرها وتعزيزها.
أما الرئيس عون، فجدد شكره للرئيس الارميني على استقباله وأكد حضوره القمة الفرنكوفونية التي ستعقد في ارمينيا في تشرين الاول المقبل.
وتناول البحث موضوع الارهاب، فعرض الرئيس عون للانجازات التي حققها لبنان في هذا المجال، وشكر الرئيس الارميني على مشاركة بلاده في اليونيفيل. وتحدث عن اوضاع النازحين السوريين وتداعيات هذا النزوح على الاقتصاد اللبناني، فلفت الرئيس عون الى المؤتمرات الثلاث التي ستعقد في روما وباريس وبروكسيل لدعم لبنان وجيشه وقواه المسلحة، كما لدعم الاستثمارات ولمساعدة لبنان في مواجهة أعباء النزوح، معرباً عن أمله في ان تشارك ارمينيا في هذه المؤتمرات، فأكد الرئيس الارميني مشاركة بلاده فيها.
وعرض الرئيس عون لموضوع التهديدات الاسرائيلية واستفزازاتها الدائمة للبنان خصوصاً في ما يتعلق بانتهاكها الدائم لحدوده البرية والبحرية وأطماعها في ثرواته الطبيعية لاسيما في الغاز والنفط. وأعرب عن شجبه لاعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكداً أن هذا القرار يخالف كل القرارات الصادرة عن مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة، و يهدد عملية السلام في المنطقة، مؤكداً أن القدس هي مدينة كل الاديان السماوية. وشدد على أهمية الحلول السلمية للحروب والازمات، مشيراً الى ضرورة اعتماد الحوار والمفاوضات للوصول هذه الحلول.
فردّ الرئيس سركيسيان مؤكداً دعم بلاده مواقف لبنان ودفاعه عن حقوقه المشروعة في ارضه ومياهه وثرواته.
ثم جرى حديث حول التعاون في المجال العسكري بين البلدين حيث كان تأكيد على وجوب تعزيزه ، وان أرمينيا مستعدة لمساعدة الجيش والقوى المسلحة اللبنانية.
وتناول البحث قضية اقليم ناغورني كاراباخ، فشرح الرئيس الارميني ظروف العلاقات بين ارمينيا واذربيجان التي تحتل هذا الاقليم، والصعوبات التي تواجه المفاوضات معها لحل الاوضاع هناك والتعقيدات التي يطرحها الجانب الاذري.
أما في خلال الاجتماع الموسع، فركّز الرئيس عون على اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية مع ارمينيا وبارك الدستور الذي اقر لأرمينيا وأعرب عن أمله بأن تحمل الانتخابات المقبلة كل الخير لهذا البلد. وقال الرئيس عون أن لبنان وأرمينيا يتشابهان في العديد من الامور ، بدءاً باعتماد النظام الديموقراطي، الى تقارب عدد السكان وغير ذلك.
وتحدث رئيس الجمهورية عن دور اللبنانيين الارمن ومساهمتهم في الحياة الاقتصادية في لبنان، مقدراً مجدداً مشاركة ارمينيا في القوات الدولية العاملة في الجنوب "اليونيفيل"، وأكد دعم لبنان لسيادة واستقرار ارمينيا وتطلعه الى استمرار تنسيق المواقف في المحافل الدولية لتعزيز التعاون بين البلدين. وجدد التأكيد على ضرورة مشاركة ارمينيا في مؤتمرات دعم لبنان، والعمل على عودة النازحين، وتمنى النجاح لأرمينيا في استضافتها للقمة الفرنكوفونية.
من جهته، شدد الرئيس الارميني على تعزيز العلاقات بين البلدين وتطويرها في كافة المجالات معرباً عن سعادته بزيارة الرئيس عون والوفد المرافق لأرمينيا. وجرت محادثات بين أعضاء الوفدين اللبناني والارميني تناولت سبل التعاون بين البلدين وتطويرها في كافة المجالات. فتحدث الوزير المشنوق عن سبل تبادل الخبرات والمعلومات في المجال الامني، عارضاً لما حققته الاجهزة اللبنانية في محاربتها الارهاب.
