hit counter script

مقالات مختارة - آن برنارد - نيويورك تايمز

قوّات تدعمها الولايات المتّحدة قد تؤسّس لمنطقة كرديّة في سوريا

الخميس ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:44

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

أثارت خطة إقامة قوّة حدودية جديدة مدعومة من الولايات المتحدة وبقيادة كردية في شمال شرقي سوريا قلقاً في المنطقة بأنّ الولايات المتّحدة قد تساهم في تأسيس منطقة كرديّة مستقلّة قد تؤدّي إلى تقسيم البلاد أكثر فأكثر.

كما يمكن للقوة المؤلّفة من 30 ألف جندي، والتي تعارضها روسيا وتركيا وإيران والحكومة السورية بشدّة، أن تؤجّج مرحلة جديدة من الحرب يمكن أن تحرّض حلفاء الولايات المتّحدة على بعضهم البعض وستُدخِل الولايات المتّحدة إلى عمق الصراع.

وفي حين كان يسعى المسؤولون الكرديّون والاميركيّون الى تهدئة الخلاف، مصِرّين على أنّ القوة ليست شيئاً جديداً، قد أكّدوا على بعض هذه المخاوف.
وقالوا إنّ القوات الحدودية ستساعد في الحفاظ والدفاع عن القسم الشمالي الشرقي من سوريا الذي تسيطر عليه الميليشيات المدعومة من الولايات المتّحدة وبقيادة الأكراد والمعروفة باسم قوات سوريا الديمقراطية، وهي منطقة أصبحت شِبه مستقلة فعليّاً بحكم الأمر الواقع. كما قالوا إنّ الولايات المتّحدة ملتزمة بدعم القوّة لمدة عامين على الأقلّ.

وأعلنَ المتحدّث باسمِ هذه القوّة يوم الثّلاثاء، مصطفى بالي، أنّ القوة ستكون كناية عن نسخة معدّلة من قوات سوريا الديموقراطية. وقال إنّ «المقاتلين سيكونون مدرّبين بشكل محترف كحرّاس حدود»، وسيتمّ نشرُهم على طول أقسام الحدود السورية مع تركيا والعراق لمنعِ عودة الدولة الإسلامية، الأمر الذي اعتبره «واجباً أخلاقياً».

مضيفاً أنّ المقاتلين سيتمركزون على الخط الفاصل بين الأراضي الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية والمناطق التي تسيطر عليها قوات النّظام السوري، على طول نهر الفرات.

وتشمل الأراضي مساحات واسعة من المناطق التي تمّت استعادتها من الدولة الإسلامية من قبَل قوات سوريا الديمقراطية، وهي الميليشيات الكردية والعربية التي كانت شريكة الولايات المتّحدة الرئيسية فى سوريا ضد الجماعات المتطرّفة. ولكن لم يُعقد أيّ اتّفاق على ما يمكن أن يحدث لتلك المنطقة بعد هزمِ الدولة الإسلامية.

ولطالما قال الحزب الكردي الذي يسيطر على قوات سوريا الديمقراطية إنّ الأراضي ستبقى جزءاً من سوريا الفدراليّة يتمتّع بالحكم الذاتي. وقال مسؤولون أميركيون إنّ الولايات المتّحدة ستواصل دعم حلفائها فى سوريا، بَيد أنّها لم توضح كيف وإلى متى.

والقوّة الجديدة تقدّم إجابة محتملة على هذا السؤال.

ولكنّ الحكومة السورية، وحلفاءَها روسيا وإيران، يعترضون على أيّ تقسيم للبلاد، وكذلك الحال بالنسبة إلى معظم فصائل المعارضة السورية. وحكومة الرئيس بشّار الأسد تريد إعادة السيطرة على كلّ سوريا، وتعترض على تلاعبِ الولايات المتحدة خارج اتفاق سلام تمّ التفاوض عليه.

أكثر الاحتجاجات غضباً ربّما ظهرَت في تركيا، التي هي حليفة الولايات المتحدة وعضو في حلف الناتو. فتركيا تعارض النظام السوري لكنّها تعتبر الأكراد عدوّاً خطيراً، وتعترض بشدّة على قيام كيان كردي سوري شِبه مستقلّ يحدّ المناطق الكردية فيها، حيث تقاتل المتمرّدين الأكراد.

