hit counter script

مقالات مختارة - شارل ايوب

الرئيس عون مارس صلاحياته في دستور ما بعد الطائف

الأربعاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:46

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

اشتعلت بين بعبدا وعين التينة وبالتحديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، واذا كان هنالك مشروع اقتراح يقضي بدمج مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 ثم مرسوم لترقية 19 ضابطاً ضمن لائحة الترقية من رتبة عقيد الى عميد، من دورة 1994، ومرسوم ثالث يقضي بترقية 5 ضباط من دورة 1994 من رتبة مقدم الى رتبة عقيد. فان هذا الاقتراح سقط، ورفضه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون معتبرا انه كرئيس للجمهورية منذ توقيعه على المرسوم الذي وقعه وزير الدفاع ثم رئيس الحكومة وانتهى بأعلى توقيع رئيس الدولة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فانه من غير المقبول ولا يمكن هذا ان يحصل في عهد الرئيس العماد ميشال عون ان يعيد المرسوم العادي الذي هو من اختصاص صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية في دستور ما بعد الطائف ان يقوم رئيس الجمهورية باعادة المرسوم الذي وقعه الى وزير المالية كي يوقعه كي يصبح نافذا، بل يعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه بمجرد ان وقع المرسوم الذي منح سنة اقدمية لدورة 1994 فان المرسوم اصبح نافذا.
اما اجواء بعبدا واجواء وزارة العدل فتقول ان مرسوم منح الاقدمية لا يرتب اعباء مالية فورا، بل يرتب في المستقبل اعباء مالية، ولذلك فان مرسوم منح اقدمية لدورة 1994 يحتاج الى توقيع وزير المالية لانه لن يرتب اعباء مالية فورا. وكم من مراسيم منح سنة اقدمية او ستة اشهر اقدمية لضباط او رتباء او افراد في الجيش اللبناني تم منحهم اقدمية ووقعها وزير الدفاع ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة دون توقيعها من وزير المال. واذا كان الدكتور علي حسن خليل وفق اجواء بعبدا اعتبر ان المرسوم العادي يرتب في المستقبل اعباء مالية، وبالتالي فان كل مرسوم عندها يجب ان يوقعه وزير المالية فمعنى ذلك ان وزير المالية اصبح وصيا على كامل الوزراء وعلى مجلس الوزراء وعلى صلاحيات رئيس الجمهورية وموقف وزير المالية بهذا الشكل هو اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية ما بعد الطائف في شأن المرسوم العادي الذي يوقعه وزير مختص مع رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
وعلى كل حال اذا كان البعض يعتقد انه يمكن ان يتم الانقضاض على المرسوم العادي الذي هو من صلاحية توقيع رئيس الجمهورية فان هذا الامر لن يحصل في عهد الرئيس ميشال عون.
وقال وزير العدل الدكتور سليم جريصاتي ان اعلى هيئة هي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل اصدرت سنة 1990 فتوى قانونية واضحة بتفسير سير المرسوم وتوقيعه، ونحن لم نكن سنة 1990 في الحكم او موجودين لنطلب رأي هيئة التشريع والاستشارات .
واعتبر الوزير سليم جريصاتي ان النقاش الدستوري والقانوني انتهى بعد صدور قرار هيئة التشريع والاستشارات فهي اعلى سلطة ادارية وان التكتل والتيار الوطني الحر مرجعهما دائما الدستور والقانون.

 

