hit counter script

مقالات مختارة - دافيد عيسى - سياسي لبناني

شخصيات العام 2017 في لبنان

الثلاثاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:18

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار

                                                       

أولى ما يتبادر الى الاذهان عندما نطرح على بساط البحث لائحة شخصيات العام ان السياسة هي المجال الوحيد في لبنان للتنقيب عن الشخصيات المؤثرة والمميزة، وان السياسيين لوحدهم يستحقون مثل هذا اللقب وتنطبق عليهم مواصفات شخصية العام لأنهم محور الحركة والاضواء، ولكن ما هو حاصل عندنا ان هناك تحولاً لدى الرأي العام وفي المزاج الشعبي العام في اتجاه التطلع الى مجالات والى شخصيات غير سياسية تمارس الفعل لا الكلام وتعمل بصمت وفعالية وشكلت علامات فارقة ومضيئة، وتنطبق عليها مواصفات شخصية العام... واكثر ما يصح هذا التوصيف على العام 2017 الحافل بأحداث كثيرة كادت ان تطيح الاستقرار اللبناني، ورغم ذلك كان النجاح حليف لبنان في اجتياز كل المطبات والقطوعات والأزمات وذلك بفضل جهود مخلصة ومركزة قام بها مسؤولون مميزون وناجحون.
وكما اعتدنا على طرح الأمور بكل صدق وصراحة، ومن دون مبالغات ولا مجاملات فإن شخصيات العام 2017 هم :
1- رياض سلامة حاكم مصرف لبنان الذي يعود اليه الفضل الأول في حال الاستقرار المالي والنقدي الذي ينعم به لبنان رغم كل الازمات التي تحيط به وتلفحه بنارها، والاختبارات التي يخضع لها من حين لآخر ورغم صعوبة ودقة أوضاعه الاقتصادية.
ما انجزه الدكتور رياض سلامة هذا العام يضاف الى سجله الحافل بالإنجازات وقد أدى الى تعزيز الثقة العميقة به من مختلف القوى والشرائح واولاً من الشعب اللبناني الذي نادراً ما يعطي ثقته المطلقة لمسؤول ويأمن جانبه بالكامل، فقد نجح حاكم مصرف لبنان في احتواء ازمة العقوبات الأميركية ضد حزب الله وفي تطويق مفاعيلها ومنعها من ان تتمدد وتمس النظام المصرفي والاستقرار المالي، فتعاطى مع هذه المسألة بحكمة وروية مستنداً من جهة الى ثقة أميركية ودولية به كأفضل حاكم مصرف مركزي في العالم، ومن جهة ثانية الى التزامه بالمعايير الدولية المالية والمصرفية وتطبيقها في لبنان بشكل حازم وصارم.
كما نجح "الحاكم" في تثبيت الاستقرار النقدي وفي تعزيز القطاع المصرفي عبر هندسات مالية قام بها وحازت اعجاب وتقدير الخبراء الدوليين وأركان المال والاقتصاد في لبنان بعدما اثبتت نجاعتها وجدواها في تحصين الوضع المالي وسد الثغرات فيه.
واذا كانت هذه الهندسات المالية تعرضت لانتقادات من بعض السياسيين والاعلاميين وما يسمى بخبراء ومحللين اقتصاديين وماليين، فإن حملات الافتراء والتحامل سرعان ما تلاشت لأنها لم تكن تستند الى أي أساس ولم تنطلق الا من دواعٍ وغايات شخصية وضيقة، وبعض أصحابها كانوا يرمون الى التشويش على قرار التجديد لرياض سلامة والدفع في اتجاهات أخرى وضرب مقولة ان لا بديل عنه وان الاستقرار النقدي والمالي مشروط ببقائه.
ولكن هؤلاء خاب أملهم وتلقوا صفعة عندما اتخذ مجلس الوزراء برئاسة رئيس البلاد وبالاجماع قرار التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لولاية جديدة ولإكمال ما بدأه وانجزه وكان دائماً على حق وصواب.
ولقد ظهرت صوابية واهمية قرار التجديد لرياض سلامة عندما اندلعت وبشكل مفاجئ ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، واحدثت صدمة قوية لا سيما في الأسواق المالية والقطاعات الاقتصادية التي تعاني اساساً من أوضاع دقيقة وهشة.