وقدّم المحللون الاميركيون آراء متباينة جدّاً حول أهمية القوة الجديدة وتأثيرها على أيّ خطة سلام محتملة وكيفية انسجامها مع سياسة أميركية أوسع حول سوريا.

وقال المتخصّص في الشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني أندرو تابلر: «تتمحور القضية حول التأكّد من أنّ داعش قد هزِمت حقاً، وأنّه تمّ القضاء على ظروف إعادة ظهورها»، مضيفاً أنّ « الهدف ليس خلقَ دولةِ كردستان أو منطقة على المدى الطويل».

لكنّ جوشوا لانديس، وهو متخصص في الشؤون السورية في جامعة اوكلاهوما، قال إنّ الولايات المتّحدة «تدعم فعليّاً دولة مستقلّة في شمال نهر الفرات»، وهي دولة تسيطر على جزء كبير من احتياطيات النفط والغاز في سوريا، وسدّها الكهربائي الرئيسي، ولها جيشُها الخاص ومناهجها الدراسية باللغة الكردية، مضيفاً أنّها «ستصبح دولة تديرها الدولة الكردية بحكمِ الواقع إذا واصَلت الولايات المتحدة حمايتَها وتمويلها».

وعلى رغم أنّ الأميركيين التزَموا حماية المنطقة لمدّة عامين، يرى بعض المسؤولون الأكراد أنه يبقى عليهم أن يروا ماذا يمكن أن يحصل إذا تمكّنوا من التفوّقِ على الولايات المتحدة وتركيا، ووجدوا فجوةَ هروبٍ للتصالح مع الحكومة السورية إذا فشلَ كلّ شيء آخر.

وسعى المسؤولون الأميركيون والكرديون إلى تهدئة المخاوف، قائلين إنّ القوات لن تكون كرديّة بالكامل، ولكنّها ستعكس التركيبة العرقية للمناطق التي تتمركز فيها.

وقال المتحدّث باسمِ قوات سوريا الديمقراطية إنّ «هذه القوات لا تشكّل تهديداً ضد أيّ شخص».

مضيفاً أنّ المنطقة الكردية لن تفكّك سوريا، بل ستكون جزءاً من سوريا جديدة تتميّز اكثر باللامركزية أو الفيدرالية. مشيراً إلى أنها لن تكون قائمة على أساس العرق الكردي، بل ستكون حكومةً لمنطقة شمال شرق سوريا التي تضمّ العرب والأرمن والسريان.

وتجري الاستعدادات لإقامة جولة جديدة من المحادثات بقيادة الامم المتحدة الاسبوع المقبل، ومؤتمرِ حوارٍ سوري تستضيفه روسيا في شباط في منطقة سوتشي. ولكن ما من اتفاق في أيّ مِن هذه المحادثات حول مستقبل المناطق الكردية.

بعد أن رُفض تشكيل وفد كردي منفصل للمشاركة في محادثات الأمم المتّحدة في جنيف، حاوَلت الجماعات الكردية الحصول على وفد إلى سوتشي، ولكنّ تركيا هدّدت بالانسحاب في حال وافقت روسيا على هذا الطلب. ويقول المسؤولون الكرديون إنّهم سيُرسلون في إطار حلّ توفيقي 40 مندوباً إلى سوتشي ليمثّلوا المنطقة التي تسيطر عليها محلّياً قوات سوريا الديمقراطية وليس المجموعة العرقية الكردية.

وفي هذه الأثناء، لم تُظهر الحكومة التي يقودها الأسد أيَّ اهتمام باللامركزية أو بأيّ إصلاحات على الإطلاق.

ولكنْ أعرَب المسؤولون الكرديون عن إصرارهم على هذه الإجراءات. وقال مسؤول كردي إنه «لن يعود الأمرُ إلى ما كان عليه قبل عام 2011 بعد كلّ هذا».

وقال مسؤول كردي آخر، طلبَ عدم الكشفِ عن هويته لأنه غير مخوّل التعليق على هذه المسألة، إنّ الاكراد لن يرضخوا لتركيا أو للحكومة السورية.
وقال إنه مع انقسام الجماعات المتمرّدة، فإنّ قوات سوريا الديمقراطية هى آخِر قوّة متماسكة بقيَت للضغط من أجل التغيير.

آن برنارد - (نيويورك تايمز) - الجمهورية

  • شارك الخبر