hit counter script

أخبار محليّة

عون سيندفع بعد ايار بقوة وبري سيواجه مع كتل حليفة محاولة هيمنة العهد

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:34

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

في عام 2009 جرت الانتخابات النيابية على قاعدة قانون 1960 اي النظام الاكثري، والفوز بالاكثرية مع دوائر مختلفة كليا عن الدوائر الحالية، وبالتالي، كانت معركة من يحصل على الاكثرية ومن يحصل على الاقلية.
ودخلت السعودية مباشرة على الخط فدفعت مليار دولار وقامت بالتنسيق مع قوى 14 اذار للحصول على الاكثرية لمحاصرة تيار 8 اذار وخاصة حزب الله، وكانت الولايات المتحدة تريد اضعاف حزب الله شعبيا الى اقصى حد، والصهيونية العالمية ايضا كانت تستهدف حزب الله وقوى 8 اذار ولكن الاهم المقاومة ومحاولة حصارها عبر حصول اكثرية متحالفة مع السعودية ومع الولايات المتحدة ضد خط المقاومة في لبنان.
كذلك فان السعودية خاضت المعركة النيابية في لبنان عام 2009 ضد الخط الايراني الذي اعتبرته قد انتشر بقوة في الشام، واعتبرت ان النفوذ الايراني اصبح قويا في لبنان واعتبرت ان حزب الله هو الذي يمثل قاعدة النفوذ الايراني في لبنان، اضافة الى انتشار النفوذ الايراني القوي في العراق بدعم اميركي عندما طلبت واشنطن من الرئيس اياد العلاوي الانسحاب لصالح الرئيس نوري المالكي كي يترأس الحكومة العراقية يومها، لان الرئيس نوري المالكي على تفاهم مع طهران، والولايات المتحدة تريد ان تبقى على خط تواصل مع طهران عبر العراق ووجود مصالح اميركا في العراق.
وكان هذا الامر مستغربا عندما طلب السفير الاميركي فيلتمان في اجتماع رسمي بينه وبين الرئيس اياد العلاوي الانسحاب رغم حصول العلاوي على الاكثرية لصالح الرئيس نوري المالكي.
عام 2009 كانت المخابرات السعودية تحضّر بكل ثقلها بالتنسيق مع المخابرات الاردنية على الحدود الاردنية - السورية لاطلاق معارضة عنيفة شعبية ضد نظام الرئيس بشار الاسد تنطلق من مناطق درعا، اضافة الى ان تركيا كانت مشتركة في الامر مع السعودية بارسال التكفيريين والتحضير لمحاولة إسقاط نظام الرئيس بشار الاسد في الشام.
كذلك كانت السعودية تدعم بقوة المكوّن السنّي في العراق الذي تم اضعافه الى اقصى حد بعد 40 سنة من الحكم السنّي تحت عنوان البعث لصدام حسين الذي كان يحاصر المواطنين الشيعة في العراق ويحصر الحكم بالقوى السنية الموالية له مباشرة تحت عنوان حزب البعث في ظل وجود مؤسس حزب البعث المرحوم ميشال عفلق في بغداد.
جرت انتخابات 2009 وانتصرت السعودية عبر حصول اكثرية 14 اذار داخل المجلس النيابي، وانتصرت واشنطن ايضا، والسفير الاميركي فيلتمان كان مدير العمليات بوصول الاكثرية من قبل 14 اذار الى المجلس النيابي.
كما ان اسرائيل اعتبرت ان حزب الله اصبح ضمن اقلية والجمهور الكبير الذي كان يؤيد حزب الله اصبح اضعف واصبح محصورا بالطائفة الشيعية فقط، بعدما كان حزب الله اثر حرب 2006 له الجمهور العربي بكامله دون التفرقة بين سنّي وشيعي، لان انتصار المقاومة على العدو الاسرائيلي في حرب 2006 جعل نبض الشارع العربي يؤيد المقاومة بغض النظر عما اذا كانت شيعية او سلاحها ايراني او غير ذلك.
خاض النظام السعودي معركة عنيفة انتخابيا في لبنان، ودفع حوالى 900 مليون دولار لتمويل الانتخابات النيابية، كما بدأ النظام السعودي بتمويل مع دول خليجية المعارضة السرية في الشام ضد نظام الرئيس بشار الاسد، والقوة الشعبية المعارضة كانت هي تنظيم الاخوان المسلمين، تحت عنوان اعطاء الحرية للشعب الشامي.

