hit counter script
شريط الأحداث

مجتمع مدني وثقافة

وسام جوقة الشرف الفرنسي للأخت انطوانيت العويط

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 12:27

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

منح الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف الأرفع فرنسيّاً إلى الأخت مريم النور – انطوانيت العويط، رئيسة مدرسة ودير كرمل القدّيس يوسف في المشرف.

جرت مراسم التكريم في قصر الصنوبر في بيروت، حيث قلّد سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه الوسام للعويط بحضور وزراء ونواب وشخصيّات رسميّة، وروحيّة من مختلف الطوائف، إضافة إلى وجوه عامة وتربويّة وإعلامية ومن أهل الرأي والمجتمع المدنيّ وأسرة المدرسة من الراهبات والاداريين والمعلمين ولجنة الأهل والطلاب، وعائلة المكرّمة.
وكان الرئيس الفرنسي قد أصدر أمراً تنفيذيّاً سابقاً بمنح العويط هذا الوسام، الوحيدة من لبنان، ضمن لائحة ضيّقة للغاية تعزيزاً للقيمة الرمزيّة لأعلى تكريم رسميّ فرنسيّ، بمناسبة العيد الوطنيّ الفرنسيّ أو يوم الباستيل في 14 تموز 2017، على ما صدر عن الاليزيه.
العويط، الراهبة التي تترجم إيمانها العميق التزاماً بالإنسان والحوار وبفكرة لبنان، كانت قد تساءلت في إحدى المرّات التي كُرمت بها "إذا كان إلهنا جميعاً، في دياناتنا التوحيديّة، هو إله الحبّ والأمل والرجاء والخلاص، فماذا نحن فاعلون من أجله؟ ومن أجل دعوته الإلهيّة؟ ماذا نحن فاعلون من أجل التآخي والتلاقي ليخدم بعضنا البعض الآخر، ولنخدم سويّاً الإنسان؟ هذا هو السؤال التحديّ، المطروح أمامنا".
السفير الفرنسي فوشيه أثنى على العمل الاستثنائي للمكرمّة على الصعد التربويّة والحوار المسيحي- الإسلامي وخدمة المبادئ الفرنكوفونية واعلاء النموذج الفريد للبنان في تقبل الآخر والعيش معاً من ضمن التعدد والتنوع. ومن كلمات بول فاليري استعان لوصف العويط قائلا:" الصوت الناعم والضعيف يقول أشياء عظيمة، مهمة، مدهشة، عميقة وعادلة".
أضاف:" متواضعة، لكن دون خجل، رحت تزرعين الحوار رافضة الحلول الوسط. عطشك للمعرفة وفهم الآخرين لا يتوقف عنده حد، فقررت دراسة الإسلام في لبنان ومصر".
وشرح فوشيه كيف ان مدرسة" كرمل القديس يوسف هي لبنان الذي نحبه، هي لبنان الذي نعجب به، هي لبنان الذي نريد أن نبنيه معكم جميعاً". وأكمل:" العلمانية ليست التسامح فحسب، أو الحياد اللامبالي، أو القبول الفاتر، بل هي حب الآخر في اختلافه وبسبب اختلافه، وطلابك بمنأى عن اللامبالاة والانسحاب، لديهم كل البطاقات في متناول يدهم لبناء هذا لبنان التعددي حقاً الذي هو عزيز جدا لنا، وهذه هي الرسالة اللبنانية التي يحتاجها العالم ".
فوشيه كشف" كيف انه في أعقاب الحرب، كان على المدرسة مغادرة بيروت. وكيف رفض القيمون عليها اختيار جبل لبنان وهي منطقة ذات أغلبية مسيحية، للانتقال اليها، مختارين منطقة المشرف، جنوب بيروت، المكان الذي على تلة تشرف على الدامور الجريحة. لأنهم أرادوا أن يكونوا في قلب إعادة بناء المزيج الطائفي من لبنان، من خلال تعليم كل من الأطفال الدروز في جبل الشوف، والأطفال السنة من الساحل، والأطفال الشيعة في الضواحي الجنوبية من بيروت وأطفال الأسر المسيحية في المنطقة".