أما الوزير حسين الحاج حسن، فأشار الى دور الارمن في لبنان في تطوير الصناعة، والتبادل التجاري مع ارمينيا الذي اكد على العمل على زيادته بالاضافة الى الاستثمارات في البلدين.
بدوره، تحدث الوزير كدانيان عن آفاق التعاون السياحي بين البلدين، مشيراً الى أن أرمينيا تعد محطة مهمة للبنانيين في هذا المجال.
وجرى التأكيد على أهمية النتائج التي ستصدر عن زيارة رئيس مجلس الوزراء الارميني الى لبنان. كما تطرق الحديث الى التعاون النيابي بين النواب الارمن والنواب اللبنانيين من اصل ارمني وتعزيز لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية-الارمينية في هذا المجال.

وفي ختام القمة والمحادثات الموسعة، عقد الرئيسان سركيسيان وعون مؤتمراً صحافيا مشتركاً، استهله الرئيس الارميني بالكلمة الآتية:

"فخامة الرئيس،
سيداتي وسادتي،
أغتنم هذه الفرصة لأرحب مرة أخرى برئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون وأعضاء الوفد المرافق له في أرمينيا. هذه هي زيارتكم الأولى لبلدنا، التي بالتأكيد ستعطي زخماً جديداً لعلاقات الصداقة القائمة على روابط تاريخية متينة.
أود أن اعبر بارتياح عن أن الحديث مع فخامة الرئيس عون جرى في جو ودّي، وبروح الصداقة الأرمينية-اللبنانية. وقد أجرينا مناقشة موضوعية بشأن جدول أعمال التعاون الثنائي، وأكدنا مجدداً تضامن بلدينا استناداً على الثقة المتبادلة وباستمرار تعزيز وتعميق تعاوننا المتعدد الأوجه.
وعلى الرغم من أن علاقاتنا الدبلوماسية دخلت ربع قرن من الزمن، فإن الصداقة بين شعبينا لها تاريخ يعود إلى قرون، وهذا حتماً، نتيجة الدور الفريد للجالية الأرمنية-اللبنانية. لقد أكدنا بارتياح أننا نجحنا في اعطاء تلك الصداقة بعداً جديداً خلال السنوات الماضية بتشكيل علاقات تعاون قوية ومتينة في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها.
ولقد اولينا أهمية للحفاظ على الحوار السياسي الرفيع المستوى بين بلدينا كدفعة مهمة في التعاون المتبادل ذي المنفعة في جميع المجالات. وأشرنا الى أهمية مواصلة تطوير العلاقات البرلمانية في المستقبل، مع الاخذ في الاعتبار أن أرمينيا ستنتقل في نيسان إلى نظام الحكم البرلماني الكامل."
اضاف الرئيس سركيسيان:"في ما يتعلق بتنمية العلاقات الثنائية، شددنا على أهمية العنصر الاقتصادي. ونحن نقدر إيجاباً التوسيع المستمر للاستثمارات اللبنانية في أرمينيا، والوجود اللبناني في أرمينيا واضح في مجالات الأعمال المصرفية والزراعية والخدمات وفي المجالات الأخرى المتعددة. ونحن مثابرون على توسيع هذه الإنجازات. واتفقنا على العمل سوياً لزيادة تبادل حجم التجارة الثنائية. ولدينا القاعدة القانونية المنظمة في المجال الاقتصادي بأكمله، وهذه تعتبر ثقة إضافية لرجال أعمالنا. وبشكل عام، هناك تقريباً خمسين وثيقة موقعة بين بلدينا تعتبر أساساً صلباً للتعاون المثمر في مختلف المجالات."
