hit counter script

أخبار اقتصادية ومالية

ميشال سكاف: البقاع يشكل منطقة أساسية لاستقطاب المشاريع

السبت ١٥ شباط ٢٠١٨ - 13:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

مع بدء التحضير للمؤتمرات الاقتصادية التي ينتظرها لبنان خلال الأشهر المقبلة بالاضافة الى الخطة الاقتصادية الشاملة التي طال إنتظارها وتأخر إقرارها لأسباب عدة، تتجه الانظار الى نتائج هذه المبادرات وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد التي ترزح تحت رحمة مجموعة أزمات تطاول تداعياتها معظم القطاعات. بالنسبة الى الاقتصادي الخبير المهندس ميشال سكاف، يتطلب الأمر تخفيف وطأة الازمة الاقتصادية على اللبنانيين عموماً والبقاعيين خصوصاً من خلال تحفيز النمو لتوفير فرص عمل وتطوير الاقتصاد واعادة هيكلته عبر الاستثمار في قطاعات جديدة تكون الحجر الاساس لتنمية اقتصادية مستدامة.

لا يمكن معالجة الازمة إلاقتصادية الخانقة من دون الأخذ في الاعتبار عدم الاستقرار السياسي والامني الذي يعيشه لبنان والمنطقة. لذا يتوجب تقليل المخاطر وتحرير قطاعات انتاجية اساسية من خلال تخفيف الضوابط والاجراءات التي تحدّ من القدرة التنافسية، بالاضافة الى تحديث الانظمة والقوانين من ضمن إستراتيجية واضحة ومتناسقة. فتفعيل العمل بالاقتصاد الحر، هو شرط اساسي لإنطلاقة الحلول للأزمات التي تعصف بالقطاعات اللبنانية الاقتصادية والانتاجية وعلى رأسها الاتصالات والكهرباء على صعيد الانتاج والتوزيع والجباية، اضافة الى تحرير قطاع النقل، وهذا ما يساهم في ايجاد ديناميكية جديدة تحرّر مكوّنات الاقتصاد الاساسية، وخصوصاً القطاعات التي تعاني من مشاكل وازمات مزمنة وتراجع في الاداء ومستوى الخدمات. ويعتبر سكاف أن التعاون الوثيق بين غرف التجارة والهيئات الاقتصادية والقطاع المصرفي هو صمّام أمان للاقتصاد، وبخاصة في ظل وجود تراكمات اقتصادية وسياسية ادت الى تراجع النمو وبطء الحركة الاقتصادية.

بين الفساد و"الغانغستيرية"...

صنف العديد من الدراسات لبنان ضمن الدول التي يسجل فيها الفساد في الادارات العامة مستويات مرتفعة مقارنة بالمستويات المحددة عالميا، ولكنّ لهذا الفساد اوجهاً عدة أخطرها ما يعرف بالـ"الغانغستيرية" التي باتت تتحكم بالعديد من القطاعات المنتجة وتديرها بالطريقة التي تخدم مصالحها. ولمحاربتها لا بدّ من تسريع واستكمال مكننة الادارة والمعاملات وتعزيز وتحديث قوانين الشفافية والمحاسبة العامة التي تكون رادعاً قوياً، اضافة الى تحفيز الدور الفعّال للمجتمع المدني في المراقبة وكشف مكامن الفساد والتبليغ عنه.

زحلة والبقاع يحتاجان الكثير

بالحديث عن محافظة البقاع، يشير المهندس سكاف الى ان دخل ما يقارب 80% من ارباب البيوت في هذه المنطقة هو متدن جداً ولا يتخطى المليون ليرة لبنانية، وهو لا يكفي بالتأكيد لإعالة العائلات، وهذا الامر خطير جداً. والحل لذلك يكون عبر تشجيع الاستثمار في قطاعات جديدة منتجة كالسياحة البيئية، والاقتصاد الاخضر، وتكنولوجيا المعلومات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر العجلة الاساسية في تحريك الاقتصاد المحلي.

فموقع زحلي الجغرافي يعطيها أفضلية تنافسية على صعيد الصناعة وهنالك دراسات عديدة قام بها البنك الدولي تشير الى ان الكلفة الانتاجية في هذه المنطقة أقل بنسبة 20% عن الكلفة الاجمالية المسجلة في بيروت وجبل لبنان وغيرها من المناطق، وهذا ما يمكن أن يجعل منها منصة واسعة لإستقطاب الصناعات والمشاريع. ويتابع: "ليس المطلوب مضاربة ومنافسة الصناعات الكبيرة مثل الصناعة الصينية، بل المطلوب هو العمل على تعزيز بعض الصناعة وبخاصة ما هو مرتبط بالصناعات الغذائية، وهذا ما يعطي المنطقة ميزة نسبية وتنافسية، ولا سيما بعد الاخذ في الاعتبار موقع زحلة الجغرافي بين اسواق استهلاكية كبيرة تمتد من بيروت الى الشام والدول العربية".

