hit counter script

الحدث - جوزف قصيفي

هل بلغ الطائف العقبة؟

الجمعة ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:08

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لا يكاد لبنان يخرج من أزمة حتى يقع في أخرى. والازمات التي تتوالى عليه هي اعمق مما يتصور الكثيرون. ظاهرها سياسي محدد بموضوع معين تتباين وجهات النظر في شأنه، كما هو حاصل الآن بين رئاسة الجمهورية وبين رئاسة المجلس النيابي. اما جوهرها فنظام الطائف الذي فشل في نقل لبنان الى الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات، وكرس الكونفدرالية الطوائفية على قاعدة المحاصصة وغالبا ما يتم ذلك على حساب الكفاية والاستحقاق.

خبير دستوري يقر بهذا الواقع ويعيد قيامه الى عدم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني منذ وضعها موضع التنفيذ نصا وروحا، بما يتيح تبيان مواطن الاختلال فيها ليصار الى تصحيحه. لكن شيئا من ذلك لم يحصل. فتراكمت الازمات وناءت بثقلها على الصيغة وتكاد تتسبب لها بثقوب كبيرة يستعصي سدها.
صحيح ان الطائف تجاوز العد وكرس المناصفة، ولكن احدا لم ينطلق من روحيته لصون هذه المناصفة، فلا تبقى حبرا على ورق. وبات نظام الطائف بالممارسة الملتبسة من دون هوية ووظيفة وطنية وسياسية واضحة. فساعة يميل باتجاه نظام رئاسي وتارة باتجاه نظام مجلسي واحيانا ينزلق الى"الترويكا"، وذلك على "القطعة" بحسب اللغة الدارجة في قاموس الصحافيين.
وفي كل مرة كان يرتفع فيها صوت او اكثر ينبه الى المآزق التي تدفع البلاد الى منعطفات خطيرة من جراء التطبيق المنحرف للطائف، كان ينتصب الميزان وتقوم الدنيا ولا تقعد معتبرة ان مجرد التفكير باي تصويب او تعديل لهذا الاتفاق يعني المساس بمرتكزات الوطن.
ان جوهر الطائف يعني المشاركة الوطنية في ادارة البلاد وليس التشارك في تقاسم الحصص بين الافرقاء. والملامة هنا تقع على اول رئيس جمهورية في مرحلة الطائف الياس الهراوي الذي جوف المناصفة من مضمونها من خلال توقيعه مرسوم التجنيس الشهير في العام ١٩٩٤ مع ما شابه من هنات ليست بالهينات والاخطاء التي ترقى إلى مرتبة الخطايا. وكذلك من خلال اجتراحه بدعة "الترويكا". كل ذلك معطوفا على قوانين انتخابية عاجزة عن انتاج مجالس نيابية تعكس اتجاهات الرأي العام وتحقق التمثيل الصحيح لشرائح المجتمع اللبناني من دون المساس بالمناصفة ومقتضيات الوفاق .
ويرى الخبير الدستوري عينه ان الطائف يتعثر ولم يعد قادرا على توفير الحلول التي يتمناها اللبنانيون ولاسيما الشباب منهم. لان اي اهتزاز سياسي سيكون له مفعول "الدومينو" وينعكس سلبا على دورة الانتاج الوطني. وهذا يعني استمرار الهجرة التي تستنزف لبنان وتحرمه خيرة طاقاته الشابة.
ويرى هذا الخبير ان على الفرقاء اللبنانيين ان يدركوا حجم الخطر المحدق بلبنان من جراء بقائه في عين الازمات، وان يتحملوا مسؤولياتهم بالبدء في العمل الجاد من خلال اعادة قراءة الطائف وتسجيل ما شاب تطبيقه من ثغرات ووضع جدول بالاصلاحات المطلوبة والتوافق عليها، اذا شاؤوا فعلا سد الابواب امام الرياح الوافدة من كل صوب.
ان التراكم السلبي للاحداث والخلافات وما يسببه من تباعد وشكوك ومناورات بين مكونات الوطن قد يؤدي عاجلا ام آجلا الى تصدعات خطيرة تصيب لبنان بتشوهات وقد تسيء الى دوره كوطن رسالة.

  • شارك الخبر