 رد وزير المالية الدكتور علي حسن خليل على جريصاتي

هذا وقد رد وزير المالية الدكتور علي حسن خليل على جريصاتي بالاتي:
«اخر الابداعات ان اسمع من وزير معني ان من استشار هي اعلى سلطة قضائية ونتحدث بالقانون.
لا احد فوق الدستور ونحن نتحمل مسؤولية كل كلمة نقولها ونعرف معناها جيدا ولا يهول احد علينا. وافضل لمعاليه ان يقول انه لم يعد يريد الحديث عن الدستور ولا يعتقد ان بامكانه منع الاراء المختلفة لفتاويه.
وهنا قام وزير المال الدكتور علي حسن خليل بالاستشهاد بفتوى صادرة عن هيئة التشريع والاستشارات عام 1992 تعتبر ان توقيع وزير المالية هو ضروري لاي مرسوم يرتب اعباء مالية فورية او يرتب اعباء مالية في المستقبل، وبالتالي فان دستورية مرسوم اعطاء سنة اقدمية للضباط يرتب اعباء مالية مستقبلية، وعمليا فقد رتب قانون منح سنة اقدمية للضباط اعباء مالية بدليل ان 24 ضابطاً من دورة 1994 استفادوا من ترقية عقيد الى عميد ومن ترقية مقدم الى عقيد، وهذا يعني اعباء مالية اضافية عبر زيادة رواتبهم ومخصصاتهم وتعويضاتهم. وبالتالي فالمرسوم منح سنة اقدمية سيحتاج الى توقيع وزير المالية لانه يرتب اعباء مالية وبالفعل فقد رتب اعباء مالية عبر الترقية التي صدرت بعد اقل من شهر من منح سنة اقدمية.
هل الخلاف دستوري فقط ام الخلاف الاساسي هو من له الكلمة الاولى في البلاد ومن يفسر دستور الطائف وعلى اي اساس؟ فاذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد وافق على دستور ما بعد الطائف، فان ذلك لا يعني تجريد رئيس الجمهورية من كامل صلاحياته الدستورية وبالتالي فالمرسوم العادي هو من صلاحية توقيع الوزير المختص ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وليس بحاجة الى توقيع وزير المال.
وبالتالي فان هذا هو تفسير اجواء بعبدا لدستور ما بعد الطائف، واذا كان البعض يعتقد وفق اجواء بعبدا، ان وزير المالية الدكتور علي حسن خليل او الرئيس نبيه بري او غيرهما يستطيعون اعادة مرسوم وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واعتبره رئيس الجمهورية انه اصبح نافذا ان يتم اعادة هذا المرسوم كي يصبح نافذا لوزير المالية كي يوقعه فان هذا امراً لن يحصل في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وليجربوا في غير امور مع الرئيس ميشال عون اما في شأن صلاحياته الدستورية وهو الذي اقسم اليمين على الحفاظ على الدستور وهو يحمي الدستور ويسهر على تنفيذه فانه لن يقبل بالتراجع عن مبدأ ان المرسوم العادي لا يحتاج الى توقيع وزير المال وبالتالي لا يجرب احد كسر كلمة رئيس الجمهورية بعد توقيعه المرسوم واعتبار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان المرسوم اصبح نافذا في شأن منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 وبالتالي لن يحتاج هذا المرسوم الذي وقعه رئيس الجمهورية الى توقيع وزير المالية سواء كان طلب وزير المالية ام طلب رئيس كتلته الرئيس نبيه بري. فالامر ليس واردا بالنسبة الى تنازل رئيس الجمهورية عن صلاحياته الدستورية وفق مفهومه بدستور ما بعد الطائف، ووفق ما قاله وزير العدل الدكتور سليم جريصاتي اعلى هيئة قضائية هي هيئة التشريع والاستشارات.


 موقف الرئيس بري من طهران

اما على صعيد موقف رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الذي يشترك باجتماعات رؤساء البرلمانات الاسلامية وعددهم 57 فانه صرّح ان هذه الاستشارة جاءت بناء على طلب وان هذا الامر مؤسف.
وكان الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب قد قال سابقا لدى وصوله الى طهران انه قدم كل ما لديه من اقتراحات وهنالك اقتراح ارسله الى المختصين وفاعليات سياسية، وهو يقصد الوزير وليد جنبلاط عبر وساطة الوزير وائل ابو فاعور الذي اجتمع مع الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري وحاول ايجاد تسوية اقترحها الرئيس بري بدمج المشاريع الثلاثة الاقدمية لمدة سنة لدورة 1994 والترقية لرتبة عميد والترقية لرتبة عقيد وبالتالي هذه المراسيم الثلاثة تعود وتمر على وزير المالية ويقوم بتوقيعها وتنتهي المشكلة.