تغيّر الامر في عهد الرئيس بشار الاسد

وفي واقع الامر ان المطلب هو مطلب محق، وان الديكتاتورية غير مرغوبة من قبل الشعوب والحرية تعطي للشعوب قدرة الابداع والخلق والانتاج والعطاء. لكن هذا الامر لم يكن موجودا في دولة الشام. بل كان الرئيس بشار الاسد يأمر كل شيء، واذا كان في زمن الرئيس الراحل حافظ الاسد الامن محصوراً بالقوى البشرية والمسؤولين من الطائفة العلوية، فيما كانت التجارة هي في يد رجال الاعمال البارزين من الطائفة السنيّة، والطائفة السنيّة في بلاد الشام هي التي تدير الاقتصاد والاعمال والتجارة.
تغير الامر في عهد الرئيس بشار الاسد فأصبح ابن خاله رامي مخلوف من الطائفة العلوية هو الذي يسيطر على الاقتصاد وعلى رجال الاعمال من الطائفة السنيّة، فألغى الرئيس بشار الاسد التوازن الذي اقامه الرئيس الراحل حافظ الاسد بين اعطاء التجارة والشركات ورجال الاعمال للطائفة السنية، مقابل تسلم ضباط من الطائفة العلوية رئاسة الاجهزة الامنية. كذلك كان الرئيس الراحل حافظ الاسد قد اعطى العماد حكمت شهابي وهو سنّي من حلب رئاسة اركان الجيش السوري واعطى نائبه السني من بنياس عبد الحليم خدام نيابة رئاسة الجمهورية وتركه يلعب دوراً كبيراً على صعيد السياسة اللبنانية وعلى صعيد سياسة حزب البعث في دولة الشام.
هذه الامور كانت موجودة في بلاد الشام، وفي المقابل في العراق كان الرئيس صدام حسين لا يترك ضابطاً شيعياً يترقى الى اكثر من رتبة رائد، وكانت كربلاء والنجف ممنوع الحج اليها الا بعدد قليل والسيطرة الكاملة كانت للطائفة السنية خاصة الآتية من محافظة صلاح الدين ومنطقة تكريت مسقط رأس الرئيس صدام حسين والانبار وموصل ونينوى وغيرها. اما جنوب العراق واماكن وجود الطائفة الشيعية العراقية فكان مهملا وكان مضغوطا عليه من رؤساء الاجهزة من الطائفة السنية اضافة الى ان قيادة الجيش العراقي على مستوى قادة الفرق والالوية كانت معقودة الزمام للضباط السنة فقط وليس مسموحا للضباط الشيعة ترفيعهم وترقيتهم الى رتب عالية.

المخابرات السعودية والاردنية قررتا اسقاط نظام الاسد

تقرر اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد عبر وجود الامير بندر في الاردن بتنسيق بين المخابرات السعودية والاردنية، وتقرر اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد بالتنسيق بين السعودية وتركيا من خلال الحدود التركية - السورية ودعم حزب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تنظيم الاخوان المسلمين في سوريا، مستغلين مبدأ قيام ديكتاتورية في دولة الشام، وعلى هذا الاساس جرت الانتخابات في لبنان واعتبرت السعودية انها ربحت الاكثرية وحاصرت حزب الله بتخطيط وتنسيق مع الولايات المتحدة وتأييد اسرائيل لهذا المبدأ والهدف الاسرائيلي محصور لاضعاف المقاومة ولم يدخل على خط 14 او 8 اذار بل ان العدو الاسرائيلي كان يعتبر ان الخطر الحقيقي على الكيان الصهيوني هو المقاومة، اما بقية الاحزاب في 8 اذار او غير 8 اذار فليس لها قيمة في الميزان الاستراتيجي للعدو الاسرائيلي.
اثر الانتخابات عام 2009 شعر حزب الله ان هنالك محاولة جدية لحصاره، فرد باسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري والمجيء بحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، والضغط على الوزير وليد جنبلاط كي تؤيد كتلته ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي، واقام توازنا نيابيا عكس الاكثرية التي نتجت من انتخابات عام 2009.