وتابع:" لقد قدرنا تقديراً عالياً التعاون الفعال والتأييد المتبادل بين بلدينا في المحافل الدولية، ولا سيما في المسائل ذات الأهمية الحيوية بالنسبة لنا. واتفقنا على مواصلتها بنفس الروح لتعميق تعاوننا المتعدد الأطراف بشكل أكثر. وعرضت على رئيس لبنان آخر المستجدات حول التسوية السلمية لنزاع ناغورني كاراباخ. وقناعتنا الحازمة أنه لا يمكن أن يتواجد أي حل للمشكلة التي ستقوض حق شعب أرتساخ في العيش بحرية وأمان في وطنهم التاريخي. وفي هذا الصدد، أبلغت نظيري بأن أي تسوية لهذه المسألة ينبغي أن يحوي في أساسها تنفيذ حق تقرير المصير لشعب ناغورني كاراباخ."
وأوضح الرئيس سركيسيان: "لقد مضى أكثر من 100 سنة على الإبادة الجماعية للأرمن، ولكن هناك أحداث تاريخية، وشعور العرفان الذي لا يتحدد بمدة الصلاحية. وأعربت مرة أخرى عن امتناننا للبنان لاستقباله برحبة الناجين الأرمن في تلك الفترة القاسية من تاريخنا ولإتاحة فرصة العيش والابداع لهم. ونشكر ايضاً جهود لبنان ووقوفه الى جانبنا اليوم لإدانة ومنع تلك الجريمة.
وللأسف، ما زلنا نشهد اليوم الجرائم ضد الإنسانية في الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا. وبهذا الصدد، نقدر أهمية مساهمة لبنان العملية والفعالة في مكافحة الإرهاب والتطرف، ونثمن عالياً مساعداته الإنسانية للشعب السوري خلال هذه السنوات.إن أرمينيا بقدراتها المتواضعة مدت يد المساعدة لأخوتها وأخواتها السوريين.وإنني فخور بأنها تمكنت من تقديم مساهماتها المتواضعة في استقرار وتوفير أمن لبنان الصديق بمشاركة قوات حفظ السلام UNIFIL التابعة للامم المتحدة في جنوب لبنان.كما اتفقنا مع فخامة رئيس لبنان على متابعة التواصل الأرمني – اللبناني النشط بالروح نفسها وتحفيز التعاون في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك.وشكراً."
وردّ الرئيس عون بالكلمة التالية:
"أجريت محادثات ايجابية وبناءة مع فخامة الرئيس سيرج سركيسيان، تناولنا فيها مسار العلاقات الثنائية بين بلدينا التي شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً لافتاً، وسبل تعزيزها والبناء على ما تحقق إلى الآن. وكانت هناك رغبة مشتركة بتمتين الصداقة والتعاون بين لبنان وأرمينيا، بما يحقق مصالح شعبينا.
وقد سادت اللقاء بيننا أجواء ودية تعكس الروابط الانسانية المتجذرة التي تجمعنا، وخصوصية العلاقات بين الشعبين اللبناني والارميني مع وجود شريحة واسعة من اللبنانيين من اصول ارمنية، ومنهم من رافقني اليوم في هذه الزيارة من وزراء في الحكومة اللبنانية ونواب. وألفتُ الرئيس سركيسيان الى ما تتمتع به هذه الشريحة من تقدير داخل مجتمعنا، وحيوية ثقافية وحضارية واجتماعية، تضاف الى مساهمتها الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية.
تطرقنا أيضاً الى الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والأزمات والحروب المشتعلة في عدد من بلدانها، وخصوصاً في سوريا المجاورة لبلدنا. واتفقنا على ضرورة ايجاد حلول سلمية لهذه الأزمات، وايقاف آلة الحرب لأن العنف لا يستجر إلا العنف والتطرف، وهذا ما برهنت عليه السنوات السبع الأخيرة منذ اندلاع الاضطرابات في منطقتنا.