 الخلاف السياسي وكلمة الحكم لمن؟

هذا ويبدو واضحا ان هنالك صراعا حول تفسير صلاحيات رئيس الجمهورية وحول تفسير صلاحيات وزير المال وحول الثنائية القائمة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والثنائية مع الرئيس سعد الحريري وبالتالي محاولة توقيع مرسوم عبر هذه الثنائية من خلال عزل رئيس مجلس النواب عن الاطلاع على هذا المرسوم او ارساله الى وزير المالية ممثل الرئيس بري وحركة امل في الحكومة واصدار المرسوم دون توقيع وزير المالية.
وهنا للقضية خلفيات سابقة، ذلك ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سبق ان ارسل مشروع قانون الى مجلس النواب لمنح سنة اقدمية لدورة 1994 وشعر بعد اشهر ان الرئيس نبيه بري غير راغب باقرار منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 وظهر ذلك من خلال ابقاء مشروع قانون سنة اقدمية دون اقراره ثم ارساله الى اللجان، وبالتالي فان مرسوم منح سنة اقدمية قد مات في جوارير اللجان النيابية في المجلس النيابي. وهكذا اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الرئيس نبيه بري عطل المرسوم الذي ارسله الرئيس ميشال عون الى المجلس النيابي لمنح سنة اقدمية.
وعندها قرر بالاتفاق مع الرئيس سعد الحريري اعتبار ان المرسوم عادي بشان منح سنة اقدمية ولا يحتاج الى توقيع وزير المالية وقام الرئيس سعد الحريري بالتجاوب مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقام بتوقيع المرسوم ثم وقعه رئيس الجمهورية بعد توقيع وزير الدفاع ورئيس مجلس الوزراء واعتبر الرئيس العماد ميشال عون ان المرسوم اصبح نافذا وغير قابل للنقاش او للاعادة من جديد الى وزير المالية او اقتراح صيغة جديدة لحل هذه المشكلة.
الرئيس بري من جهته، اعتبر ان ما بعد الطائف قام على ميثاقية التواقيع حيث ان تأليف الوزارات تم على اساس ان يكون وزير المالية هو شيعي وبالتالي تمر معظم المراسيم ويوقعها وزير المال الذي هو من الطائفة الشيعية ويكون من كتلة الرئيس نبيه بري من الناحية المبدئية. لكن الرئيس نبيه بري في زمن العماد الراحل حكمت شهابي والسيد عبد الحليم خدام وغازي كنعان اقنعوا الرئيس نبيه بري بالتنازل عن وزارة المالية للرئيس الحريري كونه يقود ورشة اعمار وانه بحاجة للتنسيق المباشر بين رئاسة الحكومة ووزير المالية ومجلس الانماء والاعار وبقية المؤسسات، ولهذا فان الرئيس سعد الحريري محتاج الى وزارة المالية، وعندها لبى بري طلب العماد الراحل حكمت شهابي ونائب رئيس الجمهورية السوري عبد الحليم خدام اضافة الى اللواء الراحل غازي كنعان، فتنازل من حيث المبدأ عن ان يكون وزير المالية شيعياً ممثلا لحركة امل واعطى وزارة المالية الى الرئيس سعد الحريري شخصيا انما لاحقا قام الرئيس سعد الحريري بتكليف الرئيس فؤاد السنيورة بادارة وزارة المالية رغم بقاء الرئيس الراحل رفيق الحريري وزيرا للمال، وفي حكومات لاحقة تم تعيين السنيورة وزيرا اصيلا لوزارة المالية.


