مجتمع مدني وثقافة
مطران ريو دو جانيرو للاتين من رشميا: زيارة مفعمة بالتاريخ والمحبة والإيمان
الأحد ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 18:10
احتفلت بلدة رشميا في قضاء عاليه بابنها العائد إليها راعي الأبرشية اللاتينية في كامبوس في ريو دي جانيرو المطران فرناندو ريفان اللبناني والماروني الأصل، وأقامت له استقبالا شعبيا رفعت صوره واللافتات المرحبة به باللغات العربية والفرنسية والبرتغالية وأعلام لبنان والبرازيل والفاتيكان.
وبالمناسبة احتفل راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، يحيط به ريفان وراعي الأبرشية المارونية في البرازيل المطران إدغار ماضي، بالقداس في كنيسة مار قرقياقوس، بمشاركة وزير الطاقة سيزار أبي خليل، النواب فؤاد السعد، هنري الحلو وفادي الهبر، المدير العام للجمارك بدري ضاهر، رئيس بلدية رشميا منصور مبارك وأعضاء المجلس البلدي وفاعليات وكهنة ورهبان وراهبات.
وقبيل البدء بالقداس ألقى مطر كلمة رحب فيها بريفان "بأرض أجداده وفي أبرشية بيروت"، وقال: "انه يوم فرح في أبرشية بيروت المارونية الحبيبة وفي رشميا المباركة والمنطقة بكاملها، أن نستقبل إبنا بارا لهذه البلدة الغالية، بشخص سيادة المطران فرنناندو ريفان، العائد إلى بلدة أبائه وأجداده، يتبارك من كنائسها وأديارها، ويعطينا ملاحم وأساطير، عن الآباء والأجداد الذين نجحوا في حياتهم في كل مجالاتها، وسطروا صفحات مجيدة للبنان وشعبه".
أضاف: "المطران ريفان ولد في البرازيل، كما والده. جده هو الذي ترك رشميا في سنة 1914، وهو من عائلة رفعان أبي سعدى. جدته من آل يونان. يذكرهما بكل حب. علماه كما علما والده وأعمامه وعماته، محبة الكنيسة المارونية ومحبة لبنان. يعود إلى رشميا التي عرف عنها الكثير، والتي نفرح ونغتبط، بكل ما أعطت ومن أعطت للبنان والكنيسة في تاريخها المجيد. هي البلدة التي أعطت رئيسين للجمهورية، حبيب باشا السعد والشيخ بشارة الخوري، اللذين أرسيا مع اللبنانيين الكرام وزعماء البلاد في تلك الحقبة، سيادة لبنان واستقلاله، وعملا من أجل عزته وكرامته، ومن أجل أن يكون له مكان في هذا الشرق وفي العالم بأسره، حتى عاد البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وقال في وطننا العزيز، إنه أكثر من بلد، إنه رسالة، بالحرية والعيش المشترك، للشرق كما للغرب في آن معا. كما أعطت رشميا، المثلث الرحمة المطران إغناطيوس مبارك، أب الإستقلال والذي كان له دور مجيد في حياة الأبرشية والكنيسة والوطن. هو الذي تسلم مقاليد الأبرشية، سنة بعد الحرب الكونية الأولى في العام 1919، وكتب رسالة لأبناء أبرشيته يقول فيها: إني آتيكم لأخدمكم ولبنان مر بقطوع كبير. ثلث شعبنا مات جوعا وثلثه هاجر، ومن الذين هاجروا جد سيادة المطران فرناندو ريفان، وثلثه بقي في هذه الأرض، ليعيد إليها الحياة والكرامة، وعمل المطران مبارك وإياهم الكثير الكثير، من أجل أن يتبلور وجه لبنان من جديد. طبعا، بعد أحداث 1943 و1958، مررنا بأحداث ثانية وكبيرة وخطيرة، لكن الله أعاننا جميعنا، نحن اللبنانيين، أن ننتهي منها وأن ننبلج إلى وضع جديد، إن شاء الله، يتثبت في القلوب والأذهان".
