hit counter script

مقالات مختارة

لننتهِ من أسطورة العلاقة الفرنسية - الألمانية!

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

بعد مرور 55 سنة على معاهدة الإليزيه، تدعو رئيسة الجبهة الوطنية، القادة الفرنسيين، إلى فتحِ العيون على علاقةٍ فيها خَلل منذ البداية، بالنسبة لها.
إحتفالاً بمعاهدة الإليزيه، امتنعَ السيّد ماكرون عن ذِكر «ديباجته».

هذا النص الذي فُرض من قبَل نوّاب ألمانيا في 15 حزيران 1963، أفرَغ الاتفاق بين البلدين من مضمونه الأساسي، من خلال ربطِ ألمانيا بالولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك للدفاع عن نفسها ومن أجل اقتصادِها، مع انضمامها إلى التجارة الحرّة في «الغات». ومن جهتها، تعلّمت فرنسا الدرسَ باعتمادها سياسة «الأيدي الحرّة»: القوّة الضاربة، خروجها من الناتو، ثالث وسيلة الدبلوماسية.

إنّ العلاقات الفرنسية - الألمانية الباطلة بسبب الخلافات الأساسية، من الأصل، هي الأسطورة التي يؤدّي استمرارها إلى ارتكاب فرنسا خطأً بشأن سياستها الألمانية.

أوّلُ أخطائها هو اعتقادها أنّ ألمانيا يمكنها التخلّي عن السياسة التي تعتمدها منذ هذا التاريخ الشهير: 15 حزيران 1963. فبرلين لن تتخلى أبداً عن عبوديتها الطوعية في مجال الدفاع: رغبتها في تعزيز القدرات الثنائية مع بلدان «الناتو» وتجسيد الدعامة الأوروبية للمنظمة، يسود على رؤية الاستقلال الاستراتيجي الذي هو أولوية فرنسا.

تُفضّل ألمانيا شراء الإنتاج الأميركي أو الإسرائيلي لوزارة الدفاع بدلاً مِن الفرنسي.

فإنّ فرنسا التي انضمّت مجدّداً إلى «الناتو»، مع احتمال عبثيّ بفرض نظامِ دفاعٍ أوروبّي مستقل وبسبب الكبرياء، فرَضَت على نفسِها حرمانَها من الاستقلال الاستراتيجي على حساب مصالحها.

وفي المجال الاقتصادي، ينتشر الوهم نفسُه: ألمانيا لديها صناعة تقوم على التصدير، بينما فرنسا التي تُركّز على الخدمات، يتراكم عجزُها.

هذه الاختلافات البنيويّة تؤدي إلى تباينٍ في أهداف السياسيات الاقتصادية: إعتقادُنا اليوم أنّ بإمكان ألمانيا أن تُثبتَ تضامنَها مع جنوب أوروبا خصوصاً، من خلال التحويلات المالية، وتوقِف اتّجاريتَها إزاء الدول الأوروبية وتقبَل تعديل قواعد ضبطِ الميزانية التي تفرضها لمصلحتها وحدَها، هو مجرّدُ نظريّة.

كان ينيغي على الإجراءات العقابية الألمانية الشاقة التي فرِضت على اليونان أن تفتح العيون على الآتي: تقود ألمانيا سياسةً تتناسَب مع مصالحها، فهي لا تهتمّ كثيراً لتضامنٍ أوروبّي، بما في ذلك مع البلدان التي تدين لها ببعضٍ من نجاحها التجاري. ألمانيا أوروبّية لأنّ أوروبا تسير على «ساعة ألمانيا»: قد أنذرَنا السيّد شويبله منذ عام 1994.

الخطأ الثاني الذي ترتكبه باريس هو اعتقادها أنّ اتّباع سياسة الخطوات الصغيرة يمكن أن يدفع ألمانيا إلى تعديل استراتيجيتها.

ونتيجة عدم التوصّل إلى اتفاقات على الأسس، تُركّز باريس وبرلين على الأدوات دون أن تتّفق على أهدافها. فالدولة الفرنسية تتعامل بالعاطفة بينما تعتمد ألمانيا السياسة الواقعية.

وفي وقتٍ ترى فرنسا في العلاقة الفرنسية - الألمانية محرّكَ بناءِ أوروبا، ترى ألمانيا فيها وسيلةً لاستعادة المهارات في المجالات الصناعية الرئيسية ككلّ القطاعات المتروكة للصناعة الألمانية خلال السنوات الأخيرة: أمس الكيمياء، الطيران المدني والعسكري، واليوم التسليح البرّي، المنتجات البيطرية، الفضاء، وسائل النقل، وغداً، الطيران الحربي؟

هذه السياسة غيرُ المتوازنة تُجبر فرنسا على التضحية أكثر بمصالحها الخاصة، فما الفائدة من البحث في برامج التسليح المشترك في حين أنّ مبدأ التوظيف وقواعد التصدير مختلفان؟

وما الفائدة من البحث في دمجِ المؤسسات الصناعية، إذا كان هذا الدمج سيؤدي إلى تصفية تكنولوجية ووضعِ السوق تحت السيطرة الألمانية؟

والخطأ الثالث الذي يَرتكبه حكّامنا هو: جعلُ ألمانيا شريكاً ذات أولوية وشِبه حصري. ومعظم القادة الفرنسيين، المرشّحين أو بالكاد المنتخبين، يستعجلون الذهاب إلى برلين ليتسوّلوا وسامَ الفروسية، مع الوهمِ بأنّ فرنسا تحتلّ جزءاً مهمّاً مِن عقول القادة الألمان.

لم تعُد تحتلّ فرنسا مركزاً رئيسياً في ألمانيا، لا دبلوماسياً، ولا اقتصادياً، ولا سياسياً. فوَسطيتُنا تجاه الألمان تساهم في عدمِ ثقةِ شركائنا الآخرين. فعندما اتّفقنا على مشروع الطائرات الحربية الفرنسية- الألمانية، ضعفَت علاقتنا الدفاعية مع لندن أكثر ممّا تعزّزت مواقفنا في ألمانيا في هذا المجال.

منذ عام 1963، لم ينفكّ القادة الفرنسيون عن تجاهلِ الحقيقة المؤلِمة: فلِتجنُّبِ الطلاق، اتّبَعوا وباندفاعٍ أعمى سياسةً فاترة بدلاً من طلب شرحٍ عاصفٍ وإنْ مفيد، عن أهداف الاتفاق الثنائي.

إنّ الزوجين «ميركرون» يعلنان لنا معاهدةَ «الإليزيه» الجديدة. أُراهنُ على أنّنا سنقول ما كان يقوله الجنرال ديغول عن معاهدة 22 كانون الثاني التي عدّلها التمهيد الألماني: «إنّ المعاهدات، كما ترون، هي مثلُ الفتيات الصغيرات والورود: تدوم على قدر ما كُتِب لها أن تدوم».

مارين لوبين (الجمهورية)

  • شارك الخبر