 بري يعتبر ان عون يريد تفسير الطائف على هواه

لكن في ذهن الرئيس نبيه بري ان المراسيم الهامة والتي ترتب اعباء مالية والتي لها علاقة بموازنات الدولة ومصروفها والمشاريع التي تقام تحتاج الى تواقيع ميثاقية، اولها وزير الاختصاص سواء كان وزير الدفاع ام وزير الداخلية ام وزير الاشغال، والتوقيع الثاني هو لوزير المالية الذي يكون من الطائفة الشيعية وممثلا لحركة امل، والتوقيع الثالث هو لرئيس مجلس الوزراء الذي هو من الطائفة السنية يكون رئيسا للحكومة، والتوقيع الاخير والاعلى هو لرئيس الجمهورية حتى يصبح المرسوم دستوريا ونافذا.
اما بالنسبة الى الرئيس نبيه بري فهو يعتبر نفسه دستوريا بالدرجة الاولى وعلى مر ولايات وولايات له في رئاسة مجلس النواب كان دائما يحافظ على الدستور وعلى التشريع الدستوري في مجلس النواب وعلى اقرار مراسيم القوانين وفق الاصول دون ان تحصل مخالفة واحدة طوال فترة رئاسته المجلس منذ عام 1992 وحتى 2018.
ويركز الرئيس نبيه بري ان الرئيس عون يريد تفسير دستور الطائف وفق هواه انما بري يعتبر نفسه مؤتمناً على تفسير دستور الطائف، وان المرجعية الصالحة لتفسير القوانين هي المجلس النيابي وليس رئيس الجمهورية وليس هيئة التشريع والاستشارات وليس اي جهة اخرى بل المجلس النيابي. ومن هنا اصراره على تفسير مرسوم منح سنة اقدمية بأن الدستور يقضي بتوقيع وزير المالية هو مبدأ دستوري يريد الحفاظ عليه عكس ما يتصور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه باستطاعته توقيع مرسوم اعتبره مرسوماً عادياً لا يرتب اعباء مالية وبالتالي لم يرسله الى وزير المال وهذا خرق للدستور، وفق رأي رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري.


 عتب بري على الحريري

وانه رغم القول بأن هنالك خلافات سياسية بين الرئيس نبيه بري والرئيس ميشال عون، فان بري يقول انه تعاون مع رئيس الجمهورية الى اقصى الحدود وقام بدعمه في موقفه في شأن احتجاز الحريري في السعودية، وانه قام باتصالات مع حزب الله وقوى سياسية عديدة لتثبيت مبادئ النأي بالنفس والشروط التي حملها الحريري كي يصدرها مجلس الوزراء ويعود رئيس الحكومة عن استقالته.
وهنا عتب رئيس مجلس النواب على الحريري حيث ان بري قام بدعم الحريري الى اقصى حد، فلماذا يبادله الرئيس الحريري التوقيع على مرسوم ثنائي دون التشاور معه رغم الحلف القائم كرئيس لمجلس النواب ورئيس لمجلس الوزراء، اضافة الى الحلف السياسي بينهما والتفاهم على التسوية السياسية التي تقضي بموقف رئاسة الجمهورية والحفاظ على موقع رئاسة المجلس النيابي والحفاظ على رئاسة مجلس الوزراء، وبالتالي يقول بري لا خلفيات سياسية للموضوع ولا اريد ان اقوم بصراع مع رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة لكن في ذات الوقت من خلال سلطتي التشريعية لا اقبل ان يتم مخالفة الدستور وتفسير المراسيم الدستورية وفق اراء سواء في هيئة التشريع والاستشارات ام غيرها، والخلفية السياسية ساقطة كليا ونحن نتحدث عن دستورية قانون مرسوم الاقدمية، وانا مقتنع بأن الدستور يقضي بارسال مرسوم الاقدمية الى وزير المال، فلماذا تجاهل وزير المال وميثاقية التواقيع؟ ولماذا تجاهل التسوية السياسية في البلاد؟ ولماذا محاولة عزل رئاسة المجلس النيابي عن ادارة الحكم في البلاد؟ خاصة وان التعاون بين العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري اعطى ثماره وانقذ البلاد من ازمة كبيرة، فلماذا يتم التعامل معه بهذه الطريقة وتجاهله ولماذا يتم تفسير المراسيم الدستورية وفق رأي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون او رأي الرئيس الحريري، فيما السلطة المناطة بها تفسير القوانين الدستورية هي مجلس النواب ومجلس النواب فقط.


