hit counter script

مقالات مختارة - ناجي سمير البستاني

تحالفات وفق الدائرة وبمنطق الربح والخسارة

الثلاثاء ١٥ كانون الثاني ٢٠١٨ - 07:37

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار
مع إنقضاء عطلة الأعياد، وبغضّ النظر عن إنحراف التركيز في الأيّام القليلة الماضية إلى موضوع مرسوم منح أقدمية سنة لضُبّاط دورة العام 1994، فإنّ الإهتمام خلال مطلع العام 2018 الجديد وطوال النصف الأوّل منه، سيكون على موضوع الإنتخابات النيابيّة، وحُكمًا على مسألة التحالفات الإنتخابيّة وتركيب اللوائح النهائية. فما هي المعلومات المُتوفرة حتى اليوم بهذا الشأن؟
بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ الأسابيع القليلة المُقبلة حاسمة لتحديد الأسماء النهائية للمُرشّحين والصيغ النهائيّة التي سترسو عليها التحالفات الإنتخابيّة في مُختلف الدوائر، حيث من المُتوقع أن تُواصل الأحزاب السياسيّة خلال كانون الثاني الحالي إختيار وإعلان أسماء مُرشّحيها في كل المناطق، لتتناول عندها المُفاوضات بين القوى السياسيّة المُختلفة خلال شهري شباط وآذار مسألة التحالفات وتفاصيل تركيب اللوائح وتوزيع المقاعد والحصص ضُمن كل لائحة وفي كل دائرة.
ولفتت الأوساط السياسيّة نفسها إلى أنّ التحالفات الثابتة على إمتداد الخريطة اللبنانية ستكون أقلّ بكثير عمّا كانت عليه في آخر دورة إنتخابات نيابيّة في العام 2009، وهي حتى هذه اللحظة محصورة بقوى مُحدّدة، يأتي في طليعتها «الثنائي الشيعي» حيث أنّ مسألة خوض كل من «حزب الله» و«حركة أمل» المعركة الإنتخابيّة ضُمن لوائح موحّدة في كل المناطق التي يُوجد فيها ثقل شعبي شيعي حُسمت والأمور تسير بثبات على خط إنتقاء المرشّحين بعيدًا عن الإعلام. ومن الأمور المحسومة سلفًا أيضًا، قرار «حزب الله» بدعم مجموعة من الشخصيّات الحليفة، خاصة ضُمن البيئة السنّية، حيث يجري العمل حاليًا على تأمين أفضل الفرص لنجاح هؤلاء في دوائر ستشهد معارك إنتخابيّة قاسية، من خلال حسن إختيار تركيب اللوائح والتحالفات.