وتابع: "على هذه النية نصلي، في هذا القداس مع المطرانين فرناندو ريفان وإدغار ماضي، ليبقى لبنان وطن الآباء والأجداد، وطنا نفتخر به ونعتز، وتبقى رشميا معطية للأساقفة والرؤساء وخدام الكنيسة والوطن. وقد قال لنا سيادته أن في البرازيل خمسة مطارنة من أصل ماروني، ما يدل على حضورنا، الديني والدنيوي، في هذا البلد. هذا الشعب الذي أعطاه الله، بفضل تمسكه بإيمان آبائه وأجداده وبعصاميته، أن يكون ناجحا في كل مكان من أمكنة الأرض، بالحري أن ينجح على أرض وطنه وأن يبني ويعلي البناء. ونشكر الله على كل نعمة يعطينا إياها، لنجدد إيماننا بلبنان الآتي، لبنان الغد الذي تبنونه، أيها الأحباء بسواعدكم وعقولكم. ومن دون شك المطران ريفان الحاضر معنا، سيصلي من أجل لبنان وعزته وكرامته وخلاصه، وسيعطينا العظة، تختصر عصارة قلبه وما رآه في وطننا العزيز لبنان. معه ومعكم نصلي ليبقى لبنان درة ثمينة، أيقونة تمجد الله ويباركها من علياء سمائه له المجد والشكر إلى دهر الداهرين، امين".
وبعد قراءته الإنجيل، ألقى ريفان كلمة شكر فيها مطر وماضي وكل من ساهم في نجاح زيارته لأرض أجداده وخصوصا أهالي رشميا، وقال: "سعيد جدا في هذا اليوم المبارك الذي احتفل به بالقداس الإلهي مع أبناء بلد أعتز كل الإعتزاز والفخر أنني أتحدر منه. فرح أن أكون في رشميا بلدة أجدادي. جدي وجدتي ولدا في رشميا، وحدثاني كثيرا عن بلدتهما، وكم كنت أتمنى أن أزورها منذ ذلك الوقت وكنت بعد صغيرا. أنا هنا اليوم احتفل معكم بالقداس الإلهي، لأشكر الله على كل نعمه التي أعطاها لجدي اللذين هاجرا إلى البرازيل وليس لديهم سوى الإيمان والشجاعة. أنهما بطلان، فقد غادرا لبنان مع نهاية الحرب العالمية الأولى، وبدأا مغامرة وحياة جديدة في بلد لا يعرفان عنه شيئا. جدي يوسف رفعان بو سعدى وجدتي حنينة يونان. وأنا في لبنان لأصلي على النعم التي حملها جداي إلى البرازيل، وابرزها الشجاعة. جداي أنجبا عائلة كبيرة وربيا أولادهما على القيم الإنسانية والمسيحية واللبنانية، خصوصا الضيافة والعاطفة والطيبة والمحبة التي يتميز بها لبنان. علماني أن اللبناني لا يفكر بنفسه بل بغيره، واللبناني يعيش ما يقوله له الإنجيل، وهكذا يريدنا الله في حياتنا على هذه الأرض أن نعيش الإنجيل، لا أن نقرأه فقط. الله يعطي كل واحد منا مهمته. كاهن الرعية حيث أعيش في البرازيل، كان يقول لي، أن دعوتي الكهنوتية حلت علي بفضل جدتي اللبنانية التي كانت تمتاز بالتقوى. وهكذا تعلمت من جدي الروح المسيحية التي بها تعمقت ووصلت إلى أن ألبي نداء الرب منذ كان عمري 12 سنة وبدأت دعوتي لأكون كاهنا على مذبحه وفي كنيسته منذ 43 سنة، من ثم اختارني قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني أسقفا منذ 15 سنة. ونحن اليوم في نفس الإيمان الكاثوليكي والله يدعونا إلى وحدة المسيحيين ووحدة الإيمان. وغنى الليتورجية الماروني يعلمنا تمجيد عظمة الرب ومحبته. الله هو كل شيء ونحن لا شيء".
وختم: "لكم صلاتي وشكري على العاطفة التي أظهرتموها لي في هذه الزيارة المفعمة بالتاريخ والمحبة والإيمان. أنا هنا أمثل كل الذين هاجروا من لبنان منذ عقود من الزمن، لأقول لرب المجد شكرا على كل عطاياه ونعمه التي وهبها للبنان. نعم المحبة والضيافة وزرع السعادة في قلب كل من يزوره وهو مثلي من أصل لبناني. وأنا متأكد أن أجدادي هم سعداء حيث هم اليوم بأني أزور أرضهم التي عاشوا فيها وأحبوها وكانت حديثهم اليومي مع أولادهم وأحفادهم. فليباركنا القديس شربل وسيدة لبنان وقديسيه".