وأطلعت الرئيس سركيسيان على التحديات التي خلفتها الحرب في سوريا على الساحة اللبنانية، وعلى رأسها تمدد تهديدات المنظمات الارهابية وخلاياها الى بلدنا، وغيره من بلدان المنطقة والعالم. وأكدت له في هذا الإطار نجاح لبنان في مواجهته لهذه التهديدات، والقضاء على الخلايا الارهابية، وصون السلام والاستقرار في مجتمعنا. وكان هناك توافق بيننا على اهمية تعزيز التعاون الثنائي والدولي لمكافحة الارهاب، طالما انه لم يعد هناك اي بلد بمنأى عن اخطاره، وترسيخ ثقافة الانفتاح واحترام حقوق الافراد والدول.
وتحدثنا كذلك عن مشكلة النازحين السوريين التي تفاقمت بشدة، وخصوصاً في البلدان المحيطة بسوريا ومنها لبنان. فشرحت له ما يتعرض له بلدنا من ضغوط اقتصادية، واجتماعية، وأمنية، نتيجة وجود اكثر من مليون ونصف مليون نازح فوق أراضيه، مع عدم كفاية المساعدات الدولية لتغطية حاجاتهم. وتم التشديد في هذا الاطار على ضرورة العمل من أجل الوصول الى توافق دولي يؤمن عودتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم والتي باتت تحت سيطرة الدولة السورية.
وشكرت الرئيس سركيسيان على وقوف بلاده الدائم الى جانب لبنان وقضاياه في المحافل الدولية، واكدت أن لبنان يقف بدوره الى جانب أرمينيا وحق شعبها الطبيعي بالسيادة والسلام والازدهار، ويدعم الجهود الدبلوماسية لايجاد حل سلمي للنزاع القائم حول اقليم ناغورني – كاراباخ وفقاً لمبادىء القانون الدولي.
وفي مجال متصل، تطرقت المحادثات الى التهديدات الاسرائيلية للبنان، من بوابة حقوقه النفطية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، واقامة حائط فاصل يصل الى نقاط متنازع عليها عند حدودنا الجنوبية. وأكدت له أن لبنان متمسك بحدوده البرية والبحرية، وبحقه في الدفاع عنها بكل الوسائل المشروعة، وأننا نعول على صداقاتنا الدولية للمساعدة في جبه هذه التهديدات وعدم تفاقم الأوضاع.
كما شكرته على الدعوة التي وجهها إليَّ للمشاركة في القمة الفرانكوفونية السابعة عشرة التي تعقد في شهر تشرين الأول المقبل في يريفان، ووعدته بتلبيتها، متمنياً كل النجاح والتوفيق في التحضيرات القائمة لها".
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، ودَّع الرئيس الارميني الرئيس عون الذي غادر القصر الرئاسي متوجهاً الى مقر مجلس النواب. 

وشدد الرئيس عون على ان لبنان بلد تعددي و"حياتنا الاجتماعية والسياسية والوطنية تقوم على احترام حرية المعتقد للآخر وحق الاختلاف والرأي والتعبير عنه بحرية، والتعلق بكياننا الوطني". وأشار الى ان "لبنان وارمينيا بلدان شقيقان، لأن في اللبنانيين دم ارمني وفي الارمن اصبح هناك دم لبناني".

ومن جهته، اكد رئيس مجلس النواب الارميني آرا بابلويان ان لبنان دولة مثالية بتعددية الاديان والثقافات فيها، والتعايش السلمي بين مكونات شعبها، منوهاً بجهود رئيس الجمهورية لتعزيز التسامح والتعايش.
ونوه بدور اللبنانيين من اصل ارمني في المساهمة في ازدهار لبنان وحياته الاجتماعية، وشدد على اهمية تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين.