اندلعت الفتنة في دولة الشام عام 2011

وكان خطاب حزب الله شديد اللهجة عكس خطابه اليوم، وعام 2011 اندلعت الفتنة في دولة الشام كذلك امتدت الى دولة العراق، وكان الاساس فيها بداية تحرك مدني يختبىء خلفه تحضيرات لتنظيمات تكفيرية والاخوان المسلمين ولكن خصوصا المنظمات التكفيرية التي وان ساهم الرئيس نوري المالكي في اطلاق عناصر تكفيرية من سجن ابو غريب في العراق واطلقت المخابرات الشامية من سجونها تكفيريين، الا ان الاساس كان ارسال حوالى 300 الف تكفيري عبر تركيا وعبر الحدود الاردنية، ولكن خاصة الحدود التركية الى دولة الشام لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد.
ما ان مضت سنة 2011 وبدأت سنة 2012 حتى ظهرت المؤامرة واضحة، محاصرة حزب الله في لبنان وتركيز الاعلام الخليجي والسعودي على انه فارسي وغير عربي وذراع ايران في لبنان وعلى البحر الابيض المتوسط، وركز الاعلام السعودي والتكفيري في دولة الشام على نظام الرئيس بشار الاسد على انه نظام غير اسلامي تعددي ويجب تغييره بالقوة تحت عنوان الخلافة الاسلامية او تحت عنوان جبهة النصرة التي هي عمليا تنظيم القاعدة ولكن تحت اسم جبهة النصرة، وانتشرت حركات تكفيرية مثل فتح الاسلام واحرار الشام وغيرها وغيرها.

انتخابات الـ2009 حصلت بتخطيط اميركي ـ سعودي وبمباركة اسرائيلية

وعملت تركيا على شق الجيش العربي الشامي وارسال عشرات الالاف من التكفيريين عبر حدود تركيا الى الشام بتمويل قطري - سعودي باعتراف كامل من رئيس وزراء قطر السابق محمد آل ثاني، الذي اعلن ان قطر والسعودية دفعتا 135 مليار دولار لاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد وتغيير الوضع في الشام، وتسليم التنظيمات التكفيرية الحكم، والامتداد باتجاه لبنان لضرب المقاومة وحزب الله لاعتبارهم انهم ضمن النفوذ الايراني، كذلك امتد تنظيم التكفيريين الى دولة العراق.
وهكذا حصلت انتخابات 2009 بتخطيط اميركي - سعودي ومباركة اسرائيلية غير مباشرة لان اسرائيل لم يكن يهمها الا محاصرة المقاومة، اما اللعبة السياسية اللبنانية الداخلية من حركة 8 اذار وحركة 14 اذار فلم يكن يهم الكيان الصهيوني هذا الامر.

حرب باردة.. وساخنة

سنة 2018 المعركة النيابية مختلفة كليا، فدولة الشام ودولة العراق الذين خاضوا حرباً باردة وحرباً ساخنة، لمدة 40 سنة بين نظامين اتخذا حزب البعث شعارا لهما، ولكن كان العراق مخابراتيا يقع تحت نفوذ المكون السنّي، وكانت دولة الشام يقع فيها الحكم تحت نفوذ المكوّن العلوي، وافترقت دولة الشام عن دولة العراق لمدة 40 سنة، فيما اليوم الشعب الشامي والشعب العراقي عادا الى التحالف فيما بينهما، والى الالتحام من جديد وتكوين تدريجيا مع الوقت الى حين ظهور التسوية السياسية في الشام قوة شعبية واجتماعية وثقافية وعسكرية قوية جدا في العراق وفي دولة الشام، وتشعر السعودية ان ذلك يشكل خطراً كبيراً عليها مع دول الخليج، وتشعر الولايات المتحدة انها يجب ان تضع كل ثقلها لمنع التقارب الشامي - العراقي واللبناني ايضا عبر المقاومة وتغير الامر من خلال انتصار المقاومة في لبنان مع الجيش اللبناني والشعب اللبناني على التنظيمات التكفيرية التي حاولت ضرب الاستقرار والامن بعمليات انتحارية وارهابية وتفجير سيارات وذبح جنود من الجيش اللبناني اضافة الى ضرب وقصف قرى تابعة لجمهور حزب الله في البقاع، من خلال قصف التكفيريين من جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان.

