hit counter script

الحدث - مروى غاوي

هل تصمد "اوعا خيك" بوجه المصالح الخارجية؟

الأربعاء ١٥ كانون الأول ٢٠١٧ - 05:59

  • Aa
  • ع
  • ع
  • ع

"اوعا خيك" بخطر وفي حالة حرجة جداً، المسألة لا تحتاج الى التوضيح فمواقف التيار الوطني الحر والقوات أطاحت بالحواجز التي حمت التفاهم وتعبر عن المنحى الخطير الذي يعبر فيه تفاهم الحزبين المسيحيين، ولا حاجة للاستعانة بالتغريدة الاخيرة للنائب فادي كرم التي اشار فيها الى "فتنويين عونيين يستقتلون لبناء تحالفاتهم على اساس تغذية الفتن بين المستقبل والقوات متأملين باصوات الإبراء المستحيل"، لتبيان المدى الذي وصل اليه التباعد والانشقاق بين الحالة العونية والقواتية.
التفسير العملي لتويتر النائب القواتي مفاده ان القوات تتهم التيار بلعب الدور "الممانع" لحصول مصالحتها مع المستقبل والتجهيز للانتخابات المقبلة بدونها والاستفادة من اصوات رافدة من المستقبل، معنى ذلك ايضاً ان تفاهم معراب معرض للسقوط في امتحان الانتخابات وربما سقط وتبدد كلياً ولم يبق منه إلا ابراهيم كنعان وملحم الرياشي. والاخير يكاد يختنق من الحصار المفروض عليه في شؤون وزارته، فيما يصر ابراهيم كنعان على اعتبار المصالحة دائمة ويشارك في كل مناسبات القوات ممثلاً رئيس التيار وآخرها ريسيتال معراب الميلادي.
اسوأ ما في الأمر ان الحليفين المسيحيين على وشك ان يترجما افتراقهما السياسي على حلبة الانتخابات في ساحة المعركة الانتخابية، وحينها لن تنفع محاولات التعمية ولفلفة الخلافات او الاختلاف، فالانتخابات محطة حاسمة سيتم فيها استعراض العضلات والقدرات وهي بوابة العبور الى المرحلة السياسية الجديدة والمجلس النيابي الذي يقرر مصير الرئاسة المسيحية بعد خمس سنوات.
بدون شك فان القوات هي الاكثر تضرراً في المرحلة الراهنة، لطالما كانت ترتاح ولو على مضض لعلاقتها بالتيار الوطني الحر وترتاح على كتف سيد العهد في بعبدا، فالقوات اليوم في موقع آخر بعيد عن الجميع، تراقب تلاقي حلفائها جميعهم ضدها وبقائها خارج الصورة الجامعة لهم، وتواجه القوات معركة عزلها من كل الجبهات، من المستقبل الذي يرفض التسليم بواقعة براءتها من مؤامرة السعودية ضده، والتيار الوطني الحر الذي لا يمارس طقوس المسامحة معها في موضوع الاتهام بضرب وتقويض العهد، فيما سعد الحريري مستمر بممارسة لعبة التراخي والحسم ساعة يعتبر القوات "حليفة" بحاجة الى بعض التوضيحات منها وساعة يماطل ويدفع مستشاريه نحو التصعيد وعدم استيعاب الشروحات التي ينقلها موفدو القوات الى بيت الوسط.
وحتى الساعة لم يفاتح الحريري حليفه في معراب باسباب "حرده" منه، ولم ينجح الموفدون والأصدقاء في ايجاد تفسيرات او تقريب وجهات النظر، فيما القوات لا تزال تبحث في ذاتها وفي مواقفها على ما سجل عليها في خانة الاخطاء المميتة التي قوضت تفاهمها مع معراب.
هذا الوضع المأزوم سيكون على القوات التعاطي معه، فالمواجهة السياسية اليوم سيتبعها حتماً مواجهة انتخابية واسعة قبل استحقاق أيار 2018، المواجهة السياسية حاصلة في مجلس الوزراء مع ان القوات وافقت على التسوية السياسية واظهرت نوايا حسنة في موضوع النفط، لكن الخلاف الكهربائي مع وزير الطاقة عاد الى الواجهة مجدداً.
