hit counter script
شريط الأحداث

مقالات مختارة - ابتسام شديد - الديار

"الدقائق الثقيلة" في القصر... خطأ بروتوكولي ام رسالة مصورة الى واشنطن

الأحد ١٥ شباط ٢٠١٨ - 06:52

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الدقائق القليلة التي سبقت دخول وزير الخارجية جبران باسيل ومن بعده رئيس الجمهورية ميشال عون لمصافحة وزير الخارجية الاميركي مرت وفق اوساط رفيعة المستوى ثقيلة وتشبه دهراً على الوزير الاميركي المعروف بدبلوماسيته وقدرته على تدوير الزوايا، ولكن هذه الميزات لم تخف وفق الاوساط معالم الارتباك التي سادت بين الحضور في اللقاء في تلك اللحظات وبقيت دون تفسير حتى الآن للمجتمعين في بعبدا في حضرة الوزير تيلرسون ومن الوفد اللبناني الذي شارك في المحادثات والوفد الاميركي. ورغم تفسير واصرار الدوائر الرئاسية والمحيطين بالرئيس على اعتبار ما حصل بالحادث العادي الذي يمكن ان يحصل مع اي زائر وصل باكراً الى اجتماعه قبل الموعد المحدد، فيما ان خريطة الطرق اللبنانية هي دائماً مزدحمة فكان من الطبيعي ان يتأخر الوزير باسيل.
رغم ذلك ثمة من يعتبر ويصر في الدوائر السياسية الضيقة على نظرية المؤامرة على الضيف الاميركي وعلى ترتيب حصل بتعمد التأخير وترك الزائر ينتظر لبعض الوقت، يرى المصرون على هذه النظرية ان رئيس الجمهورية غالباً ما يوضع في حركة وتوقيت وصول الضيف بالدقائق والثواني حتى لا تقع الاخطاء البروتوكولية المماثلة فكيف سيكون الحال مع ضيف بمستوى وحجم الوزير الاميركي، وثمة من يعتبر ان ما حصل رسالة مصورة بالصوت والصورة من لبنان الى واشنطن وفحواها عدم الرضى الرسمي على ما سيحمله الوزير الاميركي وقد جاءت مواقفه لاحقاً من منبر السراي لتعبر عن الانحياز لاسرئيل وما يحمله في جعبته من اوراق ومواقف لا تلتقي مع الموقف اللبناني بمطالبته المتكررة بتوصيف حزب الله حزباً ارهابياً ومطالبته بالانسحاب من سوريا والتحقيق بموارده المالية بحيث بدا ان الوزير تيلرسون عرفت مهمته مسبقاً بالرغبة الاميركية بالتضييق على حزب الله ومقايضة النفط مقابل السلاح.
ابعد من الخطأ البروتوكولي ايضاً فان ما جرى لا يمكن ان يكون في تقدير كثيرين الا «زلة» مقصودة للفت النظر، فرئيس الجمهورية سجل اعتراضات على التعاطي الاميركي مع لبنان على هامش اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك مما اضطر رئيس الجمهورية الى التغيب عن الاستقبال الذي اقامه الرئيس الاميركي للرؤساء، مع خلفية عدم توجيه دعوة رسمية لرئيس الجمهورية لزيارة الولايات المتحدة.
ولكن مهما تعددت النظريات فان ما حصل في بعبدا يعتبر سابقة في التعاطي الرسمي بين لبنان والولايات المتحدة، خصوصاً وان مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد قد امضى حوالى الاسبوع وهو يمهد لهذا اللقاءمتنقلاً بين المقرات في بيروت، وحيث ان المعلومات الاولية التي رشحت عن نتائج الزيارة لا توحي بان الجانب اللبناني «لبى» الجانب الاميركي او ابدى تجاوباً مع الطروحات غير القابلة للنقاش او التفاوض التي طرحها تيلرسون والمرفوضة بشكل قاطع لبنانياً.
زيارة ريكس تيلرسون الى بيروت لم تدم اكثر من خمس ساعات قام خلالها بثلاثة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة ولكن الدقائق التي قضاها في قصر بعبدا كانت الاطول والاكثر ارباكاً واحراجاً ربما من الملفات البترولية والمتعلقة بسلاح حزب الله التي حملها معه الى الرؤساء الثلاثة . تيلرسون لم يجد في استقباله على ارض المطار الا السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد والسفير عساف ضومط المكلف من الخارجية، رغم اصرار دوائر البروتكول في قصر بعبدا على اعتبار ان هذا الاستقبال يشمل كل الوزراء الزائرين في حين ان عدم وجود العلم الاميركي على طاولة اللقاء في بعبدا فلأن العلم لا يوضع الا في حالة استقبال رؤساء الدول.
خلاصة الزيارة انها لم تعجب لا الجانب الاميركي ولا الجانب اللبناني بما حمله تيلرسون من افكار ومواقف تطرح التعويض على اسرائيل ورسم خريطة نفطية جديدة ووضع تصور نفطي يخدم مصلحة اسرائيل التي تريد اقتناص النفط اللبناني ، اما الجانب الاميركي الذي غالباً ما يتوقف عند ملاحظات بسيطة ولكنها معبرة دائماً فان التعاطي مع الزائر لن يتم هضمه بسرعة و تجاوزه بدون التوقف عنده والتقاط الاشارات.لعل ما كشفته وسائل الاعلام الاميركية يعوض عن الصمت الذي التزمته السفارة في بيروت التي حاولت اقناع نفسها والرأي العام بان ما جرى «عادي» ويمكن ان يحصل في بلد يشبه لبنان،او بالوصول المبكر الى الموعد، فالانتظار لبعض الوقت لدخول الرئيس اللبناني لم يمر مرور الكرام ولم تشف توضيحات بعبدا او تقنع الجانب الاميركي،فصحيفة واشنطن اكزامينر فضحت المستور في ما جرى عندما وصفت تيلرسون جالساً بهدوءعلى الكرسي موزعاً ابتسامات «وقحة» على المسؤولين المنتظرين معه، كما اعتبرت الـ «اكزامينر» ان تيلرسون فهم ما كان يجري وحوله الى دعابة،وان ردة فعله كانت ممتازة في التعاطي مع الحادث.
مقابل ما حدث في بعبدا رأت الصحف الاميركية لقاء عين التينة برئيس المجلس انه السياسي المرن وصاحب النفوذ والشخص الذي تريد الولايات المتحدة اقامة علاقات تواصل دائم معه.
انتظار تيلرسون في القصرالجمهوري على حراجته بحسب الصحيفةيعتبر واحداً من عناصر القوة الاميركية اللطيفة ومن ادوات كثيرة تخفيها في الكواليس إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
ابتسام شديد - الديار

  • شارك الخبر