السعودية لا تستطيع خوض الانتخابات في لبنان

اليوم وضع السعودية مختلف ولا تستطيع خوض الانتخابات في لبنان، فهي غارقة في حرب اليمن، وفاشلة في الحرب حتى الان، كذلك فان قرارات محمد بن سلمان ولي العهد السعودي هي قرارات غير مدروسة العواقب، وبمجرد تعاون مخابراتي قطري - ايراني ضمن حدود ضيقة فرضت السعودية مع دولة الامارات والبحرين الحصار على قطر وكاد محمد بن سلمان يأمر بقصف الطيران السعودي لقطر، لولا انذار اميركي منعه من ذلك. وفشلت السعودية في حصار قطر، وهذا هو الفشل الثاني بعد حرب اليمن وقطر،
ثم بالانتقال الى الداخل السعودي، فان آل سعود وهم 3200 امير من آل سعود يحكمون المملكة العربية السعودية فان 10 في المئة فقط من الامراء من آل سعود هم المسيسون وهم الذين لديهم مراكز القيادات في السعودية، فقام محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بضرب امراء آل سعود السياسيين، اما غير السياسيين فتركهم، وقام بالتصفية السياسية لاولاد الملك الراحل عبدالله، وبتصفية الامير الراحل ولي العهد سلطان بن عبد العزيز الذي كان ولي عهد ووزير دفاع وكان نجله الامير بندر مدير المخابرات واكبر منسق بين السعودية والولايات المتحدة، اضافة الى اشقائه الامير سلمان وغيرهم.

السعودية تصفي الامراء

واكمل الامير بندر تصفية الامير متعب قائد الحرس الوطني ثم جذبهم الى السجن وفرض عليهم التنازل عن ثرواتهم ووصل به الامر الى اعتبار ان الامير الوليد بن طلال تأخر في مبايعة محمد بن سلمان لولاية العهد، فجذبه عبر دعوته الى السعودية لمقابلة الملك، ومن هناك ادخله السجن، ويسعى الى تدمير اكبر امبراطورية اقامها الامير الوليد بن طلال وقيمتها 28 مليار دولار.
ثم سيطر محمد بن سلمان على محطة العربية والحدث والان على محطة الـ ام. بي. سي للوليد الابراهيمي اضافة الى تصفية شركات وتجارة رجال اعمال سعوديين يخصون امراء من آل سعود. واصبح المستقبل السياسي للسعودية في خطر نتيجة هذه الضربة لعائلة آل سعود التي تحكم السعودية والقائمة على التحفظ الكامل عن اي خبر عن امير فكيف عندما يتم الاعلان عن سجن امراء آل سعود والزامهم بالتنازل عن ثرواتهم.

