hit counter script

باقلامهم - مازن ح. عبّود

لبنان والعالم في العام 2017

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 06:51

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

لم يكن العام المنصرم عاما عاديا على لبنان والعالم والمنطقة. فقد شكل العام 2017 عام التحديات والازمات وكأنه كان اعواما في عام. فقد شهد سباقا ظاهرا ما بين من يوقد النار ومن يطفئها. فالرئيس ترامب الذي وصل بدفع شعبوي الى البيت الأبيض أعلن القدس عاصمة لدولة إسرائيل، بدل ان يسعى لجعلها مدينة الأديان المفتوحة والسلام العالمي المفقود. ويفتش عن وصفة التفاعل السلمي ما بين الحضارات المفقودة ما بين حوائط وخرائب بضع الكيلومترات المربعة من المدينة القديمة. بضع كيلومترات نحرت كل مبادرات السلام ومحبيه.
ومع الرئيس ترامب عادت الأهمية الى المنطقة المبنية على آبار النفط، لا محبة بها بل ادمانا على ما تحتها. وفي العام 2017، تراجع الاهتمام بحل مسألة الاحتباس الحراري التي يجب ان تكون القضية والطبق الأساس على مائدة المفاوضات والدولية، وكل الموائد في كل مكان.
ومع العام 2017 اكتشف الغرب أكثر فأكثر بانّ الهجرة القسرية على هذا المنوال اليه ما عادت تنفعه. بحيث انّ العجلة الاقتصادية التي كانت تتحرك جراء انخفاض اكلاف اليد العاملة، والتي كانت تؤدي الى زيادة في الوفر يعاد تثميرها في مشروعات تعيد التوازن الى سوق الطلب على اليد العاملة، فتعود الأجور الى ما كانت عليه، ويتمتع الجميع (أي القادمون واهل البلد) بالبحبوحة، ما عادت تتحرك لانّ الضخ المستمر في سوق العرض ادى الى خسارة الناس وظائفها وبحبوحتها على حساب الوفر الدائم الحاصل في جيوب المستثمرين، وأدى الى تشكل موحات خوف وقلق. موجات اوصلت ساسة شعبويين الى سدة القرار العالمي. فصارت المصالح القومية القصيرة المدى أكثر أهمية من السلام والاستقرار والبحبوحة في المدى البعيد. وهذا بعض مما أورده روبرت سيكلدسكي في مقالته "الحقيقة غير الملائمة للهجرة" والتي نشرت في موقع بروجكت سينديكيت تاريخ 22 تشرين الثاني 2017. مما يفسر الضغط الأوروبي لحل المسألة السورية ولضمان استقرار لبنان.
ومع العام 2017، بدأت تتكشف أكثر فأكثر طموحات الصين لقيادة العالم. وراحت تستفيد من التجربة الامريكية، فبدأت تستثمر في كل ما جعل من الولايات المتحدة ما كانت عليه وما هي عليه الان. وصارت تملأ الفراغات الكبرى التي تركها ويتركها المارد العالمي على الساحة السياسية العالمية وتوظف أموالا كثيرة في مجالات البحث والتنمية والصناعة والطاقة المستدامة والتعاون الدولي. وبدأت بتأسيس بنوك استثمارية على شاكلة البنك الدولي. وبدأ تسعى لإرساء نطام مالي عالمي جديد يضمن تفلتها بداية من سطوة الولايات المتحدة الامريكية المالية التي هي أساس تمايزها.
اطل العام 2017 على لبنان من بوابة النفط. وقد تمّ إقرار قانون انتخابي جديد وغريب عندنا لا يقّر الا في لبنان. قانون نأمل ان يكون خطوة على درب المساءلة وإعادة تكوين طبقة سياسية جديدة. وأضحى البلد ينتظر انتخابات القانون العجيب، وكل سياسي ينتظر الاخر. لكنّ المشكلة في انّ موجات القانون الانتخابية لم تبن ولا سفنه قد تحركت بعد، وذلك بالرغم من اننا صرنا على مسافة أمتار من موعد الاستحقاق المقرر.
الملف النفطي الذي حضر بقوة خلال العام 2017، ادخل لبنان الخريطة النفطية. ملف كانت له تداعيات على الحكومة التي كانت على وشك التفجر قبيل طرحه. الا انّ مفاعيل الملف النفطي معطوفة الى سطوة ملف اللاجئين على أوروبا عادتا فحمتا البلد، ووضعتاه على سكة الأمان مجددا. وقد عرف لبنان كيف يدير ازماته بما ضمن مصلحته. لكنّ مازال الكباش على الكهرباء مستمرا. كما انّ الطبقة السياسية لم تعرف كيف تدوّر مشاكلها ولا كيف تعالج مسألة نفايات البلد.
خدش العام 2017 الاعلام والقضاء، فمن الواضح انّ الحدود ما بين السلطتين لم تحترم. وكي تحترم يجب ان يعي بعض أطراف الجهة الأولى انّ احترام قوانين البلد ومؤسساته ورموزه خط احمر. كما على الجهة الثانية ان لا تعطي انطباعا لدى الناس بانها سلاح لضرب حرية التعبير.
لقد كان واضحا في السنة المنصرمة، بانّ يدا خفية حمت وتحمي البلد من الانزلاق. وقد عملت هذه اليد عملها من خلال شخصيات وطنية واقليمية ودولية.
املنا في العام 2018 ان تحلّ الملفات المعيشية الحيوية، فلا تطول فترة ربط النزاع على ملفات لا تمس وجدان الناس وحاجاتها. بل تنتهي بعيد الانتخابات النيابية، فتكون من لوازمها. املنا ان يكون العام 2018 عام الإرادة السياسية المفقودة لحل مسألة النفايات وتأمين الكهرباء الى اللبنانيين، وذلك بأفضل السبل وبأقل تكلفة وبشفافية ونظافة. املنا ان تبقى اليد الخفية تصون بلد الأرز فلا يناله شر.
 

  • شارك الخبر