 بري: تمرير الثنائية للمرسوم غدر لي

ومن هنا اعتبر الرئيس نبيه بري من خلال تمرير ثنائية المشروع منح سنة اقدمية لدورة 1994 فيما اللجان النيابية تدرس هذا المشروع هو غدر له او محاولة عزل لدوره كرئيس السلطة التشريعية، اضافة الى ان ممثله في وزارة المال من حركة امل تم عزله ولم يرسل مرسوم منح سنة الاقدمية اليه، وحصلت ثنائية التوقيع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبالتالي، غابت ميثاقية التواقيع الثلاثة المارونية والسنية والشيعية عن مرسوم برأي وزير المالية الدكتور علي حسن خليل يرتب اعباء مالية وهو احال مرسوم ترقية دورة 1994 الى الدائرة القانونية في وزارة المال التي دأبت بأنه بموجب منح سنة اقدمية لدورة 1994 قامت قيادة الجيش اللبناني بترقية 19 ضابطاً من رتبة عقيد الى عميد و5 ضباط من رتبة مقدم الى عقيد، وبالتالي ادى مرسوم منح سنة اقدمية الى اعباء مالية على موازنة الدولة.
وهنا تمنع وزير المالية عن توقيع مرسوم الترقية الذي شمل ضباط 1994 الذين استفادوا من السنة الاقدمية، وبرأي وزير المالية الدكتور علي حسن خليل والدائرة القانونية في وزارة المال ادى ذلك الى ترتيب اعباء مالية، وهنا كان الموقف ان مرسوم منح الاقدمية يحتاج الى توقيع وزير المال.
وقام الرئيس نبيه بري على خلفية التصدي الثنائية الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري بدعم موقف وزير المالية ممثله من حركة امل في الحكومة واتخذ موقفا في عدم توقيع مراسيم الترقية لرتبة عميد ولرتبة عقيد.
وهكذا ظهر الخلاف عميقا في شأن تفسير دستور ما بعد الطائف وفي شأن صلاحيات رئيس الجمهورية، اضافة الى قرار الرئيس نبيه بري باثبات وجوده في حكم البلاد من خلال رئاسته للسلطة التشريعية، واعتبار ان الدستور لصالحه وبالتالي فان وزير المال الدكتور علي حسن خليل ممثل حركة امل لن يوقع مرسوم الترقية.
وتجمد الوضع عند هذه النقطة، فلا رئيس الجمهورية يقبل بأن يتم اعادة مرسوم منح سنة اقدمية لوزير المال وفي المقابل فان الرئيس نبيه بري اعطى توجيهاته وتعليماته لوزير المال بعدم توقيع مراسيم الترقية لضباط دورة 1994 لرتبة عميد وعقيد. وتوقفت المشكلة عند هذه النقطة.


 قرار الحكم والتوازنات القائمة

واذا كان في الزمن السوري الذي حكم لبنان طوال 30 سنة قد ادى نتيجة تحرير المقاومة لجنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وجيش لحد، كذلك قوة تنسيق الرئيس نبيه بري مع القيادة السورية كانت الطائفة الشيعية اصبحت الاقوى بين الطوائف فيما كانت القيادة السورية تنظر بشكل الى الرئيس الراحل رفيق الحريري وتدعم الرئيس الماروني اميل لحود او الرئيس الياس الهراوي او العماد ميشال سلميان قبل تغيير موقفه في اخر سنة ونصف من عهده والوقوف الى جانب السعودية.
لكن بدا ظاهرا ان الطائفة الشيعية هي اصبحت اقوى من خلال المقاومة كما ان موقف الطائفة السنية اصيب بضربة كبرى بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري.
ولما تسلم نجله الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة جرت معارضة شديدة لكيفية وضع جدول اعمال مجلس الوزراء فكان الوزراء يصرون على بند شهود الزور وكانت الجلسات تتعطل الى ان وصل الامر يوم كان الحريري مجتمعا ببوش الابن وحصلت استقالة 11 وزيرا واستقالت حكومة الرئيس الحريري اثر استقالة الثلث زائد واحد. وبعده جاء الرئيس نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة، ومع انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وانتقال الرئيس سعد الحريري من محادثاته السرية في فرنسا مع الوزير سليمان فرنجية وتأمين ترشيحه بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط ورئاسة الجمهورية الفرنسية كي يأتي الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية فان موقف حزب الله الذي بقي ملتزما بتأييد العماد ميشال عون حتى النهاية والاعتذار من الوزير سليمان فرنجية وابلاغه عدم تأييد حزب الله في الوصول الى رئاسة الجمهورية.


