hit counter script

مقالات مختارة - ابراهيم ناصر الدين

نتائج «واقعيّة» لزيارة تيلرسون... ولبنان «يشتري الوقت»

الجمعة ١٥ شباط ٢٠١٨ - 06:45

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

انتهت زيارة وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون الى بيروت بنتائج «واقعية» وما سبق من «تهويل» بفرض اميركي لشروط اسرائيلية على لبنان، لم يترجم عمليا خلال جلسات التفاوض مع الرؤساء الثلاثة، وحتى تراجعه عن «الليونة» التي ابداها في الاردن تجاه الموقف من حزب الله، لم تنعكس تصعيدا في بيروت، بل عاد الى تبني الموقف الاميركي ال«كلاسيكي» بعد تعرضه خلال الساعات القليلة الماضية «لضغوط» من البيت الابيض.
وفي هذا السياق يبدو ان لبنان قرر انتهاج استراتيجية «شراء الوقت» مع الولايات المتحدة الاميركية، بالرهان على عدم قدرة اسرائيل على تغيير الواقع بالقوة، وعدم رغبة واشنطن بحصول تصعيد في المنطقة، ولذلك لم يتسلم تيلرسون موقفاً نهائياً.
وعلى الرغم من التمسك بسقف عدم التنازل عن حقوق لبنان المشروعة، لم يقفل الجانب اللبناني «الباب» امام احتمال القبول بمقترحات «تسوية» تعزز حصته في حقول الغاز البحرية بما يتجاوز ما اقترحته «خطة» المبعوث الاميركي فريديريك هوف، بينما تبدو نقاط الخلاف البرية محلولة في ظل رغبة اسرائيلية بعدم التصعيد نقلها تيلرسون الى المسؤولين اللبنانيين.
وما تم تثبيته خلال هذه الزيارة اميركيا على اقل تقدير، بان الخلاف الحاصل مع اسرائيل يجب حله بالوسائل الدبلوماسية، والولايات المتحدة ستبذل جهدها لانجاح «الوساطة» والحؤول دون حصول اي تصادم عسكري بين الطرفين، والافكار التي تحدث عنها رئيس الجمهورية ميشال عون في جلسة الحكومة امس ترتبط بمقاربة جديدة يعمل عليها الاميركيون، سيقومون بنقلها الى الجانب الاسرائيلي وسيتولى مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد المهمة «التفاوضية».

«تمايز» رئاسي

ووفقا لاوساط وزارية لبنانية، فانه وعلى الرغم من الموقف «المبدئي» الموحد للرؤساء الثلاثة حيال التمسك بحدود لبنان البرية والبحرية وثروته الغازية والنفطية، ثمة تمايز بين موقف الرئيس نبيه بري، والرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، فالاول لا يرى ضرورة في فتح «باب» النقاش في خطة «هوف» لانها ستفضي في نهاية المطاف الى تنازلات يستطيع لبنان عدم تقديمها... في المقابل ثمة وجهة نظر في بعبدا والسرايا الكبير تشير الى ان ثمة فرصة سانحة لعدم تعقيد الموقف مع الاميركيين، وخوض مفاوضات ناجحة لتحسين شروط حصص لبنان الغازية في النقاط المتنازع عليها دون تقديم تنازلات كبيرة... ! وقد اتفق المسؤولون اللبنانيون الثلاثة على ابلاغ تيلرسون موقفاً موحداً يرفض اقتراح تقسيم الثروة النفطية في الرقعة 9 الى ثلثين للبنان وثلث لاسرائيل وترك الموضوع مفتوحا للمناقشة.. وفي هذا السياق ابلغ حزب الله المسؤولين اللبنانيين انه يقف خلف موقف الرئيس بري حيال مقاربة هذه القضية وهو يفاوض باسمه في هذا الملف، مع وضعه كل امكاناته وراء الدولة اللبنانية لحماية الحدود البرية والبحرية.

