hit counter script

مقالات مختارة - ابراهيم ناصر الدين

السعودية «تتريث»: التدخل في الانتخابات اللبنانية غير مجد...؟!

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:53

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

على الورق انطلق «قطار» الانتخابات النيابية مع توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة امس، فيما اختار رئيس الحكومة سعد الحريري «شراء» المزيد من الوقت من خلال ارجاء «الصدام المحتوم» في جلسة اللجنة الوزارية التي كان من المقرر ان تعقد امس لمناقشة طرح وزير الخارجية جبران باسيل تمديد مهل تسجيل المغتربين في الانتخابات، واذا كانت «النفايات» قد دخلت على خط «التراشق» الانتخابي بعد اجتياحها الشاطئ الممتد من نهر الكلب الى «الذوق»، تواترت معلومات الى بيروت تحدثت عن قرار سعودي بالتريث في الانخراط «بمعمعة» الانتخابات على نحو مباشر لمحاصرة حزب الله، وذلك بعد تقارير اولية سلبية من السفارة السعودية في بيروت، وغياب معطيات اميركية مشجعة يمكن ان تساعد في هذه المواجهة...
ووفقا لاوساط نيابية بارزة، لم يحصل حلفاء السعودية في لبنان، ومنهم المزايدون على رئيس الحكومة سعد الحريري في اقناع المملكة «بالانخراط» الكامل في «متاهة» الانتخابات النيابية «والتورط» بدعم مالي سياسي مفتوح كما حصل في العام 2009، وبحسب ما تبلغه هؤلاء فان الرياض «فرملة»اندفاعتها ولا تزال متريثة في التقدم خطوة الى الامام، بعد تقرير اولي حمل تقويما سلبيا من السفير المعين حديثا وليد اليعقوب الذي تحدث صراحة ودون مواربة عن «تشرذم» قوى 14آذار واستحالة اعادة جمعها في جبهة واحدة لمواجهة الانتصار الاتي لا محالة لحزب الله الذي نجح في «استدراج» الجميع الى قانون انتخابي يعطيه مع حلفاءه اكثرية مريحة في المجلس القادم...


معركة سعودية خاسرة؟

وتشير تلك الاوساط الى ان «المعضلة» الرئيسية التي واجهت مهمة السفير السعودي في بيروت ان تعقيدات القانون الجديد، لا تسمح بحصول مواجهة مريحة مع حزب الله، اذا لم تكن مستحيلة، «والصراع» انتقل الى داخل معسكر حلفاء الرياض، والخلاصات تشير الى ان ما سيتحقق على الساحة السنية، لن يتجاوز الا الحصول على حصة صغيرة من «كتلة» الرئيس الحريري، الذي سيحافظ على تمثيله لاكبر كتلة سنية، القوات اللبنانية التي لا تشترك مع حزب الله في دوائر انتخابية ذات تأثير كبير، تعهدت بان «تقضم» ما تيسر من مقاعد حليف الحزب المتمثل بالتيار الوطني الحر، وهو الانجاز الوحيد الممكن تحقيقه في هذه الانتخابات، لكن المشكلة القديمة -الجديدة لا تزال هي نفسها وعنوانها رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تبين للسعوديين انه يخوض علنا مواجهة سياسية في «الشعارات» مع حزب الله لكن ثمة تنسيقاً من تحت «الطاولة» مع «الثنائي الشيعي» في دوائر عديدة ومنها بيروت... في المقابل سيخوض تيار المستقبل معركته الانتخابية «بالتكافل والتضامن» مع التيار الوطني الحر، وهذا سيعوض له بعض خسائره التي سيتكبدها على «يد» القوات اللبنانية، والحريري مصر في هذا السياق على عدم «فك» تحالفه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو ابلغ السفير السعودي بهذا الامر صراحة، لان «عينه» على مرحلة ما بعد الانتخابات ومسألة عودته الى رئاسة الوزراء، والتعاون مع الرئاسة الاولى، لتقطيع مرحلة طويلة الامد في عمر حكومة جديدة سيمتد ربما الى الانتخابات النيابية عام 2022. وعند هذه النقطة لم يخف رئيس تيار المستقبل نيته خوض مواجهة مفتوحة مع منافسيه على الساحة السنية، ولم يبد اي ليونة في هذا المجال، وهو ويأمل في تعويض خسائره باستمرار تحالفه الوثيق مع نواب تكتل التغيير والاصلاح في البرلمان المقبل.
ولذلك تؤكد تلك الاوساط ان المهمة السعودية «متعثرة» حتى الان، ولم يتخذ قرار نهائي حتى الان بكيفية التعامل مع الاستحقاق، وحتى قدوم مبعوث خاص الى بيروت، في حال حصوله،لا يعني ان شيئا قد تغير لانه قد يكون في مهمة استطلاعية، لا تنفيذية، فالمملكة المصابة بخيبة امل من «اوراقها» اللبنانية المبعثرة، لم تلق ايضا اي تجاوب من الاميركيين الذين «تواضعوا» في طموحاتهم ويعملون بهدوء على «الاستثمار» في الامن من خلال استمرار الدعم للمؤسسة العسكرية..ولا أي شيء آخر، اقله في هذه المرحلة التي يكثفون فيها جهودهم «لمحاصرة» حزب الله «اقتصاديا»..؟