السياحة البيئية

تعتبر السياحة قطاعاً اساسياً لمنطقة زحلة والبقاع، وهي منطقة غنية بطبيعتها ومعالمها التاريخية والاثرية. ويعتبر سكاف ان الاستثمارات السياحية في زحلة اثبتت نجاحها كونها تتمتع بجودة عالية وتتميّز على مستوى الخدمة. والسياحة البيئية والثقافية تعتبر الحجر الاساس للمشاريع السياحية التي تميّز المنطقة وتساهم في تثبيت الناس والشباب في ارضهم من خلال توفير فرص عمل ووظائف تحد من الهجرة الى المدينة والخارج، وهذا ما عملنا عليه من خلال اطلاق مشاريع عدة في زحلة وعميق والبقاع الغربي. كما يشير الى ضرورة خلق Hub سياحي في منطقة زحلة يضم التجار والمطاعم والفنادق ويهدف الى تحريك الاسواق التجارية وجلب السياح الى المدينة وقضائها والاستفادة من المواقع الدينية والاثرية والسياحية الموجودة فيها.

الزراعة

تعتبر الزراعة المورد الاساسي للقسم الاكبر من سكان البقاع، وهي تعاني من ازمات مزمنة تفاقمت مع الازمة السورية واقفال خط الترانزيت، بالاضافة الى تطور اسواق المنطقة. والحل بالنسبة لسكاف يبدأ من خلال ادخال اصناف زراعية جديدة تكون كلفتها أقل وتتطلب كميات مياه أقل، بالاضافة الى تعزيز المكننة لتقليل الكلفة وتحسين نوعية الانتاج الذي اصبح شرطاً اساسياً لدخول اسواق استهلاكية جديدة. ويدعو سكاف الى تحديث القوانين الزراعية وانشاء المركز الوطني لتحديد كلفة الانتاج (على غرار فرنسا) والتي تكون اساساً لتحديد سعر المبيع، مما يحمي المزارع ويعطيه هامشاً اكبر في مفاوضات المبيع مع التاجر. كذلك، فان مراقبة تطور الاسواق المحيطة بنا واعلام المزارعين بالمتغيّرات والتوجهات الجديدة باتت حاجة ضرورية للتكييف السريع مع حاجات الاسواق. ولا بدّ من التشجيع على ايجاد التعاونيات المنتجة والحديثة التي تؤمن الاطار الصحيح الذي من خلاله يمكن المنافسة وتصدير الاصناف للخارج. يعطي مثلاً الـ Golden Valley Coop التي انشأها مع مجموعة من المزارعين في زحلة والبقاع وتعتبر نموذجاً ناجحاً يحتذى به. ويطالب سكاف باعادة جدولة الديون الزراعية واطالة امدها لتمكين المزارع من الاستمرار، وهو يسعى مع مجموعة من المتخصصين الى بلورة مشروع واضح في هذا الاتجاه.

تحسين البنى التحتية

كانت زحلة ولا تزال الميناء البري لجبل لبنان وبيروت، فهي نقطة الوصل وبوابة العبور. لذلك يجب العمل على الاستفادة من موقعها الجغرافي واعطاء القضاء دوراً مركزياً في التجارة والترانزيت. ولتحقيق ذلك، لا بدّ من تحسين البنى التحتية وبخاصة قطاع الاتصالات والطرق التي تربط البقاع ببيروت، والتي ستسهل استقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية كون المنطقة تتمتع بميزات تنافسية عديدة، منها سعر الارض وتوافر اليد العاملة وقربها من طرق التصدير البري. فالطريق الدولية التي تربط البقاع ببيروت تمثل عائقاً اساسياً لإقتصاد المنطقة وسكانه. ويدعو سكاف الى اقامة منطقة حرّة في قضاء زحلة بهدف جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية وتوفير فرص العمل وتعزيز الدور الريادي للقطاع الخاص مع امكان الاستفادة من مطار رياق.

وينهي سكاف بالتأكيد على ان المطلوب اليوم هو تضافر الجهود لتحسين الواقع الاقتصادي الصعب في منطقة زحلة والبقاع من خلال تنفيذ رؤية اقتصادية واضحة تطاول كل القطاعات المنتجة وتحسّن الواقع المعيشي للناس، وترتكز بشكل اساسي على الاستثمار في قطاعات جديدة كالسياحة البيئية وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية وتحديث مفهوم واساليب الزراعة التقليدية بهدف توفير فرص عمل والحد من الهجرة الداخلية والخارجية.
 

  • شارك الخبر