تراجع تيلرسون

اما اسباب تراجع تيلرسون عن مواقفه في عمان باعتبار حزب الله جزءا من العملية السياسية في لبنان، فتعزوه مصادر دبلوماسية في بيروت الى «ضغوط» تعرض لها الوزير من دوائر في البيت الابيض. ووفقا لمعلوماتها المستقاة من مصادر اميركية تحرك «اللوبي» الاسرائيلي» داخل الادارة وفي طليعتهم صهر الرئيس جاريد كوشنير خلال الساعات القليلة الماضية، بعد ان ازعج كلام الوزيرالاسرائيليين، ما ادى الى تجنب تيلرسون تكرار موقفه الايجابي مركزا على عدم فصل الولايات المتحدة بين جناح سياسي وعسكري للحزب واعتباره حزبا ارهابيا... ولفتت تلك الاوساط الى ان تيلرسون ارتكب «فولا» دبلوماسيا في كلامه عن حزب الله، وموقفه في عمان لا يمثل موقف الادارة الاميركية، وقد طلبت منه واشنطن تصحيح الموقف في بيروت... وهذا ما حصل. وتجدر الاشارة الى ان الوزير الاميركي يعد من اصحاب المدرسة «الواقعية» في ادارة الرئيس دونالد ترامب ولا ينتمي الى مجموعة «الصقور»، وهو ليس «محظيا» عند الرئيس ومن المرتقب اقالته خلال هذا العام وتعيين مدير الاستخبارات الاميركية مايكل بومبيو مكانه...
ولذلك لم تستغرب تلك الاوساط، عدم مقاربة تيلرسون ل«صفقة القرن» التي يسوق لها رئيسه على الرغم من اهمية موقع لبنان في عملية التسوية في المنطقة، وذلك لان وزير الخارجية نفسه ليس مطلعا على فحوى تلك «الصفقة» وجزء من الخلاف مع البيت الابيض له علاقة باستبعاده عن تفاصيلها وعدم اشراكه في المحادثات السرية او العلنية، وهذا مايضعف موقف رئيس الدبلوماسية الاميركية الذي تنتظره في المنطقة ملفات كبيرة وشائكة تتجاوز بكثير امكانية احداث «انقلاب» في الداخل اللبناني على حزب الله، وفي طليعة تلك القضايا العلاقة «المتوترة» مع تركيا بسبب الخلاف حول الازمة السورية.

الحريري والموقف من حزب الله...

وبحسب اوساط سياسية مطلعة، فان اكثر ما يطمئن الى عدم وجود اي ارتدادات داخلية للسياسة الاميركية بغض النظر عما حمله تيلرسون، غياب «ادوات» التوتير الداخلية بعد ان خسرت واشنطن «العصب» الرئيسي الذي كان يتحرك لصالحها على الساحة اللبنانية، وما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري في مهرجان البيال امس الاول علنا للسعوديين بانه لن يبيعهم «بضاعة مغشوشة» حيال المواجهة مع حزب الله، ابلغه الى وزير الخارجية الاميركية في اللقاء امس، حيث تميزت مقاربته لملف حزب الله «بالواقعية» السياسية، التي تفهمها الوزير الاميركي، ما يعكس ضعف موقف رئيس الحكومة الذي لا ينكر دور الحزب في انهاء محنته في المملكة العربية السعودية، مع ادراكه انه موجود على راس الحكومة بالتفاهم معه، في ظل تفرق قوى «14 آذار» وانقسامات داخل تيار المستقبل، ولذلك فان طموحه الراهن يبقى في تمرير الانتخابات باقل الخسائر الممكنة والحفاظ على العلاقة مع رئيس الجمهورية، والعودة الى رئاسة الحكومة في ظل الحفاظ على معادلة «ربط النزاع» مع حزب الله، ولهذا لا يمكن اعتبار «تصويبه» على الحزب تصعيدا في الموقف السياسي، وانما من «عدة الشغل» الانتخابية، خصوصا ان عدم التحالف بين الطرفين ليس اكتشافا «للبارود» بل حقيقة راسخة لم تفاجئ احد. ولهذا تجاهل حزب الله الرد المباشر على هذا الكلام.

نصرالله... وارجاء اعلان المرشحين

ويرتقب بعد ظهر اليوم صدور مواقف مهمة عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال احياء مراسم يوم شهيد حزب الله، حيث سيعيد التاكيد على قدرات المقاومة في الدفاع عن السيادة اللبنانية، وسقوط المعادلات القديمة بعد اسقاط الطائرة الاسرائيلية في سوريا، وثورة البحرين... وسيعلق على نتائج زيارة تيلرسون، والموقف من الحدود البرية والبحرية وحقول النفط والغاز، مع تذكير العدو بمعادلات «الردع» القائمة، كما سيتطرق محليا الى الاستحقاق الانتخابي وذكرى اغتيال الشهيد رفيق الحريري.
ووفقا لاوساط مطلعة تم ارجأ اعلان اسماء مرشحي حزب الله في الانتخابات النيابية والتي كانت مقررة خلال الاحتفال الى موعد لاحق بسبب بعض «الرتوشات» النهائية، وسيعلن عنها في وقت لاحق بمهرجان بقام للمناسبة.