استراتيجية اميركية «ملتبسة»

وبحسب اوساط دبلوماسية في بيروت، ابلغت واشنطن السعوديين ان رهانها الان ليس على «مواجهة» حزب الله في لبنان، لان هذا سيؤدي الى حرب مع اسرائيل لا يزال الجانب الاسرائيلي غير مستعد لها، وانما التركيز في هذه المرحلة على الحاق الهزيمة بايران في سوريا، وهذا سيؤدي حكما الى اضعاف الحزب على الساحة اللبنانية... لكن هذه المعادلة لا تزال ملتبسة، وغامضة، حيث يتصارع في واشنطن تياران الاول يقوده مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد، ويراهن على التواصل مع الروس لتحجيم دور طهران، التيار الثاني ويقوده مستشار الرئيس للأمن القومي هربرت مكماستر وهو لايثق بتعاون موسكو لاضعاف ايران، لكن هذا الفريق يفتقد الخطة لتحقيق ذلك، وهذا ما يجعل الخطط الاميركية دون «انياب» وادى الى انحسار الدور الأميركي الذي بدأ البحث عن حصة من «قالب الحلوى» السوري، ما يجعل من مسالة إخراج إيران من سوريا، امرا سورياليا، وغير واقعي في المدى المنظور، وقد زادت في الساعات القليلة الماضية قناعة القيادة السعودية بعدم امكانية الرهان على الدور الاميركي في ظل تعرض «الذراع» الاميركية الكردية لعملية تحجيم لدورها، وهذا ما يزيد من اضعاف قدرة واشنطن على التأثير... ووفقا للمعلومات سيكون شهر شباط المقبل حاسما لجهة اتخاذ قرار سعودي حاسم في كيفية التعامل مع الاستحقاق اللبناني حيث تميل الكفة لخروجه من الحسابات السعودية...


«توقيع المرسوم»

وعشية زيارته الى الكويت وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب اعضاء مجلس النوّاب وفقا للمواعيد التالية، «6 أيار في لبنان، 3 ايار الموظفين المشاركين في العملية الانتخابية، 27 نيسان اللبنانيين في الدول العربية، 29 نيسان اللبنانيين المسجلين في اميركا واوروبا وافريقيا»، واكد ان اجراء الانتخابات في موعدها «خط احمر» ومسيرة الاصلاح ستستمر على الرغم من الحملات المبرمجة ضدها، وطالب مجدداً الجميع الامتثال للقضاء. وقد جاء كلام رئيس الجمهورية تزامناً مع تصريحات لرئيس مجلس النواب نبيه بري أكد فيها ان البلاد «تعيش» في وضع «اللادستور» «واللا طائف»..!


الحريري «يشتري الوقت»

في غضون ذلك، وعشية مغادرته لحضور المنتدى الاقتصادي في «دافوس»، قرر رئيس الحكومة سعد الحريري «شراء الوقت» هذا الاسبوع من خلال ارجاء «الصدام المحتوم» في جلسة اللجنة الوزارية الخاصة مناقشة قانون الانتخابات، ووفقا لاوساط وزارية فان الحريري لم يحدد اصلا موعدا للجسلة حتى يلغيها، وهو حاول بعيدا عن الاضواء ايجاد تسوية بين طرح وزير الخارجية جبران باسيل تمديد المهل القانونية لتسجيل المغتربين، وبين معارضيه وفي مقدمتهم وزير المال علي حسن خليل، ولكنه اصطدم بتمسك كل طرف بموقفه، فقرر تأجيل الازمة، لمزيد من التشاور، ورغبة منه في عدم حصول مواجهة عشية سفره الى الخارج وغياب جلسات مجلس الوزراء... مع العلم انه بات يميل الى اقناع باسيل بالتراجع عن موقفه لان الامور لن تصل الى نتيجة في ظل قرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عدم طرح هذا الاقتراح على المجلس النيابي.