 قوة مارونية كبيرة

وفي المقابل قامت قوة مارونية مسيحية كبيرة هي حزب القوات بالتحالف مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونتيجة هذه الجبهة المسيحية الكبيرة بين حزب العونيين وحزب القوات اللبنانية قطعت الطريق على وصول الوزير سليمان فرنجية نظرا الى عدم حصوله على قوة مسيحية تدعمه وهو الرئيس الماروني الذي يجب ان يصل بقوة اصوات مسيحية الى رئاسة الجمهورية، لا ان يصل باصوات حركة امل وجنبلاط وتيار المستقبل الذين اكثريتهم من الطوائف الاسلامية.
وادى ذلك الى انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وجاءت التسوية بالرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة بعد ان ترك ترشيح الوزير سليمان فرنجية بسبب العوائق امامه وانتقل الى تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. وتمت التسوية عبر العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء مع بقاء الرئيس نبيه بري رئيسا لمجلس النواب ورغم الاختلاف في المواقف بين حركة امل وحزب الله في شأن تأييد الرئيس نبيه بري للوزير فرنجية وحزب الله للعماد عون فان الثنائي الشيعي حركة امل وحزب الله استمروا في التنسيق كليا في العلاقة بينهما ولم يؤد الخلاف حول ترشيح رئاسة الجمهورية الى امر مهم.


 لمن يكون الحكم؟

وبعد وصول العماد ميشال عون الذي اعتبر انه قد وقع سنة 2005 ورقة تفاهم مع حزب الله ووقع ورقة تفاهم مع حزب القوات اللبنانية اضافة الى انه وصل رئيسا للجمهورية ويريد ان يكون على تعاون مع الجميع فرأى في وجهه قوة هامة هي قوة الرئيس نبيه بري فلمن يكون الحكم هل يكون لرئيس الجمهورية الماروني العماد ميشال عون ام ليكون لرئيس مجلس النواب الشيعي الرئيس نبيه بري.
وهنا وقف حزب الله على الحياد رغم انه في مسائل ايد فيها العماد عون وفي مسائل اخرى ايد فيها الرئيس بري وهنا بالنسبة الى مرسوم منح سنة اقدمية لدورة 1994 فانه على رغم ان حزب الله يعلن حياده لكن ضمنا يؤيد الرئيس نبيه بري في موقفه ضد الرئيس العماد ميشال عون دون ن يعلن اي شيء عن هذا الامر ويبقى على مراعاة كاملة لرئيس الجمهورية ومراعاة كاملة مع الرئيس بري، لكن ضمنا لا يريد ان يمر مرسوم سنة اقدمية عبر ثنائية مارونية - سنية مع عزل التوقيع الشيعي عن مرسوم الاقدمية.
واذا كان الخلاف السياسي يقوم على من لديه السطة الاقوى في البلاد الرئيس الماروني ام رئيس مجلس النواب الشيعي خاصة وان الرئيس نبيه بري خاض معركة ضد الرئيس عون ويعتقد كثيرون انه مثلما دار هرج ومرج في شأن الاوراق البيضاء اثناء انتخابات رئاسة الجمهورية عندما كان العماد عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية فان تكتل الاصلاح والتغيير وحلفاء العماد عون سيبادلون الرئيس بري في جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي القادم حفلة هرج ومرج واوراق بيضاء في وجه انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة المجلس النيابي، رغم ان الرئيس نبيه بري سيعود رئيسا للمجلس النيابي.
وعندما قال النواب ذلك الى الرئيس بري في الجلسة النيابية التي يعقدها في قصر عين التينة قال انا لا اصدق ان الرئيس العماد ميشال عون سيفعل ذلك.