في هذه اللحظات العصيبة خيّم القلق حتى لا نقول الذعر على اللبنانيين الذين خافوا على امنهم الاقتصادي والمالي وعلى الليرة ومدخراتهم وسط موجة شائعات عن سحوبات وتحويلات... ولكن سرعان ما تبدد هذا القلق بمجرد ان اطل رياض سلامة مهدئاً مطمئناً الى سلامة الوضع المالي والى الاستقرار النقدي والى ان النظام المالي والمصرفي واقف على ارض صلبة ولا يتأثر بأزمات وظروف سبق للبنان ان مرّ بأصعب منها ولم تنل منه، وبالفعل فإن هذه الازمة مرت بسلام وهدوء على المستويين المالي والنقدي وتأكد للجميع ان ما ارساه رياض سلامة على مر سنوات كفيل باستيعاب وتصريف كل أنواع الازمات... فكان لسان حال اللبنانيين هذا السؤال العفوي والمعبر : ماذا كنا لنفعل وماذا كان سيحدث لو لم يكن رياض سلامة موجوداً على رأس مصرف لبنان؟
2- عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام المستمر في حركة لا تهدأ ولا تستكين، وفي مهمات صعبة ودقيقة، وفي إدارة ملفات وازمات لا تصل معه الا الى شاطئ الأمان والبت والحسم...
إنجازات كثيرة اضافها اللواء إبراهيم الى سجله الحافل ومهام وادوار كثيرة تولاها بعيداً عن الأضواء اكثر الأحيان... الامر هنا لا يتعلق بما هو جارٍ في المديرية العامة للأمن العام من عملية تطوير وتحديث ورفع مستوى الخدمات للمواطنين وتسيير امورهم وتقوية علاقة الثقة بين الامن العام والمجتمع المدني. وانما بما جرى خارج نطاق المديرية وسلط الضوء مجدداً على الدور المحوري والجهد الاستثنائي الذي يقوم به اللواء إبراهيم ما جعله يحظى بثقة كبار المسؤولين والقادة وبتفويض له للتدخل والتوسط كل مرة طرأ طارئ ودعت الحاجة، ولا مجال هنا للخوض في كل الدقائق والتفاصيل وانما نكتفي بالتذكير بأمرين أساسيين حصلا هذا العام :
- عندما دقت ساعة تحرير الجرود والحدود اللبنانية من التنظيمات الإرهابية لعب اللواء إبراهيم دوراً اساسياً في إنجاح عملية التحرير وتسريع وصولها الى هدفها عبر ترتيبات اجلاء المسلحين الى الداخل السوري بتفويض من رئيس الجمهورية والحكومة وبالتنسيق مع حزب الله والسلطات السورية. وهذا ما أدى الى توفير الوقت والجهد والتضحيات والخسائر البشرية والى ان تحقق عملية فجر الجرود هدفها بتحرير وتنظيف كل المنطقة الحدودية من الإرهاب في اسرع وقت وبأقل كلفة.
- عندما استقال الرئيس سعد الحريري من الرياض وبدأت الدولة اللبنانية عملية البحث في ظروف الاستقالة ورئيس الحكومة والسعي الى إعادة الحكومة ورئيسها الى الوضع الطبيعي، كان للواء إبراهيم دور خفي وفعّال في تحريك اتصالات ومساعٍ دولية عاجلة، ودور مساهم في حملة التعبئة الدولية لمساعدة لبنان على الخروج من ازمته. وفي هذا الاطار جاءت زيارته الى الأردن حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزيارته الى باريس حيث التقى كبار المسؤولين ووضعهم في صورة وحقيقة ما هو جارٍ مع الحريري واستقالته. ولا عجب ان من اتقن التعاطي مع ملفات امنية شائكة، سيتقن التعاطي مع ملفات سياسية عهد بها ايضاً الى اللواء إبراهيم الذي قام بدور التوسط والتقريب في ملفات سياسية تقع في نطاق "الامن السياسي" ولها تأثير على الاستقرار العام. هذا ما حدث قبل اشهر عندما تعقدت عملية التوافق على قانون جديد للانتخابات وهذا ما حدث قبل أيام عندما نشبت ازمة مرسوم إعطاء اقدمية لضباط مغبونين في الجيش اللبناني، ودخل اللواء إبراهيم على الخط ساعياً الى تقريب وجهات النظر وتقليص هول الخلاف وإيجاد المخرج والحل لهذه المشكلة الطارئة والعابرة...

(هنيئاً للبنان باثنان من شخصياته الغير سياسية، على امل ان ننهي هذا العام بالمقال الاخير الاسبوع القادم ب "شخصيات العام 2017 السياسية ".
 

  • شارك الخبر