الأخت مريم النور – انطوانيت العويط التي الرئيس الفرنسيّ والسفير لى تكريمها، أشارت إلى انّ مردّ شعورها بالفخر ليس بالتأكيد لذاتها بل من "أجل كلّ من يساعدونني في أداء مهمّتي والإضطلاع بـما على عاتقي من مسؤوليّات: عائلتي التي علّمتني منذ نعومة أظافري احترام الكرامة المطلقة للإنسان؛ ورهبنة كرمل القدّيس يوسف التي ثبّتتني في إيماني بالله والتزامي بخدمة أخي الإنسان؛ وزميلاتي وزملائي في الهيئة التربويّة لكرمل القدّيس يوسف، راهباتٍ وعلمانيّين، الذين بدونهم ما كان بإمكان رسالة الكرمل في لبنان ومشروعها التربوي أن يتحقّقا".
أضافت:" اسمحوا لي أن أخصّ بالتحيّة الأب ميشال العويط الذي حالت ظروفه الصحيّة دون حضوره معنا هذه الليلة. لقد رأيت فيه منذ صغري كاهناً حقيقيًّا ليسوع المسيح. وكان هذا اللقاء حاسمًا ومصيريًّا في مسيرتي. فهو عرف كيف يشجّعني ويفهم أعمق تطلّعاتي".
وشرحت العويط ذلك الادراك العميق للرهان "الذي يمثّله لبنان لا للمنطقة فحسب بل للإنسانيّة جمعاء: فهو مساحة تلاقٍ خصبة بين إسلامٍ مستنير ومسيحيّةٍ منفتحة، وهو مساحة انفتاحٍ وحوار قلّ مثيلها، مكرّس لاختبار "العيش المشترك" لنساءٍ ورجال من شتّى المشارب والانتماءات، ولكن يحملون معاً قيماً إنسانيّة؛ وهو مساحة تلاقٍ وتفاعل بين ثقافاتٍ مؤاتية لتحقيق كلّ التطلّعات التي تنشد الحريّة والعدالة والديمقراطيّة".
وأكملت العويط:" الحال أنّ لبنان خير أرضٍ تعكس هذه التعدّدية التي تعتبرها الفيلسوفة هنّا آرندت "شريعة الأرض". لبنان بلدٌ تعدّدي بامتياز، تقوم هويته على إنتماءاتٍ متعدّدة وخَبِر ويلات عنفٍ لا يزال متأصّلاً. أمّا مسيحيّو المشرق، وكأبناءٍ لهذه الأرض، فيتجذرّون في المقام الأوّل في ما أسماه الأب جان كوربون "كنيسة العرب". وتكتسي هذه الأخيرة أهميّةً قصوى وبالأخصّ في لبنان الذي يضطلع بدورٍ رئيس في الحوار الإسلاميّ المسيحيّ وذلك في وقتٍ تطبع فيه اللقاء بين الشرق والغرب أشكالٌ جديدة من المواجهة وسوء الفهم".
ووسط تصفيق طويل أعلنت العويط عن" التضامن الكلّيٌ مع إخواننا المسلمين. فالمعاناة نفسها والتطلّعات عينها هي ما يجمعنا، بعيداً من سوء الفهم والإختلافات. ولذلك لا تزال مسألة التعليم مسألةً أساسيّة بالنسبة لنا. فنحن إنّما نواجه تحدّي العيش المشترك والسِلْم من خلال رسالتنا التربويّة. وتقوم رسالتنا التربويّة على أربعة محاور هي: العروبة، المواطنة، الإنفتاح على العالميّة، والإعتراف بالأخ...في هويّة عربيّة لحمتها اللغة العربيّة، وهويّة تعدّديّة منفتحة على تنوّعها. نريد أن نؤمّن لهم تربيةً منفتحةً على الذات من منظورٍ تفاؤليّ، بنّاءٍ، ونقديّ في آن، وأن نرسّخ الشبيبة في ثقافةٍ عربيّةٍ حيّة قادرة، كما سبق لها أن برهَنَت ذلك، أن تستوعب الحداثة، وأن نفتح بصيرتهم على غناهم الذاتيّ وأن نرتقي بوعيهم بتاريخهم وتنوّعه"...
هذا وأشارت انه "لطالما كان المنظور "المدني" ولا يزال اليوم أكثر من ذي قبل، في زمن التقوقع هذا والانغلاق على الهويّات والمذاهب، منظور رهبنة الكرمل ومؤسّستنا التربويّة. ونحن حريصات، فوق أيّ إعتبار آخر، وبعيداً عن أيّ روحيّة تملّك، على أن نوفّر لكافّة هؤلاء الشباب اللبنانيّين، أيّاً كان إنتماؤهم، فسحة حياة أخويّة، وهمّنا الأوحد أن نبرز ما يجمع الناس وليس ما يفرّق بينهم، إيمانًا منّا بأنّ الأخوّة الحقّ لن تسود بين الناس إلّا متى اتّفقوا على عالمٍ يتماهى معه كلّ شخص، ولا امتياز فيه لشخصٍ دون سواه، ولا وصم ولا تهميش لأيّ شخص بسبب أصله أو معتقده الدينيّ، مع الإعتراف بحريّة الضمير والوجدان المطلقة".  

  • شارك الخبر