hit counter script

مقالات مختارة - ميشال نصر

محاولات زرع الشرخ بين عسكريي الجيش لن تنجح

الجمعة ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 07:06

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

الديار


في زمن جرعات الدعم الدولية لسياسة «النأي بالنفس» بنسختها الثانية ، في انتظار انعقاد مؤتمرات الدعم الموعودة ومن ابرزها مؤتمر «روما 2» المخصص لدعم القوى المسلحة اللبنانية، وعشية المساعدة الاميركية النوعية، ثمة في الداخل اللبناني من لا يزال يراهن على ضرب الجيش واضعافه في معركة باتت اهدافها مكشوفة امام الجميع، في خطة بدأت بالتشكيك باجراءات الاصلاح والتغيير التي بدأتها قيادة الجيش الجديدة، مرورا بالحديث عن صفقات سلاح منتهية الصلاحية، وصولا الى محاولات اعادة عقارب الساعة الى الوراء عبر استخدام تعابير عفى الزمن عنها.
وتقول مصادر وزارية مواكبة للاتصالات الجارية بعد الازمة حول مرسوم اعطاء اقدمية سنة لضباط دورة 1994، ان ثمة في الاجواء ما يوحي بوجود حملة منظمة وتوزيع ادوار يتولاه البعض مستغلا ظروفاً سياسية معينة لاقحام الجيش في ما لا ناقة له فيه ولا جمل، محاولين اعادة عقارب التدخلات في المؤسسة العسكرية الى الوراء بعدما نجحت قيادة الجيش بعزل الجيش عنها.
لكن اوساطاً وزارية اخرى ذكرت ان المجلس العسكري بقيادة العماد جوزاف عون انقسم اثناء التصويت على اعطاء سنة اقدمية لدورة 1994، ولم يتم اخذ القرار بأكثرية الأصوات المفروضة واللازمة لترفيع 180 ضابطاً برتبة عقيد الى رتبة عميد، لكن قائد الجيش الذي يأتمر بأوامر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حصل الامر لناحية اعطاء سنة اقدمية لدورة 1994.
اما السياسيون فلم يتدخلوا في الامر بتاتاً تضيف الاوساط، بل ان ضباطاً اعضاء في المجلس العسكري من الطائفتين الشيعية والدرزية قاموا باطلاع قيادة حركة امل ووزير المالية علي حسن خليل على المرسوم الذي يعطي اقدمية سنة كاملة لدورة 1994.
واكدت الاوساط نفسها ان السياسيين اللبنانيين لا يتدخلون في شؤون الجيش اللبناني، ويعتبرونه ضمانة، الا ان الضباط اعضاء في المجلس العسكري هم الذين نقلوا الخبر الى خارج وزارة الدفاع واقحموا السياسيين في هذا الامر.
وتؤكد الاوساط ان الفضيحة الكبرى كانت عندما وقع قائد الجيش على المرسوم وارسله الى وزير الدفاع ليوقعه، وتم تجاهل وزير المالية للتوقيع عبر اجتهاد غير دستوري وغير قانوني، وقام الحريري بتوقيعه من اجل مسايرة رئيس الجمهورية الذي وقعه بدوره.
وعندما تمّ ارسال المرسوم الى وزارة المالية لتنفيذه، تفاجأ بالامر الخليل كيف ان مرسوماً يرتب اعباء مالية على الدولة والدستور ويوجب توقيعه، وتم تخطيه، وارسل اليه بتوقيع رئيسي الجمهورية والحكومة وقائد الجيش ووزير الدفاع لىُنفذه.
واشارت الاوساط الى انه لدى دراسة المرسوم، طلب وزير المالية رأي الدائرة القانونية في الوزارة، وقد استندت الدائرة القانونية الى الدستور اللبناني ووجدت ان المرسوم باطل ولاغ، فأوقفه الخليل ولم يوقعه، ثم قام باطلاع الرئيس نبيه بري على الامر الذي كان قد تبلّغ من كبار ضباط في الجيش المعلومات الكاملة عن هذا المرسوم، وكون بري هو رئيس السلطة التشريعية والرقابية اكتشف بوضوح عدم دستورية هذا المرسوم، وحفاظاً على مؤسسة الجيش التي هي ضمانة للبنان لم يدلِ بأي تصريح علني كبير.
وتؤكد الاوساط ان بري اجرى مشاورات في هذا المجال، لكنه ابلغ القيادات العليا في الدولة كلها ان هنالك مخالفة دستورية بحق الدستور اللبناني جرى ارتكابها، وانها سابقة خطرة في اختراق الدستور، خصوصاً واننا في السنة الاولى من بداية عهد جديد، الذي يجب احترام الدستور.