المؤتمر الصحافي

وفي مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة سعد الحريري اكد تيلرسون وقوف بلاده الى جانب الشعب اللبناني ومؤسساته، ورأى انّه «من المستحيل أن نتحدّث عن الأمن والإستقرار في لبنان من دون معالجة مسألة «حزب الله» الّذي نعتبره منظمة إرهابية منذ عقدين من الزمن ولا نفرق بين أجنحته: لا يوجد فرق بين الجناح العسكري والسياسي له»، داعيا الى وقف نشطاته الخارجية..مشدداً على أنّ «الجيش اللبناني هو المدافع الوحيد عن لبنان، وعلى الشعب اللبناني أن يشعر بالقلق تجاه تصرّفات «حزب الله».
وقال: «نقاشاتنا مفيدة بموضوع العثرات في مسألة النفط في البحر وطلبنا من لبنان «إسرائيل إيجاد حلّ»، موضحاً أنّ «أميركا ليست في موقف الضامن لأي دولة أخرى، ويمكن أن نلعب دوراً في الوصول إلى اتفاق على الحدود». وتابع: «متفائلون في أنّ كل هذه المباحثات ستوصل إلى حلّ نهائي يتعلق برسم الحدود بين لبنان وإسرائيل». من جهته، أكد الحريري أنّ «الولايات المتحدة شريك استراتيجي في محاربة الارهاب»، مشيرا الى «ان رسالتها هي أننا نقف بشدة الى جانب لبنان ومؤسساته الشرعية».

اللقاء مع عون

وكان رئيس الجمهورية ميشال عون قد اكد لوزير الخارجية الأميركية أنّ «على أميركا ان تعمل على منع إسرائيل من استمرار اعتداءاتها على السيادة اللبنانية البرية والبحرية والجوية والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701»، وقال: «متمسكون بالحدود اللبنانية ونرفض ادعاءات اسرائيل بملكية اجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية.
إلى ذلك، أشار عون إلى أنّ «لبنان الذي استضاف اكثر من مليون و850 الف نازح سوري على أراضيه منذ بدء الأحداث الدامية في سوريا، لم يعد باستطاعته تحمل المزيد من التداعيات التي يسببها هذا النزوح على أمنه واستقراره واقتصاده والاوضاع الاجتماعية والتربوية والصحية.ولفت إلى أنّ «قرار اميركا خفض مساهمتها في منظمة الاونروا من 264 مليون دولار الى 60 مليون دولار، تُصرف فقط في غزة، ولا يستفيد منها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، سيضاف الى الاعباء الملقاة على لبنان في رعاية شؤون هؤلاء اللاجئين...

اللقاء مع بري

وتناول البحث مع بري المساعدات الاميركية للجيش اللبناني وموضوع الحدود البرية والبحرية الجنوبية للبنان، فاستحضر بري الخروقات الاسرائيلية اليومية ونية اسرائيل بناء الجدار الاسمنتي في نقاط داخل الاراضي اللبنانية وادعاءاتها في المنطقة الاقتصادية الخاصة، مؤكدا عمل اللجنة الثلاثية التي تنعقد دوريا في مقر الامم المتحدة في الناقورة وتجربتها في الخط الازرق لاستكمالها في الترسيم البحري وبمساعدة الولايات المتحدة الاميركية، ولا سيما ان اسرائيل لا تعترف بالمحكمة الدولية لقانون البحار ولم توقع اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار ايضا.

لا «رسالة» سياسية

وتسبب انتظار وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في قصر بعبدا لدقائق معدودة موجة من التساؤلات عن الموقف «المحرج» للضيف الاميركي، وما اذا كان العمل مقصوداً ومن خلفه رسائل سياسية أم إن الأمر مجرد مصادفة وحصل خطأ في مراسم الاستقبال.لكن اوساط القصر اكدت ان ما حصل لا يحمل اي «رسالة» وليس خطأ بروتوكوليا، فموكب الوزير الأميركي قد وصل الى قصر بعبدا قبل موعده بعشر دقائق، ما تسبب بهذا اللغط، وعن سبب عدم استقبال وزير الخارجية جبران باسيل للوزير الاميركي على المطار، فلبنان يطبق مبدأ التعامل بالمثل، اما تأخره في بعبدا فسببه زحمة السير الخانقة التي ادت الى تأخر وصول وزير الخارجية اللبناني الى القصر الجمهوري.

مجلس الوزراء

والتأم مجلس الوزراء في قصر بعبدا بعد ظهر امس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء. وبحث في جدول أعمال من 66 بنداً يتضمن شؤوناً مالية ووظيفية واتفاقيات ومتفرقة وعقارية وهبات وسفر، إضافة الى أمور طارئة. وقد ابلغ عون الحكومة بنتائج اللقاءات مع تيلرسون، وقد اقرت تعيينات لمدراء عامين من خارج جدول الاعمال اعترض عليها وزراء القوات اللبنانية ووزير الاشغال يوسف فنيانوس، وهي تعيينات اقترحها وزير الطاقة سيزار ابي خليل الذي «استخف» الاعتراضات وقال لنذهب الى التصويت؟ وقد غاب وزير التربية مروان حمادة عن الجلسة لاعتراضه المستمر على عدم تضمن جدول الاعمال قضايا تربوية.
 

  • شارك الخبر