كلام الرئيس عون ورئيس مجلس النواب الارميني جاء خلال المحادثات الموسعة التي عقداها في خلال زيارة رئيس الجمهورية والوفد المرافق لمقر مجلس النواب الارميني في "يريفان" ظهر اليوم.
وكان في استقبال رئيس الجمهورية لدى وصوله والوفد المرافق، الرئيس آرا بابلويان، وتوجها الى القاعة الذهبية داخل المجلس للمصافحة والتقاط الصور التذكارية. وانضما بعدها الى الوفدين الرسميين للبلدين، حيث عقدت جلسة محادثات موسعة، حضرها عن الجانب اللبناني وزراء: الصناعة حسين الحاج حسن، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، السياحة اواديس كدنيان، النائب أغوب بقرادونيان، سفيرة لبنان في ارمينيا مايا داغر، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون التعاون الدولي الوزير السابق الياس بو صعب، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم، ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا.
وحضر عن الجانب الأرميني: نائب رئيس مجلس النواب ادوارد شارمازوناف، نائب وزير الخارجية ارمان بابكيان، سفير ارمينيا في لبنان صامويل ماكردجيان، رئيس لجنة الصداقة الارمنية-اللبنانية في مجلس النواب اغفان فاردنيان، والنواب: فاهيه انفاجيان، غاكيك مليكيان، ارسين بابيان وأربي اراكليان ، إضافة الى رئيسة قسم العلاقات الخارجية اربي اراكليان.
في مستهل اللقاء، رحب الرئيس بابلويان بالرئيس عون والوفد المرافق، واصفا زيارته بالمهمة بسبب الصداقة بين البلدين والشعبين اللبناني والأرميني، معتبرا أن العلاقات التي تربطهما أخوية. واعرب بابلويان عن فخره باللبنانيين من اصل أرمني الذين يساهمون في ازدهار لبنان، وتقديره لاحتضان لبنان لهم في الظروف الصعبة. واكد ان لبنان دولة مثالية بتعددية الاديان والثقافات فيها، والتعايش السلمي بين مكونات شعبها، منوهاً بجهود رئيس الجمهورية لتعزيز التسامح والتعايش السلمي.
واشار الرئيس بابلويان الى ان هذا اللقاء يجمع ممثلي جميع الاحزاب في البرلمان، الذين برغم تمايزهم السياسي الا ان لديهم جميعاً موقفاً ايجابيًا موحدًا من لبنان.
وقال:" نريد ان نشكركم ونقدر تقديرا عاليا جهودكم لحماية الاستقرار والامن في بلدكم، برغم الحروب المجاورة، وانتم منعتم تسرب العنف الى لبنان" . ولفت الى ان جمهورية ارمينيا لديها ايضا مساهمة متواضعة في حماية الاستقرار والامن في لبنان، من خلال المشاركة في قوات اليونيفيل، معرباً عن اسفه للأحداث السيئة التي تدور في سوريا، ما ادى ايضاً الى نزوح عدد من السوريين الى ارمينيا ليس فقط من الارمن."
أما بالنسبة الى العلاقات اللبنانية الارمنية، فأكد الرئيس بابلويان انه من المهم جدا التعاون البرلماني بين البلدين. وقد تشكلت لجنة للصداقة اللبنانية الارمنية داخل البرلمان. واشار الى ان فتح خط جوي مباشر بين لبنان وارمينيا رفع بنسبة 80 % عدد اللبنانيين الذين يزورون ارمينيا.