تغيير بسيط في الوجوه

وانتقل محمد بن سلمان الى لبنان، ذلك انه سمع ان الرئيس سعد الحريري معتدل جدا ويساير حزب الله واستقبل مسؤول ايراني كبير اضافة الى انه يراعي الرئيس العماد ميشال عون الذي يقول بأن لبنان بحاجة لسلاح حزب الله، فاستدعى محمد بن سلمان الرئيس سعد الحريري وتدخلت اميركا وفرنسا ولبنان بقوة واعادوا الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، بعدما القى خطابا في الرياض اعلن فيه استقالته وهاجم ايران واتباع ايران في لبنان وطالب بقطع اذرع ايران في المنطقة وفي لبنان.
اليوم السعودية لا تستطيع التدخل في انتخابات 2018، والولايات المتحدة ايضا لا تستطيع التدخل وفرنسا واوروبا لا يستطيعون التدخل ولا يريدون التدخل في الانتخابات، ولذلك فكل الاطراف تعرف ان اكبر كتلة نيابية ستكون قوامها 15 او 16 نائبا، ولذلك فالانتخابات روتينية وشبه معروفة النتائج، مع تغيير بسيط في الوجوه بنسبة 10 في المئة انما القيادات الفاعلة الاساسية ستبقى هي ذاتها من الجنوب الى الشمال الى البقاع.

حزب الله المنتصر يترك اللعبة حرة

حزب الله لا تهمه الانتخابات النيابية بقوة، بل يريد ان يأتي حلفاء له الى المجلس النيابي، لكن حزب الله الذي خرج منتصرا من حرب دولة الشام، وخرج منتصرا من حربه في لبنان ضد التكفيريين، يشعر بقدرة قوية على السيطرة على الوضع، ويترك اللعبة حرة بين الرئيس نبيه بري والرئيس العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل والوزير سليمان فرنجية ويساير الوزير وليد جنبلاط لكن حزب الله غير متوتر ومرتاح الى الوضع.

ما هو المهم؟

المهم هوة التحالفات التي ستحصل بعد الانتخابات النيابية، فرئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون الذي سيكون قد مضى على عهده سنة و5 اشهر سينطلق بقوة في المرحلة الثانية من عهده، بعد ان حاز على اكثرية التعيينات المسيحية ولم ينل لا الوزير سليمان فرنجية ولا حزب الكتائب ولا حزب القوات نسبة هامة من التعيينات المسيحية، بل اعطى الرئيس العماد ميشال عون الضوء الاخضر للوزير باسيل الذي قام باجراء التعيينات المسيحية لصالح التيار الوطني الحر بشكل لم يقم به عهد سابق بهذا الشكل.
والرئيس العماد ميشال عون سينطلق بقوة بعد الانتخابات لان ثوب الطائف ضيق عليه، ويريد توسيعه، واذا لم يستطع توسيعه دستوريا فسيتوسع من خلال الامر الواقع ليس عبر عمل عسكري بل من خلال قرارات وممارسات سياسية وتعبئة ضد اخصامه السياسيين.
وسيحاول رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون جمع اكبر عدد ممكن من النواب حوله لكنه سيركز على الخطاب الشعبي لجلب تأييد اللبنانيين له. وفي المقابل سيقوم بري باجراء التحالفات القائمة بينه وبين جنبلاط وفرنجية وحلفاء اخرين للوقوف في وجه محاولة هيمنة الرئيس العماد ميشال عون على السلطة في لبنان وتجاوز السلطة التشريعية او التنفيذية.

بري يُحضر نفسه للمجابهة

وما حصل في شأن منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 وعدم توقيع وزير المالية على المرسوم، بل توقيع ثنائي بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري جعل الرئيس نبيه بري يؤكد استراتيجيته ويحضر نفسه للمجابهة بعد الانتخابات مع تكوين تحالف انتخابي من كتل نيابية عدة تقف في وجه سلطة الرئيس العماد ميشال عون، ولكن الجميع سيبقون ضمن اطار الطائف، ذلك ان الطائف حصل في ظل توافق سعودي - اميركي - شامي، ولو حصل اليوم في ظل الخلاف الشامي - السعودي لكان الطائف لصالح صلاحيات رئيس الجمهورية، اما والشام اليوم غارقة في الحرب وتركت الامر لحزب الله ليلعب دوراً استراتيجياً في لبنان، فان حزب الله لن يسعى الى تعديل الطائف. بل يعتبر سنة 2018 هو وبقية الاحزاب انها سنة حاسمة اقليميا، سواء لناحية ما سيجري في بلاد الشام وحجم دور الرئيس بشار الاسد في التسوية السياسية في دولة الشام، كذلك هنالك تقارب العراقي - الشامي وهو ينعكس على الساحة اللبنانية وعبر تحالف دولة العراق ودولة الشام، وانتصار حزب الله في حرب دولة الشام ضد التكفيريين وارسال كوادره الى العراق لمحاربة التكفيريين ايضا.