 باسيل : نحن قمنا بتغيير قانون الانتخابات

من جهة اخرى، تصاعدت الاجواء بين حركة امل والتيار الوطني الحر وكان هنالك تصريح قوي للوزير جبران باسيل اذ قال نحن الذين قمنا بتغيير قانون الانتخابات ويسألون عن الاصلاحات فنحن الذين قمنا بالاصلاحات ولاول مرة منذ الاستقلال وحتى الان حققنا قانوناً جديداً للانتخابات على قاعدة النسبية وعلىه اساس الصوت التفضيلي وبالتالي سيتم التمثيل الاوسع للشعب اللبناني بعدما كان محتكرا على جهات معينة من خلال قانون انتخابات 1960 ثم توجه الى الرئيس بري بصورة مباشرة او غير مباشرة نحن نسير وفق القانون الانتخابي ووفق القانون لكن بعد الانتخابات سيمشي الجميع في ظل القانون، ولم يوضح الوزير باسيل ماذا يقصد بكلمة قانون هل قانون الانتخابات الذي يكون قد مضى اك القانون المتبع في الدولة اللبنانية. وهنالك خلاف كبير بين التيار الوطني الحر وحركة امل وبين الرئيس عون والرئيس بري واذا كان بري قد قاطع الحريري وامتنع عن استقباله فلانه اعتبر انه ىمشي مع الرئيس عون في مرسوم العادي كما تقول اجواء بعبدا ووقع المرسوم معه في ظل عزل وزير المالية ممثل حركة امل الدكتور علي حسن خليل وبالتالي عزل الرئيس نبيه بري عن موضوع اساسي في البلاد مثل مرسوم منح سنة اقدمية لاكثر من 180 ضابطاً هم دورة 1994.


 جنبلاط يراعي الاوضاع

اما الوزير جنبلاط فانه يراعي الاوضاع ولا يريد الدخول في صراع بين رئيس الجمهورية والرئيس بري لكن الوزير وليد جنبلاط هو مع الرئيس نبيه بري كحليف سياسي واستراتيجي لكنه لن يخوض معركة ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
اما بعدما طرح الوزير سليم جريصاتي صلاحية رئيس الجمهورية في شأن المرسوم العادي فان القوات كقوة مسيحية كبرى وحزب الكنائب كقوة مسيحية كبرى فانها تميل الى جانب عون في شأن تفسيره لتوقيع المرسوم العادي اما الوزير فرنجية فهو حليف للرئيس نبيه بري وللوزير وليد جنبلاط.
لكن رغم قوة الوزير فرنجية فان تيار المردة بقي محصورا في شمال لبنان ولم يستطع الانتشار في جبل لبنان ولا الجنوب ولا البقاع بل من محافظة البترون الى الكورة الى زغرتا دون بشري ولم يستطع ان يخترق قضاء بشري حيث تسيطر القوات كليا في حين ان القوات لها شعبية تصل الى 40 بالمئة او اكثر في معقل زعامة الوزير فرنجية.
اما بالنسبة الى طرابلس، فتيار المردة سيعتبر انه سيكوةن له مقعد في طرابلس وبالنسبة الى عكار غير محسوم الامر.


الى اين تسير الامور حالياً

انها تسير الى تعقيد وجمود ولا حل في الافق وسيبقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على توقيعه لمرسوم منح سنة اقدمية واعتبار المرسوم نافذاً، وسيبقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري يعطي تعليماته لوزير المال لعدم توقيع مراسيم الترقية لضباط دورة 1994، لرتبة عميد او عقيد.
وبالنتيجة، اتفق كافة السياسيين وقادة الاحزاب انه ما هي كلفة تجميد قانون ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد او من مقدم الى عقيد، فرأوا ان الكلفة ليست كبيرة ولا تؤثر على سير العمل في البلاد رغام ان الجيش اللبناني اصيب بالبلبلة وبمعنوياته وبقرار قائده ومجلسه العسكري بالترقية لكن على الصعيد السياسي فالقيادات السياسية تعتبر ان الكلفة بسيطة وليبقى تجميد توقيع المراسيم والخلاف بين الرئيس نبيه بري والرئيس ميشال عون وكل الامور سيتم ترحيلها الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وبعد الانتخابات النيابية القادمة سيتم فرز الكتل والتحالفات كما ان شهر شباط من تاريخ 14 شباط ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وحتى نهاية شباط او بداية آذار فان اللوائح سيتم تـأليفها في لبنان، وفي هذا المجال تم العمل في الايام الماضية على تقريب وجهات نظر حزب التيار الوطني الحر وحزب القوات. لكن على ما يبدو فان كل حزب سيقود الانتخابات في منطقته وفق التحالفات التي تناسبه.