الرئيس عون
وردّ الرئيس عون معرباً عن سروره لزيارة ارمينيا والتعرف على المسؤولين فيها عن قرب. وقال:"نتمنى لكم دوام النجاح والتقدم، ونستطيع ان نقول اننا اشقاء، لأن في اللبنانيين دم ارمني وفي الارمن اصبح هناك دم لبناني. صحيح اننا متعددون في شعبنا، ولدينا تعدد مذهبي اسلامي ومسيحي، ولكن المسلمين بجميع مذاهبهم والمسيحيين بجميع مذاهبهم ايضا متعايشون بسلام، وحياتنا الاجتماعية والسياسية والوطنية تقوم على احترام حرية المعتقد للآخر وحق الاختلاف والرأي والتعبير عنه بحرية، والتعلق بكياننا الوطني. وقد اعتدنا عبر هذه المبادىء على العيش بهدوء والتفاهم في ما بيننا"، لافتاً الى أن "نظامنا في لبنان هو ديمقراطي برلماني، قائم على المشاركة في الحكم. وبالرغم مما احاط بنا من حروب اغرقت البلاد المجاورة بالدم والنار بقينا بمنأى عنها وهذا لم يمنع الارهابيين من محاولة الدخول الى بلدنا، ولكننا قضينا عليهم، وحققنا الاستقرار والامن في لبنان بالرغم من وجود خلايا نائمة كما في كل البلدان."
وتحدث خلال اللقاء الوزير المشنوق فقال:"إن لبنانية الطائفة الارمنية هي امر نفتخر به في لبنان، وابناؤها ليسوا فقط رجال اعمال وصناعيين ومواطنين صالحين بل اكثر من ذلك. طوال تاريخهم كانوا جزءا داعما للدولة اللبنانية في اصعب الاوقات، وهم قيمة مضافة بين اللبنانيين، بسبب استقامتهم وصدقهم".
بدوره، اشار النائب بقرادونيان الى أنه سيتم في المجلس النيابي المقبل تشكيل لجنة جديدة لتنشيط العلاقات بين مجلسي نواب البلدين. واشار الى ان الوزير السابق الياس بو صعب اصدر قراراً بإقفال جميع المدارس حين كان وزيرا للتربية في يوم ذكرى الابادة الارمنية. فأوضح الوزير بو صعب ان ذلك جاء بتوجيهات من رئيس الجمهورية.
ولفت الوزير الحاج حسن الى ما تم التطرق اليه في المحادثات مع الرئيس الارميني حول تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وقال:"نتمنى ان تشهد العلاقات اللبنانية- الارمينية تطورات ايجابية اكثر في كافة المجالات، ونسجل للبنانيين من اصل ارمني مساهمات كبرى عبر تاريخ لبنان في الاقتصاد والسياسة."
من جهته، أكد الوزير كدانيان ان "العلاقات بين الشعوب تتطور من خلال السياحة، وكوني وزير سياحة لبنان ومن اصول ارمنية، اؤكد ان العلاقات السياحية بين بلدينا ستتطور".
كما تحدث عدد من اعضاء الوفد الرسمي الارميني مؤكدين على عمق الصداقة اللبنانية الارمنية، وعلى دور لبنان المهم بالنسبة للشعب الارميني روحيا وثقافيا وسياسيا، وعلى اهمية تطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، منوهين بأهمية مساهمة اللبنانيين من اصل ارمني بازدهار لبنان وحياته الاجتماعية.
السجل الذهبي
وفي ختام جلسة المحادثات الموسعة، دوّن الرئيس عون الكلمة التالية في السجل الذهبي للمجلس:
"احيي الروح الديمقراطية التي تنبض في هذا الصرح، الذي يحفظ قيم الحرية، ويسهر على حقوق الشعب الأرميني. كان لي شرف زيارته اليوم، وشعرت بأن هذه المؤسسة التي تمثل مكونات هذا البلد العريق والصديق، قادرة على صياغة مستقبل مزدهر وواعد، مع الحفاظ على إرث دولة ارمينيا وحضارتها.
أتوجَّه بشكري الى رئيس مجلس النواب السيد آرا بابلويان على حفاوة الاستقبال، واتمنى للشعب الارميني الصديق كل الخير والتوفيق".
ثم ودَّع رئيس الجمهورية مضيفه، وغادر مع الوفد المرافق للمشاركة في غداء عمل مع رئيس مجلس الوزراء الأرميني.
 

  • شارك الخبر