التطورات الاقليمية

فان سنة 2018 ليست مهمة بنتائجها الانتخابية، بل على الصعيد اللبناني ستحصل مجابهة بين الرئيس العماد ميشال عون والتكتل النيابي معه، من حلفاء واحزاب في وجه كتلة معارضة برئاسة الرئيس نبيه بري اما اهم ما سيحصل فهو التطورات الاقليمية في المنطقة، من ايران الى السعودية الى العراق والشام ولبنان وخاصة المسألة الفلسطينية بعد قرار الرئيس الاميركي ترامب باعتماد مدينة القدس المحتلة عاصمة لاسرائيل، وما تخطط له اسرائيل في المرحلة المقبلة في ظل حكم حزب اليمين الاسرائيلي المتطرف برئاسة نتنياهو في حكومة تضم الاحزاب الدينية الاسرائيلية وبداية تطبيع تحت الطاولة بين الخليج واسرائيل، وتغيير نبض الخليج العربي من نبض ان اسرائيل هي العدو، فاليوم نبض الخليج ان اسرائيل صديق، وان العدو هو ايران ويقود هذا التيار السعودية مع الامارات والبحرين، اما قطر فلا تشاركهم والكويت تبقى على الحياد.

مشكلة في مستقبل السعودية السياسي

سنة 2018 بعد الانتخابات النيابية سنعرف ماذا ستكون علاقة الرئيس سعد الحريري مع السعودية وحتى ان عادت العلاقة بالسعودية فلم تعد مهمة لان السعودية غارقة في فشلها في اجبار الحريري على الاستقالة وفي فشلها باسقاط نظام الاسد وفشلها في الوضع الداخلي السعودي حيث اهتزت عائلة آل سعود وقام ولي العهد محمد بن سلمان بضرب اعمامه اي اشقاء والده الملك سلمان اضافة الى ضرب احفاد الملك عبد العزيز وحصر السلطة بيده. وهنالك مشكلة حقيقية في السعودية ومستقبلها السياسي، اضافة الى فشل السعودية في حصارها لقطر وفشلها في حرب اليمن، ولذلك لم يعد مهما دور الرئيس سعد الحريري مع السعودية.
اما ايران التي اصبح لديها نفوذ كبير في العراق ودولة الشام ولبنان وقطر وعلاقة جيدة مع الكويت، امامها مشكلة اقتصادية بسبب انهيار الريال الايراني امام الدولار، ووفق اخر خبر وصل امس ان ايران ستعلن خطة سريعة لزيادة انتاجها من النفط، خلال سنة كحد اقصى كي يصل انتاجها الى 6 ملايين برميل يوميا مما يجعل اقتصادها يستعيد قوته.
واذا لم تنجح ايران في ذلك، يكون امامها مشكلة اقتصادية حقيقية تؤثر على قوة نفوذها في كامل المشرق العربي ودورها الاقليمي. لكن يبدو ان انتاج النفط الايراني سيزداد والاقتصاد الايراني عائد الى الازدهار.