في المواجهة الانتخابية فان أسوأ الكوابيس القواتية يتمثل بالحصار المفروض على القوات من حلفائها، هذا الحصار راح يتمدد ليشكل جبهة واسعة ضدها من المستقبل والتيار الوطني الحر الى حزب الله وأمل وربما وليد جنبلاط اذا اقتضت مصلحة جنبلاط الانضمام الى هذا التحالف. ويمكن القراءة في شيفرات زيارة جبران باسيل الى صيدا ودارة الست بهية في مجدليون معالم التحالفات في دائرة صيدا جزين، وحيث ان التحالف مع المستقبل يريح التيار الوطني الحر ويشكل له معركة مضمونة ببعض المقاعد في دوائر زحلة وصيدا جزين وفي (بشري البترون وزغرتا الكورة)، وعكار التي تعتبر الخزان البشري للمستقبل الذي يرفد حليفه المسيحي على اللائحة.
لا يختلف اثنان بان انهيار الجبهة المسيحية بين القوات والتيار العوني في الانتخابات بات قريباً، وعلى وشك ان تظهر معالمه في تحالفات ما بعد الاعياد، ثمة من يتحدث عن معارك انتخابية قاسية في الشارع المسيحي بين التيار الوطني الحر وحلفائه وبين القوات التي ستتجه الى تحالفات معقدة وقد تكون غير متجانسة لضمان حظوظ مرشحيها.
ومن الواضح ان "عزل" القوات من الجبهة التي تشكلت ضدها من المستقبل وامل وحزب الله وربما الاشتراكي قد يكون له وجهين، احدهما سلبي حيث سيكون صعباً على القوات مواجهة تحالف مناطقي من هذا النوع، اما الشق الايجابي فان عزل القوات سيقويها ويزيد من شعبيتها ومناعتها المسيحية، كما حصل مع التيار الوطني الحر الذي استطاع ان يحقق التسونامي الجارف عندما تمت محاصرته وعزله، عدا ان القوات ستجد نفسها ملزمة الى تركيب تحالفات في بعض المناطق لتأمين مصلحتها الانتخابية ليس أكثر.
مأزق القوات عملياً يتمثل في انها فقدت حليفها القوي في 14 آذار اي تيار المستقبل، وانها لن تخوض انتخابات 2018 مع حليفها المسيحي (التيار الوطني الحر) لتحقيق التسونامي المسيحي الذي حكي عنه، فيما التيار يبدو مرتاحاً لوضعيته الانتخابية ومحصناً بتحالف مع الأقوياء، ومتماهياً مع انجازاته وانتصاراته السياسية باسترجاع رئيس الحكومة، هو اخترق من دون قصد ومن دون ان يدري ربما جبهة المستقبل معراب. فالحدث السعودي الذي حل مأساوياً على القوات انتهى في زمن الانتخابات لمصلحة تمتين التحالف بين العهد والتيار الوطني الحر من جهة ومع المستقبل، وبتكريس الربح للتيار ولحصد المزيد من الجوائز ربما في الانتخابات المقبلة.
عندما حصل اتفاق معراب وتبادل الحكيم والجنرال كؤوس الشمبانيا، راهن كثيرون على ان المشهد ستنتهي مفاعيله حالما يزول مفعول المشروب في المناسبة، بسبب طبيعة الرجلين القوية، ولضخامة الملفات وحجم التنافس وقوة الزعيمين المسيحيين وصراع الزعامة؛ لكن سمير جعجع كان يعرف ماذا يريد في حينها وميشال عون ايضاً. وبعد نجاح التفاهم وعملية الترييح الذي افرزه على الساحة المسيحية التي خرجت من مفاعيل الحروب العشوائية والإلغائية، يبدو اليوم ان كلا من الرئيس عون يدرك ما هو فاعل، وجبران باسيل ايضاً يعرف مكتسباته وسمير جعجع راض بما أنجزه من تمتين الشعبية وتثبيتها بعد المصالحة المسيحية، هذه الصورة قد تكون رابحة للجميع لكن الخاسر هو تفاهم معراب فيما المصالحة المسيحية مستمرة خارج الانتخابات بمفاعيل مضبوطة عن الماضي، الأرجح ان تفاهم مار مخايل ثبَت ربحه بالثلاثة على تفاهم معراب.

  • شارك الخبر