«مخاوف» جنبلاط جدية...

في غضون ذلك استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ظهر امس النائب وائل ابو فاعور موفدا من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، وتم عرض للمستجدات. وتأتي زيارة ابو فاعو مع تأكيد اوساط وزارية بارزة بان الرئيس الحريري «فرمل» مساعيه بشأن مرسوم الاقدمية للضباط وبات اكثر ميلا لتجاوز هذا الملف بأقل «الخسائر» الممكنة بعد ان تأكد بان رئاسة الجمهورية ليست في وارد القبول بأي تسوية، وهذا ما يدركه ايضا النائب وليد جنبلاط الذي يخشى من «صدام» حتمي في المرحلة المقبلة بين الرئاستين الاولى والثانية، ويخشى ان تكون في «الوقت» الخاطئ، وتأخذ مسارات اكثر سوءا، خصوصا ان معرفته العميقة برئيس مجلس النواب نبيه بري تجعله مقتنعا انه لا ينام على «ضيم» وسيرد «الصاع صاعين» في اقرب فرصة ممكنة، ولذلك فهو يتحرك عبر موفديه لاقناع رئيس الحكومة بعدم التخلي عن مسؤولياته وعدم ترك الامور على حالها...
وكان أبو فاعور قد اكد بعد اللقاء انه «للاسف ما زلنا في الدوامة نفسها في ما خص مرسوم الاقدمية لضباط المؤسسة العسكرية، ويبدو ان النقاش في هذا الموضوع بات يستطرد نقاشا آخر حول مسألة الطائف واحترامه نصا وروحية. وردا على مستشار رئيس الجمهورية جان عزيز قال ابو فاعور انه لا يمكن القبول بالمنطق الذي يقول بأن مرسوم الاقدمية أصبح خلفنا وبالتالي يجب تجاوز النقاش في هذا الامر. المرسوم لم يصبح خلفنا ولم يصبح نافذا. لا يزال هناك اشكالية دستورية حول هذا الامر، ولا يزال هناك اشكالية وطنية وسياسية يجب ان تعالج بالاتصالات... واضاف ان الطائف ليس فقط مجرد نص بل هو روحية، وهذه الروحية تعني المشاركة، المشاركة الوطنية في القرارات وفي المؤسسات، ونأمل الا يكون هناك رغبة او استسهال لدى اي من الاطراف للقفز فوق الطائف سواء كان كنص او كروحية»...


«النفايات» على خط السجالات الانتخابية

وبعد ساعات على اجتياح النفايات الشاطئ الممتد من نهر الكلب وصولا الى معمل ذوق مصبح الحراري، انطلق سجال سياسي «انتخابي» بين النائب سامي الجميل ووزير البيئة طارق الخطيب، ودخل مجلس الانماء والاعمار ايضا على خط «المناوشات»، فخلال جولة الجميل على شاطئ كسروان دعى وزير البيئة إلى الاستقالة محملا إياه ومجلس الإنماء والإعمار ومجلس الوزراء والشركة المنفذة لمطمر برج حمود المسؤولية الكاملة، اعتبر الخطيب ان كلام الجميل انتخابي وذكره بان انشاء المطامر اقر في حكومة الرئيس تمام سلام حيث كان للكتائب 3 وزارء، ووحدهم وزراء التيار الوطني الحر عارضوا ذلك... وقد كلف الوزير لجنة للتحقيق زارت الموقع وسترفع تقريرها غداً... من جهته رد مجلس الانماء والاعمار ببيان نفى فيه ان يكون مصدر تلك النفايات هو مطمرا برج حمود او الكوستابرافا، وأكد أن هذه الاخبار مختلقة من أساسها وأن المطمرين محميان بمنشآت خرسانية يستحيل معها أن تدخل مياه البحر إليهما. ودعت وسائل الاعلام والسياسيين «الخبراء» في ملف النفايات إلى معاينة مجرى نهر الكلب وحوضه لمعرفة ما ذا كانت نفايات المكبات العشوائية التي تعود إلى أيام أزمة النفايات (وإلى فترة إغلاق مدخل مشروع مطمر برج حمود في شهر نيسان 2017 من قبل بعض المعترضين) والتي لم تقم بعض البلديات بإزالتها قد وصلت إلى مجرى نهر الكلب ومن ثم إلى مصبه عند شاطئ كسروان، وقذفها الموج إلى المنطقة المحاذية لمصبّ النهر.

  

  • شارك الخبر