تخفيف دور باسيل

الرئيس العماد ميشال عون سيدفع بعد الانتخابات النيابية في خطة يعلن انها اصلاحية، لكنه لن يستطيع اجتياح القوى المعارضة له وعلى رأسها الرئيس نبيه بري، ومن ضمنها كتلة الوزير وليد جنبلاط والوزير جنبلاط بكتلته لطائفة الموحدين الدروز، اضافة الى قوة الوزير سليمان فرنجية في الشمال، لكن لا يجب تجاهل القوة المسيحية الكبرى المتمثلة بحزب القوات اللبنانية ودور الدكتور سمير جعجع كذلك القوة المسيحية الهامة عبر حزب الكتائب وقيادة النائب سامي الجميل رئيس حزب الكتائب، وهنا اذا لم يتفاهم الرئيس العماد ميشال عون مع الدكتور سمير جعجع والقوات اللبنانية وحصل خلاف سياسي بين حزب التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وايضا حزب الكتائب فان العهد سيضعف مسيحيا، في الوقت الذي اذا استطاع العماد ميشال عون رئيس الجمهورية تخفيف دور الوزير جبران باسيل وافساح المجال لتحالف التيار الوطني الحر وحزب القوات سياسيا ضمن معطيات معينة كذلك مع حزب الكتائب، فلن يستطيع التحرك بسهولة رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون. لكن اذا ابتعد رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون واختلف مع الدكتور سمير جعجع فان حزب الله هنا سيلعب دورا لتأمين التوازن، فعندها لن يدعم حزب الله الرئيس بري في وجه الرئيس العماد ميشال عون بل سيدعم الرئيس عون ليوازن اذا حصل خلاف عون - جعجع، ويكون حزب الله الى جانب رئيس الجمهورية العماد عون، اذا حصلت حالة عدائية بين حزب القوات اللبنانية والكتائب من جهة، ورئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون من جهة اخرى.

حزب الله سيوازن بين عون وبري

واذا كان الوزير وليد جنبلاط كان بيضة القبان في تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فان بيضة القبان في اللعبة السياسية بعد الانتخابات النيابية سيكون دور حزب الله، فهو الذي سيوازن بين الرئيس العماد ميشال عون وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري. كذلك سيوازن في العلاقة مع الرئيس سعد الحريري عبر حليفه الرئيس نبيه بري ويكون الرئيس بري هو المنسق او هو المشرف على كيفية تأمين علاقة جيدة مستمرة بين تيار المستقبل ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وحزب الله وقيادة المقاومة من جهة اخرى.
كما ان من يريد تعديل الطائف لصالح اعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات اضافية لا يطلق صهره الوزير جبران باسيل في عملية استفزازية كبيرة فأصبح رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على خلاف مع الوزير فرنجية وعلى خلاف مع الدكتور سمير جعجع وعلى خلاف مع الرئيس نبيه بري وعلى خلاف الى حد ما غير ظاهر ولكن فعليا مع الوزير وليد جنبلاط، وعلى تمايز مع حزب الله رغم التنسيق الكبير بينه وبين حزب الله.
لكن الوزير جبران باسيل لا يفهم عمق الخطة الاستراتيجية لحزب الله، انما سياسيا هو على تنسيق جيد مع حزب الله، كذلك فان باسيل لا يكترث لحزب الكتائب كقوة مسيحية فاعلة، ولذلك فرئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون الذي اعطى كل الامور لصهره الوزير جبران باسيل واوصل العهد الى هذا الحصار الذي يطوّق قصر بعبدا، فلم يعد من الممكن ان يطلق الرئيس العماد ميشال عون حملة اصلاحية بعد الانتخابات النيابية ولم يعد يستطيع البحث في تعديل اتفاق الطائف او تجاوز او تفسير مواد اتفاق الطائف، لان القوى المعارضة التي سيرأسها الرئيس نبيه بري في ظل حياد حزب الله لن تجعل الرئيس ميشال عون لديه القدرة على القيادة القوية للبلاد.