وشددت الاوساط على ان هذه المسألة ليست موجهة الى دورة من ضباط الجيش الذين يقدّمون التضحيات ويبذلون اغلى ما عندهم وسقطوا شهداء وجرحى ومعوقين للحفاظ على الامن، لكن مسألة اعطاء اقدمية سنة دون ان تقدم قيادة الجيش المعطيات القانونية او الدستورية، اضعف المرسوم، ولفتت الاوساط الى ان تسريب المرسوم سراً ما بين وزير الدفاع ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وتجاهل وزير المالية، طعن للدستور ولصلاحيات وزير المالية، وهذا امر معيب ان يحصل داخل الحكومة وعلى المستويات العليا.
واكدت الاوساط انه تجري محاولة تسوية للموضوع، والمطلوب الحفاظ على معنويات الجيش وهيبته رغم الخطأ من قيادة الجيش ووزير الدفاع والرئيسين عون والحريري.
واكدت مصادر متابعة للاتصالات بأن كل المحاولات لزرع الشرخ والفتنة بين عسكريي المؤسسة وضباطها لن تنجح لان الجيش جسم واحد، فكما خرجت الجماعات التكفيرية خالية الوفاض في محاولاتها لشق الجيش ،كذلك اليوم ستكون نتيجة المراهنين على خلق شرخ تارة عبر تسريب معلومات عن دعاوى امام مجلس شورى الدولة من قبل متضررين، وهو ما لم يحصل اساسا ،علما ان نظام الجيش واضح اذ لكل ضابط متضرر في الخدمة الفعلية من اي قرار ان يطلب مقابلة قائد الجيش لعرض المظلومية التي تعرض لها، وحتى تاريخه لم يسجل مكتب قائد الجيش اي طلب موعد، او تسجيل اعتراض لضابط من دورات 1995 و1996 او طورا عن اجتماع للمجلس العسكري يوم الثلاثاء الماضي لم يعقد اصلا، مع الاشارة الى ان اجتماعات المجلس الدورية تسودها روح التعاون بين اعضائه الذين يقدمون مصلحة الجيش فوق كل اعتبار وهو الادرى بشؤونه وشجونه.
ورأت المصادر انه بات من المعيب والعار الكلام عن «دورة عون» او دورة الميليشيات، اذ لكل دورة تسميتها العلنية والرسمية وبالتالي دورة 1994 هي دورة «الانصهار الوطني»، وبالتالي فان اي عسكري ايا كانت رتبته ومنذ لحظة ارتدائه البزة العسكرية هو في خدمة الوطن وولاؤه للجيش وحده الى ان يثبت العكس،كما ان الجيش بقيادته يعرف ويدرك جيدا التركيبة الاجتماعية والطائفية في البلد وهو يراعي بدقة تطبيق النصوص القانونية والدستورية في هذا المجال، تحت اشراف القائد الاعلى للقوات المسلحة، نافية وجود اي نية او امكانية لسيطرة طرف على المؤسسة لان المراكز الاساسية موزعة وفقا للاعراف بين الطوائف وبالتالي رغم من ان دورة 1994 تضم 5% منها مسلمين فان المراكز المخصصة للمسلمين سيتولاها ضباط الدورات التالية، وبالتالي لن تفقد اي من الطوائف «امتيازاتها» خلافا لما يحكى.
وتابعت بان قيادة الجيش قامت بما يختص بها وفقا للقوانين والانظمة التي ترعى عملها فيما خص مرسوم الاقدمية الذي لا يرتب اي اعباء مادية على الدولة اللبنانية وفقا لما هو معمول به، ووفقا للاصول، وبالتالي فانه من الاساس كان ثمة عدد من ضباط تلك الدورة ستتم ترقيتهم في 1/7/2018 وعددهم خمسة بينهم قادة افواج حاليون وأربعة في 1/1/2019 لرتبة عميد ، وبالتالي فانه بموجب الزوبعة القائمة اليوم لن يرقى لرتبة عميد مطلع هذه السنة سوى خمسة فقط لن تصبح ترقيتهم ناجزة الا بعد توقيع المرسوم من قبل وزير المالية، داعية الى توخي الدقة عند حديثها عن خفض المدة للترقية من رتبة عقيد لعميد الى خمس سنوات هو امر مجاف للحقيقة، علما ان هكذا اجراء يعود الحق فيه لقائد الجيش وحده.
ودعت المصادر الى الكف عن اعطاء الطابع الطائفي لما جرى ،مشيرة الى ان ثمة اطرافا سياسية تحاول الزج بضباط دورتي 1995 و1996 في صراع لا علاقة لهم به على خلفية ما يحدث حاليا ، مؤكدة انه في كل الاحوال سيبقى الفارق بين الدورتين سنة خدمة، رغم ان بعض ضباط دورة 1995 حصلوا على اقدميات بلغت حدود السنة والنصف، مذكرة بان دورة الـ 1994 الوحيدة التي امضت خمس سنوات في المدرسة الحربية فيما دورة 1995 امضت ثلاث سنوات فقط.
اذا تستمر حملات الاثارة غير المبنية على حجج مقنعة وعمليات الاستغلال التي وصلت حد الحديث عن مهاترات وتفاصيل مجافية لكل منطق وحقيقة، فيما يبقى الجيش الصامت الاكبر كما عهده دائما... فالمسيرة مكملة وشيئا لن يوقفها.

  • شارك الخبر