وأضاف الأوساط نفسها إلى أنّه في المُقابل، فإنّ الكثير من القوى السياسيّة لم تحسم تحالفاتها الإنتخابيّة حتى اليوم، في إنتظار ما ستحمله الأيام المُقبلة من تطوّرات على مُستوى العلاقات السياسيّة الشخصيّة من جهة، ومن تفاوض على الحُصص والمقاعد من جهة أخرى، من دون إسقاط عامل التدخلات الإقليميّة على أكثر من صعيد والذي من شأنه أيضًا أن يترك تأثيراته الكبرى على تركيب بعض اللوائح. وأوضحت أنّ كلاً من «تيّار المُستقبل» و«التيار الوطني الحُرّ» مَعنيان أكثر من سواهما بمسألة حسم الخيارات الإنتخابيّة الكُبرى، لأنّ أي تحالف ثنائي بينهما، سيترك إنعكاسات بالغة الأهمّية على باقي تحالفاتهما وحتى على التوازن السياسي في لبنان.
وقال المصدر السياسي إنّ «الوطني الحُرّ» يعتقد أنّه قادر على أن يتحالف في الوقت عينه مع «حزب الله» من جهة ومع «المُستقبل» من جهة أخرى، من خلال نسج هذه التحالفات الثنائية في دوائر مفصولة عن بعضها، كأن يكون «الوطني الحُرّ» مثلاً إلى جانب «الحزب» في دائرة بعبدا، وإلى جانب المُستقبل في دائرة عكار، وهكذا دواليك. وتابع المصدر السياسي كلامه بأنّ «المُستقبل» لا يتمتّع بالمُرونة التي يحظى بها «الوطني الحُرّ» على صعيد القُدرة على تنويع التحالفات، بسبب طبيعة إنتشار القاعدة الشعبيّة المؤيّدة له، وبسبب تحضير أكثر من طرف لخطط مُواجهة قاسية جدًا معه، في حال قرّر التحالف على لوائح ضُدّها، ما سيُسقط خيار «التحالف على القُطعة» - إذا جاز التعبير بالنسبة إلى «المُستقبل»، بحيث سيكون مُضطرًا للإختيار بين التحالف مع «الوطني الحُرّ» أو مع القوى السابقة في «14 آذار»، خاصة وأنّ قاعدته الشعبيّة ستكون في حال ضياع إضافي في حال عدم وُضوح الرؤية الإستراتيجيّة لتحالفاته. ومن ضمن أسباب تردّد «المُستقبل» خشيته من الإرتدادات الخارجية السلبيّة في حال تموضعه سياسيًا بمُواجهة حلفاء الأمس من قوى «14 آذار».
وفي ما خصّ حزب «القوّات اللبنانيّة» فإنّ خياراته مفتوحة حتى اللحظة على كل الإحتمالات، علمًا أنّ القوّات تُحضّر نفسها للمُواجهة بمعنى أن تخوض معارك إنتخابيّة في أغلبيّة الدوائر مُعوّلة على قوّتها الذاتيّة، مع السعي على خط مواز للتحالف مع أكبر عدد مُمكن من القوى السياسيّة في كل دائرة من الدوائر المعنيّة. وأعدّت «القوّات» أكثر من خطة أساسيّة ورديفة لكل دائرة، بحيث أنّ سُقوط التحالف مع جهة سياسيّة مُحددة في دائرة مُعيّنة، يعني حُكمًا التحالف مع جهة سياسيّة أخرى، لكن دائمًا ضُمن حد أدنى من التفاهم على مُستوى الخط السياسي العام. ولا تزال «القوّات» حتى اليوم تنتظر أن يحسم «تيّار المُستقبل» خياراته الإنتخابيّة، لتنتقل الكرة عندها إلى ملعبها لرسم خريطة تحالفاتها في حال قرّر «التيّار الأزرق» أخذ خيارات مُغايرة وحتى مُناقضة لما حصل في إنتخابات العام 2009.
وبالنسبة إلى «الحزب التقدمي الإشتراكي» رأت الأوسط السياسيّة أنّه يُركّز معركته في دائرة «الشوف - عاليه» على أن يحسم خياراته في باقي الدوائر حيث سيكون له مُرشّحون تبعًا لما ستؤول إليه مُفاوضات «معركة الجبل» - إذا جاز التعبير. وقالت إنّ «الإشتراكي» يسعى جاهدًا لأن يضمّ أكبر عدد من الأحزاب والقُوى في لائحة «الشوف - عاليه» ليبسط سيطرته على الساحة الدرزيّة من جهة، ولُيبقي على علاقاته الجيّدة مع أغلبيّة القوى السياسيّة خارج البيئىة الدرزيّة من جهة أخرى. لكنّ الأوساط السياسيّة نفسها شكّكت بإمكان نجاح هذا الأمر، وتوقّعت أن يُضطرّ «الإشتراكي» في القريب العاجل إلى أن يختار تحالفا محددا، في ظل تقديرات بأن يشهد «الجبل» معركة انتخابية بين ثلاث لوائحة رئيسة.
وبالإنتقال إلى حزب «الكتائب اللبنانيّة» فإنّه يعمل حتى إشعار آخر على تبنّي لوائح شبه مُستقلّة مدعومة من قبل «المُجتمع المدني» في بعض الدوائر وذلك تحت شعار «مُعارضة السُلطة والطبقة الحاكمة»، ومدعومة من صُقور مسيحيّة وسنّية محسوبة على قوى «14 آذار» السابقة في دوائر أخرى وذلك تحت شعار «مُناهضة سياسة الرُضوخ لحزب الله». وعلى الرغم من عدم إستبعاد نجاح الجُهود الرامية إلى جمع «الكتائب» «القوّات» في تحالف إنتخابي يُمكنه إعادة خلط الأوراق مسيحيًا من جديد، فإنّه لا بوادر حسّية لهذا التحالف حتى هذه اللحظة، مع مُلاحظة ميل لدى «الكتائب» إلى التحالف مع كل القوى السياسية التي هي حاليًا خارج السُلطة، وفي طليعتها اللواء أشرف ريفي، إضافة إلى شخصيّات ناشطة من المُجتمع المدني وشخصيّات سياسيّة مُستبعدة من اللوائح الأساسيّة، وذلك لكسب دعم كل الناقمين على «أهل الحُكم» - إذا جاز التعبير. وتُوجد محاولات للتحالف مع شخصيّات مناطقيّة قويّة، مثل الوزير السابق ميشال المرّ في المتن، ومثل الوزير زياد بارود في كسروان، إلخ.
وبالنسبة إلى «تيّار المردة» و«الحزب القومي السوري» وحزب «التوحيد العربي» و«التنظيم الشعبي الناصري» فإنّ كلاً من هذه القوى ينتظر أن يحظى بالدعم المُعتاد من جانب «محور المُمانعة» بحسب الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها، مع رغبة من جانب «المردة» و«القومي» في أن يكونا معًا في المناطق التي يتشاركان فيها القواعد الشعبيّة، لكن مع عدم توافق «التوحيد» مع «الحزب الديمقراطي اللبناني»، سيضع كل هذه الأطراف أمام خيارات صعبة إنتخابيًا. وفي ما خصّ حزب «الطاشناق» فهو يعتزم هذه المرّة عدم ترك الساحة لباقي الأحزاب الأرمنيّة، وهو لن يتساهل في هذا الصدد مع الحلفاء قبل الخُصوم!  

  • شارك الخبر