الخلاف الجوهري بعد الانتخابات

لدى الرئيس العماد ميشال عون وزير العدل الاستاذ سليم جريصاتي الذي هو استاذ في القانون الدستوري وله تفسير لدستور الطائف يختلف عن تفسير مراجع قانونية وتفسير الرئيس نبيه بري لمواد اتفاق الطائف، كذلك هنالك مرجعيات دستورية قرب الرئيس العماد ميشال عون تقوم بتفسير بنود دستور الطائف على خلاف ما يقوم بتفسيره الرئيس نبيه بري والمرجعيات الدستورية التي يلجأ اليها الرئيس بري وفي طليعتها الدكتور حسن الرفاعي، اضافة الى التشاور مع مراجع دستورية هامة مثل الوزير السابق ادمون رزق، ومثل النائب مخايل الضاهر، ومثل الوزير بطرس حرب، اضافة الى ان الرئيس نبيه بري كونه رئيس مجلس النواب ومجلس النواب هو صاحب السلطة في تفسير المواد الدستورية في الدستور اللبناني فان الرئيس بري قادر على لعب الدور الاكبر في تحديد دستورية المراسيم. ولذلك فمرسوم ترقية ضباط دورة 1994 ومنحهم سنة اقدمية سيأخذ وقتا طويلا قبل الحل وقبل الوصول الى تسوية في شأن كيفية تفسير اتفاق الطائف. ذلك ان رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون قد يعلن ويعلن انه اقسم اليمين على دستور الطائف، والجميع يعلنون انهم مع اتفاق الطائف ولكن السؤال هو كيف يفسر الرئيس العماد ميشال عون مع مستشاريه الدستوريين اتفاق الطائف وبنوده وكيف يفسر الرئيس بري بنود اتفاق الطائف مع مراجعه الدستورية القريبة من الرئيس نبيه بري.
والمثال الان ان رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون يفسر عبر وزير العدل الدكتور سليم جريصاتي ان منح سنة اقدمية لا يحتاج الى توقيع وزير المال بينما الرئيس بري ومراجعه الدستورية تؤكد الزامية توقيع وزير المال على مرسوم منح سنة اقدمية لدورة ضباط 1994 باعتبار انه يرتب اعباء مالية لاحقة وان كانت ليست في اليوم ذاته ولكن ترتب اعباء مالية بعد شهر او شهرين، او اكثر. وبالتالي فالمرسوم يحتاج الى توقيع وزير المال.

2018 سنة الاختبار الحقيقي

سنة 2018 ستكون سنة الاختبار الحقيقي لادارة الرئيس الاميركي ترامب وكيفية اتخاذ خطواته، وستكون سنة 2018 سنة الوضع السعودي الاقليمي والداخلي، ووضعية النظام في السعودية كله، والدور السعودي في الخليج والمنطقة، كذلك ستكون السنة الحاسمة بالنسبة الى الحرب في دولة الشام، كذلك ستشهد مظاهر تقارب كبير بين الشعب العراقي والشعب الشامي، وهذا امر يؤثر جدا في المشرق العربي عندما يتكامل مع قوة المقاومة في لبنان، ولذلك فالانتخابات النيابية ليست بأهمية الانتخابات النيابية عام 2009 ولا عام 2005 بل النتائج شبه معروفة والخصومة في اللوائح ليست خصومة، بل لان قانون الانتخابات على القاعدة النسبية والصوت التفضيلي ستفرض تشكيل لوائح احيانا بين الاقسام واحيانا تكون اللوائح متخاصمة بين الحلفاء، وذلك نتيجة التقسيم للدوائر الانتخابية الجديدة وقانون الانتخابات على قاعدة النسبية، مع اعتماد الصوت التفضيلي.
منذ الان نرى ان الرئيس العماد ميشال عون ينظر الى ما بعد الانتخابات النيابية، والرئيس نبيه بري ينظر الى ما بعد الانتخابات النيابية، وهنالك ثلاث قوى سيكون لها دور كبير هي حزب الله والرئيس نبيه بري بقيادته لكتلته النيابية وحركة امل والدكتور سمير جعجع بكتلته النيابية وقيادته لحزب القوات اللبنانية. اما تيار المستقبل فسيخرج ضعيفا نيابيا الى حد ما في الانتخابات لان عهد قوته الكبرى في لبنان قد رحلت ولن تعود. حتى لو ايدته السعودية مجددا، لكن الاكيد ان التسوية الثلاثية الرئيس عون - الرئيس بري - الرئيس الحريري باقية مع تصادم مع الرئيس عون والرئيس بري وحيرة الرئيس الحريري في ظل هذا الصراع.

شارل ايوب - الديار  

  • شارك الخبر