التحالفات

اما التحالف الهام فهو التحالف بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل يقابله تحالف بين حركة امل وحزب الله. ويبقى حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب وهنا لا بد من الاشارة الى ان حزب القوات اللبنانية اطلق ماكنة انتخابية من 12 الف شاب وفتاة على مستوى لبنان كله، ويعتبر حزب القوات انه سيفوز بالكتلة النيابية الاكبر في المجلس النيابي القادم.
اما بالنسبة الى حزب الكتائب فيعتقد حزب القوات ان النائب سامي الجميل سيفوز بمقعده من خلال ان الحصة الانتخابية النسبية هي 13900 صوت وهذا يستطيع ان يناله المرشح النائب سامي الجميل.
وبالنسبة الى المتن الجنوبي سيتم خوض معركة عنيفة غير واضحة المعالم، لكن القوات اللبنانية تعتبر انه سيكون لها مقعد في المتن الجنوبي هذه المرة ولن يتم ترك كل الاصوات لحزب التيار الوطني الحر.
اما الاشرفية فتعتبر القوات اللبنانية انها بالتنسيق مع حزب الكتائب ستحصل على 4 مقاعد وفي الجبل بالتنسيق مع الوزير وليد جنبلاط وتحصل على الاقل على مقعد واحد رغم انها راغبة بالحصول على مقعدين.
وبالنسبة الى جزين، وتحالف التيار العوني مع تيار المستقبل فانهما الاقوى لكن القوات اللبنانية بتحالفها مع قوى اخرى تعتقد انها قد تصل الى اختراق مقعد في جزين.
واما في كسروان فالمعركة هي الكبرى دون ان ننسى ان كسروان - جبيل اصبحا دائرة انتخابية واحدة.
وبالنسبة للدوائر المسيحية الاربع البترون الكورة زغرتا بشري، فتعتبر ماكنة القوات اللبنانية انها ستحقق انتصارا هاما في الاقضية الاربعة، وبالنسبة الى طرابلس فلن يكون هناك مرشح للقوات اللبنانية لان هنالك حساسية في طرابلس عبر اتهام قائد القوات الدكتور سمير جعجع باغتيال رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي.
انما في عكار فستخوض القوات اللبنانية المعركة وتعتبر انها ستحصل على احد المقاعد بالتحالف مع اللواء اشرف ريفي، كما انها ستتحالف مع اللواء اشرف ريفي في اماكن عدة وهنا لا نعرف تأثير قضاء المنية والضنية على موضوع طرابلس وغيرها.
اما بالنسبة الى زحلة فترى القوات انها اقوى من التيار الوطني الحر وحزب الكتائب وبطبيعة الحال لا يوجد مرشح لتيار المردة في زحلة.


لننتظر نتائج الانتخابات

ويبقى ان نسأل ماذا سيحصل من تحالفات انتخابية على مستوى اللوائح خلال شهر شباط وبداية اذار والاهم كيف سيكون عهد الرئيس العماد ميشال عون بعد الانتخابات النيابية خاصة وان تكتلاً سيحصل بين الوزير وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري والوزير سليمان فرنجية وعدد من المرشحين المستقلين. ويكون هذا التكتل في وجه رئيس الجمهورية ويرأسه الرئيس نبيه بري.
اما بالنسبة الى القوات اللبنانية فتعتبر انها وقعت ورقة تفاهم مع العماد عون ثم قامت بتأييده رئيسا للجمهورية وبعد انتخاب عون وخلال سنة وشهرين وجدت ان الوزير جبران باسيل حصد وقام بتعيين كافة المراكز المسيحية بالتنسيق مع نادر الحريري والرئيس سعد الحريري دون اعطاء القوات حصتها في التعيينات وبطبيعة الحال حزب الكتائب.
وهنا فان الدكتور سمير جعجع لن يكون مع عهد العماد ميشال عون بشكل مطلق بعد الانتخابات النيابية بل سيكون له شروطه في هذا المجال.
اخيرا، يبقى موقف السعودية وما اذا كانت ستتدخل في الانتخابات النيابية في لبنان، وهل ستضغط على الرئيس سعد الحريري في شأن تحالفاته، والكثير الكثير من الاسئلة، فلننتظر تحالفات اللوائح ثم نتائج الانتخابات ثم البداية الثانية لعهد الرئيس العماد ميشال عون وخاصة موقف حزب الله في ظل تصعيد المخطط الاسرائيلي في المنطقة واعتبار القدس عاصمة الكيان الصهيوني، وقيام محور تحالف المقاومة في حزب الله مع محور المقاومة الفلسطينية.

شارل أيوب - الديار  

  • شارك الخبر