يسير المشهد الانتخابي في دائرة بيروت الاولى الى المزيد من التعقيدات التي توحي باتجاه الدائرة الى معركة انتخابية قاسية بعد سقوط المبادرات التوافقية والخطوات التي قامت بها شخصيات ومرشحين لتجنيب الدائرة اجواء الانتخابات المشحونة، خصوصاً وانها ستكون حلبة صراع مسيحي بين الاحزاب المسيحية الرئيسية وبين زعامات تقليدية وابناء البيوت البيروتية والورثة السياسيين وحزب الطاشناق.

 ففي الدائرة لا يزال طيف بشير الجميل حاضرا في كل الاستحقاقات مهما بلغت هفوات نديم الجميل نائب الاشرفية ومهما حاول اخصام الجميل التمريك والزكزكة او محاولة اقتحام اشرفية البشير، "رفاق البشير" ايضاَ حاضرون في الانتخابات حيث يترشح القيادي السابق مسعود الاشقر، القوات ايضاً لها حضورها الحزبي المنظم في الاشرفية ورمزية سياسية لا يمكن تجاهلها، فيما التيار الوطني الحر بات له في السنوات الاخيرة التي سبقت وصول ميشال عون الى الرئاسة "حصة" في الاشرفية هو الذي لامست ارقامه المسيحية في الانتخابات الماضية مستوى الجيد لولا القانون الذي اسقط مرشحيه.
ولكن معالم المشهد الماضي تبدل كثيراً اليوم، وقد ارخى احتفال 14 شباط معالم التبدل الحاصل في التحالفات على مستوى هذه الدائرة، فمرشحي 14 آذار المقربين من المستقبل تابعوا ذكرى الشهيد رفيق الحريري اما وقوفاً او اضطروا الى الانسحاب فيما جلس محامي المتهمين في قضية الاغتيال الى جانب نجل الشهيد، وفحوى هذه الرسالة غير السياسية تتعلق بالانتخابات ايضاً، فالتيار الوطني الحر حليف لتيار المستقبل وفي بيروت الاولى تحديداً، ومعالم هذا التحالف سوف تظهر قريباً حيث بدأ التداول جدياً بصيغة للائحة تظهر التحالف بين المستقبل والتيار على الشكل التالي: عن المقعد الماروني مسعود الاشقر، ونقولا صحناوي عن الكاثوليكي، ونقولا شماس عن الارثوذكسي، والعميد انطوان بانو عن الاقليات (وهؤلاء من مرشحي التيار) فيما يترشج النائب جان اوغاسبيان عن المستقبل وثلاثة مرشحين من الطاشناق وهكذا تكتمل اللائحة بتحالف المستقبل والتيار .
على المقلب الآخر يوحي سقوط التوافق الذي سعت الصيفي ومعراب لقيامه بان كل من القوات والكتائب سيخوضان الانتخابات على لوائح خاصة، هكذا تضمن القوات مرشحها الارثوذكسي عماد واكيم وتضمن الكتائب نائبها نديم الجميل، وعلى ما يبدو وفق اوساط انتخابية في الدائرة فلكل من الفريقين مرشحيهم الجاهزين في حال سقطت نهائياً اي حظوظ قد تحصل في الايام القليلة المتبقية قبل اعلان اللوائح وفي حال حصل الانفصال والافتراق الانتخابي بينهما، حيث لا يزال البحث جاريا في الكواليس عن صيغة تجمع بين الكتائب والقوات وفرعون، والا فان خيار القوات سيكون بالتحالف مع المرشح القوي النائب ميشال فرعون فيما تبدو الكتائب منفتحة على التحالف مع شخصيات معروفة ومرشحي العائلات حيث بات واضحاً ان لدى الكتائب مرشحة ارثوذكسية ومرشح عن الارمن الارثوذكس .
والى اللوائح الثلاثة في حال ثبت افتراق الكتائب والقوات لا يمكن تجاهل حركة مرشحي المجتمع المدني وشخصيات تتمتع بحيثية اذا استطاعت خوض الانتخابات على لوائح تستطيع تأمين الحاصل الانتخابي.
وعليه فالكل في حالة ترقب لاتصالات الساعات التي تسبق الانتخابات، فالامور مرشحة الى حدوث تحولات وفق اوساط بيروتية في حال حصل توافق بين القوات والكتائب بعدما اصبح التحالف بين 14 آذار والمستقبل في هذه الدائرة من الماضي والتاريخ، لكن مهما كان شكل المتغيرات فان انتخابات الدائرة التي ضمت اليها المدور لتصبح الاشرفية والرميل والصيفي والمدور "شيقة" والاكثر اثارة بين كل الدوائر. الدكتور سمير جعجع يتطلع الى تطبيق مقولة الأمر لي، فيما الجميل يحافظ على ارث البشير، والتيار يتوج نضاله السياسي ويريد موقعا نيابيا ثابتا في الاشرفية ذات الرمزية الخاصة لكسر الاحتكار الكاثوليكي او الماروني، فما يعقد المشهد في بيروت الاولى ان مقاعدها، واحد بواحد، ارثوذكسي وماروني وكاثوليكي، ورغم انها ارثوذكسية الطابع والغلبة فيها للصوت الارثوذكسي فان انتخابات الاشرفية مارونية الهوى فيما يتنافس ويتصارع اقوياء الموارنة والزعامات الكبيرة ليس طمعاً بمقعد نيابي بالزايد بل من اجل "برستيج" الاشرفية السياسي وخصوصية المنطقة.
حتى يوم 6 أيار فان ليل الاشرفية سوف يكون موصولاً بنهارها، هكذا بدا المشهد رغم القانون المحسوم النتائج في انتخابات 2009 وهكذا هو المشهد اليوم في منطقة يليق بها تسمية "أم المعارك" او "نجمة الانتخابات".